الرئيس المصري في ختام قمة الخرطوم: أمن السودان جزء من أمننا

سياسيون عدوها زيارة فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين

البشير مودعاً السيسي في مطار الخرطوم (أ. ف. ب)
البشير مودعاً السيسي في مطار الخرطوم (أ. ف. ب)
TT

الرئيس المصري في ختام قمة الخرطوم: أمن السودان جزء من أمننا

البشير مودعاً السيسي في مطار الخرطوم (أ. ف. ب)
البشير مودعاً السيسي في مطار الخرطوم (أ. ف. ب)

اختتم الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي زيارته للخرطوم أمس، وكان الرئيس السوداني عمر البشير في مقدمة مودعيه بمطار الخرطوم الدولي، وأكد بيان مشترك عن أعمال القمة المصرية - السودانية أن «الرئيسين السيسي والبشير عبرا عن كامل دعمهما لترسيخ مبادئ التكامل بين البلدين». وذكر البيان المشترك أن «الرئيسين اتفقا على تفعيل كل آليات العمل الثنائي بين البلدين، ومتابعة تنفيذ ما تم توقيعه من اتفاقيات ومذكرات تفاهم وبرامج تنفيذية».
وأعرب الجانبان، المصري والسوداني، عن اهتمامهما البالغ بأمن منطقة البحر الأحمر، وضرورة التشاور والتنسيق المستمر، تعظيماً للمصالح، ومنعاً للتدخلات الأجنبية السالبة، والتسابق الإقليمي للسيطرة على المنطقة، بما يتعارض ومصالح شعوبها. كما اتفقا على استمرار التعاون، وتبادل الدعم في المحافل الإقليمية والدولية.
وقال السفير بسام راضى، المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، إن «الرئيس السيسي أكد لقيادات ورموز القوى السياسية والمفكرين والإعلاميين السودانيين حرص مصر على استقرار السودان، وأن أمن السودان هو جزء لا يتجزأ من أمن مصر القومي»، منوهاً بـ«دعم مصر لدور السودان في محيطيها الإقليمي والدولي، في ضوء ترابط الأمن القومي للبلدين والعلاقات التاريخية التي تربط بين الشعبين».
كان السيسي قد أعرب خلال لقائه القوى السياسية في السودان أمس، قبيل عودته للقاهرة، عن سعادته بالزيارة، لافتاً إلى أن الزيارات المتعاقبة بين الدولتين تؤكد حرص القيادتين المصرية والسودانية على دفع العلاقات الثنائية، وإجهاض أية محاولات لتعكير صفو العلاقات بينهما.
وأكد السيسي أن سياسة مصر الخارجية تقوم على مبادئ راسخة، بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، وعدم التآمر على أي دولة، ومد روابط التعاون والتنمية وإرساء السلام، في إطار ثابت من الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، التي تسمو فوق أية اختلافات في وجهات النظر، مشيداً بما تبذله الدولتان حالياً من جهود حثيثة لدعم علاقات التعاون بينهما، وقيام لجان وآليات التعاون الثنائي بين البلدين بتجاوز كثير من الصعوبات التي كانت تواجهها، ورفع اللجنة المشتركة بين البلدين إلى المستوى الرئاسي، وانعقادها بالخرطوم في أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.
وتطرق الرئيس المصري إلى جهود الإصلاح الاقتصادي الشامل الجاري تنفيذها في مصر، وكذا الإجراءات التي تتخذها لتوفير مناخ جاذب للاستثمار، والمشروعات القومية الكثيرة الجارية إقامتها، خصوصاً في مجال البنية التحتية والمدن الجديدة.
وأضاف المتحدث الرئاسي أن الرئيس السيسي أكد أيضاً أهمية تعزيز العلاقات الحزبية والشعبية بشكل متوازٍ مع العلاقات الرسمية بين البلدين، مشيراً إلى دورها المحوري في تعزيز العلاقات الثنائية بوجه عام لتجاوز أية قضايا عالقة بين الجانبين، منوهاً بالمسؤولية الكبرى التي تقع على عاتق الأجهزة الإعلامية في البلدين للقيام بدور إيجابي وبناء في توطيد العلاقات الثنائية، وأهمية قيام الجانبين باتخاذ خطوات متسارعة نحو توقيع ميثاق شرف إعلامي، يضمن قيام إعلام الجانبين بإعلاء المصلحة الوطنية العليا، والنأي عن أية محاولات لتعكير صفو العلاقات بين مصر والسودان.
وفي غضون ذلك، أعلن السفير راضى أن لجنة التسيير المشتركة، برئاسة وزيري خارجية مصر والسودان، ستضم في عضويتها وزراء الري والزراعة والكهرباء والتجارة والصناعة والنقل والاتصالات والشباب والرياضة والثقافة، وأنه من المقرر أن تبدأ لجنة التسيير اجتماعاتها الفنية بالقاهرة على مستوى كبار المسؤولين الشهر المقبل، لإقرار المشروعات المشتركة بين البلدين، ويعقب ذلك اجتماع على مستوى الوزراء في الشهر ذاته.
وكان السيسي قد عقد في مستهل زيارته للسودان جلسة مباحثات مع البشير في القصر الجمهوري بالخرطوم، أعقبها جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين. وتعد قمة السيسي - البشير الثالثة من نوعها خلال العام الحالي، بعد أن نجح البلدان في وضع حد لتوترات شابت العلاقات بينهما قبل عدة أشهر، كان محورها الخلافات حول مثلث «حلايب وشلاتين وأبو رماد» الحدودي، والموقف من سد «النهضة» الإثيوبي، إضافة لاتهامات سودانية للقاهرة بدعم متمردين في السودان، وهو ما نفته مصر جملة وتفصيلاً.
كما التقى السيسي أمس الفريق أول بكري حسن صالح، النائب الأول للرئيس للسوداني رئيس مجلس الوزراء القومي، وأعرب النائب الأول لرئيس السودان خلال اللقاء عن تقدير السودان لمصر، قيادة وشعباً، مرحباً بأن تكون السودان هي وجهة الرئيس المصري الأولى خلال الفترة الرئاسية الثانية، مثلما كانت أيضاً الوجهة الأولى له في عام 2014، مؤكداً حرص بلاده الكامل على تفعيل جميع أطر التعاون المشترك بين البلدين، واستثمار إمكاناتهما الاقتصادية لتحقيق نموذج في الترابط والتعاون بينهما.
وفي السياق نفسه، عد سياسيون مصريون زيارة السيسي للسودان فارقة في تاريخ العلاقات بين البلدين. وقال النائب أحمد سعد، عضو لجنة النواب (البرلمان) في مصر، إن «الزيارة أعادت الأمور إلى نصابها بين البلدين، ونجحت في فتح مجالات جديدة للتنمية بين القاهرة والخرطوم»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط» أن «زيارة الرئيس السيسي إلى السودان في هذا التوقيت زيارة فارقة في تاريخ العلاقات، وقد عبرت عن عمق الروابط التاريخية بين البلدين». من جهته، أكد الكاتب الصحافي كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة بمصر، أن «المباحثات بين الرئيسين السيسي والبشير كانت مشجعة ومطمئنة»، مشيراً إلى أن الرئيس السيسي جلس مع كبار الصحافيين السودانيين، وحثهم على تأكيد دور الإعلام في دعم العلاقات بين البلدين، وإزالة الخلافات أولاً بأول.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.