بريطانيا تحدد هويات روس وراء استخدام غاز الأعصاب {نوفيتشوك}

اتهمت جواسيس في جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية بتنفيذ الهجوم

رجال الأمن البريطاني يرتدون الملابس الواقية يجمعون من الجنائن مواد يعتقدون أنها قد تكون ملوثة بالغاز (رويترز)
رجال الأمن البريطاني يرتدون الملابس الواقية يجمعون من الجنائن مواد يعتقدون أنها قد تكون ملوثة بالغاز (رويترز)
TT

بريطانيا تحدد هويات روس وراء استخدام غاز الأعصاب {نوفيتشوك}

رجال الأمن البريطاني يرتدون الملابس الواقية يجمعون من الجنائن مواد يعتقدون أنها قد تكون ملوثة بالغاز (رويترز)
رجال الأمن البريطاني يرتدون الملابس الواقية يجمعون من الجنائن مواد يعتقدون أنها قد تكون ملوثة بالغاز (رويترز)

شهدت الأسابيع القليلة الماضية تحقيقات تجريها شرطة مكافحة الإرهاب البريطانية في قتل امرأة توفيت في الثامن من يوليو (تموز) بعد أسبوع تقريبا من التعرض لغاز الأعصاب نوفيتشوك بالقرب من مدينة سالزبري في جنوب غربي إنجلترا. وجاء الحادث بعد أسابيع من اتهام بريطانيا لروسيا بتسميم العميل الروسي المزدوج سيرغي سكريبال وابنته يوليا بنفس المادة، وهو غاز طوره الجيش السوفياتي خلال الحرب الباردة، في أول استخدام معروف لهذا السلاح الكيماوي على أرض أوروبية منذ الحرب العالمية الثانية.
وأمس ذكرت وكالة برس أسوسييشن للأنباء البريطانية أن المحققين البريطانيين يعتقدون أنهم حددوا هويات أفراد يشتبهون أنهم الجناة في الاعتداءين. وأضافت الوكالة أن المحققين حددوا هوية الجناة المشتبه بهم بالاستعانة بتسجيلات دوائر تلفزيونية مغلقة وتحققوا من الصور بالاطلاع على سجلات مسافرين دخلوا الدولة قرب وقت الهجوم.
وكان العميل الروسي وابنته قد تسمما بهذه المادة في مارس (آذار). وتعافى كلاهما لاحقا. وقالت وكالة برس أسوسييشن إن الشرطة البريطانية تشتبه في مشاركة عدد من الروس في محاولة اغتيال سكريبال وابنته وتبحث عن أكثر من شخص تدور حولهم الشبهات. ونفت روسيا بشدة ضلوعها في تسميم سكريبال، ما أثار أزمة دبلوماسية تسببت بتبادل طرد سفراء بين بريطانيا وحلفائها من جهة، وموسكو من جهة أخرى.
وفي يونيو (حزيران) أصيب بريطانيان بعوارض المرض بعد تعرضهما لغاز نوفيتشوك. ويسعى الخبراء لمعرفة ما إذا كانت المادة السامة التي تعرضا لها، هي من نفس العينة المستخدمة في الهجوم على سكريبال. وعثر على تشارلي رولي (45 عاما) فاقدا للوعي في منزله في ايمزبري، البلدة القريبة من سالزبري، بعد ساعات على انهيار رفيقته دون ستورغيس (44 عاما) في 30 يونيو (حزيران). وتوفيت ستورغيس في 8 يوليو (تموز) فيما استعاد رولي وعيه وحالته مستقرة. ويتم التحقيق في وفاة ستورغيس على أساس أنها عملية قتل. وقالت وكالة برس اسوسييشن إن المحققين يعتقدون إن ستورغيس تعرضت لكمية من الغاز تزيد بعشر مرات كميات الغاز التي تعرض لها سكريبال وابنته.
وقالت الشرطة إنه عثر على المادة السامة في «زجاجة صغيرة» في منزل رولي. وقال ماثيو شقيق رولي لـ«بي بي سي» إن شقيقه أبلغه بأن نوفيتشوك كان في زجاجة عطر.
ويعمل المحققون على فرضية قيام ستورغيس برش غاز الأعصاب مباشرة على جلدها، بحسب مصدر الوكالة. ونقلت وكالة الأنباء عن مصدر قريب من التحقيقات قوله بأن «المحققين يعتقدون إنهم حددوا المنفذين المفترضين للهجوم بغاز نوفيتشوك من خلال كاميرات المراقبة وقارنوا ذلك بلوائح الأشخاص الذين دخلوا البلاد حوالي تلك الفترة». وأضاف المصدر: «إنهم (المحققون) واثقون بأنهم (المشتبه بهم) روس». ورفضت شرطة سكوتلنديارد في اتصال لوكالة الصحافة الفرنسية، التعليق على التقرير.
وطالبت روسيا بريطانيا بإصدار بيان رسمي عقب صدور التقرير. ونقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن السفير الروسي في بريطانيا الكسندر يأكونفينكو القول: «أريد أن أسمع ذلك من الشرطة البريطانية أو وزارة الخارجية». واتهمت بريطانيا روسيا بتسميم سكريبال، الكولونيل السابق في الاستخبارات العسكرية الروسية والذي سجن لخيانته جواسيس روس لحساب جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني (إم آي - 6) وغادر روسيا إلى إنجلترا ضمن صفقة تبادل جواسيس في 2010، وقال ياكوفينكو إن روسيا على استعداد للتعاون مع السلطات الروسية. ونفت روسيا أي دور في هجوم مارس (آذار)، ولمحت إلى أن أجهزة مخابرات بريطانية نفذت الهجوم لتؤجج مشاعر مناهضة لموسكو.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأحد إن المحققين البريطانيين يعتقدون أن الهجوم على سكريبال نفذه على الأرجح جواسيس حاليون أو سابقون في جهاز الاستخبارات العسكرية الروسية. وجهاز الاستخبارات المعروف اختصارا بـ«غرو» هو نفسه المتهم بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016، ووجه الاتهام الجمعة لـ12 عنصرا في الجهاز بقرصنة حملة هيلاري كلينتون. واستند تقرير الصحيفة إلى مسؤول بريطاني ومسؤول أميركي ومسؤول سابق أميركي قريب من التحقيقات.
وقالت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إن مفتشيها جمعوا عينات من قضية إيمزبري وعادوا إلى مقر المنظمة في لاهاي الأربعاء لبدء تحليلها. وقالت المنظمة في بيان إنها تلقت طلبا من بريطانيا لتقديم المساعدة التقنية. وأرسلت المنظمة فريقا «يقوم بشكل مستقل، بتحديد طبيعة المادة» التي يعتقد أنها تسببت بوفاة ستورغيس وتسميم رولي.
وقالت إن «فريق منظمة حظر الأسلحة الكيميائية جمع عينات. وسيتم إرسال العينات إلى مختبرين تابعين للمنظمة وعند تسلم التحليلات، سيتم إرسال التقرير إلى المملكة المتحدة». وجمعت الشرطة أكثر من 400 من الأدلة والعينات والأشياء في إطار التحقيق في وفاة ستورغيس. وقالت شرطة سكوتلنديارد إنه «من المتوقع مواصلة عمليات البحث لعدة أسابيع، إن لم يكن أشهرا».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».