قوات إريترية تنسحب من الحدود الإثيوبية

أديس أبابا تعين سفيرا جديدا لها في أسمرة

قوات إريترية تنسحب من الحدود الإثيوبية
TT

قوات إريترية تنسحب من الحدود الإثيوبية

قوات إريترية تنسحب من الحدود الإثيوبية

في بادرة حسن نية جديدة تجاه جارتها إثيوبيا، أعلنت إريتريا بشكل رسمي أمس، سحب قواتها من الحدود المشتركة للبلدين، فيما عمدت حكومة أديس أبابا، في المقابل لتعيين أول سفير لها في العاصمة الإريترية أسمرة، بعد عشرين عاما من القطيعة، في إطار سلسلة من الخطوات المتسارعة لإحلال السلام بين البلدين.
وقالت وكالة الأنباء الإريترية الرسمية إن قوات حكومية إريترية انسحبت من المناطق التي عادة ما تشهد وجودا عسكريا مكثفا في «بادرة مصالحة».
ولم يصدر بعد تأكيد من الحكومة في أسمرة، لكن الخطوة تنسجم مع التحسن السريع في العلاقات بين الجارتين بمنطقة القرن الأفريقي اللتين أودت الحرب بينهما عام 1998 بحياة عشرات الآلاف وأفضت إلى جمود عسكري لعقدين من الزمان.
ووقع رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي اتفاقا في أسمرة في التاسع من يوليو (تموز) لاستعادة العلاقات، واتخذا منذ ذلك الحين خطوات لوضع ذلك موضع التنفيذ منها إعادة فتح سفارة كل دولة لدى الأخرى. وقالت الوكالة في تعليق لها أمس: «حري بالمهتمين بالاستقرار في المنطقة أن يبذلوا ما في وسعهم لمساعدة البلدين على تجاوز حرب لا معنى لها تسببت في معاناة كبيرة للشعبين».
من جهتها، أعلنت الحكومة الإثيوبية أمس، عن تعيين أول سفير لها في العاصمة الإريترية. وقالت وزارة الخارجية إنه «تم تعيين رضوان حسين سفيرا لإثيوبيا في إريتريا ليكون الأول منذ عشرين عاما». وقالت أديس أبابا إن رضوان كان يشغل قبل تعيينه منصب سفير إثيوبيا لدى آيرلندا.
وتولى أبي رئاسة الوزراء في أبريل (نيسان) وعبر عن رغبته في تنفيذ اتفاق سلام أنهى الحرب. وجاء القرار المفاجئ في إطار جهد أوسع لإصلاح الاقتصاد والسياسة في إثيوبيا، ثاني أكبر دول أفريقيا سكانا وصاحبة أكبر اقتصاد في شرق القارة السمراء.
ومن شأن تحسن العلاقات بين البلدين أن يتيح في نهاية المطاف وصول إثيوبيا الحبيسة إلى الموانئ الإريترية ويضع الأساس لتخفيف العزلة السياسية التي تعاني منها إريتريا. وزار أبي أسمرة كما زار أفورقي أديس أبابا هذا الأسبوع وأعاد فتح سفارة بلاده هناك.
إلى ذلك، اعتبر السفير الأميركي لدى إثيوبيا مايكل جاي رينين، أن رئيس الوزراء الإثيوبي «يتخذ خطوات لإحداث تغيير تاريخي».
وقال مايكل في تصريحات لدى افتتاح المنتدى حول حقوق الإنسان والديمقراطية بين الولايات المتحدة وإثيوبيا في أديس أبابا، إن الزخم المتغير في إثيوبيا أساسي وتاريخي وإن هذا التغيير كان جيداً للإثيوبيين.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي الجديد أبي أحمد، أحدث الشهر الماضي مفاجأة بإعلانه قبول تسوية للنزاع الحدودي العائد إلى عام 2002. إذ قام قبل أسبوعين بزيارة رسمية إلى أسمرة ووقع مع الرئيس الإريتري أسياس أفورقي إعلانا أنهى رسميا حالة حرب مستمرة منذ 20 عاما.
ووصلت أول من أمس، أول طائرة تابعة للخطوط الجوية الإثيوبية إلى أسمرة في أول رحلة من نوعها منذ 20 عاما لتجد في استقبالها راقصين يلوحون بالأعلام كما تم لم شمل أسر منفصلة منذ عقود في مشهد مفعم بالمشاعر. وقال الرئيس التنفيذي للخطوط الجوية الإثيوبية تولد جبر مريم في مقابلة إن شركته تجري محادثات للاستحواذ على حصة في الخطوط الجوية الإريترية، مضيفا أنه ستتم إجراء دراسة لتحديد حجم الحصة.



«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.