موافقة «ضمنية» من غالبية الكتل السياسية على تمديد ثان لولاية البرلمان اللبناني

بري يجمد مساعيه الإنقاذية.. والمشنوق يقول إن الداخلية تستعد للانتخابات النيابية وفق قانون الستين

موافقة «ضمنية» من غالبية الكتل السياسية على تمديد ثان لولاية البرلمان اللبناني
TT

موافقة «ضمنية» من غالبية الكتل السياسية على تمديد ثان لولاية البرلمان اللبناني

موافقة «ضمنية» من غالبية الكتل السياسية على تمديد ثان لولاية البرلمان اللبناني

يسهم ربط إنجاز الانتخابات النيابية بإتمام الانتخابات الرئاسية في لبنان بوضع مزيد من العراقيل أمام إنجاز الاستحقاقين في آن معا، ويهدد بالإطاحة بهما معا، في موازاة رفع أسهم تمديد ولاية البرلمان اللبناني للمرة الثانية على التوالي، علما بأن الولاية الحالية تنتهي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.

وفي حين تنفرد كتلة النائب ميشال عون بتأكيد رفضها التمديد للمرة الثانية على التوالي، وتتمسك بقانون اللقاء الأرثوذكسي، الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، يبدو أن غالبية الكتل السياسية لا تمانع الذهاب إلى خيار التمديد باعتباره «أمرا حاصلا»، في ظل الجمود الذي يشوب الاستشارات الرئاسية المجمدة، في وقت يتهم فيه كل فريق الفريق الخصم بتعطيل إجراء الانتخابات الرئاسية.

وفي موازاة تمسك عون، وفق ما تعكسه تصريحات نوابه، بمبادرته الإنقاذية التي تنص على انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب على دورتين وأن تنتخب كل طائفة نوابها، ينظر الفريق الآخر إلى التعديلات الدستورية التي تتطلبها المبادرة على أنها في «غير مكانها وزمانها». وتوقع نواب في قوى «14 آذار» في اليومين الأخيرين أن يفرض خيار تمديد ولاية البرلمان نفسه للمرة الثانية إذا لم تتمكن القوى السياسية من انتخاب رئيس، في وقت يرجح فيه محللون سياسيون أن «حزب الله»، لن يتضرر من تمديد ولاية البرلمان وإبقاء الوضع على ما هو عليه انطلاقا من هواجسه الأمنية وبانتظار جلاء المشهد السوري والإقليمي تباعا.

وكان البرلمان اللبناني تذرع بالظروف الأمنية وتداعيات أزمة سوريا على لبنان ليقدم منتصف العام الماضي على التمديد لنفسه لسنة و5 أشهر، بمعارضة من كتلة عون منفردة. ولم يخصص منذ ذلك الحين أي جلسة لبحث قانون انتخاب جديد، علما بأن القانون المعمول به وهو قانون الستين الأكثري يلقى معارضة من معظم الكتل السياسية، في حين أعلن وزير الداخلية اللبناني نهاد المشنوق في تغريدات على حسابه على موقع «تويتر» أمس أن «وزارة الداخلية تواصل الاستعدادات لتنظيم الانتخابات النيابية وفقا لقانون الستين على أساس أنها ستحصل في المواعيد المحددة في القانون».

وتضاءلت الآمال أمس بنتائج حراك كان رئيس البرلمان نبيه بري يعتزم إطلاقه في مسعى لتحريك البحث بالملفين معا: الانتخابات الرئاسية والنيابية. وقال بري، وفق تصريحات نقلها عنه زواره لموقع «النشرة» الإلكتروني أمس، إنه «عدل عن فكرة إجراء الاستشارات في شأن الاستحقاق»، بعد أن تأكد «أنّنا كلبنانيين لا نستطيع أن نعالج شؤونَنا بأنفسنا». وأكد أنه «لا معطيات جديدة تشجّع على التفاؤل في إمكان انتخاب رئيس جمهورية جديد، حتى لو عَيَّن موعدا لجلسةٍ كلّ خمس دقائق»، معتبرا «اننا في مرحلة انتظار وترقب»، وهو ما قال إن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط استنتجه في لقاءاته الأخيرة في الخارج وتحديدا باريس.

وفي سياق متصل، قال أمين السر العام في الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المخاوف من انعكاس الاستحقاق الرئاسي على النيابي مشروعة، فالانتخابات النيابية استحقاق داهم، وقبل السؤال عن الانتخابات هناك مسألة القانون الذي ستجرى الانتخابات على أساسه ومن ثم كيفية إجرائها بحد ذاتها»، من دون أن ينفي أن «خيار تمديد ولاية البرلمان للمرة الثانية هو خيار مر لكنه أحد الخيارات المطروحة إذا لم يجر التوافق على قانون انتخاب»، مؤكدا في الوقت ذاته أن «أولويتنا تبقى لإنجاز الاستحقاقات الدستورية».

وأوضح ناصر أنه «حتى اللحظة لا أفق لـ(حلحلة) في الملف الرئاسي، وكل المعطيات تؤشر إلى أنه لا حل على المستويات كافة». ولفت إلى أنه «على الصعيد الداخلي، بات واضحا أنه لا تسوية ولا اتفاق أو تفاهم في الفترة القريبة سيفضي إلى انتخاب رئيس، كما أنه على المستوى الإقليمي والدولي لا مؤشرات ضاغطة بهذا الاتجاه لأن الأولويات في اتجاه آخر»، مستنتجا «اننا بالتالي أمام مرحلة جمود داخليا وإقليميا وليس أمامنا إلا خيار أن ننتظر ونرى».

وفي موقفه الأسبوعي لجريدة «الأنباء» الإلكترونية الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي أمس، سأل النائب وليد جنبلاط، الذي يتمسك بترشيح النائب في كتلته هنري حلو للرئاسة «هل يمكن أن نترك لبنان في مهب العواصف الإقليميّة فقط كي لا يتنازل هذا أو ذاك عن الترشح للرئاسة الأولى؟ ثم، ألا تسهم هذه المواقف في إضعاف الموقع المسيحي الأول في الدولة؟».

وتثير موافقة غالبية الكتل النيابية ضمنيا على خيار التمديد خشية خبراء دستوريين وقانونيين من إدخال لبنان في دوامة من الفراغ على صعيد المؤسسات الدستورية كافة. وفي هذا الإطار، قال وزير العدل اللبناني الأسبق إبراهيم نجار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن «كل الدلائل راهنا تشير إلى أننا ذاهبون إلى التمديد». واعتبر أن «ما يزيد الطين بلة، بموازاة الفشل بانتخاب رئيس جديد، هو العرف الذي استنجد به مجلس الوزراء ويقضي بإجماع الوزراء على كل قرار يتخذ، مما يعني إعطاء حق النقض لأحد الأفرقاء بما يناقض الدستور، إذ يعطيه مداورة ما لم يستطع أخذه عبر الثلث المعطل».

وأبدى نجار خشيته من «تبعات ما يسمى قانونيا بالاستنكاف عن إحقاق الحق»، معتبرا أن ذلك «أمر مستغرب وغير مسبوق، لأنه فقط في لبنان تفسر القوى السياسية الدستور كما تشاء وتعطل الجمهورية». وقال إن «الأخطر في خضم (المعمعة) الإقليمية والتغييرات الجذرية في المنطقة، هو: هل يجوز أن يبقى السياسيون والنواب بمنأى عن المساءلة لأن ما يقومون به بات يلامس الذهول عن الممارسة الديمقراطية؟»، متسائلا «إلى متى حلفاء هذا أو ذاك سيقبلون بهذا التسيب والانفلاش في التهرب من المسؤوليات؟».

سياسيا، شدد أمين سر تكتل عون، النائب إبراهيم كنعان، على أن «الاستحقاق الرئاسي أولوية الأولويات وفقا لاحترام الميثاق والتمثيل، وفي موازاة ذلك لا شيء يمنع من الشروع في ورشة تشريعية في المجلس النيابي لإقرار قانون انتخاب جديد». وأوضح كنعان، في حديث تلفزيوني أمس «اننا لن نغطي بعد اليوم أي انتخابات لا تعيد الحقوق، فنحن نريد انتخابات ميثاقية للمرة الأولى منذ الطائف».

في المقابل، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن «قوى 14 آذار لا سيما القوات اللبنانية قامت بكل ما يلزم تجاه انتخابات رئاسة الجمهورية كي لا نصل إلى الفراغ الحاصل». وأبدى، في كلمة خلال عشاء حزبي في البقاع، أسفه لأنه «انطلاقا من طموحات شخصية غير مشروعة وبطريقة غير مشروعة تم تعطيل انتخابات الرئاسة، ويستمر هذا التعطيل حتى هذه اللحظة، وللهروب من مسؤولية التعطيل لجأ الفريق الآخر إلى بدعة التعديلات الدستورية، بينما الزمان والمكان ليسا مناسبين لمثل هذه التعديلات المطروحة لمائة سبب وسبب قام كثر من النواب والوزراء والسياسيين بشرحها في أكثر من مناسبة».

من ناحيته، دعا النائب عن «حزب الله» نواف الموسوي المعنيين إلى «اتخاذ قرار جريء بسلوك طريق الوفاق الذي يأتي برئيس قوي يمكن له أن يشعر طائفته في لبنان بالقوة والفعالية والأمان، وأن يشعر المسيحيين في المشرق بأن ثمة أملا موجودا على الدوام بإعادة تأسيس المجتمع السياسي والأهلي في هذه المنطقة التعددية التي تقبل بالآخر ولا تقوم على إلغائه».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.