«بعلبك تتذكّر أم كلثوم» بنكهة أوركسترالية فريدة تُقدّم للمرة الأولى

المايسترو هشام جبر لن يذهب في التوزيع إلى حد المغامرة الكبرى

«بعلبك تتذكّر أم كلثوم» بنكهة أوركسترالية فريدة تُقدّم للمرة الأولى
TT

«بعلبك تتذكّر أم كلثوم» بنكهة أوركسترالية فريدة تُقدّم للمرة الأولى

«بعلبك تتذكّر أم كلثوم» بنكهة أوركسترالية فريدة تُقدّم للمرة الأولى

لن تكون الحفلة الافتتاحية لـ«مهرجانات بعلبك الدولية» المخصّصة لتحية السيدة أم كلثوم يوم الجمعة المقبل، بصوتي المطربتين القديرتين مروة ناجي ومي فاروق، كغيرها من الأمسيات التي تستعيد سيدة الغناء العربي من أجل الأنس والطّرب العابرين. فقد جهد المايسترو هشام جبر لوضع تصور خاص ومتكامل للحفل، وعمل بشكل حثيث على إعادة توزيع الألحان جميعها واختيار الأغنيات الأكثر شهرة، وتحديد شكل الفرقة الموسيقية التي سيكون هو نفسه قائدها، ليقدم «الهرم المصري الرابع» وفق رؤية فيها التجديد، يمكن أن يبنى عليه موسيقياً، في تجارب مقبلة.
يطمئن المايسترو هشام جبر، الذي له باع طويل في التأليف الموسيقي للأفلام والمسرحيات الغنائية، وكذلك قيادة الأوركسترات، إلى أنّه لن يذهب في التوزيع إلى حد المغامرة الكبرى. «وضعت نصب عيني وأنا أحضّر لهذا الحفل، أنّ بطلته هي أم كلثوم بموسيقاها ومناخاتها، ولست أنا. وبالتالي أخذت في الاعتبار أن أحافظ على الطّابع الذي اعتاده الناس مع السيدة». يعرف المايسترو جبر جيّداً تلك التجارب الموسيقية التي بنت على تجديد كبير أزعج «السميعة»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «جدّدت في التوزيع بالقدر القليل الذي يستطيع الجمهور أن يستمتع به من دون أن يفقد الاتصال مع الألحان التي عرفها ويحب أن يستعيدها بنكهتها العتيقة. والحقيقة أنّ الأمر لو رجع لي وحدي لكنت ذهبت، ربما، أبعد من ذلك، لكنّ الأمر يتعلق بالذائقة العامة وما تستلذّ سماعه».
للمرة الأولى، ربما، وفي تجربة فريدة سيستمع الجمهور إلى أغنيات أم كلثوم بقالب أوركسترالي، لكن من دون آلات نحاسية ثقيلة. وسيشارك 50 عازفاً، وستؤمن الأوركسترا الوطنية اللبنانية للموسيقى الشرق - عربية، النغم الشرقي، فيما ستمنح الأوركسترا السيمفونية التي ستعزف معها التلوين الهرموني، وهو ما سيُعطي الألحان بُعداً مختلفاً، يتمنّى المايسترو جبر، أن يكون بذلك قد أنجز خطوة يتفاعل معها الجمهور بشكل إيجابي، تقرّب أغاني أم كلثوم أكثر من العالمية، معتبراً أنّ الأوركسترا هي وسط موسيقي، يتعامل معه النّاس بمختلف ثقافاتهم بالطريقة نفسها.
أمور عديدة أُخذت في الاعتبار في هذا الحفل، الذي يحمل اسم «بعلبك تتذكر أم كلثوم»، ويأتي تكريماً لكوكب الشّرق التي قدّمت 3 حفلات في قلعة بعلبك عام 1966 و1968 و1970. وأحبّت لجنة المهرجانات أن تكرّمها بعد ما يقارب نصف قرن على هذه الإطلالات التي لا تُنسى. ولضمان تقديم ما يُرضي مختلف الأذواق، جرى اختيار أشهر المقاطع من 7 أغنيات شهيرة لأم كلثوم وهي: «سيرة حب»، و«أنت عمري»، و«فكروني»، و«ألف ليلة وليلة»، و«أمل حياتي»، و«أغداً ألقاك»، و«حياة قلبي». ويقول المايسترو جبر إنّ «ريبرتوار أم كلثوم ثري جداً، ويتضمّن ما يقارب 100 أغنية، لكن ما يردده الناس، وما بقي في ذهن الجمهور غير السّميع قد لا يتجاوز 20 أغنية متداولة بشكل مكثف، وهو ما أحببنا التركيز عليه».
اختارت كل من السوليست مروة ناجي والمتميزة مي فاروق، ما يناسبهما من الأغنيات المختارة، وتقاسمتا المهمة. مروة ناجي صوت شهير مثّلت بلادها مصر في العديد من المهرجانات الدُّولية حول العالم، كما غنّت في أوبرا ميشيغين الأميركية وفي إيطاليا وبراغ وألمانيا والجزائر والكويت والإمارات ولبنان والأردن وغيرها. ونالت ناجي العديد من الجوائز العالمية. كما جرى اختيارها للغناء في الفيلم العالمي «looking for Oum Kulthum» وشاركت في مهرجان لندن السينمائي ومهرجان فينيسيا ومهرجان تورونتو السينمائي الدولي. أمّا مي فاروق فهي متميزة بأدائها أغنيات كوكب الشّرق. غنّت في كثيرٍ من المهرجانات والحفلات في دار الأوبرا المصرية، ومهرجان الموسيقى العربية والمهرجانات الرّسمية الوطنية في مصر والعالم العربي، كما مثّلت مصر في أكثر من مسابقة فنية وحصدت العديد من الجوائز.
ويكن المايسترو جبر تقديراً هائلاً لأم كلثوم، ويعتبر أنّ ما سيقدّمه في بعلبك ليس مجرد حفلة، بل هي بالنسبة له مغامرة استكشافية. فتوزيع الأوركسترا لأم كلثوم هو عمل مليء بالتحديات، وبالجوائز أيضاً. ما يريده حقاً أن يفرح قلب الجمهور في بعلبك، وأن تكون التجربة مفيدة، ويأتي من بعده من ينجز ما هو أفضل». ويستكمل جبر كلامه شارحاً: «فكرة الخصومة بين الموسيقى الأوركسترالية وأم كلثوم كان يجب أن ينتهي، فتقديمها في قالب عالمي ينقل هذا الإرث الكبير للعالم كلّه ليستمتع به، فلا يجب أن يبقى حكراً على النّاطقين بالعربية». فأم كلثوم بالنسبة للمايسترو جبر هي «حجر الزاوية في الموسيقى العربية. كانت على قمة جبل الأولمبس، وبالتالي فهي على تماس مع ذائقة الذين لهم مرجعية موسيقية شرقية، وما يتمناه أن يجعلها بعد حفل بعلبك في متناول العالم أجمع».
«أم كلثوم ليست مجرد صوت مميز بل على العكس» يقول المايسترو جبر: «في الوطن العربي مئات المواهب والجواهر الصوتية، ومع ذلك فإنّ أم كلثوم لم تتكرر. دائماً ما أردّد هناك ما يسمى إرث أم كلثوم، وذلك يتضمّن ثقافتها، وإحساسها، وكيفية تعاطيها مع موهبتها. كيف كانت تسيطر بشكل غير مسبوق على مشاعر الناس الذين يستمعون إليها. لعلّها الوحيدة التي كان جمهورها يستوقفها وهي تغنّي لأنّه لم يعد قادراً على احتمال جرعات الجمال. هي امرأة شديدة الذكاء، مطّلعة بشكل استثنائي. وما تركته يتجاوز ما تركه المغنون العرب كلهم مجتمعين». ويختصر تجربة التحضير لهذا الحفل بالقول «كلّما عمل الموسيقي على أغنيات هذه السيدة العظيمة، ازداد خبرة. إنّها قامة، مؤسسة متكاملة، كانت تعمل مع ملحنين وشعراء وموسيقيين، وتدلي بدلوها في كل شيء، لذلك فإنّ العمل على كل هذا الإرث يجعل الإنسان يشعر بالتواضع الشّديد».
ولد المايسترو والمؤلف الموسيقي المصري هشام جبر سنة 1972، وهو الآن قائد مقيم بدار الأوبرا المصرية. تولى إدارة مركز الفنون في مكتبة الإسكندرية منذ 2014 وحتى 2017 حقق فيها طفرة كبيرة بالمشهد الفني بعد حالة من التوقف تَبِعت ثورة يناير (كانون الثاني) 2011. درس فن قيادة الأوركسترا في كلّ من مصر وفرنسا مع قادة أوركسترا مرموقين مثل كريستوف مولر ودومينيك رويتس وجان جاك فرنر وأحمد الصعيدي. ألّف الموسيقى لأكثر من 30 عرضاً مسرحياً لفرق مصرية وأجنبية، إضافة إلى وضع الموسيقى التصويرية لعدد من الأفلام الرّوائية والوثائقية. وكثيراً ما يُدعى جبر لقيادة أوركسترات عالمية إلى جانب عمله الأساس قائد أوركسترا في دار الأوبرا المصرية.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».