وكالات الأنباء العالمية.. هل ما زالت تعد المصدر الأساسي للأخبار؟

رئيس القسم الصحافي في إذاعة «بي بي سي» البريطانية لـ : الكثير من الأخبار العاجلة يبثها مراسلونا اليوم عبر حساباتهم

جانب من المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء الذي عقد الأسبوع الماضي في الرياض ({الشرق الأوسط})
جانب من المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء الذي عقد الأسبوع الماضي في الرياض ({الشرق الأوسط})
TT

وكالات الأنباء العالمية.. هل ما زالت تعد المصدر الأساسي للأخبار؟

جانب من المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء الذي عقد الأسبوع الماضي في الرياض ({الشرق الأوسط})
جانب من المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء الذي عقد الأسبوع الماضي في الرياض ({الشرق الأوسط})

الصراع القائم والمنافسة الشديدة التي تشهدها وسائل الإعلام لم تكن غائبة عن المؤتمر الدولي الرابع لوكالات الأنباء الذي عقد الأسبوع الماضي في الرياض، وهو السؤال الذي طرحه عبد الرحمن الراشد، مدير قناة «العربية»: كيف يمكن خدمة جمهور المحطات العربية كمسألة حيوية وحاسمة بالتعليق والرأي والجدية كحلقة متشابكة؟.. وهل الوكالات قادرة في المستقبل على أن تكثف عملها للتزويد بالأخبار كرافد أساسي؟
هذا النقاش قد يزداد حدة بين الوسائل الحديثة للإعلام والوسائل القديمة، وهو ما يراه بهروز آفاغ، رئيس القسم الصحافي في إذاعة «بي بي سي» البريطانية، من أن المغردين على «تويتر» يمثلون وكالة أنباء بحد ذاتها، موضحا أن الإذاعة سعت أن يكون لها السبق في بث الأخبار العاجلة عبر مراسليها على منصات الشبكات الاجتماعية كافة.
ويقول بهروز آفاغ، لـ«الشرق الأوسط»: «نحن نأخذ وسائل التواصل الاجتماعية بمنحى جدي، فأسسنا في (بي بي سي) غرفة أخبار إلكترونية بمسمى (outside source) في محاولة لجذب الجماهير باهتمامنا بالأخبار التي يجلبها الناس العاديون، ورغبتنا في جعلهم ضمن طاقم التحرير في الموقع». وأضاف آفاغ «الكثير من الأخبار العاجلة، يبثها مراسلونا اليوم عبر حساباتهم على (تويتر)، ونبدأ في صنع محتوى ملائم للطرح على مواقعنا الإلكترونية ومنصات شبكات التواصل الاجتماعية كافة»، مشيرا إلى أن أحد مراسليهم بمنطقة الشرق الأوسط عندما انتهى من مقابلة محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، نشر بعض التغريدات حول المقابلة لتشويق متابعيه لقراءة الحوار كاملا على مواقع «بي بي سي».
وقال رئيس القسم الصحافي المختص بمنطقة الشرق الأوسط «البعض قد لا يعجبهم الوضع الحالي، لكن بالتأكيد الفضاء مفتوح للفرص ذات القيمة على شبكة الإنترنت لوكالات الأنباء كافة، فالناس متعطشون لأي أخبار أو معلومات جديدة من أي مكان وفي أي وقت».
إلا أن عبد الرحمن الهزاع، رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون السعودية، يؤكد على أهمية البحث عن المصداقية والشفافية في الأخبار المعلنة، مع الحرص على الحيادية وتجنب الميول الشخصية عند صياغتها. وأوضح الهزاع أن وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت منافسة لوكالات الأنباء العالمية اليوم، حيث إن 80 في المائة من مستخدمي الشبكات الاجتماعية أصبحوا مراسلين ومحررين للأخبار، مستنكرا في الوقت ذاته تركيز القنوات على بث الأخبار السوداء من وكالات الأنباء وإغفال الأخبار السعيدة، داعيا لإيجاد توازن أثناء بثها للجمهور.
إلا أن عبد الرحمن الراشد، مدير عام قناة «العربية»، أكد أن وكالات الأنباء تعد الرافد الأول للقنوات التلفزيونية ووسائل البث الإعلامية كافة، واصفا إياها بـ«الحليف» لحرصها لسلامة الأخبار الواردة، وقال «باعتقادي دور الوكالات سيصبح أكبر مستقبلا، ولن يتقلص كما هو سائد عنها، سواء وكالات الأنباء العالمية أو الإقليمية». وأضاف في السياق ذاته «الأدوات الإعلامية تطورت اليوم، وبلا شك ما زالت وكالات الأنباء هي المورد الأساسي لغرف الأخبار رغم الكم الهائل من المراسلين والأخبار التي ترد من شبكات التواصل الاجتماعية».
وفي رأي عبد الرحمن الراشد فإن تطور وسائل البث الإعلامي لم يغير من شكل المحتوى، فالفكرة العامة التي يتمحور حولها الخبر هي نفسها، مطالبا وكالات الأنباء بتحري المصداقية والسرعة والانتشار إقليميا وعالميا، كاشفا عن أن معظم العاملين بغرف الأخبار يفضلون خبر الوكالة عن خبر المراسل إن كانا متناقضين، وهذا يحسب لهم، قائلا «ما يصلنا من وكالات الأنباء هو مواد خام تحتاج إلى غربلة وإعادة نظر».
وردا على ما طرحه عبد الرحمن الهزاع، نوه الراشد بأن منطقة الشرق الأوسط هي الممول الأكبر للأخبار السيئة، نافيا خلوها من الأخبار السعيدة، فسقوط طائرة ينبئ عن وجود ناجين. وباعتقاد مدير عام قناة «العربية» أن لفظة «الإعلام الجديد» أصبحت مفردة قديمة، كونها يقصد بها المواقع الإلكترونية، والآن تعتبر وسائل التواصل الاجتماعي هي الإعلام الجديد، حيث بدأت قناته في الاستفادة مما يطرح من خلالها منذ أكثر منذ خمس سنوات، خلال متابعة الأحداث في إيران. ويقول الراشد «تجربتنا مع الإعلام الجديد تشير إلى أن المتابعين للأخبار في حالة وحدة أساسية، فالأخبار جزء من الترفيه في العالم، أما في منطقة الشرق الأوسط فهي تعتبر الأساسية بالنسبة لهم، بل مسألة حياة أو موت، فأخبار الطقس في أيام من السنة تعتبر متصدرة أكثر من الأحداث السياسية في بعض البلدان».



كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
TT

كيف يؤثر «غوغل ديسكوفر» في زيادة تصفح مواقع الأخبار؟

شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)
شعار شركة «غوغل» عند مدخل أحد مبانيها في كاليفورنيا (رويترز)

أوردت تقارير، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، أن ناشري الأخبار كثّفوا ظهورهم على «غوغل ديسكوفر» بهدف زيادة حركات المرور على مواقعهم، وهذا بعدما تراجعت وسائل التواصل الاجتماعي عن دعم ظهور الأخبار منذ مطلع العام. إذ اتجهت «غوغل» إلى نموذج الملخّصات المعزّز بالذكاء الاصطناعي بديلاً عن ترشيح روابط الأخبار من مصادرها، ما أدى إلى تراجع الزيارات تدريجياً. غير أن خبراء ناقشوا الأمر مع «الشرق الأوسط» عدُّوا هذا الاتجاه «رهاناً محفوفاً بالمخاطر، وقد لا يحقق نموذج عمل مستداماً». أبحاث أجرتها «نيوز داش»، وهي أداة متخصصة في تحسين محركات البحث (SEO) موجهة للناشرين والمواقع الإخبارية، أظهرت أن «غوغل ديسكوفر» بات يمثل في المتوسط 55 في المائة من إجمالي حركة المرور الآتية من «غوغل» للناشرين، مقارنة بـ41 في المائة، في دراسة سابقة، ما يعني أن «ديسكوفر» أضحى القناة الكبرى التي تجلب الزيارات إلى مواقع الأخبار.

جدير بالذكر أن «غوغل ديسكوفر» هو موجز للمقالات يظهر على نظامي «أندرويد» و«آبل» عند فتح «غوغل» للتصفّح. ووفق محرّك البحث، فإن المقالات المُوصى بها تُحدَّد وفقاً لاهتمامات المستخدم وعمليات البحث السابقة، ومن ثم، فإن ما يظهر لدى المستخدم من ترشيحات هو موجز شخصي جداً، لذا يحقق مزيداً من الجذب.

محمد الكبيسي، الباحث ومدرب الإعلام الرقمي العراقي المقيم في فنلندا، أرجع تكثيف بعض المواقع الإخبارية وجودها على «غوغل ديسكوفر» إلى احتدام المنافسة الرقمية بين المنصّات للوصول إلى الجمهور. وأوضح: «منطقياً، تسعى مواقع الأخبار إلى الظهور على منصات متعدّدة، مما يعزز فرص الوصول والتفاعل مع الأخبار دون الحاجة للبحث المباشر».

وحدَّد الكبيسي معايير ظهور المقالات على «غوغل ديسكوفر» بـ«جودة المحتوى، والتحديث المستمر، وتوافق SEO، والملاءمة مع اهتمامات المستخدمين وسلوكهم السابق في استخدام وسائل الإنترنت، إضافة إلى الالتزام بمعايير الإعلام والصحافة المهنية».

ومن ثم، بعدما رأى الباحث العراقي تكثيف الاهتمام بأداة «غوغل ديسكوفر» حلاًّ مؤقتاً للمرحلة الحالية، شرح أنه «يمكن القول عموماً إن (غوغل ديسكوفر) قد يُسهم في زيادة معدلات الزيارات للعديد من المواقع الإخبارية، لكن ذلك يعتمد على أهمية المحتوى وملاءمته اهتمامات الجمهور». أما عن الحلول المستدامة فاقترح الكبيسي على صُناع الأخبار تحقيق المواءمة مع تطوّرات المنصات ومواكبة التحديثات؛ لتجنب التبِعات التي قد تؤدي إلى تقليل الظهور أو انخفاض معدلات الوصول».

من جهته، يقول الحسيني موسى، الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة الـ«سي إن إن» العربية، إن «غوغل ديسكوفر» لا يقبل أي مقالات؛ لأن لديه معايير صارمة تتعلق بجودة المحتوى ومصداقيته. وتابع أن «الظهور على (غوغل ديسكوفر) يشترط تقديم معلومات دقيقة تلبّي اهتمامات المستخدمين وتُثري معرفتهم، مع استخدام صور عالية الجودة لا تقل عن 1200 بيكسل عرضاً، وعناوين جذابة تعكس مضمون المقال بشكل شفاف بعيداً عن التضليل». ثم أضاف: «يجب أن تكون المواقع متوافقة مع أجهزة الهواتف الذكية؛ لضمان تجربة مستخدم سلسة وسريعة، مع الالتزام الكامل بسياسات (غوغل) للمحتوى».

وعلى الرغم من أن معايير «غوغل ديسكوفر» تبدو مهنية، عَدَّ موسى أن هذا «الاتجاه لن يحقق مستقبلاً الاستقرار للناشرين... وصحيح أن (غوغل ديسكوفر) يمكن أن يحقق زيارات ضخمة، لكن الاعتماد عليه فقط قد لا يكون واقعاً مستداماً».

ورأى، من ثم، أن الحل المستدام «لن يتحقق إلا بالتنوع والتكيف»، لافتاً إلى أنه «يُنصح بالتركيز على تقديم محتوى ذي قيمة عالية وتحويله إلى فيديوهات طولية (فيرتيكال) مدعومة على منصات التواصل الاجتماعي لجذب المزيد من المتابعين وبناء قاعدة جماهيرية وفية».