تلويح بإجراءات أمنية في «عين الحلوة» إذا استمرت أزمة {فتح} و{حماس}

صورة تداولها ناشطون لبوابة إلكترونية بمدخل مخيم «عين الحلوة» قبل إزالتها لاحقا
صورة تداولها ناشطون لبوابة إلكترونية بمدخل مخيم «عين الحلوة» قبل إزالتها لاحقا
TT

تلويح بإجراءات أمنية في «عين الحلوة» إذا استمرت أزمة {فتح} و{حماس}

صورة تداولها ناشطون لبوابة إلكترونية بمدخل مخيم «عين الحلوة» قبل إزالتها لاحقا
صورة تداولها ناشطون لبوابة إلكترونية بمدخل مخيم «عين الحلوة» قبل إزالتها لاحقا

لا تبدو القيادات اللبنانية، السياسية كما الأمنية، مطمئنة لاستمرار الفصائل الفلسطينية بتعليق العمل باللجان المشتركة بعد احتدام الخلافات بين «فتح» و«حماس». ورغم الجهود المركزة المنصبة منذ أسبوعين على احتواء هذه الأزمة، فإن مصادر أمنية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أنه في حال استمرارها لأمد طويل، فان التوجه سيكون لتشديد الإجراءات الأمنية مجددا حرصا على استقرار المخيمات كما الساحة اللبنانية.
وقالت المصادر: «هناك التزامات من قبل الفصائل يتوجب أن تفي بها. فالجيش اللبناني أوقف مؤخرا العمل بالبوابات الإلكترونية التي وضعت على مدخلي مخيمي عين الحلوة والمية المية بعد الاحتجاجات عليها، لكننا تلقينا بالمقابل تعهدات بالالتزام الكامل بالخطة الموضوعة للحفاظ على الأمن، وبالتالي في حال استمرت الخلافات بين الفصائل، وهو ما ينعكس سلبا على الوضع الأمني في المخيمات، فذلك سيدفعنا للعودة إلى اعتماد البوابات وغيرها من الإجراءات».
وعلقت حركة «فتح» وفصائل منظمة التحرير مطلع الشهر الحالي مشاركتها بالأطر الفلسطينية الموحدة تعبيرا عن استيائها مما وصفتها بـ«ممارسات حماس غير المقبولة سواء في قطاع غزة والضفة الغربية أو في الداخل اللبناني». ويتم حاليا العمل على «وثيقة تفاهم» لرأب الصدع بين الحركتين، وإحياء المبادرة الموحدة لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان التي وقعت في العام 2014. وقالت مصادر فلسطينية معنية بالحراك الحاصل إن التوجه هو لانعقاد القيادة السياسية الموحدة قريبا بعد حوالي 7 أشهر على توقف اجتماعاتها، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه قد «تم الاتفاق المبدئي على عقد الاجتماع وبالتالي عودة العمل بالأطر المشتركة لكن دون تحديد مواعيد نهائية». وأضافت: «سيستكمل البحث بالخطوات الواجب اتخاذها لأحياء التفاهمات بين الفصائل، خلال اجتماعات متلاحقة للقيادة السياسية».
وتتبادل «فتح» و«حماس» الاتهامات بعدم الالتزام بقواعد العمل المشترك. وتقول «فتح» إن «حماس» تتنصل من الاتفاقات والتفاهمات التي تعلن التزامها بها عندما يحين موعد التنفيذ على الأرض، فيما تعتبر «حماس» أن قيادة «فتح» تحاول التفرد بالقرارات ما يوجب إعادة النظر بالأسس والضوابط التي تم التوافق عليها قبل نحو 4 سنوات.
وتتكثف الاجتماعات حاليا بين الفصائل ولكن عن طريق وسطاء، إذ لم يسجل حتى الساعة أي لقاء بين قياديين من «فتح» و«حماس». ويؤكد القيادي في حركة «فتح» اللواء منير المقدح أن الاتصالات قائمة لإعادة الهيكلة وإحياء التشكيلات القائمة تنفيذا لالتزامات فلسطينية - لبنانية كما فلسطينية - فلسطينية، لافتا إلى أن عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد، عقد في اليومين الماضيين سلسلة لقاءات مع الفصائل على أن يتوجه إلى مصر لاستكمال الحوار بين «فتح» و«حماس». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «حاليا لا اتصالات مباشرة بين الحركتين، لكن المؤشرات توحي بعودة القيادة السياسية لممارسة نشاطها قريبا».
ويقر المقدح بأن خلاف فتح - حماس ينعكس سلبا على الجو العام في المخيمات وبالتالي على عمل اللجان الأمنية المولجة حفظ الأمن والاستقرار. فهذه اللجان تحل محل القوى الأمنية اللبنانية التي لا دور لها في المخيمات الفلسطينية المنتشرة في أكثر من منطقة، وقد نجحت في المرحلة الماضية بتحييد فلسطينيي لبنان عن صراعات المنطقة وبالتحديد عن الصراع السوري رغم توجه عدد كبير من أبناء هذه المخيمات للقتال في الساحة السورية في الأعوام الماضية.
وقد تسرب عدد كبير من المطلوبين للسلطات اللبنانية والذين كانوا يحتمون في مخيم «عين الحلوة» في الأشهر الماضية إلى سوريا وانتقل بعضهم منها إلى تركيا ودول أوروبية، كما يؤكد مصدر قيادي فلسطيني داخل المخيم، لافتا إلى أن هؤلاء لم يعودوا يجدون في «عين الحلوة» بيئة حاضنة، وباتوا يشعرون أنهم مهددون بأي لحظة، لذلك ارتأوا الهرب إلى خارج لبنان. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن الموقف الذي اتخذته عصبة الأنصار والحركة الإسلامية المجاهدة، كان أساسيا برفع الغطاء عن هؤلاء، ما أسهم إلى حد بعيد بانكفائهم وتراجع حركتهم وبخاصة بعد المعركة التي خاضتها حركة فتح بوجه مجموعة بلال بدر العام الماضي».



«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.