تدابير حوثية جديدة لمنع فرار النواب وفرض التجنيد على السكان

TT

تدابير حوثية جديدة لمنع فرار النواب وفرض التجنيد على السكان

ذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الميليشيات الحوثية تسعى إلى اتخاذ تدابير أمنية جديدة لمنع تسرب بقية النواب الخاضعين لها في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها، إلى جانب سعيها لتمرير قوانين انقلابية جديدة تتيح لها فرض التجنيد الإجباري وتجريم قيادات الشرعية والنواب الذين تمكنوا من الإفلات من قبضتها.
وفي الوقت الذي واصلت الجماعة حملات الاختطاف في صنعاء ومحافظات أخرى، فجرت منزل زعيم قبلي في محافظة إب بعد مواجهات مع أنصاره كبدتها 10 قتلى وجرحى على الأقل، في حين أفادت مصادر محلية في محافظة الحديدة بأن الجماعة توعدت أعيان المحافظة بالتنكيل والاعتقال إذا تقاعسوا عن المشاركة الفاعلة في حملات التجنيد. وفي هذا السياق، أفادت المصادر بأن رئيس مجلس حكم الجماعة الحوثية، مهدي المشاط، استدعى رئيس البرلمان يحيى الراعي ونائبه إلى اجتماع في صنعاء، وعبر لهما عن غضبه من استمرار عمليات هروب النواب إلى مناطق سيطرة الشرعية وخارج البلاد، متهما إياهما بالتواطؤ والتقصير في إقناع بقية النواب بالبقاء في خدمة الجماعة.
وذكرت المصادر أن المشاط اقترح على الراعي، اتخاذ إجراءات أمنية مشددة على بقية النواب والحد من تحركاتهم بين المحافظات إلا بموافقة شخصية منه، وبخاصة بعد أن تصاعدت عمليات الفرار التي كان آخرها هروب النائب هبة الله شريم ممثل مديرية الدريهمي في محافظة الحديدة وعدد من نواب محافظة ريمة المحسوبين على حزب «المؤتمر الشعبي». وقالت المصادر إن المشاط، أمر الراعي ونائبه بالموافقة على تمرير قانون يجرم الالتحاق بالشرعية، من قبل النواب ويعتبر من نجح في الفرار إلى مناطق الشرعية أو خارج البلاد مدانا بجرم «الخيانة العظمى» كما يسمح بمصادرة كل ممتلكاتهم لصالح الميليشيات.
وأضافت المصادر أن رئيس مجلس حكم الجماعة، أمر الراعي بتمرير قانون آخر، يسمح بفرض التجنيد الإجباري في صفوف السكان، وبخاصة في أوساط طلبة الجامعات والمدارس وأبناء القبائل، ما يتيح للميليشيات إرغامهم على حمل السلاح والقتال في صفوفها بعد أن تعرض عناصرها لاستنزاف غير مسبوق في الأشهر الأخيرة جعلها غير قادرة على وقف التقدم المستمر لقوات الجيش والمقاومة الشعبية.
وفي مسعى من الراعي لمراوغة المشاط، ذكرت المصادر أنه اقترح عليه بدلاً من ذلك، دمج بقية النواب مع أعضاء مجلس الشورى الذين تتم إضافتهم بالتعيين المباشر، للخروج من مأزق عدم اكتمال النصاب، كما اقترح عليه اللجوء إلى إجراء انتخابات تكميلية في الدوائر التي فر نوابها، لملء مقاعدهم الشاغرة.
وكان المشاط توسل الأسبوع الماضي بقية النواب للبقاء، وأغراهم بتنفيذ كل مطالبهم المالية، والعمل على ترسيخ نفوذهم في مناطق سيطرتهم، في سياق تشبث الجماعة بوجود غطاء نيابي صوري لتمرير قوانينها، وشرعن تصرفاتها الانقلابية على صعيد جباية الأموال وتحشيد المقاتلين، وفرض أفكارها الطائفية على السكان.
وكانت مصادر مقربة من عضو البرلمان هبة الله شريم النائب عن مديرية الدريهمي، ذكرت أنه وصل إلى عدن بعد أن نجح في الفرار من قبضة الميليشيات، ومعه بعض القيادات الأمنية والعسكرية التي انشقت عن الجماعة وأعلنت ولاءها للشرعية.
وجاء فرار النائب شريم بعد فرار نائبين من ريمة، ونائبين من تعز، وآخر من محافظة إب، في غضون أسبوعين، ولم يبق تحت سيطرة الميليشيات سوى أقلية من النواب غير القادرين على الهروب لكبر سنهم أو لظروفهم الصحية، طبقا لما أفادت به مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، وسط توقعات بهروب آخرين في الأيام المقبلة عندما تسنح لهم الفرصة.
وكانت الميليشيات عينت أكثر من 60 شخصا من أتباعها أعضاء في مجلس الشورى الموازي للبرلمان، في مسعى منها لفرض نسختها الخاصة من المجلس وتحويله إلى غطاء آخر لشرعنة أعمالها الانقلابية.
وبينما تخطط الجماعة لفرض قانون التجنيد الإجباري على خريجي الثانوية العامة في مناطق سيطرتها، لتعويض النقص المتصاعد في مقاتليها، أفادت مصادر محلية في محافظة الحديدة لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة دعت أعيان المحافظة وقياداتها المحليين الخاضعين لها إلى اجتماع عاجل للتشديد عليهم من أجل حشد المزيد من المقاتلين، في ظل وعيد بأنها ستنكل بهم إذا لمست منهم تقصيرا في التحشيد والدفع بالسكان للقتال في صفوفها. وذكرت المصادر أن مشرف الميليشيات الحوثية في محافظة الحديدة ويدعى أحمد البشري، هدد بأنه سيعتقل أعيان المحافظة ويضعهم في الثكنات العسكرية ويصادر أموالهم إذا شعر أنهم يحاولون الفرار إلى صف الشرعية، أو يجرون اتصالات مع قيادات الجيش والمقاومة الشعبية التي ترابط على أبواب مدينة الحديدة منذ أسابيع، وتستعد لتحريرها.
في غضون ذلك، استمرت الجماعة في حملاتها لاعتقال السكان في صنعاء وذمار وإب، وأفاد ناشطون بأن عناصر الميليشيات شنوا حملات اختطاف في الأحياء الجنوبية من العاصمة صنعاء، شملت تجارا وأعضاء في حزب «المؤتمر الشعبي» وعسكريين سابقين رفضوا العودة للخدمة تحت إمرة الميليشيات.
إلى ذلك، أفادت مصادر محلية في محافظة إب بأن عناصر الجماعة فجروا منزل زعيم قبلي يدعى صالح القاضي في مديرية السبرة، بعد مواجهات ضارية مع أنصاره، تكبدت الجماعة خلالها ستة قتلى وأربعة جرحى قبل أن تتمكن من تفجير المنزل الواقع في قرية «وادي أملح».
وذكر مقربون من القاضي، أنه تمكن من الفرار مع عدد من أقاربه وأتباعه إلى محافظة الضالع المجاورة حيث مناطق الشرعية، بعد أن تصدى للحملة الحوثية المكونة من 10 عربات عسكرية.
وتكثف الجماعة الحوثية منذ اشتداد الخناق عليها في جبهة الساحل الغربي من عمليات الخطف والاعتقال في صفوف الناشطين والسكان، لجهة إجبارهم على الالتحاق بصفوفها أو التبرع بالأموال لمجهودها الحربي، إلى جانب خشيتها من اندلاع انتفاضات محلية في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها تواكب انهياراتها الميدانية في الساحل.
في الأثناء، نصبت الجماعة مخيمات في الميادين العامة في صنعاء والأحياء الرئيسية، لاستقطاب المجندين، والمراهقين وصغار السن، من أجل الدفع بهم للجبهات، وأكد شهود أن عناصر الميليشيات رفعوا على واجهات المخيمات لافتات تدعو فيها السكان إلى القتال معها.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.