الائتلاف السوري يرجئ انتخاب رئيسه إلى اليوم بعد فشل مساعي التوافق

أحد الأعضاء: ترشيح البحرة «قطع مرحلة مهمة باتجاه الحسم»

جانب من اجتماع الائتلاف الوطني السوري بمدينة إسطنبول أمس
جانب من اجتماع الائتلاف الوطني السوري بمدينة إسطنبول أمس
TT

الائتلاف السوري يرجئ انتخاب رئيسه إلى اليوم بعد فشل مساعي التوافق

جانب من اجتماع الائتلاف الوطني السوري بمدينة إسطنبول أمس
جانب من اجتماع الائتلاف الوطني السوري بمدينة إسطنبول أمس

مدد الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية، أمس، اجتماعاته التي يعقدها في إسطنبول إلى يوم غد الأربعاء، بموازاة إرجاء انتخاب رئيس جديد للائتلاف إلى اليوم الثلاثاء، كما قالت مصادر في الائتلاف لـ«الشرق الأوسط»، مشيرة إلى أن التأجيل تقرر «بسبب ضغط البرنامج» أمس.
وأكد مصدر في الائتلاف لـ«الشرق الأوسط» أن إرجاء انتخابات الرئيس إلى اليوم، «ليس تأجيلا، بل هو تنفيذ لجدول الأعمال الذي ننفذ بنوده بالتدرج»، موضحا أن «جلسة الانتخاب كانت مقررة اليوم (أمس) على جدول الأعمال، لكن عدم القدرة على تنفيذ كل البرنامج (أول من) أمس دفع لإرجاء بند الانتخاب إلى اليوم». ودفع الضغط في البرنامج المجتمعين باتجاه تمديد اجتماعات الهيئة العامة للائتلاف يوما إضافيا حتى غد.
وجاء هذا التأجيل في ظل نقاشات جانبية استكملتها كتل سياسية في الائتلاف، في محاولة للوصول إلى اتفاق على انتخاب رئيس جديد للائتلاف، خلفا لأحمد الجربا، وثلاثة نواب للرئيس وأمين عام وهيئة سياسية.
وأكد عضو الائتلاف بسام يوسف لـ«الشرق الأوسط» أن الكتل السياسية «لم تصل إلى اتفاق كامل بعد على اختيار الرئيس والأمين العام» للائتلاف. وإذ أشار إلى أن مرشح الكتلة الديمقراطية الأبرز هادي البحرة، «قطع مرحلة مهمة باتجاه الحسم بأنه سيُنتخب رئيسا للائتلاف»، أشار إلى أن النقاش كان «يدور بين بعض الكتل حول اسم المرشح لمنصب الأمين العام»، وهو ما أعاق التوصل إلى اتفاق كامل بين مختلف الكتل. وقال يوسف: «التباينات الداخلية بين بعض الكتل، وبين أعضاء الكتل أنفسهم، تعوق التوصل إلى اتفاقات سريعة»، مشددا على أن الانتخاب «سيكون بالتأكيد غدا (اليوم)».
وينتخب الرئيس خلفا للجربا الذي انتخب في يوليو (تموز) العام الماضي لرئاسة الائتلاف لفترتين متتاليتين مدة كل منهما ستة أشهر، وهي المدة القصوى لتولي رئاسة الائتلاف المعارض. ويعد عضوا الائتلاف البارزان هادي البحرة وموفق نيربية، أبرز المرشحين لمنصب رئيس الائتلاف، وكلاهما ينتمي للتكتل الديمقراطي الذي يتزعمه الجربا.
غير أن اللجنة القانونية في الائتلاف لم تسجل أي مرشح للانتخابات أمس، كما قال عضو اللجنة هشام مروة لـ«الشرق الأوسط»، علما بأن التسجيل يجري في يوم تحديد جلسة الانتخاب. وقال إن باب الترشح حين يُفتح، فستكون هناك أربعة أسماء بين المرشحين الذين جرى التداول في أسمائهم في وقت سابق، وهم، إضافة إلى نيربية ورئيس وفد المعارضة في مؤتمر «جنيف2» هادي البحرة، رئيس الوزراء المنشق رياض حجاب، وأمين عام الائتلاف بدر جاموس.
ونفى مروة أن يكون التبدل في قوائم التحالفات بين الكتل في الائتلاف، دفع إلى تأجيل انتخاب الرئيس، قائلا إن التغير في قائمة التحالفات «هو سياق طبيعي لحركة المنظمات السياسية في العالم»، مشيرا إلى أن «الموقف من الحكومة المؤقتة، أثر على خريطة التحالفات في الائتلاف»، في إشارة إلى التجاذب بين رئيس الائتلاف أحمد الجربا والمجلس الوطني السوري حول سحب الثقة من رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة المدعوم من المجلس الوطني.
وناقش الائتلاف الوطني السوري في اجتماعه أمس، التقرير الرئاسي وتقرير الأمانة العامة والتقرير المالي، كما ركزت المناقشات على جملة من القضايا؛ أهمها الوضع القائم على الأرض، خصوصا التطورات في مدينة حلب.
ومن المتوقع أن يشارك رئيس أركان الجيش السوري الحر عبد الإله بشير ونائبه اللذان سيحضران من سوريا ليضعا الائتلاف في صورة التطورات على الأرض. ويناقش المجتمعون العلاقات والدعم المطلوب من الدول الصديقة، والتغييرات العسكرية في سوريا والمنطقة عموما، وتأثير ذلك على مسار الثورة، كما ذكر الائتلاف في بيان سابق.
وينتظر أن تناقش الهيئة العامة للائتلاف، في اليوم الأخير للاجتماع، المتغيرات العسكرية والسياسية على الساحة الدولية، وبحث موضوع قرار رئيس الحكومة المؤقتة أحمد طعمة حول إقالة رئيس الأركان والمجلس العسكري، الذي عدته الهيئة السياسية للائتلاف في بيان صادر عنها، خارج صلاحيات رئيس الحكومة، وأن الائتلاف فقط هو المرجعية الوحيدة لإصدار مثل هذه القرارات. وفي نهاية الاجتماع، سيناقش الأعضاء الورقة المقدمة من سيدات الائتلاف، وطلب زيادة التمثيل النسائي داخل الائتلاف الوطني.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.