بن دغر يشدد على مرجعيات السلام ويدعو لوقف التدخلات الإيرانية

ضغوط غربية على الحكومة اليمنية للقبول بمقترحات المبعوث الأممي

TT

بن دغر يشدد على مرجعيات السلام ويدعو لوقف التدخلات الإيرانية

ذكرت مصادر مطلعة في الحكومة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن عدداً من السفراء الغربيين لدى اليمن يحاولون الضغط على قيادة الشرعية من أجل تقديم تنازلات تخدم مقترحات مبعوث الأمم المتحدة، مارتن غريفيث، بشأن وقف العمليات العسكرية لتحرير الحديدة، واستئناف المفاوضات مع الميليشيات الحوثية.
وقالت المصادر إن الدبلوماسية الغربية، مدفوعة بمزاعم التداعيات الإنسانية التي يروج لها الحوثيون وبعض المنظمات الدولية، تسعى إلى إعاقة تقدم القوات الحكومية والمقاومة الشعبية، المسنودة من تحالف دعم الشرعية، إلى مدينة الحديدة، وانتزاع مينائها، وتحاول عوضاً عن ذلك الضغط للموافقة على مقترحات غريفيث التي تعطي، بحسب المصادر، فرصة للميليشيات للاستمرار في تلقي الأسلحة المهربة من إيران، غرب سواحل الحديدة على البحر الأحمر.
وكشفت المصادر عن أن رئيس الوزراء، أحمد عبيد بن دغر، شرع بعد وصوله إلى الرياض قبل أيام، على رأس لجنة مكلفة من الرئيس عبد ربه منصور هادي، في عقد سلسلة مقررة من اللقاءات مع عدد من السفراء الغربيين لمناقشة الأفكار الأممية المطروحة، والتأكيد على الموقف الحكومي المتمسك بمرجعيات السلام المتوافق عليها، عند الحديث عن أي مساعي لعودة التفاوض مع الميليشيات الحوثية.
في غضون ذلك، أفادت المصادر اليمنية الرسمية بأن رئيس الحكومة اليمنية أحمد بن دغــــــر ناقش أمس، في الرياض، مع السفير الأميركي ماثيو تولر المقترحات الأممية بشأن الحديدة، كما استعرض معه الجهود الحكومية لتطبيع الأوضاع ومكافحة الإرهاب، إضافة إلى الدور الإيراني المتصاعد في دعم الميليشيات الحوثية بالأسلحة والصواريخ.
وذكرت وكالة «سبأ» أن بن دغر أشاد بموقف الولايات المتحدة الأميركية، ودعمها للحكومة الشرعية، ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي، ووقوفها مع الإرادة الوطنية للشعب اليمني في مواجهة الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران.
وتحدث رئيس الوزراء اليمني عن الأوضاع في المحافظات المحررة، خصوصاً في العاصمة المؤقتة عدن، مشيراً إلى أنها شهدت تحسناً في كثير من الجوانب الأمنية والخدمية، مع صدور أوامر رئاسية باعتماد عدد من المشاريع الخدمية، التي قال إن الحكومة تعمل على تنفيذها، رغم الظروف الصعبة التي تعيشها، من شحة الموارد وقلة الإمكانيات جراء الحرب الظالمة التي شنتها ميليشيا الحوثي، واستحواذها على أكثر من نصف موارد البلاد.
وأشار بن دغر، خلال لقائه السفير الأميركي، إلى أن الميليشيات الحوثية سيطرت في العام الماضي على 840 مليار ريال (الدولار يساوي 495 ريالاً)، وأنها لم تصرف منها سوى 140 مليار ريال، بينما ذهبت 700 مليار ريال لصالح المجهود الحربي.
وشدد رئيس الوزراء اليمني على ضرورة تسخير كل موارد البلاد وتوريدها إلى البنك المركزي في عدن من أجل أن تقوم الحكومة بواجباتها الوطنية في صرف المرتبات لجميع الموظفين، مع تأكيده دعم حكومته لمساعي الأمم المتحدة ومبعوثها لتحقيق السلام، وفقاً للمرجعيات المتفق عليها.
وبحسب وكالة «سبأ»، جدد رئيس الوزراء اليمني دعوته للأمم المتحدة للضغط على إيران للكف عن التدخلات في الشأن اليمني، ومنع تهريبها للأسلحة، بما فيها الصواريخ الباليستية، وإلزامها بالقوانين الدولية، مؤكداً أنه لن يتم السماح لإيران ونظامها بتهديد أمن اليمن، حيث يسعى النظام الإيراني جاهداً لتقسيم اليمن، والنيل من أمنه ووحدته، عبر مشروع طهران الطائفي العنصري.
واستعرض بن دغر مع تولر «الرؤية» التي قدمها المبعوث الأممي مارتن غريفيث بشأن الحديدة وعملية السلام فيها، مؤكداً ترحيب الحكومة بأي مساعٍ من شأنها تحقق السلام العادل والشامل الذي يتطلع إليه الشعب، وفقاً للمرجعيات الثلاث، والالتزام بالانسحاب وتسليم السلاح وعودة السلطة الشرعية.
وشدد رئيس الحكومة اليمنية على «ضرورة إبداء حسن النية، قبل بدء أي مشاورات قادمة، وذلك من خلال إطلاق سراح كل الأسرى والمعتقلين في السجون، وبإشراف من قبل الأمم المتحدة، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية والإغاثية لمناطق الجمهورية كافة، وعلى وجه الخصوص مدينة تعز».
وفي حين عبر السفير الأميركي - طبقاً للمصادر الرسمية اليمنية - عن سعادته بلقاء بن دغر، أشاد بالجهود التي حققتها الحكومة الشرعية في المحافظات المحررة خلال الفترة الماضية، في ظل وجود الرئيس هادي والحكومة في العاصمة المؤقتة عدن، مما ساعد على الاستقرار في تلك المحافظات، مؤكداً دعم بلاده للحكومة الشرعية، والتعاون معها في مكافحة الإرهاب وإنهاء الانقلاب.
وأشار السفير تولر إلى أن «التدخلات الإيرانية تشكل خطراً على الأمن العربي والإقليمي والدولي»، وقال: «إن هناك قضية مشتركة علينا تحقيق النجاح فيها، وهي مواجهة الإرهاب في اليمن الذي يعد جزءاً من معركة العالم في القضاء على التنظيم، ومحاربة أفكاره وثقافته». وكان الرئيس اليمني، عقب لقائه الأخير مع المبعوث الأممي في عدن، قد كلف رئيس حكومته بن دغر على رأس لجنة وزارية بدراسة مقترحات غريفيث، والرد عليها بما يتناسب والموقف الحكومي المتمسك بالمرجعيات، لا سيما القرار 2216.
إلى ذلك، زعمت مصادر إعلامية موالية للميليشيات الحوثية أن السفير الفرنسي لدى اليمن يعتزم زيارة صنعاء للقاء قيادات في الجماعة، في مسعى - يعتقد المراقبون في حال صحة المزاعم الحوثية - لإقناع الجماعة بالانصياع للخطة الأممية التي اقترحها غريفيث.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.