ترام القاهرة التاريخي يقاوم رحلته الأخيرة

الإهمال أدى إلى تهالك عرباته بعد أن كانت محطات في أفلام الزمن الجميل

ترام القاهرة في ثلاثينات القرن الماضي
ترام القاهرة في ثلاثينات القرن الماضي
TT

ترام القاهرة التاريخي يقاوم رحلته الأخيرة

ترام القاهرة في ثلاثينات القرن الماضي
ترام القاهرة في ثلاثينات القرن الماضي

لمدة تزيد على قرن ظل ترام القاهرة صامداً أمام تقلبات السياسة والزمن، ومساهماً رئيسياً في نقل سكان العاصمة المصرية، مخترقاً بسهولة واقتدار معظم أحيائها وشوارعها التراثية. ووثقت السينما المصرية أشكال عربات الترام ومساراته ومحطاته، في بعض أفلام الأبيض والأسود القديمة، بجانب بعض الأفلام الحديثة، ليرتبط بتاريخ القاهرة وذكريات المواطنين والسائحين على مدار عقود طويلة، لكن غياب التخطيط والإهمال في الآونة الأخيرة، أدَّيا إلى تراجع خطوطه واقترابه من الخروج نهائياً من حسابات هيئات النقل العام والمواصلات المصرية، بعد انتهاء العمر الافتراضي لعرباته وتهالكها.
وطالب سكان حي مصر الجديدة بعدم إزالة خطوط الترام الذي يُطلق عليه السكان «مترو مصر الجديدة» والحفاظ على ما تبقى منه، وإعادة تطوير هذا المرفق التراثي والتاريخي. لكن رئيس حي مصر الجديدة المهندس إبراهيم صابر، قلّل من مخاوف سكان الحي، بشأن إزالة الترام بشكل كامل، عندما قال إن «محافظة القاهرة تبحث تطوير الترام مع شركة تصنيع عربات سكة حديد مصرية، لتحسين أداء وكفاءة الخدمة، بالإضافة إلى وضع أقدم عربة مترو، في ميدان الإسماعيلية بحي مصر الجديدة احتفاءً بهذا المرفق التراثي».
وأضاف: «صابر» في مداخلة تلفزيونية: أنه «تمت إزالة جزء خارج الخدمة من قضبان الترام، لتسببه في زحام مروري بإحدى المناطق مع استحالة عودة خط الترام بتلك المنطقة للعمل مرة أخرى، وهو ما أثار مخاوف المواطنين من إزالة ترام مصر الجديدة بشكل نهائي لكن نعمل على تطويره وإحيائه من جديد».
وتابع: «هناك مناقشات مع نواب مصر الجديدة، لإصدار قرار بتشكيل لجنة لدراسة مستقبل مترو مصر الجديدة»، مؤكداً أن هناك مقترحاً بإنشاء خطين: الخط الأول يبدأ من محطة (ألماظة) حتى (ميدان المحكمة مروراً بالمطرية)، والخط الثاني يبدأ من (الكلية الحربية مروراً بشارع الحجاز حتى ميدان روكسي).
يشار إلى أن ترام العاصمة، قد سار لأول مرة في شوارع القاهرة في عام 1896. حسب ما نشره الكاتب محمد سيد كيلاني في كتابه «ترام القاهرة»: «في بداية شهر أغسطس (آب) عام 1896، شقت قاطرة أول ترام شوارع العاصمة، بداية من نقطة الانطلاق في ميدان العتبة الخضراء، لينقل الناس من عصر البداوة والتأخر إلى عالم الحضارة والتمدن، وكان الناس في القاهرة يعانون أشد المعاناة من صعوبة التنقل لأسباب كثيرة، منها عدم توافر وسائل النقل وبطء حركتها ثم المعاملة السيئة من أصحاب الحمير والعربات، وكان الظلام سائداً، لأن الشوارع الرئيسية فقط كانت هي التي تحظى بالإضاءة عن طريق (غاز الاستصباح)». وأوضح كيلاني أنه بدخول القاهرة عصر الترام حدثت ثورة هائلة، حيث راجت حركة التجارة ونشط البيع والشراء وأُنشئت المحال الكبرى في ميدان العتبة الخضراء، قلب العاصمة، وكثرت المسارح وصالات الرقص وحدثت حركة في المدينة تشبه إلى حدٍّ ما اللهاث للحاق بركب العصر من نهضة عمرانية وفنية ورياضية، كما ظهر على الساحة ما سُمي «الأدب الترامي»، ووجد الأدباء أنفسهم في أحاديث لا تنقطع عن هذا العالم الجديد. ولفت إلى أنه قد حدث انفلات في أسعار الأراضي الواقعة بالقرب من خطوط الترام وزادت أسعارها أضعافاً وجنى أصحابها من وراء ذلك أرباحاً طائلة.
وطالب مواطنون مصريون بإعادة تشغيل خطوط الترام المتوقفة بعد إعادة تحديثه وتطويره مع الاستفادة من المسارات الخاصة به، لتخفيف الزحام المروري، لأنه يخدم قطاعات كبيرة جداً من المواطنين خصوصاً الموظفين والطلاب، وأكدوا أنه يتميز عن باقي المواصلات العامة الأخرى، بالسرعة والأمان والانتظام ورخص سعر تذكرته.
وقال محمد عبد الحميد، 35 سنة، موظف قطاع خاص لـ«الشرق الأوسط»: «كنت أعتمد على مترو مصر الجديدة في تنقلاتي اليومية من (حي المطرية) وحتى (ألماظة)، شرق القاهرة، حيث أسكن في (شبرا الخيمة)، بسبب رخص تذكرته وسرعته المعتادة مقارنةً ببطء سير حافلات النقل العام وسيارات الأجرة، بسبب الاختناقات المرورية في شوارع شرق القاهرة، لكن بسبب توقف خط المطرية حالياً، وضم مساره إلى نهر الشارع لعبور السيارات، أصل إلى محل عملي في ساعتين عبر 4 مواصلات بتكلفة تصل إلى 25 جنيهاً في اليوم الواحد، بينما كان الترام يوفر في الجهد والوقت والمال».
وأضاف: «لو عاد هذا الخط للعمل سيدرّ أرباحاً جيدة لهيئة النقل العام، لأنه يسهم في نقل آلاف الموظفين والطلاب يومياً، وسيحل أزمة المرور الخانقة بمنطقة (التجنيد)».
من جانبه قال محمد السيد إبراهيم، موظف بالقطاع الحكومي لـ«الشرق الأوسط»: «لو رفعت هيئة النقل العام سعر تذكرة الترام بعد تطويره إلى 5 جنيهات سأحرص على ركوبه يومياً، لأنه سيكون أفضل لي من باقي الوسائل الأخرى، بسبب سرعته ودرجة الأمان به، لذلك نطالب الحكومة بسرعة إعادة تشغيله والحفاظ عليه، لأنه مرفق مريح وتاريخي يجب الحفاظ عليه بدلاً من هدمه».
إلى ذلك، طالب عبد الرحمن سعيد، بدراسة أزمة المترو بشكل جيد، وعدم الاستسهال، مع البحث عن أفكار وحلول خارج الصندوق، لأن نفس عربات الترام التي كانت تسير في شوارع القاهرة، هي نفسها التي تسير في الإسكندرية، وتنتجها شركات حكومية ورّدت أخيراً عربات إلى مرفق الإسكندرية الذي يعمل بانتظام حتى الآن.
وأضاف: «ما يحدث قلة حيلة وفقر في التفكير، وليس قلة موارد ما دامت هناك مرافق ترام تعمل حتى الآن في مصر وخارجها، مثل ترام الدار البيضاء في المغرب، وترام أديس أبابا بإثيوبيا أيضاً».
من جهته قال المهندس عمرو رؤوف، أحد المهتمين بالدفاع عن «مترو مصر الجديدة»، لـ«الشرق الأوسط»: «إلغاء خطوط الترام لم يتسبب في حدوث أي سيولة مرورية، مثلما رددت وزارة النقل، بل زادت كثافة السيارات، لأن وحدة الترام الواحدة يوجد بدلاً منها في الشارع 20 سيارة أجرة (ميكروباص) لاستيعاب أعداد الركاب يومياً». ولفت إلى أن «زيادة عدد الأوتوبيسات العامة لن يحل الأزمة أيضاً، لأن شوارع القاهرة تحولت إلى جراج كبير، والشوارع في الأصل مزدحمة جداً وغير صالحة لاستقبال سيارات أخرى».
وأضاف: «الحكومة حوّلت ترام القاهرة من وسيلة للنقل والمواصلات والتنزه إلى مرفق خاسر، لغياب الحلول، والاستسهال». ولفت إلى أن الحكومة ستحتفظ بخطين فقط، للمواطنين الذين يحنّون إلى الماضي والتاريخ، رغم أن دراسة (جايكا) أو (الوكالة الدولية للتعاون الدولي اليابانية) اقترحت تجديد مترو مصر الجديدة وتحويله إلى 3 خطوط ترام سريعة».
وتابع أن قطار العاصمة الإدارية الجديدة، سيربط القاهرة عند محطة بمدينة نصر، لكن مسار مترو مصر الجديدة، يبدأ من ميدان رمسيس بقلب القاهرة، وهذه ميزة إضافية للتسهيل على المواطنين القادمين عبر محطة مصر.



حكم بإيداع نجل محمد رمضان دار رعاية يُعيد أزمات أبناء الفنانين للواجهة

الفنان محمد رمضان (صفحته على «فيسبوك»)
الفنان محمد رمضان (صفحته على «فيسبوك»)
TT

حكم بإيداع نجل محمد رمضان دار رعاية يُعيد أزمات أبناء الفنانين للواجهة

الفنان محمد رمضان (صفحته على «فيسبوك»)
الفنان محمد رمضان (صفحته على «فيسبوك»)

أعاد حكم قضائي بإيداع نجل الفنان المصري محمد رمضان إحدى دور الرعاية الاجتماعية، في واقعة التعدي على طفل آخر بالضرب داخل نادٍ بمدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة)، أزمات أبناء الفنانين إلى الواجهة، بعد تصدر اسم نجل الفنان محمد رمضان «الترند» على «غوغل» بمصر، الجمعة.

وتغيّب الفنان محمد رمضان ونجله عن حضور أولى جلسات المحاكمة، في حين حضرت والدة المجني عليه، فيما صرح دفاع الطفل المتهم بأن نجل الفنان تعرّض لوعكة صحية، وطلب الدفاع من هيئة المحكمة تأجيل أولى جلسات المحاكمة التي عقدت الخميس، لافتاً إلى أن الواقعة جاءت على خلفية تعرض الطفل (نجل محمد رمضان) للتنمر بسبب لون بشرته، وفق ما نشرته وسائل إعلام محلية.

وكانت جهات التحقيق قد استمعت إلى أقوال الطفل المعتدى عليه ووالدته، بعد أن تقدّمت ببلاغ تتهم فيه نجل الفنان محمد رمضان بالاعتداء على نجلها داخل نادٍ شهير بمدينة أكتوبر، كما اتهمت الفنان بالتحريض على العنف، لكونه شاهد الواقعة ولم يتدخل.

وشهد الوسط الفني أكثر من حالة تعرّض فيها أبناء الفنانين لأزمات وحوادث، من بينها حادث نجل الفنان عبد العزيز مخيون، وحادث نجل الفنان أحمد رزق الذي تسبّب في وفاة عامل ديلفري، وحادث الفنان نور النبوي نجل الفنان خالد النبوي الذي تصدّر الاهتمام قبل أيام.

الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، قال إن «وجود الآباء تحت الأضواء عادة ما يتسبب في مشكلات للأطفال، فأي موقف صغير يتم تضخيمه إعلامياً»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «نحن هنا أمام حكم قضائي، وإن كان في أولى درجات التقاضي، لكنه يلفت النظر لكونه نجل فنان يعتدي على طفل آخر، وربما كانت الواقعة ستمر دون هذا الاهتمام لو لم يكن الطفل المعتدي ابن فنان». ويلفت سعد الدين إلى أن «بعض الفنانين عادة ما يكونون منشغلين بأعمالهم، فلا يستطيعون الجلوس لفترات طويلة مع أبنائهم، وهذا ما نجده في حالات كثيرة، تصل أحياناً إلى درجة أن بعض أبناء الفنانين لا يحبون الوسط الفني».

ويُعدّ الفنان محمد رمضان من أبرز الفنانين الشباب في مصر (مواليد 1988)، وقد قدّم أعمالاً متنوعة في الدراما والسينما، بالإضافة إلى نشاطه الغنائي خلال السنوات الأخيرة. ومن أحدث أفلامه «ع الزيرو» (2023)، ومن أبرز مسلسلاته في العام نفسه «جعفر العمدة»، وفق موقع «السينما. كوم».

ويرى الناقد الفني المصري، أحمد السماحي، أن «تعدد وتكرار أزمات أبناء الفنانين يعود للأضواء القوية المسلطة على نجوم الفن»، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أي حادث بسيط يتعرض له فنان أو أبناؤه يظهر بوضوح وقوة للعلن، في حين لو وقع هذا الحادث بين أشخاص عاديين يمكن أن يمر ببساطة».

وأشار السماحي إلى قضية عمر أحمد رزق، وحادث اصطدامه بعامل دليفري، وقال: «هذا الحادث يمكن أن يتعرض له أي شخص، ومعظمها حوادث فردية وعادية، ولكن يتم تضخيمها في (الميديا) بسبب الشهرة».

وتابع: «لو نظرنا إلى حوادث الفنانين خلال السنوات العشر الأخيرة سنجد نحو 10 حوادث بارزة، وهو عدد لا يذكر بالنسبة لتعداد الشعب المصري، فالمفروض ألا نبالغ في ردود فعلنا تجاه تعامل الفنانين مع أبنائهم، فمعظم ما يحدث مع أبنائهم حوادث عادية يمكن أن يتعرض لها أي شخص عادي».