اتحادات مستقلة تسعى إلى إيجاد حلول تمويلية لمنسوبي الجامعات الأميركية

كثيرون من الأكاديميين بدوام جزئي أشرفوا على الإفلاس

الاتحاد الدولي لعمال الخدمات قام برعاية ندوة في بوسطن الشهر الماضي لاتحاد يسعى إلى تنظيم مساعدات لمنسوبي الجامعات المحلية (نيويورك تايمز)
الاتحاد الدولي لعمال الخدمات قام برعاية ندوة في بوسطن الشهر الماضي لاتحاد يسعى إلى تنظيم مساعدات لمنسوبي الجامعات المحلية (نيويورك تايمز)
TT

اتحادات مستقلة تسعى إلى إيجاد حلول تمويلية لمنسوبي الجامعات الأميركية

الاتحاد الدولي لعمال الخدمات قام برعاية ندوة في بوسطن الشهر الماضي لاتحاد يسعى إلى تنظيم مساعدات لمنسوبي الجامعات المحلية (نيويورك تايمز)
الاتحاد الدولي لعمال الخدمات قام برعاية ندوة في بوسطن الشهر الماضي لاتحاد يسعى إلى تنظيم مساعدات لمنسوبي الجامعات المحلية (نيويورك تايمز)

كانت جيليان ماسون تحب الأدب بشكل كبير في الكلية، ولذلك قررت الدخول في هذا المجال، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الدراسات الأميركية من جامعة بوسطن. وحصلت ماسون على وظائف تدريس بدوام جزئي في جامعات مختلفة، ولكن بعد مرور 10 سنوات على عملها كأستاذة مساعدة، أدركت ماسون أنها لن تجد وظيفة بعقد دائم على الإطلاق أو حتى الوظيفة التي توفر الأجر الكافي لسداد حاجات الفرد وعائلته.
وتقول ماسون «كنت أقوم بتدريس خمس دورات في ثلاث جامعات مختلفة. وقد بدأت أتعرض للإفلاس بشكل سريع فيما كانت تتزايد قروض الدراسة الخاصة بي». وبناء على ذلك، تركت ماسون مهنة التدريس وأصبحت عضوا في إحدى منظمات التعليم العالي، حيث كانت تشارك في حركة تسعى إلى التعرف على الجامعات الأميركية التي يتحول فيها الأساتذة المساعدون الأعضاء بالكليات - وهي البيئة الأكاديمية التي يحصل العاملون فيها على دخل ضعيف - إلى العمل الجماعي.
ومن بين الأكاديميين العاملين بالكليات تبلغ نسبة العاملين بعقود ثابتة أو الذين في طريقهم إلى التثبيت 25 في المائة فقط من إجمالي تلك القوى العاملة، حيث انخفضت تلك النسبة إلى أكثر من الثلث عما كانت عليه في عام 1995. وتشغل أغلبية العاملين في هذا المجال وظائف مؤقتة مشروطة، حيث لا يعمل أغلبهم كمساعدين بدوام جزئي فحسب، بل كمساعدين للأساتذة الجامعيين ومحاضرين بدوام كامل أيضا. وتسعى النقابة الدولية لخدمة الموظفين Service Employees International Union، بجانب أعضاء في مجالات الرعاية الصحية وتوفير الرعاية والخدمات العامة، جاهدة بشكل سريع إلى إضافة وإدراج مساعدي الأساتذة الجامعيين على قوائمها وتنظيم ذلك الأمر في الكليات الخاصة في العديد من المناطق الحضرية.
وفي واشنطن، شُكلت نقابة تضم الجامعة الأميركية وجامعة جورج تاون وجورج واشنطن وجامعة مونتغمري. وفي منطقة لوس أنجليس، قدم الأساتذة المساعدون في كلية ويتير وجامعة لافيرن طلبهم إلى المجلس الوطني للعلاقات العمالية لإجراء انتخابات النقابة. وفي بوسطن، قام العاملون بدوام جزئي بجامعة تافتس بالتصويت على الانضمام إلى نقابة خدمات الموظفين في شهر سبتمبر (أيلول)، في حين فشل التصويت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) في جامعة بنتلي بسبب الاحتياج إلى صوتين إضافيين. ويجري تنفيذ الحملات في جامعتي نورث إيسترن وليزلي.
وفي سياق متصل، تقول أدريانا كيزار، مديرة مشروع دلفي بجامعة جنوب كاليفورنيا الخاص بتغيير الجامعة وتحقيق النجاح للطلاب، إن «استراتيجية النقابة الدولية لخدمة الموظفين مليئة بالزخم في الوقت الحالي»، مضيفة «إننا نعرف أن تشكيل النقابات يؤدي إلى زيادة المرتبات، أو على الأقل البدء بزيادة الامتيازات والإعانات».
وفي هذا الصدد، كشفت دراسة، نشرها ائتلاف القوى العاملة من الأكاديميين (Coalition on the Academic Workforce) في العام الماضي، أن الأساتذة المساعدين المنضمين إلى النقابة حصلوا على نسبة 25 في المائة في دورة تدريبية أكثر من ذويهم غير المنضمين إلى النقابة. وفي أحدث منتديات نقابة خدمات الموظفين التي انعقدت في بوسطن بشأن عمل الأساتذة المساعدين، تحدث المنظمون كيف أن وجود نقابة على مستوى المدينة قد يساعد في زيادة المرتبات وتحسين ظروف العمل وحل المشاكل المتعلقة بالحصول على مزايا الإعانات الصحية. وبموجب قانون حماية المريض والرعاية ميسورة التكلفة، سيكون أصحاب العمل، الذين لديهم ما يزيد على 50 موظفا، مطالبين بتوفير التأمين الصحي للموظفين الذين يعملون لمدة 30 ساعة، على الأقل، أسبوعيا. ووفقا لبحث مسؤولي الموارد البشرية الصادر مؤخرا عن موقع «إنسايد هاير إيد» (Inside Higher Ed)، أعرب نصف عينة البحث تقريبا أن كلياتهم أو جامعتهم تضع قيودا على ساعات عمل الأساتذة المساعدين، ولذلك فإنهم لن يكونوا مؤهلين بالحصول على المزايا الصحية. وعندما سأل المنظمون بالنقابة هؤلاء الموجودين في منتدى الأساتذة المساعدين بشأن أكثر الأمور التي يودون تغييرها، كان التأمين الصحي هو الأكثر أهمية بجانب الرواتب وظروف العمل.
وفي المقابل، تتصدى بعض الجامعات لجهود تكوين تلك النقابة. فقد وكلت جامعة نورث إيسترن، التي تضم 1400 عضو من أعضاء الكلية العاملين بدوام جزئي وغير المثبتين، شركة «جاكسون لويس»، التي تعتبر واحدة من أكثر شركات المحاماة المناوئة لتشكيل تلك النقابة على مستوى البلاد.
ومن جانبه، رفض جوزيف عون، رئيس جامعة نورث إيسترن إجراء مقابلة معه. وقال عميد الجامعة ستيفن دبليو دايركتور، في خطاب يناقش الحملة التنظيمية للنقابة، إن أعضاء الكلية والإدارة قد شجعوا بشكل كبير للغاية العلاقة التعاونية القائمة على الاحترام والثقة المتبادلة.
وحسبما جاء في الخطاب قال دايركتور «نحن نشجع جميع أعضائنا بالكلية للتعامل مباشرةً مع الجامعة بشأن أي أمور أو مخاوف قد تكون لديهم. إن ما يهمنا هو إدراك مدى التأثير الذي سيقع على مجتمعنا في حال تخليك عن حقوقك لفعل ذلك مع منظمة خارجية، وهو الأمر الذي لا يكون مألوفا بالنسبة لثقافتنا».
وفي السياق نفسه، يقول الأساتذة الجامعيون إنهم يشعرون بقليل من الدعم من جانب الطلبة في معظم الجامعات. وقال دوغلاس كيردورف، الأستاذ المساعد في مادة التاريخ في جامعة بنتلي والذي يقوم بتدريس دورة واحدة في هذا الفصل الدراسي، إنه قد ارتدى شارة الحملة القومية لتحسين التعليم العالي Adjunct Action خلال الحملة التنظيمية أملا في أن يسأله الطلبة عن ذلك، ومن ثم يتسنى له إخبارهم بأنه يحصل على 5000 دولار أميركي مقابل الدورة التدريبية، في حين أن الكثير من الإداريين تقريبا يكسبون أكثر من 250 ألف دولار في العام. وأردف كيردورف قائلا «بيد أن الطلاب كانوا غير فضوليين بشأن هذا الأمر».
وعلاوة على ذلك، تساءل الأساتذة المساعدون بشأن كيفية حشد تأييد أولياء الأمور، الذين قد لا يكونون على دراية بشأن تأثير ظروف عمل الكلية على الأحوال الخاصة بتعلم الطلبة أو المصاريف الدراسية الضخمة التي كانوا يدفعونها للمحاضرين الذين يتنقلون بين العديد من الجامعات ولا يشغلون مناصب، بل وقد يحصل هؤلاء الأساتذة المساعدون على القليل جدا من المال بما يجعلهم مؤهلين للحصول على الأطعمة المدعومة.
وقد فحصت الكثير من الدراسات، باستخدام المناهج المختلفة، تأثير الأساتذة المساعدين على نجاح الطلبة، حيث كانت أكثر التأثيرات التي جرى اكتشافها سلبية. بيد أنه في شهر سبتمبر، أصدر المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية دراسة كشفت أن الطلبة المستجدين بجامعة نورث إيسترن، الذين حصلوا على أولى دوراتهم على يد الأساتذة الأعضاء غير المثبتين بالكلية، قد تعلموا أكثر من نظرائهم الذين حصلوا على الدورات التمهيدية الأساسية على يد أساتذة جامعيين عاملين بعقود دائمة. وبوجه عام، فمع ذلك يعمل الأساتذة المساعدون الأعضاء بهيئة تدريس الكلية في جامعة نورث إيسترن، التي تعد إحدى جامعات النخبة، بدوام كامل مع الحصول على كامل المزايا وعقود لعدة سنوات.
وفي حين أن الدراسة لم تتطرق إلى الأساتذة المساعدين الذين يعملون بدوام كلي حيث تجري إعارتهم ما بين الفصل الدراسي والفصل الدراسي الآخر، قال ديفيد فيجليو، المؤلف البارز، في مقابلة أجريت معه، إن الدراسة قدمت دليلا على أن ما يهم الطلبة هو الحالة التدريسية طوال الوقت وليس التثبيت في المناصب. وأضافت الدراسة أن «زيادة عدد الأساتذة المعينين بدوام كامل في الكليات والجامعات الأميركية قد تشكل مصدرا للإزعاج أقل مما يعتقد البعض».
بيد أن دراسة قومية تمهيدية، قُدمت مؤخرا في مؤتمر للتعليم العالي، كشفت أن النسبة المئوية لأعضاء الجامعات العاملين بدوام جزئي في الكليات الصغيرة ليس لها تأثير على نجاح الطلبة. وأثناء منتدى بوسطن، قال المنظمون من نقابة خدمات الموظفين، الذين يحللون تكاليف المعيشة المحلية ورواتب الأساتذة المساعدين، إنه بينما كان تدريس 12 دورة في العام «حملا ثقيلا بشكل غير عادي»، سيتعين على الأساتذة المساعدين تدريس من 17 إلى 24 دورة سنويا لكي يتمكنوا من سداد قيمة السكن في شقة مكونة من غرفتي نوم واستخدام المنافع، ثم العمل لتدريس دورتين إلى أربع دورات أخرى من أجل تغطية مصاريف البقالة. ومع ذلك يعتبر الادخار من أجل التقاعد والخروج للتنزه وتناول الوجبات أمرا غير ممكن أو مسموح به.
لم يكن الأجر الزهيد للأساتذة المساعدين أمرا مفاجئا بالنسبة لويليام شيمر وباربارا شيمر، اللذين يعملان كأستاذين مسا عدين بجامعة نورث إيسترن. فعلى وجه الإجمال، يقوم ويليام وباربارا بتدريس 11 دورة في هذا الفصل الدراسي، حيث يُدرّس وليام خمس دورات في نورث إيسترن ودورتين في وينتورث، بينما تدرّس باربارا أربع دورات في نورث إيسترن، ويحصل كل واحد منهما على ما يتراوح بين 2100 و6500 دولار أميركي اعتمادا على المكان والعدد.
وقد طُلب من ويليام في مرة من المرات، يوم الجمعة، تدريس دورة جديدة تبدأ يوم الاثنين التالي، حيث أُخبر بأن يأتي مبكرا في ذلك اليوم لأخذ الكتاب المدرسي. وفي إحدى المرات أُلغيت دورة من الدورات التي كانت باربارا تعتمد عليها قبيل بدء المحاضرة الأولى. ومثلما هو الحال بالنسبة لمعظم المحاضرين العاملين بدوام جزئي، لا يحظى الأساتذة المساعدون بتأمين وظيفي أو مزايا الحصول على الإعانات الصحية. بيد أن الأمر الذي دفع ويليام إلى الانضمام لحملة النقابة كان عدم وجود أي مكتب. ويشير ويليام إلى ذلك الأمر قائلا «استخدمنا حقيبة سيارتنا كمكتب، وكنا نهرع إليها في فترة ما بين المحاضرات لوضع مجموعة واحدة من الكتب والمواد والحصول على ما كنا نحتاجه. ثم جرى قطر مكتبنا في إحدى الأيام، ومن ثم قررت حينذاك الانضمام إلى النقابة».
وتقول باربارا إنه على الرغم من أن المنتدى قد جعل مأزق الأساتذة المساعدين يبدو أمرا صعب المراس، فإنه أيضا أعطاها الأمل بأن هناك حركة وطنية لتحسين الموقف قد بدأت تحدث زخما.
وفي سياق متصل، عقد النائب عن ولاية كاليفورنيا جورج ميلر، العضو الديمقراطي البارز في لجنة التعليم والقوى العاملة بمجلس النواب، منتدى إلكترونيا للأساتذة المساعدين الشهر الماضي من أجل مشاركة الأخبار الخاصة بظروف عملهم. ومن الجدير بالذكر، أن الأضواء قد سُلطت على مشاكل الأساتذة المساعدين في شهر سبتمبر في أحد مقالات الرأي الذي نُشر في صحيفة «بوست غازيت» في بيتسبرغ من قبل أحد المحامين باتحاد عمال الصلب (United Steelworkers) الذي وصف وفاة مارغريت ماري فوغتكو، الأستاذة المساعدة بجامعة دوكين (Duquesne University) والبالغة من العمر 83 عاما، حيث كان عمال الصلب يقومون بالتنظيم.
لم تحصل فوغتكو، التي كانت تقوم بتدريس اللغة الفرنسية في جامعة دوكين لمدة 25 عاما، على ما يزيد على 25 ألف دولار أميركي، حتى عندما كانت تقوم بتدريس ثماني دورات في العام، وهو مقدار العمل الذي تضاءل تدريجيا ليصل إلى تدريس دورة واحدة في الفصل الدراسي. وقد جرى فصل فوغتكو، التي أصيبت بالسرطان، في الربيع الماضي، مع عدم الحصول على معاش أو تعويض مقابل إنهاء الخدمة، ثم تُوفيت بعد ذلك في شهر أغسطس (آب). وقال المحامي إن فوغتكو قد تلقت خطابا من خدمات حماية البالغين يفيد بأنها كان يُشار إليها على أنها شخص يحتاج إلى المساعدة والرعاية. وعندما طُلب من المحامي توضيح ذلك الأمر، قال إن الإخصائي الاجتماعي تفاجأ بهذا الأمر متسائلا «هل كانت أستاذة جامعية؟».
وقد باتت هذه القصة هي نقطة التألب للأساتذة المساعدين على مستوى البلاد. وتقول ماريا ميستو، رئيسة المنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الأساتذة المساعدين (New Faculty Majority) «كان ذلك الأمر مهما للكثير من الناس، حيث إنه يعتبر رمزا يجسد كيف يمكنهم إنهاء هذا الأمر بأنفسهم».
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.