الجزائر تبدي قلقها من الهجرة السرية وترفض إقامة مراكز للإيواء

TT

الجزائر تبدي قلقها من الهجرة السرية وترفض إقامة مراكز للإيواء

قال وزير الداخلية الجزائري نور الدين بدوي، إن ظaxاهرة الهجرة السرية «باتت مقلقة بالنسبة إلينا»، وشدد بأن بلاده «لا يمكن أن تقبل بإقامة مراكز لإيواء المهاجرين فوق أرضها»، في إشارة ضمنا، إلى طلب أوروبي لحكومات دول المغرب العربي، يتعلق بالعمل على الحؤول دون تدفق موجات المهاجرين من جنوب الصحراء، إلى الضفة الشمالية من حوض المتوسط.
وذكر بدوي أمس بالعاصمة، في بداية اجتماع مع وزير داخلية النيجر محمد بازوم، الذي يزور الجزائر، أن حكومة بلاده «تتصدى للهجرة السرية لتفادي المخاطر التي تنجر عنها، وهي اليوم تواجه حملة انتقادات تتضمن كثيرا من التحامل عليها، وهي مبنية على أسس غير صحيحة». في إشارة إلى انتقادات صدرت عن «مجلس حقوق الإنسان» التابع للأمم المتحدة، وتنظيمات حقوقية دولية نافذة، تحدثت في تقارير بأن الجزائر «تهين كرامة المهاجرين» بسبب حملات ترحيل جماعي للمهاجرين السريين. كما قالت الجهات الحقوقية إنه «يجري خرق التعهدات الدولية» الواردة في اتفاقات تمت المصادقة عليها، وتمنع ترحيل المهاجرين العمال وطالبي اللجوء.
وبحسب بدوي: «طالما وقفت الجزائر بجنب المهاجرين المتحدرين من بلدان أفريقيا، ولم تتأخر أبدا عن تقديم يد العون لهم». وفي سياق الرد على الانتقادات، دعت وزارة الداخلية، الأسبوع الماضي، وسائل إعلام أجنبية لمرافقة «الهلال الأحمر» في رحلة نقل مئات المهاجرين إلى الحدود مع النيجر، وذلك لـ«إظهار الوجه الإنساني» في طريقة التعامل معهم.
وأضاف بدوي بأن «العلاقات الأخوية بين الجزائر والنيجر، واجهت الكثير من الحاسدين الرامين إلى التشكيك في صدقها، وباءت محاولاتهم دائما بالفشل لأن علاقاتنا الضاربة في التاريخ قوية وستبقى الجزائر دائما متضامنة ومتآزرة مع إخواننا النيجريين»، وكان الوزير يشير ضمنا إلى تصريحات للوزير بازوم، قبل شهرين، عبر فيها عن تذمره من وصول رعايا أفارقة من غير النيجر، إلى حدود بلده، بعدما «تخلى عنهم الهلال الأحمر الجزائري في الصحراء». وصرح بازوم في فبراير (شباط) الماضي، أن النيجر «ليست أرض استقبال للمهاجرين من غرب أفريقيا بأسرها».
وقالت مصادر حكومية جزائرية لـ«الشرق الأوسط»، إن وزير الداخلية النيجري، بحث بالجزائر، إلى جانب الهجرة غير الشرعية وتحسين ظروف ترحيل رعايا بلده، محاربة الإرهاب والتطرف الديني وتجارة السلاح بالحدود بين دول الساحل الأفريقي. وأوضحت نفس المصادر أن نحو ألفي مهاجر غير شرعي تم ترحيلهم من الجزائر منذ بداية العام.
وأفادت المنظمة غير الحكومية «هيومن رايتس ووتش»، في تقرير نشرته في 28 من الشهر الماضي، بأنها «أجرت في أبريل (نيسان) ومايو (أيار) مقابلات مع 30 مهاجرا من جنوب الصحراء من جنسيات مختلفة قالوا إن السلطات الجزائرية داهمت مناطق يُعرف أن المهاجرين يعيشون فيها، أو اعتقلتهم في الشوارع أو في مواقع البناء، وطردتهم جماعيا عبر الحدود مع النيجر أو مالي، في معظم الحالات من دون طعام ومع قليل من الماء. وقالوا إنهم أجبروا على السير عشرات الكيلومترات في الصحراء، في درجات حرارة عالية، قبل الوصول إلى البلدات التي وجدوا فيها مساعدة أو وسائل نقل خاصة».
وجاء في التقرير، أن «بعض الذين لديهم تأشيرة صالحة أو شهادة من المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (مفوضية اللاجئين) مفادها أن الأخيرة تراجع طلباتهم للحصول على وضع اللاجئ، حاولوا بلا جدوى إقناع قوات الأمن أنهم كانوا في الجزائر بشكل قانوني». وذكرت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنفس المنظمة الحقوقية: «للجزائر الحق في السيطرة على حدودها، لكن هذا لا يعني أنه يمكنها إيقاف الناس على أساس لون بشرتهم ورميهم في الصحراء، دون مراعاة وضعهم القانوني ومن دون أي إجراءات قانونية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.