فن تحويل الكذب إلى حقيقة والقبح إلى جمال

فن تحويل الكذب إلى حقيقة والقبح إلى جمال
TT

فن تحويل الكذب إلى حقيقة والقبح إلى جمال

فن تحويل الكذب إلى حقيقة والقبح إلى جمال

كان الحالم الكبير، الشاعر الإنجليزي جون كيتس قد قال عام 1820في قصيدته الشهيرة «أنشودة عن إناء إغريقي»، شاهده في المتحف البريطاني:
الجمال هو الحقيقة، والحقيقة هي الجمال
هذا كل ما تعرفه على الأرض
وكل ما تحتاج أن تعرفه.
مضى قرنان على كتابة هذه القصيدة. وما زلنا لا نعرف ما هو الجمال وما هي الحقيقة، اللذان يناضل ويحلم بهما الإنسان منذ طفولة البشرية، هناك في الإغريق.
نرانا نبتعد كثيرا يوماً بعد يوم عن هذين الجوهرين، اللذين من دونهما نحن كومة عظام ليس إلا، وهياكل فارغة تمشي على قدمين لا تعرفان إلى أين هما ماضيتان.
يمكن أن نطلق على عصرنا الحالي كل الصفات: عصر الإنجازات التكنولوجية والعلمية الكبرى، عصر الإنترنت، عصر «الموبايل»... كما تشاءون. ولكننا لا نجرؤ على الإطلاق، حتى لو شطح الخيال بنا بعيداً، أن نسميه عصر الحقيقة التي هي الجمال، أو عصر الجمال الذي هو الحقيقة. لا، لم نعرف ذلك على هذه الأرض. ليس الآن، وليس بعد حين. وقبل ذلك، كم ملأنا بالبثور وجهي الحقيقة والجمال!
في النصف الأول من القرن العشرين، عرفنا أبشع حربين باسم «الحقيقة»، وأرادت الفاشية والنازية بخطابيهما الشعبويين أن تدمرا العالم باسم الحقيقة، وحكم طغاتنا منذ خمسينات القرن الماضي باسمها الجليل أيضاً.
لبس الكذب قبعة الحقيقة، والقبح قميص الجمال. وهذا ما تفعله بالضبط الشعبوية التي تجتاح العالم الآن، من بريطانيا البريكست، وإيطاليا، حيث ولدت الفاشية، وأميركا، التي انتعشت فيها المكارثية خمسينات القرن الماضي. إنها تعيد إنتاج مساحيق هذه الحقب المظلمة وديكوراتها، وخطابها وبلاغتها الفارغة.
تحاول الشعبوية دائماً، وهذا سلاحها الوحيد الذي لا تملك غيره بسبب خوائها، أن تحول الكذب إلى حقيقة، والقبح إلى جمال وهي تنجح في ذلك غالباً للأسف. «اكذب، اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس»، شعار النازية الإعلامي المعروف، يعاد إنتاجه بقوة، وعلى مستوى العالم هذه المرة، وفرسانها يعرفون جيداً أن الناس البسطاء يصدقون.
في كتابها «أصول التوتوليتارية»، المترجم إلى العربية، تحلل حنة أرندت، التي كانت من أوائل المفكرين الذين شخصوا ظاهرة الشعبوية تحليلا رائعاً: أنَّ الدعاية التي تمارسها هذه الأنظمة - الشمولية - بصورة دائمة، دعاية صريحة بقدر ما هي مخادعة. فهي تمارس الخداع، بصراحة ووضوح، ليس بإخفاء الوقائع الحقيقية فحسب، وإنما بتزييفها لما هو واضح، وبترهيب الناس، لتقبُّل ذاك التزييف. ومن ثمَّ، فهي تعطل القدرة على الحكم الصحيح، وأن السبل والطرق البعيدة عن الأخلاق تلك التي تتخذها الحركة الشمولية للوصول إلى السلطة، لها مفعول السحر على الدهماء والعامة، لأنها تُثير إعجابهم وافتتانهم.
وهكذا تختلط الأمور كما لم تفعل من قبل. تنمحي الخطوط الفاصلة، التي كانت قائمة، حتى تسعينات القرن الماضي في الأقل، بين الكذب والصدق، والخير والشر، والأسود والأبيض، والقاتل والقتيل، والجلاد والضحية.
نعم، البشر لا يريدون سوى الحقيقة والجمال، وهما كل ما يحتاجون له، كما يقول كيتس عن حق.
ولكن يبدو أن العالم كلما تقدم تعفر جبين الحقيقة فيه بالكذب، وانسحب الجمال ليحتل القبح مساحته الصغيرة المسالمة.



وزير الثقافة السعودي يلتقي مبتعثي «صناعة المانجا» في اليابان

وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
TT

وزير الثقافة السعودي يلتقي مبتعثي «صناعة المانجا» في اليابان

وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)
وزير الثقافة السعودي مع عدد من الطلاب المبتعثين وقيادات هيئة الأدب والنشر والترجمة وشركة «مانجا للإنتاج» (واس)

حث الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الأدب والنشر والترجمة، السبت، الطلاب المبتعثين في برنامج أسس صناعة القصص المصورة «المانجا» في اليابان، على أهمية التأهيل العلمي والأكاديمي في التخصصات الثقافية للإسهام بعد تخرجهم في رحلة تطوير المنظومة الثقافية في بلادهم.

وأكد الأمير بدر بن عبد الله، خلال لقائه عدداً من الطلاب المبتعثين في مقر إقامته في طوكيو، دعم القيادة السعودية لكل ما من شأنه تنمية القدرات البشرية في المجالات كافة.

ويُقام البرنامج التدريبي بالتعاون بين هيئة الأدب والنشر والترجمة، وشركة «مانجا للإنتاج»، التابعة لمؤسسة محمد بن سلمان «مسك»، الذي يستهدف موهوبي فن المانجا ضمن برنامج تدريبي احترافي باستخدام التقنيات اليابانية؛ منبع هذا الفن.

حضر اللقاء الدكتور محمد علوان الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، والدكتور عصام بخاري الرئيس التنفيذي لشركة «مانجا للإنتاج»، وعددٌ من الطلاب والطالبات المبتعثين لدراسة فن المانجا في أكاديمية كادوكاوا، إحدى أكبر الأكاديميات في اليابان، التي تهتم بتدريب واستقطاب الخبرات والمهتمين بصناعة القصص المصورة.

يشار إلى أن البرنامج التدريبي يتضمن 3 مراحل رئيسية، بدءاً من ورش العمل الافتراضية التي تقدم نظرةً عامة حول مراحل صناعة القصص المصورة، تليها مرحلة البرنامج التدريبي المكثّف، ومن ثم ابتعاث المتدربين إلى اليابان للالتحاق بأكاديمية كادوكاوا الرائدة في مجال صناعة المانجا عالمياً.

كما تم ضمن البرنامج إطلاق عدد من المسابقات المتعلقة بفن المانجا، وهي مسابقة «منجنها» لتحويل الأمثلة العربية إلى مانجا، ومسابقة «مانجا القصيد» لتحويل القصائد العربية إلى مانجا، ومؤخراً بالتزامن مع عام الإبل 2024 أُطلقت مسابقة «مانجا الإبل» للتعبير عن أصالة ورمزية الإبل في الثقافة السعودية بفن المانجا.

وتجاوز عدد المستفيدين من البرنامج 1850 متدرباً ومتدربة في الورش الافتراضية، وتأهل منهم 115 للبرنامج التدريبي المكثّف، أنتجوا 115 قصة مصورة، وابتُعث 21 متدرباً ومتدربة إلى اليابان؛ لصقل مواهبهم على أيدي خُبراء في هذا الفن، إضافة إلى استقبال 133 مشاركة في مسابقة «منجنها»، وما يزيد على 70 مشاركة في مسابقة «مانجا القصيد»، وأكثر من 50 مشاركة في «مانجا الإبل».

يذكر أن هيئة الأدب والنشر والترجمة تقدم برنامج أسس صناعة القصص المصورة «المانجا» بالتعاون مع شركة «مانجا للإنتاج»، بهدف تأسيس جيل مهتم بمجال صناعة المانجا، وصقل مهارات الموهوبين، ودعم بيئة المحتوى الإبداعي في المملكة.