جدد تصريح رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل بشأن عودة الحياة السياسية بين لبنان وسوريا، الجدل اللبناني حول المحاذير من التواصل مع النظام السوري، وهو نقاش لا يحظى بإجماع اللبنانيين، رغم أن تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه باسيل ينظر إليه بوصفه مصلحة لبنانية على ضوء المساعي لإعادة النازحين وتفعيل خط التصدير البري للمنتجات اللبنانية عبر الأراضي السورية إلى العالم العربي، فيما ينظر إليه معارضو العلاقة مع النظام على أنه «مطلب شخصي» ويؤكدون أن القرار للحكومة.
وقال باسيل في تصريحه إن «الحكومة ستشكل بمعالم معروفة لن يتغير منها أي شيء وسوف تحترم إرادة الناس التي عبروا عنها في الانتخابات التي انتظروها 9 سنوات، وستكون هناك حكومة تكريس الثقة». وأوضح باسيل أن «كل الطرقات بين لبنان وسوريا، سوريا والعراق، سوريا والأردن، ستفتح وسيعود لبنان إلى التنفس من خلال هذه الشرايين البرية، كما ستعود الحياة السياسية بين سوريا ولبنان».
ويعارض فرقاء لبنانيون، في مقدمتهم «تيار المستقبل» وحزب «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» ترميم العلاقة مع دمشق، ويعتبرونها «تطبيعاً للعلاقات مع النظام السوري». وانقسمت الحكومة اللبنانية التي تحولت إلى حكومة تصريف أعمال، في أغسطس (آب) الماضي، حول العلاقة مع دمشق، وزيارة الوزراء اللبنانيين إلى العاصمة السورية تلبية لدعوة سورية للمشاركة في افتتاح «معرض دمشق الدولي»، لكنها تجنبت النقاش حين اعتبرت أن «زيارة الوزراء شخصية»، من غير أن تتبنى زيارتهم.
وقال وزير الدولة لشؤون النازحين معين المرعبي لـ«الشرق الأوسط»، إن العلاقات مع النظام السوري «موضوع منوط بمجلس الوزراء مجتمعاً»، مشدداً على أن «الحكومة الجديدة هي التي تتخذ القرار بذلك، وليس الوزير باسيل»، لافتاً إلى أنه «من المعروف أن الحريري كان يقف في وجه كل الضغوط التي تحاول فتح علاقات طبيعية مع النظام السوري بالنسبة للنازحين وغير النازحين، ورأيه بات معروفاً من زيارة بعض الوزراء الذين لم تكلفهم الحكومة اللبنانية بزيارة دمشق وذهبوا إليها بصفة شخصية».
وإذ ذكّر المرعبي بأن الحكومة الحالية في تصريف الأعمال هي حكومة ائتلافية، شدد على أن الحريري «يرفض رفضاً قاطعاً فتح أي قناة للتواصل مع النظام السوري تتخطى الحدّ الأدنى اللازم المرتبط بتنسيق أمني أو تواصل بشأن ضبط الحدود وأمور مشتركة أخرى يتولاها مستوى معين من الموظفين ولا يتم على مستوى الوزراء أو الحكومتين». وقال: «أصلاً النظام السوري لا يعترف بالنظام اللبناني وبالحدود وبالبلدين»، لافتاً إلى أن «رفضه ترسيم الحدود هو ما سهل دخول حزب الله وخروجه بسهولة مطلقة إلى سوريا بآلياته وميليشياته، كما أدى إلى زيارة أعضاء في الحشد الشعبي المجرم إلى الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين».
ورأى المرعبي أن باسيل «يحاول فتح اعتمادات لدى الجانب السوري مثل ما هو ظاهر بالأمور التي تتعلق بعملية إعادة إعمار سوريا»، مضيفاً: «لكنني لا أعتقد أن هذا الاعتبار أهم من ضبط البلد والحدود ومنع التدخلات الخارجية أو من الداخل اللبناني بدولة أخرى»، واصفاً إياها بأنها «أولويات متعلقة بمصالح شخصية ولا مصلحة وطنية فيها في ظل العزلة الدولية للنظام السوري»، وأضاف: «لا أعتقد أن المجتمع الدولي بصدد فتح علاقات مع دمشق، ولن يرحب بإراحة النظام من الضغوط، ما يعني أن مطلب باسيل هو تماهٍ مع الحلف بين إيران والنظام السوري والفريق الذي يمثلهم في لبنان».
وأكد المرعبي أن موقفه الشخصي يؤكد أنه «من المعيب أن تقام علاقات دبلوماسية طبيعية بين الدولة اللبنانية ومجرم دمر بلده وشعبه واستخدم الأسلحة المحرمة تجاه المدنيين العزل»، و«لا يشرف اللبنانيين والدولة علاقات على هذا المستوى».
من جهته، رأى عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب أكرم شهيب، أن تصريحات باسيل تعبر عن «رغبات شخصية ولا تلزم أحداً في لبنان»، معتبراً أن هذا الموقف غير مستغرب من قبل باسيل، لكنه موقف يمس شريحة واسعة من اللبنانيين الذين لم ينسوا ما فعله هذا النظام الذي أمعن في قتل أبناء شعبه، كما لم يرحم لبنان ماضياً، ولن يرحمه مستقبلاً إذا أتيحت له الفرصة مجدداً.
وأكد شهيب في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان جزء من المنظومة العربية، وموقفه من العلاقات مع سوريا يمر أولاً عبر توافق داخلي على طاولة مجلس الوزراء الذي ينبع منه القرار اللبناني، لا من الأحلام والمصالح الشخصية، ومن جهة أخرى لا بد لأي موقف أن ينسجم مع قرارات الجامعة العربية التي اتخذت موقفاً بمقاطعة هذا النظام. وأردف شهيب: «أما إذا كان معاليه (باسيل) مستعجلاً على إعادة العلاقات، فعليه ربما أن يحاور وزارة الخارجية الروسية، إن لم نقل وزارات دول أخرى».
باسيل يعد بعودة الحياة السياسية بين بيروت ودمشق
معارضوه اعتبروا كلامه «مطلباً شخصياً» وأكدوا أن القرار في يد الحكومة
باسيل يعد بعودة الحياة السياسية بين بيروت ودمشق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة