التعريف العربي للشخص النباتي هو من لا يأكل اللحوم ويكتفي بالمنتجات النباتية. ولكن التعريف الغربي يصنف النباتيين إلى نوعين هما النباتي (Vegetarian) والنباتي الملتزم أو المتطرف (Vegan). وهناك فارق كبير بين الفئتين.
ويمتنع النباتي العادي عن أكل اللحوم بأنواعها ويقتصر طعامه على النباتات والحبوب إلا أنه لا يمانع في أكل منتجات حيوانية مثل البيض والحليب والزبد والجبن بأنواعه. ولكن النباتي الملتزم يمتنع عن اللحوم والمنتجات الحيوانية والسمكية بكافة أشكالها. ويذهب بعض الملتزمين بعدم تناول عسل النحل كمنتج حيواني كما لا يرتدون أي ملابس جلدية أو من فراء الحيوانات ولا يستخدمون منتجات تمت تجربتها على حيوانات.
الرأي الطبي يشير إلى فوائد صحية مصاحبة لأسلوب الحياة النباتية، وإن كان النباتي المتطرف يحتاج إلى فيتامينات مساعدة لا يحتويها طعامه. ويعتبر النباتيون أن أسلوب حياتهم أفضل للبيئة وأقل قسوة للحيوانات ويوفر لهم الفيتامينات والمعادن التي يحتاجها الجسم. كما أن بعض الأبحاث المستمرة منذ عام 1965 تقدر أن أسلوب الحياة النباتية يضيف إلى عمر الرجل تسع سنوات وإلى عمر المرأة ست سنوات.
وبعد زيادة الوعي بفوائد أسلوب الحياة النباتية، تحول كثيرون إلى اعتماده، ولو جزئيا كأسلوب لحياتهم اليومية. وأعلنت شركة غذائية كبرى اسمها «جاست إيت» أن التوجه النباتي يعتبر من التوجهات الاستهلاكية الرئيسية في أسواق عام 2018. لأن الكثيرين يعتبرون الالتزام النباتي خيارا أخلاقيا وصحيا. ويعتمد النباتيون عموما على الخضراوات والحبوب والفواكه في وجباتهم اليومية.
ورغم الاعتقاد العام بأن النباتيين يعيشون حياة صحية وطويلة إلا أن الغذاء النباتي الملتزم وحده ينتج عنه نقص فيتامين بـ12 الذي يوجد في اللحوم والمنتجات الحيوانية ويمكن أن يتسبب في أمراض القلب مع نقصه في الجسم. وهو أيضا فيتامين مهم في عملية الاختزال الغذائي وتكوين خلايا الدم الحمراء والكروموسومات ولذلك هم مهم في حالات الحمل. وينتج عن نقص هذا الفيتامين الأنيميا والكآبة والتعب المزمن.
ويستشير النباتيون الأطباء لإضافة فيتامين بـ12 إلى حميتهم الغذائية وفقا لما يمتنعون عن تناوله. وبعض النباتيين يتناول البيض ولكن ليس منتجات الألبان والبعض يتناول منتجات الألبان ويمتنع عن البيض.
ورغم ما يتمتع به الطعام النباتي من سمعة صحية جيدة إلا أن دراسة من مؤسسة «بلس وان» في النمسا شملت 1320 شخصا من النباتيين وآكلي اللحوم على السواء اكتشفت أن النباتيين هم أقل صحة وأكثر تعرضا للسرطان والحساسية والأمراض العصبية.
وتأتي هذه النتائج عكس المتوقع والمتعارف عليه من دراسات سابقة أشارت إلى أن الحمية النباتية تساهم في تقليل الوزن وصحة القلب وانخفاض ضغط الدم ومرض السكري من النوع الثاني.
وقد تكون هناك عوامل أخرى بالإضافة إلى الحمية النباتية أشارت إلى ضعف صحة العينة النباتية التي خضعت للدراسة النمساوية. فالدراسة لم تذكر التاريخ الصحي للعينة وقد يكون بعضهم قد انتقل إلى الحمية النباتية بعد متاعب صحية سابقة. ولم تذكر الدراسة أيضا تفاصيل عن الحمية النباتية التي قد تكون مجرد تناول أطعمة غير صحية مع استبعاد اللحوم منها.
ويقول الخبير جيمي ماس الذي يدير شركة غذائية تحمل اسمه بأن التحول إلى الحمية النباتية لا يضمن الصحة. ولكن المهم هو كيفية إدارة أسلوب الحياة النباتي. فالنباتي الذي يعتمد في غذائه على الخضراوات والفواكه والحبوب سوف تكون صحته مختلفة عن النباتي الذي يعتمد على النشويات والكعك والبسكويت.
وبوجه عام يجب على النباتيين مراقبة ما يتناولونه وأن يدعموا حميتهم بالحديد والفيتامينات التي لا يوفرها الطعام النباتي لهم. ولكن النشرة الطبية البريطانية تذكر في أحد أبحاثها هذا العام أن تناول سبع قطع من الفواكه والخضراوات يوميا يمنع الوفاة بأي مرض بنسبة 42 في المائة.
ويمكن لأسلوب الحياة النباتي بنوعيه أن تكون له فوائد صحية جمة، إذا ما اعتمد على الحبوب الطبيعية العضوية، أهمها المحافظة على صحة القلب. ويتجنب النباتيون أخطارا مصاحبة لتناول اللحوم الحمراء والسكر والوجبات السريعة.
وفي فيلم عرض منذ عدة سنوات اسمه «مترهل ومريض وشبه ميت» عرضت قصة شخص مريض ويتعاطى الكثير من الأدوية ووزنه يفوق المعدل الطبيعي. ولكنه يقرر أن يتحول إلى حمية نباتية تعتمد على عصير الفواكه والخضراوات. وفي غضون 60 يوما فقط فقد 40 كيلوغراما من وزنه الزائد واستعاد نشاطه واستغنى تماما عن الأدوية. وانتقل الشخص من المرض إلى الصحة بفضل تغيير أسلوب حياته وطعامه.
حمية البحر المتوسط
ويستقر الرأي الصحي على أن حمية البحر المتوسط هي أسلوب الحياة الصحي المفضل في العالم وهي حمية تحتوي على الخضراوات والفاكهة الطازجة والحبوب والمكسرات والأسماك ومنتجات الألبان. كما تعتمد على زيت الزيتون بدلا من الدهون. وقد تصلح هذه الحمية للنباتيين أيضا.
ويمكن عن طريق التحول إلى حمية البحر المتوسط تجنب الكثير من أمراض العصر المستعصية مثل مرض السكري الذي يعاني منه في العالم نحو 422 مليون نسمة وفقا لمنظمة الصحة العالمية. وينتج المرض، في نوعه الثاني، من السمنة والتقدم في العمر والكآبة ويعكس نقص إفراز البنكرياس للأنسولين لحرق السكر في الدم.
وتنصح منظمة الصحة العالمية باتباع نظم طعام صحية وتذكر منها حمية البحر المتوسط وأيضا نظام الطعام الياباني وبعض أنظمة الغذاء الأخرى من أنحاء العالم. وهي تذكر أن من فوائد نظام البحر المتوسط الغذائي تأجيل الإصابة بمرض الزهايمر كما أنه يحافظ على صحة القلب ويطيل العمر. ويساهم زيت الزيتون في خفض معدلات الكولسترول في الجسم وعلى صحة الشرايين.
الحمية اليابانية
يتمتع اليابانيون بأطول متوسط عمر في العالم، وأشارت دراسات غذائية أن هذا يرجع إلى حمية غذائية يابانية تعتمد على الأسماك والخضراوات والفواكه. وأصدرت الحكومة اليابانية في عام 2005 توصياتها الغذائية بتجنب تناول الدهون المشبعة والأكلات السريعة عالية السعرات. وأثبتت دراسة عن شريحة اتبعت النصائح الغذائية المقترحة من الحكومة اليابانية أن متوسط حياتهم زاد بنسبة 15 في المائة كما انخفضت نسب الإصابة بينهم بأمراض الشرايين. ويعتمد اليابانيون على الأرز كمصدر للنشويات كما يتناولون الماء والشاي بدلا من المشروبات الغازية المصنعة.
شمال أوروبا
تعتمد حمية الدول الاسكندنافية في شمال أوروبا على الأسماك الزيتية والفواكه والخضر وخبز الشيلم (Rye) ويضاف إلى ذلك منتجات الألبان والجبن. وتشير دراسات عن هذا النظام الغذائي بأنه يشبه في فوائده نظام البحر المتوسط ويحافظ على سلامة الجهاز الهضمي والأمعاء ويخفض مخاطر الإصابة بسرطان الأمعاء.
وتحتوي الحمية الاسكندنافية أيضا على مواد مضادة للأكسدة وعلى الألياف ولا يحتوي على السكر ولا على اللحوم المصنعة. ولا يبالغ الاسكندنافيون في كميات الطعام التي يتناولونها حيث تقل الوجبة العادية في وزنها بنسبة الثلث عن الوجبة الأميركية.
ويمكن القول بأن أسلوب الحياة النباتية بنوعيه يوفر بديلا صحيا لحمية العصر الحديث التي تعتمد على مأكولات مصنعة ووجبات سريعة ومشروبات غازية عالية السعرات ولها أضرارها الصحية المعروفة. ولكن التطرف النباتي قد تكون له أضراره أيضا لأن الأغذية المحدودة التي يعتمد عليها تحرم الجسم من بعض العناصر الضرورية والفيتامينات التي يحتاجها الجسم.