إيطاليا تعتزم تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا... وتمنح «هبة مالية» لدعم المصالحة

مصادر في القوات الخاصة تنفي وجود تمرد داخل وحدات «الصاعقة»

صورة ارشيفية تعود لشهر مايو الماضي للفرقاء السياسيين في ليبيا مع الرئيس الفرنسي في باريس (رويترز)
صورة ارشيفية تعود لشهر مايو الماضي للفرقاء السياسيين في ليبيا مع الرئيس الفرنسي في باريس (رويترز)
TT

إيطاليا تعتزم تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا... وتمنح «هبة مالية» لدعم المصالحة

صورة ارشيفية تعود لشهر مايو الماضي للفرقاء السياسيين في ليبيا مع الرئيس الفرنسي في باريس (رويترز)
صورة ارشيفية تعود لشهر مايو الماضي للفرقاء السياسيين في ليبيا مع الرئيس الفرنسي في باريس (رويترز)

بينما أعلنت إيطاليا على لسان رئيس حكومتها جوزيبي كونتي اعتزامها تنظيم مؤتمر دولي حول ليبيا خلال الخريف المقبل، بدا أن المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني، يسعى لاحتواء الأزمة الأمنية التي تسبب فيها محمود الورفلي، الضابط بالقوات الخاصة التابعة للجيش، إثر هروبه من محبسه، خوفا من احتمال تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية.
وأشار كونتي في مؤتمر صحافي بالعاصمة البلجيكية بروكسل في ختام قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مساء أول من أمس، إلى أن المؤتمر الدولي، الذي سيلي المؤتمر المماثل الذي استضافته العاصمة الفرنسية باريس نهاية مايو (أيار) الماضي، سيشهد حضورا أميركيا، بالإضافة إلى كل الدول المعنية بالأزمة الليبية والفرقاء الليبيين.
وقال كونتي لوكالة «أكي» الإيطالية للأنباء إن «الاستقرار في ليبيا مسألة لا يمكن أن تهم إيطاليا ولا فرنسا حصرا»، معتبرا أن «هناك الكثير الذي يتعين القيام به، مع احترام حقوق بلد لا ينبغي أن يستمر في معاناة الضغوط من أطراف دولية أخرى».
وأضاف كونتي موضحا «ليبيا دولة يجب مرافقتها على المسار، الذي يقود إلى الديمقراطية»، قبل أن يحذر في المقابل من «أننا إذا أسرعنا في الخطى أكثر من اللازم فإننا سنخاطر بتنافر الغايات، وهذا هو خطر الفوضى الشاملة».
وتعهدت إيطاليا أمس خلال اتفاق أبرمه سفيرها لدى ليبيا جوزيبي بيروني، مع سلطان هاجييف، مدير مكتب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في ليبيا، بتقديم 500 ألف يورو كدعم لجهود المصالحة الوطنية، التي تبذلها الأمم المتحدة في ليبيا. وقال بيان عن البرنامج الأممي إن اتفاقية التمويل تأتي كجزء من مشروع «نحو المصالحة الوطنية في ليبيا»، مشيرا إلى أن الدعم الإيطالي يستهدف تعزيز دور الوسطاء المحليين والمجتمع المدني، والشباب والنساء في جهود المصالحة.
واعتبر بيروني أن «التعامل مع مظالم المجتمعات عبر الحوار هو الفرضية اللازمة لعملية سياسية شاملة، تؤدي إلى الاستقرار والازدهار في ليبيا».
ونقل البيان عن هاجييف قوله إن «عملية المصالحة ليست سهلة أبداً، لكنها حيوية للسلام والاستقرار، ونحن نأمل أن تسهم هذه المساهمة القيمة من نظرائنا الإيطاليين في تعزيز عمليات الوساطة، والتأثير إيجابا في المصالحة المحلية».
إلى ذلك، نفت مصادر في القوات الخاصة (الصاعقة)، التابعة للجيش الوطني، وجود تمرد داخل وحدات الصاعقة، وذلك على خلفية إصدار المشير حفتر أمرا باعتقال الورفلي، الذي تطالب المحكمة الجنائية الدولية بتسليمه بتهمة ارتكاب جرائم حرب، وإعدام متشددين في مدينة بنغازي بشرق البلاد.
وقالت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، إن وساطات محلية رفضت الكشف عن أطرافها، تحاول إقناع الورفلي بتسليم نفسه طواعية إلى الجيش، وتفادي حدوث اقتتال في محاولة اعتقاله من جديد. ونقل مسؤول عسكري عن اللواء ونيس بوخمادة، قائد القوات الخاصة، قوله إن الأزمة في طريقها للحل. لكن من دون أن يفصح عن المزيد.
واختفى الورفلي عن الأنظار منذ أن كشف الجيش الوطني في بيان مقتضب عن فراره من سجنه العسكري. ولأثر ذلك أصدر حفتر أمرا باعتقال الورفلي، وكل من ارتكب فعلا خالف القانون المدني والعسكري، أو هدد أمن الوطن والمواطن ومؤسسات الدولة، وإيداعهم السجن العسكري تمهيدا لمحاكمتهم.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت للمرة الثانية أمر اعتقال جديدا بحق الورفلي، المتهم بارتكاب «جرائم حرب»، استكمالاً لأمر اعتقال أصدرته المحكمة للمرة الأولى عام 2017. حيث تتهمه بـ«القتل العمد وإصدار أوامر بارتكابه» في سياق سبعة حوادث شملت 33 شخصاً ووقعت في الفترة الممتدة ما بين يونيو (حزيران) 2016 ويوليو (تموز) من العام الماضي في بنغازي، وفي مناطق محيطة بها.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».