الجزائر: أنباء عن «تنحية» أويحيى في تعديل جزئي للحكومة

TT

الجزائر: أنباء عن «تنحية» أويحيى في تعديل جزئي للحكومة

يهيمن على الأوساط السياسية والإعلامية في الجزائر، منذ يومين، حديث مكثف عن «تعديل حكومي وشيك»، يتمثل في تنحية رئيس الوزراء أحمد أويحيى، وتعويضه بوزير الداخلية نور الدين بدوي، الذي صعد نجمه في الأشهر الماضية، قياساً إلى تواجده باستمرار في واجهة الأحداث، وبخاصة في قضية ترحيل المهاجرين السريين، والحملة الدولية التي تتعرض لها الجزائر بسبب ذلك، وتفاعله القوي مع عمليات إرهابية ضربت الجارة تونس، بالقرب من الحدود بين البلدين.
وجرت العادة أن تسبق منصات التواصل الاجتماعي السلطات بنشر الأخبار المهمة، المرتبطة في الغالب بتنحية وزراء وولاة ومسؤولون في الجيش والأجهزة الأمنية، وهو ما تم مع قضية إقالة مدير المخابرات الجنرال محمد مدين عام 2015؛ إذ تداول ناشطون بالإنترنت ومدونون بقوة خبر إحالته على التقاعد، أسابيع قبل أن ترسم الرئاسة الخبر. وقد أشيع يومها بأن سبب إبعاده وجود خلاف حاد مع الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، حول ترشحه لولاية رابعة عام 2014.
وتفيد «القائمة غير الرسمية لأعضاء الحكومة الجدد»، المنشورة بالمواقع الإلكترونية وفي بعض المنصات الرقمية، بأن بدوي مرشح لاستخلاف أويحيى في رئاسة الوزراء، وعودة الطيب بلعيز إلى وزارة العدل، التي غادرها منذ 5 سنوات، إلى الرئاسة، حيث اختاره بوتفليقة مستشاراً له للشؤون القانونية.
كما جاء في الأخبار عودة زهية بن عروس، القيادية في «التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يرأسه أويحيى، إلى وزارة الإعلام التي كانت مسؤولة عنها قبل 20 سنة. لكن اللافت، حسبما يجري تداوله، هو أن أغلبية أعضاء الحكومة الـ34 احتفظوا بحقائبهم الوزارية.
وكان لافتاً في الأشهر الماضية أن بوتفليقة غير راضٍ على طريقة أويحيى في تسيير الشأن العام، وبخاصة أزمة شح الموارد المالية، حيث ألغى الشهر الماضي قرارات مهمة اتخذها رئيس وزرائه، تتعلق بفرض رسوم وضرائب على وثائق بيومترية كجواز السفر ورخصة القيادة. لكن يبقى أقوى إجراء اتخذه أويحيى، وأثار غضب الرئيس فألغاه، هو التنازل عن مزارع حكومية لفائدة مستثمرين أجانب، حيث عد القرار بمثابة «تراجع عن أحد أهم مكاسب ثورة التحرير».
ورفض أويحيى خلال مؤتمر صحافي الخوض في هذه القضية، واكتفى بالقول إن «كل القرارات التي تصدر عن الرئيس ينبغي أن تنفذ؛ فالحكومة التي أقودها هو من يعينها. وهو أيضاً من ينهي مهامها، طبقاً لصلاحيات يخولها له الدستور. والحكومة التي أقودها تطبق برنامج فخامة الرئيس». وفهمت هذه الجملة بأن صاحبها لا يمكن أن يبادر بأي شيء دون موافقة بوتفليقة، بما في ذلك القرارات التي ألغيت.
ومعروف عن الرئيس، منذ وصوله إلى الحكم عام 1999، «تدخله في اللحظات الأخيرة»، بغرض «تصحيح أخطاء» حكوماته ووزرائه. فلا يتردد في توجيه اتهامات لهم بـ«انعدام الكفاءة»، فيتبرأ من أعمالهم. وقد تشكل انطباع عام لدى الجزائريين بأن الرئيس «يبحث عن مصلحتهم» بعكس حكوماته التي «لا تتورع عن اتخاذ خطوات مضرة بهم».
وشنت لويزة حنون، الأمينة العامة لـ«حزب العمال»، المعروفة بقربها من عائلة الرئيس، هجوماً حاداً على أويحيى؛ وهو ما عزز الجدل حول رحيله من منصبه. إذ قالت لصحيفة محلية، إن رئيس الوزراء «منبوذ شعبياً؛ فهو مستعد لتجويع الجزائريين من دون تأنيب ضمير، (بسبب سياسة شد الحزام التي ينتهجها). وينبغي أن يعلم السيد أويحيى أن المساواة بين الفئات الشعبية في مجال المرافق والخدمات العمومية هي أساس النظام الجمهوري. فلا فرق بين الغني والفقير في العلاج بالمصحات العمومية والتعليم، وإنما الفرق ينبغي أن يكون في قيمة الضرائب التي من المفروض أن يدفعها كل مواطن حسب دخله، لكن على عكس ذلك، فالعمال والموظفون هم من يدفعون الضرائب شهرياً، في حين يعفى أرباب العمل والأثرياء من تسديدها».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.