قوات النظام تدخل درعا بحماية روسية... والمعارضة تطالب موسكو بالوفاء بتعهداتها

علم النظام السوري في درعا وسط الدمار أمس (أ.ف.ب)
علم النظام السوري في درعا وسط الدمار أمس (أ.ف.ب)
TT

قوات النظام تدخل درعا بحماية روسية... والمعارضة تطالب موسكو بالوفاء بتعهداتها

علم النظام السوري في درعا وسط الدمار أمس (أ.ف.ب)
علم النظام السوري في درعا وسط الدمار أمس (أ.ف.ب)

دخلت قوات النظام السوري، أمس، أحياء يسيطر عليها مقاتلو الفصائل المعارضة في مدينة درعا جنوب سوريا، بحسب ما أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
وقال مراسل للوكالة في المكان إن «وحدات من الجيش دخلت إلى منطقة درعا البلد ورفعت العلم في الساحة العامة أمام مبنى البريد».
وكانت «سانا» أفادت أول من أمس بأنه تم التوصل إلى اتفاق بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة يقضي بأن تقوم الفصائل الموجودة في درعا البلد بتسليم أسلحتها.
وقالت الوكالة إن الاتفاق «ينص على تسليم المجموعات المسلحة سلاحها الثقيل والمتوسط» في إشارة إلى فصائل المعارضة. وأوضحت أن الاتفاق «يشمل مناطق درعا البلد وطريق السد والمخيم وسجنة والمنشية وغرز والصوامع» وهي أحياء في المدينة.
كما ذكرت الوكالة أنه «بموجب الاتفاق، ستتم تسوية أوضاع المسلحين الراغبين بالتسوية وخروج الإرهابيين الرافضين للاتفاق».
وتسيطر قوات النظام حالياً على نحو 80 في المائة من محافظة درعا، ولا تزال توجد الفصائل المعارضة في نحو 15 في المائة منها، والمساحة المتبقية تحت سيطرة «فصيل خالد بن الوليد» الذي بايع تنظيم «داعش».
ومنذ بدايته في عام 2011 أوقع النزاع في سوريا أكثر من 350 ألف قتيل وشرد الملايين.
وقال التلفزيون الحكومي إن الجيش رفع العلم قرب مكتب البريد، وهو المبنى الحكومي الوحيد في الجزء من المدينة الذي كانت تسيطر عليه المعارضة منذ أيام الانتفاضة الأولى في 2011.
وكان شهود أفادوا بأن مركبات تابعة للحكومة السورية ترافقها الشرطة العسكرية الروسية دخلت منطقة في مدينة درعا أمس من أجل رفع العلم.
وفي حدث يمثل انتصارا كبيرا آخر للنظام، نصبت رافعات من مجلس بلدية درعا الذي تديره الدولة سارية العلم قرب المسجد الذي خرجت منه احتجاجات كبرى على حكم الأسد في مارس (آذار) 2011 التي أذنت ببداية الصراع.
وعلى مدى 7 سنوات منذ ذلك الحين أودت الحرب بحياة مئات الألوف وشردت أكثر من نصف سكان البلاد.
وشهدت السنوات الثلاث الماضية تحقيق حكومة الأسد انتصارات متوالية بدعم من قوات روسية وإيرانية متحالفة معها. وتقدمت القوات الحكومية في الأسابيع القليلة الماضية في جنوب غربي البلاد، قرب الحدود مع الأردن ومرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، مستهدفة واحدة من آخر المناطق الكبيرة التي لا تزال تحت سيطرة مقاتلين مناهضين للأسد، مما دفع مئات الألوف من المدنيين للفرار.
وتوصل معارضون في مناطق من درعا إلى اتفاق على تسليم الأراضي يوم الجمعة الماضي. وقال مسؤولون بالمعارضة إن مقاتلين متحصنين في جزء من مدينة درعا لا يزالون يجرون محادثات مع ضباط روس لضمان الحصول على ممر آمن للخروج.
وقال مسؤولون بالمعارضة وشاهد إن وفدا عسكريا روسيا رفيعا دخل منطقة تسيطر عليها المعارضة في مدينة درعا بجنوب سوريا أمس وبدأ مفاوضات بشأن تسليمها لحكم الدولة.
وأبلغ مسؤول في المعارضة «رويترز» بأن المفاوضات تسير بشكل سلس وبأن الروس ملتزمون حتى الآن بشروط اتفاق يشمل تسليم الأسلحة وإجلاء المقاتلين غير الراغبين في العيش تحت سيادة الدولة.
وقال أبو جهاد، المسؤول بالمعارضة: «ما زال الجميع ملتزم ببنود الاتفاق المبرم بيننا وبين الروس»، مضيفا أن مقاتلي المعارضة بدأوا بالفعل تسليم أسلحتهم الثقيلة منذ مساء الأربعاء الماضي.
ودخلت مركبتان مدرعتان تحملان ضباطا روسا منطقة الشياح في المدينة القديمة المدمرة. وبدأ الضباط محادثات مع قادة من «الجيش السوري الحر» بشأن تطبيق شروط اتفاق الاستسلام.
وقال مسؤول من المعارضة إن المقاتلين يأملون في أن يفي الروس بوعدهم بالإبقاء على وجود دائم للشرطة العسكرية الروسية داخل الجيب لحماية المدنيين ومقاتلي المعارضة السابقين الذين آثروا البقاء تحت سيادة الدولة.
ويعيش نحو ألفي مقاتل من المعارضة وأسرهم تحت الحصار في جزء من مدينة درعا. ويريد كثيرون منهم الرحيل بسبب خشيتهم من الطريقة التي ستعاملهم بها الحكومة.
ويعول مقاتلو المعارضة على الشرطة العسكرية الروسية لتحول دون أي عمليات انتقامية من جانب القوات الحكومية السورية ودخول مناطق معينة بعد شكاوى كثيرة من أعمال نهب واسعة النطاق واعتقال البعض في بلدات أخرى بمحافظة درعا وقعت تحت سيطرتها.
وقال أبو بيان، وهو زعيم فصيل معارض في المدينة: «في (يوجد) ضمان من الروس بعدم دخول الجيش درعا البلد»، مشيرا إلى اسم المنطقة.
إلى ذلك، قال «المرصد» أمس: «تشهد مناطق في ريف درعا الغربي عمليات عودة عائلات نازحة ودخول قوات النظام إليها؛ إذ رصد دخول مجموعات من قوات النظام إلى بلدة طفس في الريف الغربي لدرعا، بعد اتفاق (مصالحة وتسوية) مع قوات النظام والروس جرى بين الأخيرة والفصائل العاملة في المنطقة، فيما تزامنت عملية دخول قوات النظام مع عودة مئات النازحين من منطقة طفس نحو إبطع وداعل ومحيطهما ومناطق أخرى من ريف درعا، في أعقاب تمكن قوات النظام يوم (أول) أمس من ضم طفس إلى مناطق سيطرتها».
وأضاف: «هذا الدخول جاء مع تخوف من الأهالي من عمليات تعفيش في طفس ومحيطها، شبيهة بالتي نفذت في قرى وبلدات الريف الشرقي والريف الجنوبي الشرقي لدرعا، والتي لا تزال مستمرة، في بلدات ومدن درعا التي سيطرت عليها قوات النظام في الأيام القليلة الفائتة التي تشهد المزيد من عمليات التعفيش من قبل قوات النظام والمسلحين الموالين لها، حيث أكدت مصادر أن عمليات التعفيش تجري على مرأى من المواطنين وفي كثير من الأحيان يجري سرقة ونهب الممتلكات أمام أصحابها، وخلال وجودهم في منازلهم، الأمر الذي صعَّد الاستياء لدى أهالي محافظة درعا الذين طالبوا روسيا بالالتزام بضماناتها، وعدم التغاضي عن كل ما يجري من انتهاكات ونهب من قبل جراد (جيش الوطن) الذي أكل الأخضر واليابس، كما أثار حفيظة أهالي السويداء وريفها، وخصوصا عقب انفجار عدة قطع من الأثاث المعفَّش بعد نقله إلى الأرياف والمدن ليباع فيها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.