المعارضة السنية خارج «المستقبل» تفشل بإنشاء تكتل موحد

بعض نوابها آثروا الاستقلالية ويتوزعون على كتل مختلفة

«النواب السنة المستقلون» في مجلس النواب عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي وقاسم هاشم والوليد سكرية («الشرق الأوسط»)
«النواب السنة المستقلون» في مجلس النواب عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي وقاسم هاشم والوليد سكرية («الشرق الأوسط»)
TT

المعارضة السنية خارج «المستقبل» تفشل بإنشاء تكتل موحد

«النواب السنة المستقلون» في مجلس النواب عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي وقاسم هاشم والوليد سكرية («الشرق الأوسط»)
«النواب السنة المستقلون» في مجلس النواب عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي وقاسم هاشم والوليد سكرية («الشرق الأوسط»)

أفرزت الانتخابات النيابية الأخيرة واقعاً جديداً في لبنان، تمثّل بفوز 10 نواب سنة من خارج اصطفاف تيار «المستقبل» لأول مرة منذ عام 2005، ويحاول هؤلاء تشكيل نواة معارضة سنية، قادرة على فرض وجودها على المشهد السياسي، وتمثيلها في الحكومة الجديدة، إلا أن هذه المعارضة اصطدمت بعاملين، الأول رفض معظم هؤلاء النواب التموضع في جبهة معارضة للحريري وتيار «المستقبل»، مثل رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي، ونائب بيروت فؤاد مخزومي، والنائب بلال عبد الله الموجود ضمن كتلة «اللقاء الديمقراطي» برئاسة تيمور وليد جنبلاط، والثاني، إخفاق من تبقى منهم في إنشاء تكتل سياسي موحد له حيثية سياسية.
ويرفض تيار «المستقبل» التسليم بوجود معارضة سنية أصلاً، أو القبول لمطلب تمثيل هؤلاء النواب في الحكومة العتيدة، وأوضحت مصادر «المستقبل» لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذا المطلب يهدف إلى إضعاف التيار داخل الحكومة»، معتبرة أن «هذه المعادلة يفترض أن تسري على كل القوى والطوائف». وذكّرت بأن انتخابات 2005 و2009، فاز فيها نواب من خارج الثنائي الشيعي (أمل وحزب الله)، إلا أن الأخير رفض توزير أي شخصية شيعية أخرى من خارج تحالفه».
ويتوزّع النواب السنة الفائزون من خارج لوائح «المستقبل» على كتل مختلفة، إذ إن الرئيس نجيب ميقاتي يرأس تكتل «لبنان المستقل» الذي يضمّ أربعة نواب، كما أن نائب بيروت فؤاد مخزومي يعبّر عن حالة مستقلّة، وهما أقرب إلى تيار «المستقبل» برئاسة سعد الحريري. وأفادت مصادر مطلعة أن ميقاتي «عبّر للحريري في اللقاء الأخير الذي جمعهما، أنه ليس جزءاً من المعارضة السنية». وأكدت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن «ميقاتي وفّر خلال لقاء رؤساء الحكومات في بيت الوسط، غطاء سنياً للحريري، يتجاوز أهمية حضور الرئيسين تمام سلام وفؤاد السنيورة اللذين يعدّان من ضمن عائلة الحريري».
وآثر نائب صيدا (جنوب لبنان) أسامة سعد، ممارسة دوره التشريعي كمعارض مستقل، وعدم الالتحاق بأي تكتل آخر، أما النائب بلال عبد الله، فقد ترشّح وفاز على لائحة الحزب التقدمي الاشتراكي، ضمن التحالف الانتخابي مع «المستقبل»، وبات عضواً أساسياً في كتلة «اللقاء الديمقراطي»، في حين أن النائب الوليد سكرية كان ولا يزال عضواً في كتلة نواب «حزب الله»، وكذلك النائب قاسم هاشم المنتمي إلى كتلة «التحرير والتنمية» التي يرأسها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ويبقى النواب عبد الرحيم مراد وفيصل كرامي وجهاد الصمد وعدنان طرابلسي، نواة المعارضة السنية الموعودة، إلا أن كرامي قال: «الكل يصنّفنا كمعارضة سنية، ونحن حتى الآن لم نأخذ موقفاً إذا كنا معارضة أو موالاة، والسبب أنه لا توجد حتى اللحظة لا حكومة ولا حكم لنتخذ موقفاً منها». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه «إذا كان المقصود الحريري شخصياً، فأنا سميته رئيساً للحكومة بناء على موقفه الإيجابي الذي عبر عنه، وأعلن مدّ يده للجميع وأن يشكل حكومة تضمّ الجميع ونحن من الجميع».
وأكد كرامي أن «لا وجود لتكتّل سنّي معارض، بل يوجد لقاء للتشاور بالمسائل التي وصلت إليها الأمور، خصوصاً على صعيد تشكيل الحكومة»، مستغرباً كيف أن الحريري «يمدّ يده لكل القوى السياسية باستثناء طائفته (السنية)، ونحن نقول له حصّن بيتك الداخلي قبل أن تنفتح على الآخرين». وأضاف: «هناك عشرة نواب سنة من غير «المستقبل»، سواء كانوا متحدين أو متفرقين حقّهم أن يمثّلوا في الحكومة، وأنا موجود مع النائب جهاد الصمد وطوني فرنجية وفريد الخازن ومصطفى الحسيني بتكتل وطني، ويحقّ لهذا التكتل أن يكون في الحكومة». وإذ استبعد كرامي تأليف حكومة قريباً، اعترف بتباعد الرؤى السياسية والاقتصادي بينه وبين تيار «المستقبل»، مشيراً إلى أن الحريري «أقرّ شخصياً بوجود مشكلة اقتصادية، ووعد بأداء مختلف عن الماضي، ونحن نبني علاقتنا معه على هذا الأساس، لكنه لا يستطيع أن يلغينا».
وعقد «النواب السنة المستقلون» اجتماعا في مجلس النواب أمس ضم: عبد الرحيم مراد، فيصل كرامي، جهاد الصمد، عدنان طرابلسي، قاسم هاشم والوليد سكرية. وقال النائب الصمد بعد الاجتماع «هذا اللقاء لم يأت من عدم إنما جاء نتيجة للانتخابات النيابية». ورأى أن «الحصرية والاستئثار بالطائفة السنية أمر يحصل من 2005 إلى 2018، وما يجمع هذه المجموعة من النواب، أنها كانت كلها في مواجهة مع «تيار المستقبل» في الانتخابات النيابية الأخيرة، والتي فاز كل منهم بحيثيته وأصواته». وأضاف الصمد «ارتأينا أننا نمثل أكثر من 40 في المائة من أصوات الناخبين السنة، لذا، يجب أن يكون لنا صوت ودور في الحياة السياسية في البلد، وهذا هو المبرر الذي جعلنا نكون موجودين». واعتبر الصمد أن «تطبيق معيار حكومة الوحدة الوطنية تفرض تمثيل الجميع، إن شاء الله سنكون ممثلين، وإذا تغير المعيار فلا مشكلة».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.