وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي يبحثون في النمسا ملف الهجرة

التقى وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي الخميس في النمسا لبحث مشروعات جديدة لمنع وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية، في ظل الرئاسة النمساوية للاتحاد الأوروبي التي تدافع عن خيار التشدد مع ملف الهجرة. ويشمل اتفاق الهجرة الذي توصل إليه قادة أوروبيون في أواخر شهر يونيو (حزيران) الماضي فكرة إنشاء منصات إنزال في مناطق مثل شمال أفريقيا من أجل المهاجرين الذين يتم إنقاذهم في البحر المتوسط، بالإضافة إلى تأسيس مراكز على الأراضي الأوروبية، وهذا ما طالبت به إيطاليا. وسبق اجتماع الخميس لقاء «ثلاثي» بين وزراء داخلية النمسا هيربرت كيكل، وإيطاليا ماتيو سالفيني، وألمانيا هورست زيهوفر. وينتمي جميع هؤلاء الوزراء لليمين المتطرف. وكان زيهوفر زعيم الحزب البافاري المحافظ تحدى سلطة المستشارة أنجيلا ميركل في ملف الهجرة، ورفع مؤقتا تهديده بطرد أحادي الجانب للمهاجرين على الحدود النمساوية، الأمر الذي كانت ستكون له آثار تعاقبية داخل فضاء دول مجموعة اتفاق شينغن.
ووصف رئيس البرلمان الألماني، فولفغانغ شويبله، الخلاف بشأن اللاجئين بين طرفي التحالف المسيحي الديمقراطي الذي كاد يؤدي لأزمة حكومية بأنه «مأساوي». وقال شويبله في تصريح لمجموعة فونكه الإعلامية أمس الخميس، إن هذا الخلاف عرض تماسك الكتلة البرلمانية التي تضم الحزب المسيحي الديمقراطي برئاسة ميركل والحزب المسيحي الاجتماعي في ولاية بافاريا برئاسة زيهوفر للخطر. وحذر شويبله، العضو في حزب ميركل المسيحي الديمقراطي، من أن انفصال طرفي التحالف المسيحي كان سيؤدي إلى عواقب وخيمة ليس فقط على التحالف المسيحي «بل على استقرار الجمهورية»، مضيفا: «لقد كان الخلاف مأساويا».
ويريد زيهوفر أن يحصل على موافقة دول مثل إيطاليا على إعادة ترحيل مهاجرين تسجلوا لديها قبل وصولهم إلى ألمانيا. وقال الخميس في تصريحات: «نحن نجري مباحثات مع اليونان والنمسا وإيطاليا»، مؤكدا الأمل في التوصل إلى اتفاق مع روما بحلول نهاية يوليو (تموز).
وكان سالفيني قرر قبل شهر منع رسو سفن المنظمات غير الحكومية التي تنقذ مهاجرين في البحر، بالموانئ الإيطالية. وهو ينوي خلال الاجتماع أن يطلب من شركائه «عدم توجيه سفن تعمل حاليا ضمن مهمة دولية إلى الموانئ الإيطالية». وتنوي النمسا الإفادة من التوافق السائد بين الأوروبيين بضرورة تقليص عدد المهاجرين الواصلين، للترويج لمشروعات أكثر تشددا. واقترح كيكل خصوصا منع تقديم طلبات اللجوء والهجرة انطلاقا من الأراضي الأوروبية بل فقط من أماكن خارج الاتحاد.
ورد مفوض الهجرة الأوروبي ديميتريس أفراموبولوس الخميس متسائلا: «هل يعرف أحدكم مراكز خارج أوروبا أو على مشارفها تكون مستعدة لاستقبال مثل هذه المخيمات؟ أنا لا أعرف». وأضاف أن سياسات الاتحاد الأوروبي «تقوم على قيم ومبادئ، نحن جميعا ملتزمون باتفاقية جنيف هذا ما يقود خطانا»، في إشارة إلى الالتزامات الدولية بشأن اللاجئين.
لكن الدول الأوروبية منقسمة حول مدى إمكان تحقيق نقاط الإنزال وقانونيتها وحتى بشأن مفهوم هذه «النقاط» التي رفضت عدة دول بينها تونس والمغرب إقامتها على أراضيها.
وقال وزير الداخلية الفرنسي الخميس إنه عبر «التعاون مع دول الجنوب يمكن أن نجد حلولا وبالتالي فإن فرنسا ستقترح اجتماعا كبيرا بين دول الجنوب هذه ومجمل دول الاتحاد الأوروبي بما يتيح صياغة حل مشترك».
وتراجع وصول المهاجرين إلى السواحل الأوروبية إلى حد كبير مقارنة بذروته في خريف 2015، لكن ملف الهجرة ما زال يثير توترا في دول الاتحاد الأوروبي وفيما بينها خصوصا أن أولوياتها متضاربة أحيانا رغم الهدف الجماعي المتمثل في «تعزيز الحدود الخارجية».