حزب الترابي ينفي علاقته بالتعديل الوزاري الذي أطاح بالنائب الأول للرئيس السوداني

حزب الترابي ينفي علاقته بالتعديل الوزاري الذي أطاح بالنائب الأول للرئيس السوداني
TT

حزب الترابي ينفي علاقته بالتعديل الوزاري الذي أطاح بالنائب الأول للرئيس السوداني

حزب الترابي ينفي علاقته بالتعديل الوزاري الذي أطاح بالنائب الأول للرئيس السوداني

نأى حزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض بنفسه عن الخلافات داخل الحزب الحاكم التي أدت لإبعاد الرئيس عمر البشير لكبار معاونيه، بمن فيهم نائبه الأول علي عثمان محمد طه، ومساعده نافع علي نافع، أبرز القيادات الإسلامية في نظام الإنقاذ. وفي الوقت ذاته أكد وجود علاقة جيدة تربطه برئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت وكبار معاونيه، وأنه يجري اتصالات للتوسط بينهم لإزالة الاحتقان الذي تعيشه الدولة الوليدة بسبب إبعاد الرئيس سلفا كير لكبار معاونيه بمن فيهم نائبه رياك مشار، والأمين العام لحزبه باقان أموم.
ونفى حزب المؤتمر الشعبي المعارض ما أوردته صحيفة محلية، عن اجتماع التأم بين زعيمه حسن الترابي والرئيس السوداني عمر البشير لتقريب المسافة بين الرجلين، تمخض عنه التعديل الوزاري الذي أعلنه البشير أخيرا وأطاح فيه بكبار معاونيه.
والترابي هو المؤسس الفعلي للحركة الإسلامية السودانية ومهندس الانقلاب العسكري الذي أوصل البشير إلى السلطة في 1989، قبل أن يختلف الرجلان في 1999، فيؤسس الترابي حزب المؤتمر الشعبي المعارض، فيما انحاز غالبية تلامذته للبشير، وأبرزهم علي عثمان طه ونافع علي نافع.
وكان طه ونافع يشغلان منصبي نائب الرئيس ومساعده، وهما من أبرز الذين أطاح بهم التعديل الوزاري الذي أجراه البشير الأسبوع الماضي، وخرجت بموجبه غالبية وجوه حكمه القديمة من الإسلاميين، وحلت محلهم وجوه جديدة.
وراجت أنباء عن خلاف بين البشير وحلفائه الإسلاميين أدت لإبعاد المجموعة القديمة، وهو حديث نفاه الطرفان. وينظر للرئيس البشير باعتباره زعيما لتحالف الإسلاميين مع المؤسسة العسكرية، أكثر من كونه إسلامي التوجه.
وقال المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي كمال عمر في مؤتمر صحافي بالخرطوم أمس: «لا صحة لأي حديث عن لقاء أو تقارب بين البشير والترابي، ونحن أكثر أحزاب المعارضة تمسكا بإسقاط النظام، لأنه بات يهدد وجود البلاد، وأساء للمثال الإسلامي».
وأضاف: «التعديل الوزاري الأخير لا يمثل حلا لأن المطلوب هو تغيير المنهج والسياسات». وقلل عمر من دعوة مساعد رئيس الجمهورية الجديد إبراهيم غندور للحوار قائلا: «هذه دعوة قديمة جاءت من شخص جديد، وليس بها أي قدر من الجدية، لأن الحوار له استحقاقات لا يريد النظام الإيفاء بها، وعلى رأسها إطلاق الحريات العامة، ووقف الحرب، وتكوين حكومة انتقالية تشرف على انتخابات حرة ونزيهة».
وتابع: «في حال استجابة النظام لهذه الشروط لا مانع لدينا من لقاء الترابي والبشير». وبخصوص ما لمحت إليه جريدة «آخر لحظة» المقربة من الحكومة في عدد أمس السبت، من أن البشير أبعد كبار معاونيه بإيعاز من الترابي، شرطا للتحالف بينهما، قال عمر: «الحزب الحاكم يشهد صراعا عنيفا بين لوبيات داخله، ومن مصلحة بعضها تسريب خبر كهذا، لاستقطاب آخرين لصفه، ولتصوير الترابي وكأنه من أطاح بالوزراء القدامى وفي طريقه للإطاحة بالبقية».
من جهة ثانية قال عمر إن حزبه يجري اتصالات الآن لتسوية الخلاف بين رئيس جنوب السودان سلفا كير ميارديت ونائبه السابق رياك مشار بما له من علاقات قوية مع الطرفين. ونبه إلى أن حزبه مؤهل لقيادة وساطة بين الطرفين وأن الاتصالات مستمرة والترابي سيغادر إلى جوبا إذا استدعى الأمر.
من جهة ثانية أعلن مسؤولون سودانيون أن ثلاثة جرحى على الأقل سقطوا إثر قصف بالقذائف الصاروخية على مدينة كادقلي كبرى مدن ولاية جنوب كردفان السودانية.
وقال أحد سكان المدينة التي سبق أن تعرضت لقصف بقذائف الهاون أطلقها متمردون في 20 نوفمبر (تشرين الثاني): «سمعت دوي نحو ثلاث قذائف»، موضحا أن اثنتين منها سقطتا في وسط المدينة بالقرب من موقف للحافلات. وتحدث شاهد آخر عن سقوط ست قذائف، مؤكدا أن وسط المدينة أصيب بشكل مباشر. وقال إن السكان لجأوا إلى الملاجئ.
ويقوم متمردو فرع الشمال من جيش تحرير السودان الذين انتفضوا ضد الحكومة في 2011 بقصف هذه المدينة بين الحين والآخر، ما يتسبب في بعض الأحيان بسقوط ضحايا. وقال الناطق باسم الجيش السوداني الصوارمي خالد سعد إن نحو خمس قذائف سقطت في كادقلي صباح أمس، موضحا أن الجيش السوداني رد بإطلاق صواريخ كاتيوشا. وأكد مسؤولون في وقت لاحق سقوط ثلاثة جرحى.
من جهته، صرح المتحدث باسم الجيش الشعبي لتحرير السودان - شمال ارنو تغوتولو لودي بأنه «لم يتلق أي تقرير مقبل من هذه المنطقة حتى الآن». وكان المتمردون برروا إطلاق صواريخ في نوفمبر بمقتل طفلين في غارة جوية للجيش قبل ذلك بيومين. وفي يونيو (حزيران) سقطت قذائف في قاعدة لبعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في كادقلي، مما أدى إلى مقتل جندي. وكانت السلطات السودانية أطلقت في نوفمبر عملية ترمي إلى سحق المتمردين في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، وهي ثلاث ولايات يندد فيها متمردون من إثنيات مختلفة بالتهميش الذي يتعرضون له، حسب قولهم، من قبل النخب العربية في الخرطوم.
وبحسب الأمم المتحدة فإن المعارك التي تشهدها جنوب كردفان وولاية النيل الأزرق بين الحين والآخر، تسببت بأزمة إنسانية طالت أكثر من مليون شخص. وتتهم منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة السودانية بشن هجمات على أساس إثني وقبل عدة أشهر اتهمت الحكومة المتمردين بقتل المدنيين في قصف على كادقلي. وتنتمي الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال إلى تحالف من مسلحين سودانيين يهدفون إلى إسقاط نظام الرئيس السوداني عمر البشير والاستبدال به نظاما يحترم التنوع في السودان. وأعلن وزير الدفاع السوداني في مطلع الشهر أن الجيش السوداني بدأ حملة للقضاء على التمرد في جنوب كردفان ودارفور. وبحسب الأمم المتحدة، فإن هذه المعارك التي تطال شمال كردفان من وقت لآخر تسببت في أزمة إنسانية خطيرة تؤثر على مليون شخص.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.