السلطات اليمنية تغلق محلات بيع الملابس العسكرية ضمن إجراءات جديدة لاستعادة الأمن

أنصار جماعة الحوثيين خلال مظاهرة بصنعاء جرى خلالها تشييع جنازة اثنين من أتباع الجماعة قتلا في حادثين منفصلين بالعاصمة (رويترز)
أنصار جماعة الحوثيين خلال مظاهرة بصنعاء جرى خلالها تشييع جنازة اثنين من أتباع الجماعة قتلا في حادثين منفصلين بالعاصمة (رويترز)
TT

السلطات اليمنية تغلق محلات بيع الملابس العسكرية ضمن إجراءات جديدة لاستعادة الأمن

أنصار جماعة الحوثيين خلال مظاهرة بصنعاء جرى خلالها تشييع جنازة اثنين من أتباع الجماعة قتلا في حادثين منفصلين بالعاصمة (رويترز)
أنصار جماعة الحوثيين خلال مظاهرة بصنعاء جرى خلالها تشييع جنازة اثنين من أتباع الجماعة قتلا في حادثين منفصلين بالعاصمة (رويترز)

بدأت السلطات الأمنية اليمنية في إغلاق كافة المحال التي تبيع وتصنع الملابس العسكرية بالتزامن مع إجراءات أمنية مشددة تفاديا لوقوع عمليات إرهابية، في حين لا يزال الخلاف قائما في مؤتمر الحوار الوطني الشامل حول تقسيم البلاد إلى إقليمين أو أكثر.
وأكدت مصادر لـ«الشرق الأوسط» أنه جرى إغلاق عشرات المحال الخاصة بتصنيع وبيع الزي العسكري كالبدلات والرتب وغيرها، في ضوء قرار وزارة الداخلية بإغلاق هذه المحال بعد استخدام الملابس العسكرية في العمليات الإرهابية خاصة التي جرت أخيرا وأبرزها الهجوم الكبير الذي استهدف مجمع الدفاع بالعاصمة صنعاء وقتل فيه العشرات من المدنيين والعسكريين في تفجير انتحاري وهجوم مباشر.
وتزامنت خطوة إغلاق محال بيع الملابس العسكرية مع إجراءات أمنية مشددة بدأت السلطات في تطبيقها في ضوء معلومات عن مخططات لتنفيذ سلسلة هجمات إرهابية ضد مصالح يمنية وأجنبية وهي المعلومات التي أدت إلى إغلاق بعض السفارات والبعثات الدبلوماسية وسحب بعض العاملين الأجانب من اليمن، حيث زادت السلطات من نقاط التفتيش في كافة أرجاء العاصمة صنعاء مع إجراءات تفتيش دقيقة على السيارات ونشر نقاط أمنية جديدة وقطع طرقات.
وجاءت هذه الإجراءات بالتزامن أيضا مع تمديد وزارة الداخلية لقرار حظر تحرك الدراجات النارية في العاصمة صنعاء حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) الجاري، بعد أن كان قرار الحظر ينص على منع استخدام الدراجات حتى منتصف الشهر. وفي حين لم تعلن السلطات اليمنية الأسباب الكامنة وراء هذا القرار في حينه، فقد أكدت اللجنة الأمنية العليا، أمس، أن الأسباب ترجع إلى استخدام الدراجات النارية، في الآونة الأخيرة، بصورة واسعة النطاق في عمليات الاغتيالات التي استهدفت عددا من الضباط في أجهزة المخابرات وبقية فروع القوات المسلحة والأمن وهي العمليات التي يعتقد أن تنظيم القاعدة يقف وراءها.
من جهة ثانية أكد بيان حكومي يمني أن متشددين كبارا من تنظيم القاعدة استهدفوا في غارة جوية قامت بها طائرة من دون طيار يوم الخميس الماضي في محافظة البيضاء.
وهذا هو أول بيان حكومي عن الواقعة التي قال مسؤولون محليون إنها أسفرت عن مقتل 17 شخصا كانوا في طريقهم إلى حفل زفاف. وذكر مسؤولون محليون أن قافلة حفل الزفاف تعرضت للقصف في غارة جوية يوم الخميس في جنوب اليمن بعد الاعتقاد بطريق الخطأ أنها قافلة لتنظيم القاعدة كما أصيب خمسة أشخاص أيضا.
وصدر البيان الحكومي في وقت متأخر من مساء أول من أمس، ولم يشر إلى حفل الزفاف أو سقوط ضحايا مدنيين. ونقلت وكالة الأنباء اليمنية (سبأ) عن مسؤول في اللجنة الأمنية العليا قوله في البيان «تم تنفيذ ضربة جوية نحو الساعة الرابعة والنصف من عصر يوم أمس (الخميس) استهدفت سيارة تخص أحد قيادات تنظيم القاعدة».
وأضاف البيان أن السيارة كان «على متنها عدد من قيادات وعناصر التنظيم التي تعد من أهم القيادات التي خططت لعدد من العمليات الإرهابية التي استهدفت رجال القوات المسلحة والأمن والمواطنين والمنشآت والمصالح الحيوية للبلاد».
وقال مسؤول حكومي كبير من محافظة البيضاء إن وفدا حكوميا التقى بشيوخ قبائل في المنطقة وتعهد بإجراء تحقيق في الواقعة. وقال إن الحكومة تعهدت بتعويض العائلات إذا أوضح التحقيق أن بعض القتلى من المدنيين.
وصعدت الولايات المتحدة الهجمات بطائرات بلا طيار في اليمن ضمن حملة ضد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي تعتبره واشنطن أنشط أجنحة التنظيم.
وتقر الولايات المتحدة باستخدام طائرات بلا طيار في اليمن المعقل الرئيس لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب لكنها لا تعلق على الهجمات.
وذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان في تقرير في أغسطس (آب) أن الهجمات الصاروخية الأميركية أودت بحياة عشرات المدنيين في اليمن. وكانت صواريخ أطلقت يوم الاثنين من طائرة أميركية بلا طيار قتلت ثلاثة أشخاص على الأقل كانوا يستقلون سيارة في شرق اليمن.
من ناحية ثانية، تتواصل المعارك في منطقة دماج بمحافظة صعدة بين الحوثيين والسلفيين، وحسب مصادر محلية فإن الحوثيين يحاصرون المدينة ويقومون بقصفها بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة ويمنعون دخول قوافل الصليب الأحمر إلى المنطقة لإسعاف الجرحى والمصابين. وتؤكد المصادر أن بين الجرحى نساء وأطفالا. ويأتي تواصل هذه الحرب بعد محاولات حثيثة قامت بها اللجنة الرئاسية الخاصة بحل النزاع في دماج التي تعرضت للمنع من دخول المنطقة أكثر من مرة على يد ميليشيا الحوثيين. وتشير المعلومات إلى أن بين القتلى والجرحى في صفوف السلفيين طلابا أجانب يحملون جنسيات عدد من الدول الغربية.
ويخوض الحوثيون حروبا أخرى إلى جانب الحرب في دماج، حيث يقتتلون مع رجال القبائل في منطقة كتاف بمحافظة صعدة وأخرى في عدد من مناطق محافظة حجة المجاورة لصعدة، وسقط عدد غير قليل من القتلى والجرحى في هذه المواجهات العنيفة.
على صعيد آخر، يستمر الجدل والخلاف داخل مؤتمر الحوار الوطني الشامل وبالأخص داخل فريق «8+8» الذي يناقش مستقبل البلاد والقضية الجنوبية.
وأكدت مصادر في الفريق لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف ما زال قائما حول عدد الأقاليم، بعد الاتفاق على مبدأ قيام دولة اتحادية في اليمن، وحسب المصادر فإن الخلاف يكمن حول مطالبة الجنوبيين بإقامة دولة اتحادية من إقليمين، في الوقت الذي يطالب فيه الشماليون بأن تكون الدولة الاتحادية مكونة من خمسة أو ستة أقاليم. ولا يزال المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بنعمر يجري مشاورات مع كافة الأطراف من أجل تقريب وجهات النظر بعد أن أعاق هذا الخلاف اختتام أعمال مؤتمر الحوار وتجاوزه لسقفه الزمني.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.