هجوم دموي جديد في جلال آباد والضحايا موظفون في قطاع التعليم

بريطانيا تزيد عديد قواتها في أفغانستان... و«خيبة أمل» أميركية لغياب تحقيق تقدّم

رجال شرطة أفغان في موقع الهجوم الذي استهدف إدارة التعليم في جلال آباد أمس (إ.ب.أ)
رجال شرطة أفغان في موقع الهجوم الذي استهدف إدارة التعليم في جلال آباد أمس (إ.ب.أ)
TT

هجوم دموي جديد في جلال آباد والضحايا موظفون في قطاع التعليم

رجال شرطة أفغان في موقع الهجوم الذي استهدف إدارة التعليم في جلال آباد أمس (إ.ب.أ)
رجال شرطة أفغان في موقع الهجوم الذي استهدف إدارة التعليم في جلال آباد أمس (إ.ب.أ)

تعرضت مدينة جلال آباد، بإقليم ننغرهار في شرق أفغانستان، لهجوم دموي جديد أمس، بعد يوم من هجوم مماثل تبناه تنظيم داعش وأوقع ما لا يقل عن 12 قتيلاً بينهم أطفال. وجاء هذا التصعيد في وقت قال مسؤولون أميركيون إن الولايات المتحدة تستعد لإجراء مراجعة لاستراتيجيتها في أفغانستان، وذلك بعد عام من موافقة الرئيس دونالد ترمب على مضض على تمديد الوجود الأميركي في الحرب الدائرة هناك منذ 17 عاماً. كذلك أعلنت بريطانيا زيادة عديد قواتها في أفغانستان، بناء على رغبة الأميركيين.
وقال مسؤول أفغاني أمس إن مسلحين هاجموا إدارة التعليم في جلال آباد. وذكر عطا الله خوجياني، أحد المتحدثين باسم حاكم إقليم ننغرهار، أن الهجوم وقع في وسط مدينة جلال آباد، عاصمة الإقليم، موضحاً أن انفجارين على الأقل وقعا في المنطقة المستهدفة والتي هرعت إليها تعزيزات من قوات الأمن الأفغانية، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). وقال خوجياني إن الانفجارين أوقعا ما لا يقل عن 11 قتيلاً جميعهم من موظفي إدارة التعليم. كما نُقل ما لا يقل عن عشرة أشخاص أصيبوا في الحادث إلى مستشفيات في جلال آباد، وخرج خمسة منهم بعد تلقيهم إسعافات أولية.
وجاء هجوم أمس بعد يوم من تفجير انتحاري أوقع ما لا يقل عن 12 قتيلاً بينهم أطفال في جلال آباد. وفجّر الانتحاري نفسه قرب محطة بنزين، ما أسفر عن مقتل مسؤولين اثنين في وكالة المخابرات الأفغانية واندلاع حريق كبير، بحسب وكالة «رويترز» التي أشارت إلى مقتل عشرة مدنيين منهم أطفال. ونقلت الوكالة عن سوهراب قادري عضو المجلس المحلي أن «معظم الضحايا أطفال يعملون في مغسلة للسيارات قريبة من موقع التفجير الانتحاري».
وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم في بيان بثه عبر وكالة «أعماق» للأنباء التابعة له. وقال البيان إن الهجوم بسترة ناسفة استهدف «تجمعاً للاستخبارات الأفغانية».
وشهدت جلال آباد أيضاً تفجيراً كبيراً في الأول من يوليو (تموز) تسبب في مقتل مجموعة من أتباع طائفة السيخ.
في غضون ذلك، يُتوقع أن تعلن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي خلال قمة حلف شمال الأطلسي في بروكسل أن المملكة المتحدة ستنشر 440 جندياً إضافياً في إطار بعثة الحلف إلى أفغانستان، في خطوة يبدو أنها تلبي مطالبات الرئيس دونالد ترمب لحلفائه بإنفاق المزيد على الدفاع. وسيبدأ انتشار الجنود البريطانيين الإضافيين في أغسطس (آب) تليهم دفعة ثانية في فبراير (شباط)، ما سيرفع الوجود العسكري البريطاني في أفغانستان إلى 1100 جندي، بحسب ما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية. وينشر حلف الأطلسي 16 ألف عنصر في أفغانستان دعماً للقوات الأفغانية، بينهم 13 ألف أميركي.
وفي واشنطن، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولين أميركيين إن الولايات المتحدة تستعد لإجراء مراجعة لاستراتيجيتها في أفغانستان، مشيرين إلى أن الرئيس ترمب أظهر دلالات على شعوره بخيبة الأمل بشأن عدم إحراز تقدم منذ إعلانه عن استراتيجية في أغسطس (آب) الماضي تقضى بإرسال مستشارين عسكريين ومدربين وقوات خاصة أميركية وزيادة الدعم الجوي لقوات الأمن الأفغانية بشكل مفتوح. وكان الهدف حمل مقاتلي «طالبان» على بدء محادثات سلام مع حكومة كابل.
وأضافت «رويترز» أن ترمب كان معترضاً على البقاء في أطول حروب خاضتها الولايات المتحدة ولكن مستشاريه أقنعوه بإعطاء ذلك الأمر مزيداً من الوقت. وأجاز ترمب العام الماضي إرسال 3000 جندي أميركي إضافيين، ليصل إجمالي عدد القوات الأميركية هناك إلى حوالي 15 ألف جندي. ولكن بعد مرور عام تقريباً ما زال الموقف متأزماً، حيث يسقط عدد كبير من الضحايا في صفوف المدنيين الأفغان، كما أن حركة «طالبان» تعزز وجودها في المناطق الريفية، وإن كانت عاجزة عن السيطرة على مراكز رئيسية في الحضر، كما أن هناك شكوكاً في قدرات قوات الأمن الأفغانية، بحسب ما جاء في تقرير «رويترز» الحصري.
ونقلت «رويترز» عن العديد من المسؤولين الأميركيين الحاليين ومسؤولين ومستشارين آخرين سابقين على دراية مباشرة بالموقف أن البيت الأبيض لم يأمر رسمياً بعد بهذه المراجعة، ولكنهم يستعدون لإجراء تقييم على مستوى الحكومة خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وتحدث هؤلاء المسؤولون شريطة عدم نشر أسمائهم، لأنهم غير مخولين بمناقشة هذه المسألة علانية.
وقال مسؤول أميركي كبير: «تلقينا بعض الإشارات من البيت الأبيض تفيد بأن ترمب قد يطلب إجراء مراجعة خلال الأشهر القليلة المقبلة. ولذلك فإننا نستعد لما قد تبدو عليه». وأضاف المسؤول أن المراجعة ستدرس كل أوجه الاستراتيجية الحالية، بما في ذلك التقدم الذي تم إحرازه ووجود القوات الأميركية واحتمالات إجراء مفاوضات مع «طالبان». وستشمل أيضاً علاقات الولايات المتحدة مع باكستان التي يتهمها مسؤولون أميركيون بدعم التمرد. وتنفي إسلام آباد هذا الاتهام.
وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي في رد أرسل بالبريد الإلكتروني استجابة لطلب للتعليق: «نجري بانتظام مراجعات لاستراتيجياتنا لفحص فاعليتها وإدخال التعديلات اللازمة لضمان استخدام الموارد الأميركية بأكثر الطرق الممكنة فاعلية». وأضاف: «لا نخطط لإجراء مراجعة شاملة لاستراتيجيتنا الأساسية مثل التي أجريت في الصيف الماضي».
وقال مسؤولون آخرون لـ«رويترز»، مشترطين كذلك عدم الكشف عن أسمائهم، إن ترمب عبّر عن غضبه لعدم تحقيق تقدم في أفغانستان. وقال مسؤول كبير مطلع بشكل مباشر على المناقشات الجارية حول السياسة الخاصة بأفغانستان: «سأل الرئيس مراراً عما حققناه من تقدم في أفغانستان منذ أن اتخذ قراره، وعن مقدار ما استثمرناه هناك منذ عام 2001». وأضاف: «لقد عبّر كثيراً عن خيبة أمله لعدم تحقيق تقدم، ويسأل بالأساس: ما الذي حصلنا عليه مقابل كل تلك الأموال؟».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة شؤون اللاجئين في أفغانستان أمس أن طالب لجوء أفغانياً كان قد تم ترحيله من ألمانيا قبل أسبوع شنق نفسه بعد إعادته إلى وطنه. وقال مسؤول رفيع المستوى من الوزارة بالعاصمة الأفغانية لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إنه تم العثور على الرجل الثلاثاء في مقر إقامة مؤقت كانت توفره المنظمة الدولية للهجرة في كابل. وأضاف أن الرجل المنحدر من إقليم بلخ، شمال أفغانستان، يبلغ من العمر 23 عاماً وعاش طوال ثمانية أعوام في ألمانيا قبل أن يتم ترحيله.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».