المغرب: بوادر أزمة جديدة في حزب «العدالة والتنمية»

لم يهنأ سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة وأمين عام حزب العدالة والتنمية المغربي، كثيرا بالأجواء الإيجابية التي صاحبت إطلاق ندوة الحوار الداخلي الأولى في 30 من يونيو (حزيران) الماضي، ضمن الخطة التي يراهن عليها لنزع فتيل الصراع بين قيادات الحزب، والذي تفجر منذ إعفاء العاهل المغربي الملك محمد السادس لعبد الإله ابن كيران، الأمين العام السابق للحزب، من تشكيل الحكومة منتصف مارس (آذار) من العام الماضي.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن عبد العلي حامي الدين، نائب رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، قد علق مشاركته في الحوار الداخلي، احتجاجا على نشر الموقع الرسمي للحزب جزءا من رده على المداخلات في ندوة الحوار الداخلي، والتي تحدث فيها عن المؤسسة الملكية.
وقال مصدر بارز في الحزب للصحيفة إن حامي الدين أخبر قيادة الحزب بقرار «تعليق مشاركته في الحوار الداخلي، وطالب بفتح تحقيق في الموضوع حتى يتم كشف حقيقة من نشر جزءا من رده على المداخلات دون استشارته»، وهو ما يؤكد وجود شكوك لدى البعض بوقوف أطراف داخل الحزب وراء نشر المقطع المبتور، الذي تحدث فيه حامي الدين عن المؤسسة الملكية من أجل الإيقاع به. واعتبر المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، أن نشر موقع الحزب لعدد من المداخلات الرئيسية لقيادات الحزب دون الردود التفاعلية، عكس ما حدث مع حامي الدين «أمر يثير الشكوك والاستغراب والتساؤل».
ويعد حامي الدين من القيادات الشابة داخل حزب العدالة والتنمية، وهو معروف بمواقفه المعارضة لسعد الدين العثماني وفريق أمانته العامة، حيث لم يتردد في انتقاد العديد من القرارات والخيارات التي اتخذتها حكومة العثماني، كما أنه كان من أشد المدافعين عن تمكين ابن كيران من ولاية ثالثة على رأس الحزب.
وأكد المصدر ذاته أن حامي الدين يدرك جيدا أن هناك «فرقا بين الكلام الذي يقال في إطار نقاش داخلي، والكلام الذي يوجه وينشر للعموم»، مسجلا أن نشر رده التفاعلي مع التعقيبات، التي تلت مداخلته الرئيسية، بشكل مجتزأ يخل بالطرح الذي قدمه في الندوة، مشددا في الآن ذاته على أنه «لا يتنصل من مسؤولية الكلام، الذي ورد على لسانه في الفيديو».
وبعد الضجة التي أثارها الموضوع، سحب حزب العدالة والتنمية أمس جميع الفيديوهات التي نشرها في قناته الإلكترونية على موقع يوتيوب، الأمر الذي عده مراقبون نتيجة طبيعية للانتقادات والاتهامات، التي وجهت لقيادة الحزب من طرف قواعدها بالعمل على تصفية الحسابات مع المعارضين والمنتقدين لخياراتها بطريقة «خبيثة».
وعبّر قيادي في الحزب عن رفضه لهذه الاتهامات بشدة، مؤكدا أن قيادة الحزب «ليس لها أي دور في هذا الموضوع، ولا يمكن أن توافق على استهداف حامي الدين بأي شكل من الأشكال، ولا أي عضو من الحزب».
وعد المصدر، الذي لم يرغب هو الآخر في كشف هويته، في اتصال مع «الشرق الأوسط»، الموضوع «خطأ تقنيا فقط، ولا يمكن أن نحمله أكثر ذلك»، موضحا أن التقني المكلف تصوير الفيديوهات ونشرها في قناة الحزب «أخطأ واختلطت عليه التسجيلات، فنشر الردود عوض المداخلات الرئيسية».
وزاد المصدر القريب من قسم الإعلام والعلاقات العامة في الحزب، مبينا أن ما حدث «خطأ عادي يرتكب حتى في القنوات الفضائية المحترفة»، وذلك في محاولة للتقليل من حجز تداعيات الأزمة، التي أحدثها الفيديو المذكور، مبرزا أن تناقل ردود حامي الدين على نطاق واسع كان بسبب «الكلام الذي جاء فيه»، حيث اعتبر حامي الدين أن شكل المؤسسة الملكية الحالي لا يخدم الديمقراطية وتطورها بالبلاد.
وفي موضوع متصل، قرر العثماني أمين عام العدالة والتنمية، إلحاق ثلاثة أعضاء بأمانة حزبه، وهم عبد العزيز أفتاتي القيادي المثير للجدل، والعربي بلقايد عمدة مدينة مراكش، بالإضافة إلى محمد أمحجور نائب عمدة مدينة طنجة.
وتأتي هذه الإلحاقات لتدعيم فريق العثماني في قيادة الحزب، خصوصا أفتاتي الذي يتمتع بشعبية كاسحة وسط قواعد الحزب وأنصاره، كما أن من شأنها إعادة التوازن للأمانة العامة، التي خلت في نسختها الأولية من الأصوات المؤيدة لابن كيران وتياره.