تعزيز السلام بين أديس أبابا وأسمرة سيواجه «عقبات» ويستلزم عملاً شاقاً

نمو إثيوبيا اقتصادياً جعلها تبحث عن مرافئ في الصومال وإريتريا

تعزيز السلام بين أديس أبابا وأسمرة سيواجه «عقبات» ويستلزم عملاً شاقاً
TT

تعزيز السلام بين أديس أبابا وأسمرة سيواجه «عقبات» ويستلزم عملاً شاقاً

تعزيز السلام بين أديس أبابا وأسمرة سيواجه «عقبات» ويستلزم عملاً شاقاً

مع إعلان إثيوبيا وإريتريا تطبيع علاقتهما، كان أول إجراء اتخذ لتبيان حسن النيات إعادة الخطوط الهاتفية بين البلدين وإعادة فتح السفارات والحدود بينهما، كما أعلنت الخطوط الإثيوبية أنها ستشغل الأسبوع المقبل أول رحلة ركاب بين العاصمتين. لكن محللين قالوا إنه رغم المودة الدبلوماسية الواضحة، فإن المفاوضات لمنح إثيوبيا الحبيسة حق استخدام مرافئ إريتريا على البحر الأحمر وترسيم الحدود بين البلدين وضمان علاقات طيبة بينهما لن يكون سهلاً. وقال أحمد سليمان، المحلل الإثيوبي في مركز «شاتام هاوس» للأبحاث في لندن، لوكالة الصحافة الفرنسية «بالتأكيد، نحن في حاجة إلى المضي قدماً ببعض الحذر. أعتقد أن الطريق طويلة أمامنا، لكن بالنهاية الجميع يريد سلاماً دائماً في المنطقة».
العلاقات بين إثيوبيا وإريتريا مقطوعة منذ أن خاض البلدان نزاعاً حدودياً استمر من 1998 حتى 2000 وأسفر عن سقوط نحو 80 ألف قتيل، بعد أن رفضت إثيوبيا تنفيذا قرار أصدرته عام 2002 لجنة تدعمها الأمم المتحدة حول ترسيم الحدود بين البلدين. لكن رئيس الحكومة الإثيوبي أبيي أحمد البالغ 41 عاماُ غيّر هذا الواقع الشهر الماضي؛ إذ أعلن نيته التقارب مع إريتريا؛ ما مهد الطريق للقاء تاريخي مع الرئيس الاريتري ايسايس افورقي (71 عاماً) في أسمرة. وانتهى الطرفان بتوقيع إعلان الاثنين تضمن أن «حالة الحرب التي كانت قائمة بين البلدين انتهت. لقد بدأ عصر جديد من السلام والصداقة».
إريتريا، التي كانت تشكل الجزء الساحلي من إثيوبيا بمرفأيها عصب ومصوع، أعلنت استقلالها في عام 1993 إثر طرد القوات الإثيوبية من أراضيها في 1991 بعد حرب استمرت ثلاثة عقود. وأصبحت إثيوبيا البالغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون نسمة بلداً من دون منفذ بحري؛ ما دفعها إلى تصريف صادراتها عبر جيبوتي.
ولم تظهر بوادر تقارب كثيرة بين البلدين منذ توقيعهما اتفاق سلام بوساطة الجزائر عام 2000.
وقال محللون، إن التقارب السريع والمذهل لم يكن ممكناً إلا بوصول أبيي لمنصبه في أبريل (نيسان). لكن أبيي، الذي وصفه المحلل سليمان بـ«رجل في عجلة من أمره»، يواجه معارضة داخلية بشأن التقارب، خصوصاً من إثنية تيغراي التي تستوطن الحدود مع إريتريا وتخشى فقدان أراض لمصلحة هذا البلد. وأضاف سليمان، إن قادة إثنية تيغراي كانوا «غائبين بشكل ملحوظ» عن المباحثات في أسمرة، مشيراً إلى أن «حضورهم سيكون حاسماً لإرساء السلام».
وقالت الخطوط الجوية الإثيوبية، أمس (الثلاثاء)، إنها ستستأنف رحلاتها إلى العاصمة الإريترية أسمرة في السابع عشر من يوليو (تموز). وفي اتفاق تاريخي قررت إثيوبيا وإريتريا فتح السفارات وتطوير موانئ واستئناف رحلات الطيران. وقال تولد جيبر مريم، الرئيس التنفيذي للشركة، كما نقلت عنه «رويترز»: «مع فتح فصل جديدة من السلام والصداقة بين الدولتين الشقيقتين، نتطلع إلى بدء الرحلات إلى أسمرة».
وكان أفورقي، الزعيم الوحيد لإريتريا منذ استقلالها، غريماً لرئيس وزراء إثيوبيا السابق ميلس يناوي، المنتمي إلى إثنية تيغراي، والذي كان يحكم إثيوبيا أثناء الحرب وقرر تجاهل الحكم الصادر بخصوص الحدود بين البلدين في عام 2002. وقال كيتيل ترونفول، أستاذ دراسات السلام والنزاعات في جامعة بيوركنيس، في النرويج لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الحرب بين إثيوبيا وإريتريا «كانت بين أسياس وميلس». وحين حل هايلي مريام ديسالين في الحكم بعد وفاة زناوي المفاجأة في عام 2012، كان ينظر إلى ذلك كمجرد «تغيير على القمة».
وقال دان كونيل، الباحث في شؤون إريتريا في جامعة بوسطن، إن أسياس يرى ابيي، المتحدر من إثنية الاورومو، تغييرا عن إثنية تيغراي التي كان ينظر إليها باعتبارها أقوى فصيل في الجبهة الديمقراطية الثورية الشعبية الإثيوبية الحاكمة. وقال: «أعتقد أن العملية ستمضي حتى النهاية. هي في مصلحة كلا البلدين بشكل واضح».
وأظهرت الصور المنشورة للقاء الأول بين أسياس وأبيي في أسمرة، الأحد، الزعيمين يتعانقان ويبتسمان ويتناولان القهوة. لكن المحلل سليمان حذر من أن التفاصيل الدقيقة للتقارب لن تكون سهلة. وقال: إن «هناك عقبات محتملة في كل مكان». وإثيوبيا وإريتريا من أفقر البلدان الأفريقية. لكن إثيوبيا حققت نمواً اقتصادياً فاق 10 في المائة في السنوات الأخيرة، وهي تبحث عن خيارات أكبر لوارداتها وصادراتها بالبحث عن مرافئ في الصومال وإريتريا. أما إريتريا فيحكمها أفورقي منذ عام 1993، وتعد من البلدان الأكثر عزلة وقمعاً في العالم، وهي تبرر سجن معارضين والتجنيد الإلزامي إلى ما لا نهاية بضرورة الدفاع عن النفس في مواجهة إثيوبيا، وهو ما اعتبرته الأمم المتحدة أشبه بالعبودية، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية من أديس أبابا.
والمرافئ المتوفرة في إريتريا أبعد ما تكون عن المرافق العصرية المتطورة المتاحة في جيبوتي المجاورة، لكن ترونفول رجح أن تضع أسمرة شروطاً إذا ما رغبت أديس أبابا في استخدام مرافئها لتصدير بضائعها. وتساءل ترونفول «ما حجم التنازلات التي ترغب (إثيوبيا) في تقديمها لإريتريا لإحلال سلام مستدام، وما هو رد الفعل في إثيوبيا على ذلك؟». وقال سليمان، إن أسياس سيواجه ضغطاً داخلياً لإجراء إصلاحات مع زوال خطر العدوان الإثيوبي، وهي الذريعة التي استخدمها لسنوات لتبرير سياساته القمعية. وفر مئات الآلاف من مواطني إريتريا من بلادهم إلى أوروبا؛ هرباً من التجنيد الإجباري الذي يقولون إنه يبقيهم فقراء. وأوضح سليمان «إذا حصل انفتاح في إريتريا على صعيد الوضع السياسي والحريات الممنوحة للناس، فأنا متأكد أن ذلك سيدفع الناس للبقاء» في بلادهم عوضاً عن السفر. لكن معظم الحديث عن الإصلاحات جاء على لسان أبيي وليس أسياس؛ الأمر الذي علق عليه سليمان «أسياس لم يقل الكثير، لم نعلم كثيراً من أسياس عما سيتغير».

- استعادة الاتصالات الهاتفية بين البلدين
أرسلت شركة الاتصالات التي تحتكر السوق الإثيوبية وتديرها الحكومة رسائل نصية إلى مشتركيها تعلن فيها «بسعادة» أنها استعادت اتصالات الهاتف مع إريتريا المقطوعة منذ 1998. وقالت الشركة في رسالة إلى مشتركيها البالغ عددهم 57 مليوناً «(إثيو تليكوم) تعلن بسعادة استعادة الخدمة الهاتفية مع إريتريا». وأطلق الإعلان موجة من الاتصالات الهاتفية إلى إريتريا من قبل أقرباء في إثيوبيا بعد انقطاع منذ حرب 1998 - 2000 بين البلدين.



الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
TT

الجيش الموريتاني: لن نسمح بأي انتهاك لحوزتنا الترابية

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)
الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

أفرجت السلطات في دولة مالي عن 6 مواطنين موريتانيين، كانت قد اعتقلتهم وحدة من مقاتلي مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة، خلال عملية عسكرية خاصة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي. في حين أعلن الجيش الموريتاني أن المواطنين جرى توقيفهم داخل أراضي مالي، وأكد أنه «لن يسمح» بأي انتهاك لحوزته الترابية.

الجيش الموريتاني خلال مناورات على الحدود مع مالي مايو الماضي (أرشيف الجيش الموريتاني)

وقالت مصادر محلية إن المواطنين الموريتانيين أفرج عنهم بعد ساعات من التوقيف، وكانت وحدة «فاغنر» قد سلّمتهم إلى الجيش المالي الذي حقّق معهم ثم أفرج عنهم، ليعودوا إلى الأراضي الموريتانية ليل الأربعاء/الخميس.

اختراق الحدود

بعد توقيف الموريتانيين من طرف وحدة «فاغنر»، المرافقة للجيش المالي، تداول ناشطون موريتانيون على وسائل التواصل الاجتماعي معلومات تُفيد بأن مقاتلي «فاغنر» وقوات الجيش المالي «اخترقوا» الحدود، وأوقفوا مواطنين موريتانيين.

ولكن الحكومة الموريتانية نفت أن يكون قد حدث أي اختراق للحدود، وقال الوزير الناطق باسم الحكومة، الحسين ولد أمدو: «إن وحدات من الجيش المالي كانت تتحرك في مناطق تابعة لحدودها، وأثناء مرورها اعتقلت هذه المجموعة».

وأضاف ولد أمدو، في مؤتمر صحافي مساء الأربعاء، أن القرية التي دخلها الجيش المالي وقوات «فاغنر»، «تابعة لدولة مالي»، مشيراً إلى أن «اتصالات جرت بين السلطات العسكرية الموريتانية والمالية أسفرت عن إطلاق سراح الموقوفين».

لا تسامح

وأصدر الجيش الموريتاني بياناً صحافياً حول الحادثة، وقال إن ما تداولته الصحف المحلية وبعض الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي حول اختراق الحدود «مجرد معلومات مغلوطة وأخبار زائفة»، وقال: «إنه لن يسمح لأي كان بانتهاك الحدود».

وأوضح الجيش الموريتاني أن «الأمر يتعلق بوصول وحدة من الجيش المالي إلى قرية الأغظف الموجودة داخل التراب المالي»، وشدّد على أنه «لم تصل القوات المالية مطلقاً إلى خط الحدود بين البلدين».

وقال الجيش الموريتاني: «إن الوحدة العسكرية المالية أوقفت 18 شخصاً في المناطق التي مرت بها، قبل أن يجري إطلاق سراح الموقوفين لاحقاً، بعد اتصالات ميدانية بين الجهات المعنية بموريتانيا ومالي».

وخلص الجيش الموريتاني إلى «طمأنة المواطنين بأن الوحدات العسكرية الموريتانية المرابطة على الحدود، لن تسمح لأي كان بانتهاك الحوزة الترابية للبلاد»، وفق نص البيان الصحافي.

احتفاء محلي

كان توقيف المواطنين الموريتانيين قد أثار حالة من الرعب في أوساط السكان المحليين، في ظل مخاوف من تصفيتهم، كما سبق أن حدث مع موريتانيين خلال العامين الماضيين، أوقفتهم «فاغنر» وعثر عليهم في مقابر جماعية، ما كاد يقود إلى أزمة في العلاقات بين مالي وموريتانيا.

وبعد الإفراج عن الموقوفين سادت حالة من الارتياح في أوساط السكان المحليين، وأصدرت مجموعة من السياسيين والمنتخبين المحليين بياناً، قالت فيه إن سكان محافظة باسكنو الحدودية «يثمنون إطلاق سراح المختطفين على الحدود المالية».

وقال النائب البرلماني، محمد محمود ولد سيدي، إن الإفراج عن الموقوفين «لحظة تحمل في طياتها فرحة كبرى، وترسم أفقاً جديداً من الأمل والطمأنينة في قلوب الجميع».

وأضاف عضو البرلمان الموريتاني عن دائرة باسكنو، أن السكان يشكرون الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني «الذي قاد بحكمة وحزم مسار الجهود المبذولة لتحقيق هذا الإنجاز الوطني الكبير».

وأرجع النائب جهود الإفراج عن الموقوفين إلى ما سمّاه «الدبلوماسية العسكرية (الموريتانية) التي أظهرت قدرتها على إدارة الأزمات بفاعلية، وأثبتت بالدوام نجاعة وحنكة عاليتين في التعامل مع هذا التحدي الأمني الكبير».

حرب مالي

وتعيش دولة مالي على وقع حرب، منذ أكثر من 10 سنوات، ضد مجموعات مسلحة موالية لتنظيمي «القاعدة» و«داعش»، وقبل سنوات قاد ضباط ماليون انقلاباً عسكرياً، وسيطروا على الحكم في البلد، ليعلنوا التحالف مع روسيا، وجلب مئات المقاتلين من «فاغنر» لمساعدتهم في مواجهة المجموعات الإرهابية.

ويثير وجود «فاغنر» داخل الأراضي المالية، خصوصاً في المناطق الحدودية، مخاوف الموريتانيين؛ إذ تسببت عمليات «فاغنر» في مقتل عشرات الموريتانيين داخل الشريط الحدودي بين البلدين.

وتوجد في الشريط الحدودي عشرات القرى المتداخلة، بعضها تتبع موريتانيا ويقطنها مواطنون ماليون، وأخرى تتبع مالي ويقطنها مواطنون موريتانيون، وذلك بسبب عدم ترسيم الحدود بشكل نهائي بين البلدين.