نتنياهو لتمرير «قانون القومية اليهودية» المناهض للعربية الأسبوع المقبل

سيتيح إقامة بلدات يهودية يحظر سكن العرب فيها

TT

نتنياهو لتمرير «قانون القومية اليهودية» المناهض للعربية الأسبوع المقبل

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تصميمه على تمرير القانون المسمى «قانون القومية» الأسبوع المقبل، أي قبل نهاية الدورة الحالية للكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، الذي يجري بموجبه، ترسيخ الطابع اليهودي للدولة، وتقليص الحيز الديمقراطي فيها، وتخفيض مكانة اللغة العربية من لغة رسمية إلى لغة ثانوية.
وكان الكنيست قد صادق على القانون المذكور بالقراءة الأولى، وبقيت قراءتان ثانية وثالثة لإقراره بشكل نهائي، كقانون أساس ذي طابع دستوري. ولكونه كذلك، يحتاج إلى موافقة 61 نائباً على الأقل. ولكن نواب اليمين الحاكم مختلفون حول صيغ القانون. فأقام نتنياهو لجنة برئاسة الوزير ياريف لفين لتسوية الخلافات، ولم تنجح اللجنة في مهمتها بعد، لذلك أصدر نتنياهو تعليماته إلى إنهاء الخلافات في أسرع وقت.
وتبين أن اللجنة أجرت تعديلات عدة على قانون «القومية»، منها منح مكانة «عليا» للغة العبرية، بداعي أنها «لغة الدولة»، لتكون بذلك اللغة الرسمية الوحيدة. أما اللغة العربية فستكون لها «مكانة خاصة»، من دون أن توفر للمتحدثين بها خدمات الدولة مثلما كان بمقترح القانون الأصلي، بحيث يجري شطب الاعتراف بها كلغة رسمية، على أن يجري إدراج استعمالها ضمن تشريع قانون خاص باللغة العربية. وينص مشروع القانون على جعل المحكمة العليا تفضل الطابع اليهودي للدولة على القيم الديمقراطية عندما يحصل تناقض بينهما. وتم شجب كلمة «ديمقراطية» تماماً في القانون. ويتضمن القانون بنداً يسمح بإقامة بلدات لليهود فقط، ومنع غير اليهود من السكن فيها.
وعقّب النائب عن القائمة المشتركة، د. يوسف جبارين، على هذه التطورات قائلاً: «من المهم التأكيد على أنه من وجهة نظر دولية، فإن قانون الأساس المقترح يتناقض بوضوح مع المبادئ والقرارات التي قامت إسرائيل على أساسها، وفي مركزها الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 الصادر يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) لعام 1947 بشأن تقسيم فلسطين الانتدابية إلى دولتين، حيث نص القرار على أن كل دولة من الدولتين تتبنّى (دستوراً ديمقراطياً)، يضمن عدم (التمييز بين السكان بأي شكل من الأشكال، بسبب الأصل أو الدين أو اللغة أو الجنس)، وكذلك يضمن (لجميع الأشخاص الخاضعين لولاية الدولة الحق في الحماية القانونية المتساوية). وعملياً، فإنَّ المبادئ الأساسية القائمة في صلب مشروع القانون الأساس، تتناقض بصورة جلية مع جميع مبادئ قرار التقسيم للأمم المتحدة، وهو القرار الذي لطالما تغنّت به إسرائيل بوصفه قاعدة تاريخية للاعتراف بها».
وقالت المحامية منى حداد من «عدالة - المركز القانوني لحماية حقوق الأقلية العربية»، إن «القانون بحد ذاته لا يجدد شيئاً من حيث الممارسة الفعلية للقضاء الإسرائيلي، أو للممارسة الفعلية للحكم في إسرائيل. فهو يعرف إسرائيل كدولة الشعب اليهودي، ويعطي أفضلية لليهود في إسرائيل، ونحن نرى أن هذه الممارسة كانت موجودة منذ قيام الدولة، وحتى في قرارات المحاكم، وعلى رأسها المحكمة العليا حتى في قرارات رئيسها السابق أهارون براك الذي ينظر إليه قاضياً ليبرالياً، ومثال على ذلك قرار الحكم في قضية قعدان (قضية منع مواطن عربي من السكن في بلدة يهودية) الذي منحت فيه المحكمة الحق في أهمية المحافظة على الأغلبية اليهودية، وقانون العودة لليهود، ومكانة اللغة العبرية كلغة مركزية، وأعياد اليهود ورموز الدولة، وهي مركبات قامت على أساسها دولة إسرائيل، لذلك لا أرى تجديداً في القانون».
وقال رئيس جمعية الميزان الحقوقية، المحامي فراس دلاشة، إن «خطورة هذا القانون تنبع من كونه (قانون أساس) محصناً يرتقي إلى مكانة المواد الدستورية، وهو كذلك ليس كأي قانون أساس محصن، لأنه قانون أساس تحدد فيه هوية الدولة، اقتراح القانون يسعى لتغيير التوازن القائم بين الطابع اليهودي للدولة وديمقراطيتها، حيث يسعى لتهميش طابعها الديمقراطي بشكل كبير، المهمش بشكل كبير أصلاً، لصالح طابعها اليهودي، ويجعل الأول تابعاً للثاني ويخدمه». وأضاف: «اقتراح القانون يتعمد تجاهل العرب، الذين هم المواطنون الأصليون في هذه البلاد، ويشكلون نسبة 20 في المائة من السكان، لذا فإن الانطباع العام من قراءة اقتراح القانون، أنه يرسخ بشكل كبير وواضح العنصرية الدينية، وفوقية الشعب اليهودي على سائر المواطنين في هذه البلاد، وأن الهدف من ورائه لا يتجاوز السعي لوضع حجر الشاهد على قبر شرعية الوجود الفلسطيني على هذه الأرض».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.