كاليفورنيا بصدد وضع قيود أكثر صرامة على التصديع للغاز الصخري

مناصرو حماية البيئة يرون أنها غير كافية للبعض

مركبات كيميائية متعددة تستخدم في تفتيت الحجارة أو تصديعها لاستخراج الغاز الصخري قد تلوث المياه الجوفية (نيويورك تايمز)
مركبات كيميائية متعددة تستخدم في تفتيت الحجارة أو تصديعها لاستخراج الغاز الصخري قد تلوث المياه الجوفية (نيويورك تايمز)
TT

كاليفورنيا بصدد وضع قيود أكثر صرامة على التصديع للغاز الصخري

مركبات كيميائية متعددة تستخدم في تفتيت الحجارة أو تصديعها لاستخراج الغاز الصخري قد تلوث المياه الجوفية (نيويورك تايمز)
مركبات كيميائية متعددة تستخدم في تفتيت الحجارة أو تصديعها لاستخراج الغاز الصخري قد تلوث المياه الجوفية (نيويورك تايمز)

سيواجه الحفارون في كاليفورنيا، المتحمسون بشدة لاستخدام طرق التكسير الهيدروليكي (التصديع الهيدرولي) من أجل الاستفادة من أكبر تكوينات الغاز الصخري، لوائح شاملة للمرة الأولى في العام المقبل بموجب القوانين الصادرة هذا الأسبوع.
تدخل هذه القوانين حيز النفاذ اعتبارا من الأول من يناير (كانون الثاني) المقبل، وعلى الرغم من ذلك، فسيحل محلها في العام التالي لوائح دائمة ما زال يجري تطويرها في الوقت الراهن، غير أنه من المتوقع أن تكون تلك اللوائح مشابهة أيضا. وفي شهر سبتمبر (أيلول)، صدق حاكم ولاية كاليفورنيا جيري براون على قانون أرسى الأسس لمسودة تلك اللوائح.
وبموجب اللوائح الجديدة، يكون الحفارون مطالبين بتنبيه أصحاب الأراضي المجاورة قبل 30 يوما على الأقل من استخدام طرق التكسير الهيدروليكي واختبار آبار المياه الخاصة بهم عند الطلب. ويجب على الحفارين إجراء أعمال رصد أخرى للمياه الجوفية والإفصاح عن العديد من المواد الكيميائية المستخدمة. وتغطي القوانين استخدام الأحماض، التي تستخدم عادة لتفتيت الصخور من أجل الوصول إلى النفط أو الغاز.
وعلاوة على ذلك، يقول المحللون إنه على الرغم من تغطية القوانين للكثير من مراحل عمليات الحفر، فإنها ليست كافية بالنسبة لما تريده الكثير من الجماعات البيئية.
وفي هذا السياق، تقول أميلي موراي، الشريكة في شركة المحاماة «ألين ماتكينس» التي تتخذ من لوس أنجليس مقرا لها: «من المؤكد أن هناك حالة من التوتر في كاليفورنيا بين الجماعات البيئية، التي تود حدوث توقف عملي لتلك العمليات، إلى حين وجود الكثير من الأبحاث على أقل تقدير، والأهالي الذين يرغبون في استمرارها من دون وجود لوائح بصورة أساسية». ومن الجدير بالذكر أن عملاء موراي لديهم الكثير من الآراء المختلفة بشأن التكسير الهيدروليكي.
وأردفت مواري أنه من المؤكد أن اتجاه كاليفورنيا بخصوص التكسير الهيدروليكي ليس مرضيا بالنسبة لحظر مثل تلك الممارسات، بيد أنه يعد نظرة متفحصة بدقة للغاية.
بينما يجري فرض تلك اللوائح، تتحرك الكثير من الولايات الأخرى لفرض قيود أشد صرامة على التكسير الهيدروليكي، الذي يتمثل في استخراج النفط أو الغاز الطبيعي من الصخور الموجودة تحت الأرض عن طريق استخدام خليط ذي ضغط عال من المياه والرمال والمواد الكيميائية.
تعد كاليفورنيا بالفعل هي ثالث أكبر الولايات المنتجة للنفط على مستوى البلاد، بيد أن هذا الإنتاج انخفض أخيرا، في حين ارتفع على النقيض من ذلك في ولايتي داكوتا الشمالية وتكساس.
ووفقا لأحد التقديرات الصادرة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فمن المعتقد أن التكوين، المعروف باسم «سجيل مونتيري» أو «مونتيري شيل» (Monterey Shale) والذي يقع تحت الأرض في بيكرسفيلد والمناطق الأخرى بوسط وجنوب كاليفورنيا، يمثل نحو ثلثي الطفلة الزيتية التي يمكن استخلاصها في البلاد.
ويتوق الحفارون شوقا إلى أخذ واستخدام النفط الموجود في السجيل، بيد أن المناصرين لحماية البيئة يخافون أن ينتج عن ذلك تلوث للمياه والهواء، كما يساورهم القلق أيضا بشأن احتمالية حدوث زلازل مرتبطة بالتخلص من سوائل التكسير الهيدروليكي.
وعلى الرغم من أن التكسير الهيدروليكي يحدث في كاليفورنيا منذ عقود من الزمان، فإنه يواجه العقبات بسبب الجيولوجيا المعقدة وغير المستوية الخاصة بـ«مونتيري شيل». ويقول البعض إن التحديات الجيولوجية يمكن أن تؤدي أيضا إلى إعاقة عملية التطوير الرئيسة على المدى البعيد.
وفي المقابل، يخضع العاملون في عمليات التكسير الهيدروليكي بكاليفورنيا للقوانين القياسية الخاصة بالحفارين، مثل الاستعراض الإلزامي لتصميم آبار النفط والغاز. بيد أن زيادة عمليات التكسير الهيدروليكي، مع خلط المواد الكيميائية السائلة الخاصة بها، شجع على المطالبة بوجود المزيد من المراقبة والإشراف. فعلى سبيل المثال، سيجري تعزيز القوانين التي تحكم عملية تصميم الآبار، وذلك من خلال وجود متطلبات اختبار جديدة.
وفي سياق متصل، قالت كاثرين رييس بويد، رئيسة جمعية البترول للولايات الغربية (WSPA)، إن القوانين الجديدة لكاليفورنيا كانت أكثر شمولية من نظيرتها في أي ولاية أخرى. وأردفت بويد: «أعتقد أن تلك القوانين تغطي كل المجالات الممكنة التي يمكن لأي شخص أن يفكر بشأنها»، مضيفة أن «هذا المجال يقبل وجود لوائح جديدة».
وفي هذا الصدد، ستتضمن القوانين الدائمة وجود متطلبات أكثر تحديدا في ما يتعلق برصد المياه الجوفية، بالإضافة إلى تسهيل الأمر للولاية بمنع الحفارين إذا كانت مراجعة تقاريرهم غير كافية.
وفي نفس السياق، يقول جاسون مارشال، النائب الأول لمدير إدارة الحفاظ على الطاقة في كاليفورنيا المعنية بمراقبة القسم التنظيمي للنفط والغاز بالولاية: «بوجه عام لن يكون هناك تغيير كبير، على الرغم من ذلك، بين ما يفعلونه في عام 2014 وما سيفعلونه في عام 2015». وستسنح الفرصة أمام العامة لحضور جلسات الاستماع وإبداء التعليقات.
الجدير بالذكر أن القوانين لا تحقق ما تريده مجموعات الضغط البيئية بالولاية بنفس القدر الذي كانت تنتظره، حيث أرسلت أكثر من 100 جماعة بيئية يوم الخميس خطابا إلى المشرعين بساحل كاليفورنيا تحثهم على وقف عمليات التكسير الهيدروليكي قبالة الشاطئ. وذكرت الجماعات البيئية في خطابها أنه «في ظل وجود عمليات التكسير الهيدروليكي، تزداد مخاطر التسرب النفطي ومرور السفن وتصريف النفايات السامة وتلوث الهواء بشكل جوهري».
ومن المقرر أن تنظر إحدى المحاكم في كاليفورنيا يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) قضية رفعتها العديد من الجماعات البيئية ضد المشرعين بالولاية، حيث تريد تلك الجماعات أن تخضع عملية التكسير الهيدروليكي لمراجعة بيئية قبل السماح بمواصلتها. وتخطط كاليفورنيا لاستكمال دراستين أساسيتين بحلول شهر يوليو (تموز) في عام 2015.
وفي هذا السياق، يقول ويل روستوف، أحد المحامين بولاية كاليفورنيا والذي يمثل الجماعات البيئية في تلك القضية: «إنهم يمنحون الضوء الأخضر بشكل أساسي لعمليات التكسير الهيدروليكي في العام المقبل، كما أنهم لا يقومون بإجراء التحليل البيئي المطلوب تنفيذه».
وأضاف روستوف أن نيويورك لديها اتجاه أفضل نحو هذا الأمر. ويجري تأجيل عمليات التكسير التصديعي في المنطقة الغنية بالغاز الطبيعي (Marcellus Shale) في نيويورك إلى أن تستكمل الولاية المراجعة الصحية والبيئية. واختتم روستوف حديثه قائلا: «يلزم دراسة ذلك الأمر قبل السماح بإجرائه».
* خدمة «نيويورك تايمز»



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.