رئيسا إقليم كاتالونيا والحكومة الإسبانية يبحثان تهدئة التوتر

استقبل رئيس الحكومة الإسبانية الجديد بيدرو سانشيز، أمس، رئيس إقليم كاتالونيا كيم تورا في أول لقاء بينهما بهدف تهدئة التوتر الذي أعقب محاولة كاتالونيا إعلان استقلالها من جانب واحد في أكتوبر (تشرين الأول) 2017. ووسط مخاوف من أن لا يثمر اللقاء عن موقف توافقي.
وبدأ اللقاء الأول منذ أكثر من عامين بين رئيس حكومة إسباني ورئيس إقليم كاتالونيا، صباح أمس في مقر الحكومة الإسبانية بمصافحة بين الرجلين، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. ومن غير المقرر عقد مؤتمر صحافي مشترك، لكن من المتوقع أن تدلي المسؤولة الثانية في الحكومة كارمن كالفو بتصريحات بشأن اللقاء في مقر الحكومة إثر الاجتماع، في حين من المقرر أن يدلي كيم تورا بتصريحات في مقر حكومة كاتالونيا بمدريد.
وكان سانشيز، الذي تسلم منصبه في الأول من يونيو (حزيران) خصوصا بفضل أصوات النواب الكاتالونيين من دعاة الاستقلال، وعد بفعل كل ما بوسعه لتهدئة التوتر مع كاتالونيا. وفي مسعى لتخفيض التوتر، نقلت الحكومة الإسبانية الأربعاء إلى سجون كاتالونيا ستة من القادة الاستقلاليين الذين كانوا مسجونين قرب مدريد لدورهم في محاولة الانفصال.
لكن مواقف مدريد وسلطات برشلونة تبدو متعارضة بشأن مسألة تقرير المصير لهذه المنطقة الغنية في شمال شرقي إسبانيا، إلى حد الشك في احتمال إحراز تقدم ملموس في هذا اللقاء. وكيم تورا الذي تولى منصبه منتصف مايو (أيار) هو من أعضاء الجناح المتشدد في الحركة الداعية لاستقلال كاتالونيا. وكان أعلن أنه سيثير في الاجتماع مسألة تنظيم استفتاء لتقرير المصير في كاتالونيا. غير أن الكثير من أعضاء الحكومة الإسبانية ردوا مسبقا بالرفض، على غرار كارمن كالفو نائبة رئيس الوزراء. وكانت قالت أول من أمس، لصحيفة «الموندو»: «استقلال منطقة ليس مدرجا في الدستور. ولا يمكن لأي حكومة دستورية في إسبانيا أن تفكر فيه»، مشيرة إلى أنه «لم يسبق لكاتالونيا أن حصلت على المستوى الحالي من الحكم الذاتي واللامركزية».
ورد مسؤول كبير في حكومة كاتالونيا بالقول إن «مقترحنا لتسوية (المشكلة) هو استفتاء لتقرير المصير. وإذا كانت لديهم فكرة أفضل فعليهم أن يشرحوها لنا». ودعت وزيرة سياسة المناطق ماريكسل باتيت في بداية يونيو إلى مراجعة الدستور لاعتماد نظام فيدرالي. لكن مع 84 نائبا من أصل 350 لا يملك الاشتراكيون القدرة على المضي في ذلك.
ولاحظ فيرناندو فاليبين، أستاذ العلوم السياسية في جامع مدريد المستقلة، أنه «لا توجد أغلبية في إسبانيا تتيح القيام بمراجعة للدستور فاليمين يمكنه أن يعطلها»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية. وكانت كاتالونيا مسرحا في خريف 2017 لأكبر أزمة سياسية تشهدها إسبانيا منذ عودتها إلى الديمقراطية، وذلك عندما نظم رئيس حكومتها كارليس بوتشيمون استفتاء غير قانوني لتقرير المصير في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) تخللته أعمال عنف، وذلك قبل أن يعلن برلمان كاتالونيا بشكل أحادي الاستقلال في 27 أكتوبر 2017.
وردا على ذلك، حلّت حكومة المحافظ ماريانو راخوي بدعم من سانشيز الذي كان حينها في المعارضة، حكومة إقليم كاتالونيا وبرلمانه ودعت إلى انتخابات محلية جديدة. وفاز بانتخابات 21 ديسمبر (كانون الأول) دعاة الاستقلال الذين تم سجن أبرز قادتهم أو فروا إلى الخارج على غرار بوتشيمون الذي ينتظر في ألمانيا قرار القضاء بشأن طلب سلطات إسبانيا تسليمه.
ومع أنهم يملكون الأغلبية في برلمان كاتالونيا، فإن دعاة الاستقلال منقسمون بين أنصار الاعتدال، والمتشددين على غرار بوتشيمون الذين يعتبرون أي تنازل لمدريد خيانة. وبضغط من المتشددين، تبنى برلمان كاتالونيا الخميس مذكرة لليسار المتشدد يؤكد فيها مجددا الرغبة في إقامة جمهورية مستقلة. وأعلنت الحكومة الإسبانية رغبتها في إلغاء المذكرة أمام المحكمة الدستورية. ويبدو بالتالي أن استئناف الحوار سيكون طويلا. وكان سانشيز اقترح أن ينظم اللقاء الثاني في سبتمبر (أيلول) ببرشلونة.