تقارب ألماني ـ صيني وسط تحذيرات فرنسية لأميركا في إطار الحرب التجارية

باريس تلوّح بأن واشنطن أصبحت خصماً

أصبحت الصين أكثر أهمية لبعض الدول الأوروبية في ظل الصعوبات مع الولايات المتحدة
أصبحت الصين أكثر أهمية لبعض الدول الأوروبية في ظل الصعوبات مع الولايات المتحدة
TT

تقارب ألماني ـ صيني وسط تحذيرات فرنسية لأميركا في إطار الحرب التجارية

أصبحت الصين أكثر أهمية لبعض الدول الأوروبية في ظل الصعوبات مع الولايات المتحدة
أصبحت الصين أكثر أهمية لبعض الدول الأوروبية في ظل الصعوبات مع الولايات المتحدة

تحاول ألمانيا التقرب من العملاق الصيني على الصعيد التجاري من ناحية، ومحاولة نزع فتيل الأزمة الأوروبية الأميركية من ناحية أخرى، وسط محاولات أميركية للوقيعة بين فرنسا وألمانيا اقتصادياً.
حتى أن وزير المالية الفرنسي اعتبر، أمس، أن الولايات المتحدة تريد «الفصل بين فرنسا وألمانيا» في مسألة التجارة الدولية، داعياً أوروبا إلى «التكاتف» في إطار «حرب تجارية».
ووسط تخوفات من سعي كل دولة في الاتحاد الأوروبي على حدة وراء مصلحتها، حذر البعض من أن أميركا وحدها ستكون الفائز حال حدوث ذلك.

محاولات ألمانية فردية

أعربت أوساط اقتصادية ألمانية عن أملها في تحسن العلاقات بين ألمانيا والصين، على خلفية المشاورات الحكومية المنتظرة في العاصمة الألمانية برلين.
وقال رئيس قطاع التجارة الخارجية بغرفة التجارة والصناعة الألمانية فولكر تراير: «بعدما تزايدت صعوبة العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية بصفة مستمرة، أصبح عملاق الاقتصاد الآخر، الصين، حتماً أكثر أهمية بالنسبة لنا».
وأضاف أنه لا يزال هناك كثير من القطاعات لا تتوافر فيها لما يزيد على 5 آلاف شركة ألمانية في الصين إمكانية وصول متكافئة إلى الأسواق، على عكس الشركات الصينية في ألمانيا.
وسوف يتوجه رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ، اليوم (الاثنين)، إلى العاصمة الألمانية برلين لإجراء المشاورات الحكومية الألمانية - الصينية الخامسة.
وسوف يجري كه تشيانغ مباحثات مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ومن المقرر أن يلتقي أيضاً بوزير الاقتصاد الألماني بيتر ألتماير.

تحذير فرنسي

قال وزير المالية الفرنسي برونو لومير، أمس، إن على الولايات المتحدة أن تتوقع رد فعل قوياً وموحداً من أوروبا، في حالة فرض أي زيادات أخرى للرسوم الجمركية، محذراً من أن حرباً تجارية تدور بالفعل.
وصرّح لومير، في أثناء لقاءات اقتصادية في «إكس إن بروفانس»، جنوب غربي فرنسا، بأن «المسألة ليست معرفة ما إذا كانت ستحصل حرب تجارية أم لا، فالحرب التجارية قد بدأت»، داعياً الأفرقاء الأوروبيين إلى التحلي بـ«الوعي».
وأضاف: «في ظل هذه العولمة، يجب أن تتكاتف الدول الأوروبية، لأن ما يريده شركاؤنا أو خصومنا هو الفصل بيننا. ما تريده الولايات المتحدة هو الفصل بين فرنسا وألمانيا في مسألة التجارة».
وفرضت الولايات المتحدة، الجمعة، رسوماً جمركية على بضائع صينية تبلغ قيمتها 34 مليار يورو، ما دفع بكين إلى الردّ عبر فرض تدابير مضادة على بضائع بالقيمة نفسها.
وقد يتفاقم هذا النزاع التجاري الذي يأتي بعد فرض واشنطن رسوماً جمركية على واردات الصلب والألمنيوم، حيث إن الرئيس الأميركي دونالد ترمب هدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 20 في المائة على السيارات المستوردة من الاتحاد الأوروبي.
وتابع لومير: «في حال فرض رسوم على قطاعات اقتصادية أخرى، كقطاع السيارات، ردنا يجب أن يكون موحداً قوياً لجعلهم يفهمون أن أوروبا أيضاً هي قوة اقتصادية سيادية»، وحذر: «إذا تعرضنا لهجوم، سنتصرف بشكل جماعي وبحزم»، وأضاف: «لا يمكننا فهم كيف يتم الإعلان عن حرب تجارية بين حلفاء، بين الشعبين الأميركي والأوروبي».
وأعلنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، الخميس، «استعدادها» للتفاوض بشأن خفض الرسوم على السيارات، رداً على اقتراح تقدمت بها واشنطن للشركات الألمانية المصنعة، ما أفسح المجال لسيناريو جديد للخروج من النزاع التجاري.
ولا يصب تصريح المستشارة في إطار المفاوضات التجارية الرسمية مع الولايات المتحدة، التي تجريها عادة المفوضية الأوروبية التي سيتوجه رئيسها جان كلود يونكر، نهاية الشهر الحالي، إلى واشنطن.

لاغارد وورقة الاتحاد الأوروبي

كانت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي، كريستين لاغارد، قد صرحت أول من أمس بأن لدى الاتحاد الأوروبي «ورقة يلعبها» في الحرب التجارية الدائرة حالياً بين الولايات المتحدة والصين، ولكن بشرط أن يكون «موحداً».
وقالت لاغارد، خلال منتدى «لقاءات اقتصادية في إيكس إن بروفانس»، في جنوب فرنسا، إنه «في ميزان القوى الذي نراه يتشكل حالياً (...) بين الولايات المتحدة من جهة، والصين من جهة أخرى، اللتين تمثلان شكلين مختلفين تماماً للزخم الرأسمالي نفسه، يمكن لأوروبا أن تلعب ورقة تتميّز بخصوصية بالغة».
وأضافت أن «ميزان القوى يتشكل وفي وسطه أحد ما، إنه أوروبا التي من دونها لا يمكن لهذا الطرف أو ذاك أن ينتصر على الآخر».
وإذ اعتبرت أن «لأوروبا (أهمية) استراتيجية لهذا الطرف كما لذاك»، ولا سيما في مجال التجارة، أشادت بالسياسة التي ينتهجها الاتحاد الأوروبي، الذي سيشارك في قمة في بكين يومي 16 و17 يوليو (تموز).
ولكن لاغارد شددت على وجوب أن يكون الاتحاد الأوروبي موحداً في مواقفه، معتبرة أن «الأوروبيين مجتمعين يشكلون قوة وعزماً، لأنهم عندما يكونون متحدين تكون لديهم قدرة حقيقية على إحداث تغيير».
وأضافت المديرة العامة أن الاتحاد الأوروبي يجب أن «يصنع قدره بنفسه، وأن يكون في الوقت نفسه مصدر إلهام لدول كثيرة أخرى في العالم».
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ أن بلاده تنوي مواصلة سياسة الانفتاح التجاري التي تعتمدها، وخفض الرسوم الجمركية، غداة دخول رسوم جمركية أميركية بنسبة 25 في المائة على 34 مليار دولار من الواردات الصينية حيز التنفيذ.
وقال رئيس الحكومة، في خطاب في أثناء قمة بين بكين و16 دولة من وسط وشرق أوروبا، السبت، في صوفيا: «الانفتاح كان محركاً رئيسياً لبرنامج الصين الإصلاحي، سنواصل انفتاحنا بشكل أوسع على العالم، بما في ذلك منح وصول أوسع إلى السوق للمستثمرين الأجانب والمنتجات الأجنبية التي تلبي حاجات المستهلكين الصينيين».
وشدد أيضاً على أن بكين ستواصل «خفض الرسوم على الواردات إلى السوق الصينية».
وكان رئيس الوزراء الصيني قد اعتبر، الجمعة، بعد فرض رسوم جمركية أميركية جديدة على 828 منتجاً صينياً، أن «حرباً تجارية لن تفيد أحداً لأنها تضر بالتجارة الحرة والعمليات المتعددة الأطراف»، وأضاف: «إذا أرادت جهة ما زيادة رسومها الجمركية، ستتخذ الصين تدابير مضادة».

نمو في الصين

شهدت الصين نمواً مستقراً للأعمال الجديدة في النصف الأول من العام الحالي، طبقاً لما ذكرته وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) أمس، نقلاً عن مصلحة الدولة لتنظيم السوق. وأضافت المصلحة، في بيان لها، أن إجمالي 3.27 مليون شركة جديدة قد تم إنشاؤها في الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، بارتفاع نسبته 12.5 في المائة على أساس سنوي، فيما تم تأسيس نحو 18100 شركة جديدة يومياً في النصف الأول من العام.
وبحسب سلطات تنظيم السوق، فإن إجراءات تسجيل الأعمال والشركات الجديدة يمكن أن تتم عبر شبكة الإنترنت في 22 مقاطعة.
وقالت المصلحة أيضاً إنها ستواصل العمل على تخفيض الموافقات الإدارية المطلوبة، إلى جانب تحسين بيئة الأعمال، لتشجيع المزيد من الاستثمارات ورواد الأعمال على الانخراط في السوق.



مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
TT

مصر تقر زيادة حصتها في صندوق النقد 50 %

معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)
معبد الأقصر جنوب مصر مضاء ليلاً (أ.ف.ب)

نشرت الجريدة الرسمية في مصر قرار الرئيس عبد الفتاح السيسي، بشأن الموافقة على زيادة حصة البلاد في صندوق النقد الدولي بنسبة 50 في المائة. كما نص القرار على أن الزيادة في الحصة لن تصبح سارية إلا بعد استيفاء شروط التصديق، رابطاً ذلك بموافقة جميع الدول الأعضاء في الصندوق على زيادة حصصهم.

وحسب مراقبين، تهدف زيادة الحصة إلى تعزيز الموارد المتاحة لصندوق النقد لدعم السياسات الاقتصادية والمالية للدول الأعضاء. كما أنها تزيد من القوة التصويتية لمصر في الصندوق.

ويرتبط القرار بالمراجعة العامة الـ16 للحصص، التي تشمل زيادات في حصص الدول الأعضاء، والتي تعتمد على الموافقة الكتابية للدول المشاركة والالتزام بالشروط المالية المحددة. علماً أن نحو 97 في المائة من الدول الأعضاء توافق على الزيادة.

كان مجلس النواب قد وافق في جلسة عامة في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على زيادة حصة مصر في الصندوق بنسبة 50 في المائة. ومن المقرر أن تقوم مصر بإتمام الإجراءات المالية اللازمة لدفع الزيادة في حصتها، والتي ستتم في إطار الزمان المحدد في القرار، حسبما أوضح مسؤولون مصريون.

وأعلن صندوق النقد الشهر الماضي التوصل إلى اتفاق على مستوى الخبراء مع مصر بشأن المراجعة الرابعة لاتفاق تسهيل الصندوق الممدد الذي يستمر 46 شهراً، وهو ما قد يتيح صرف شريحة جديدة تبلغ 1.2 مليار دولار. وقال وزير المالية المصري أحمد كوجك، قبل أيام إن مصر ستحصل على الشريحة هذا الشهر، نافياً طلب مصر توسيع القرض البالغة قيمته 8 مليارات دولار مرة أخرى.

وفي تصريحات إعلامية، أعرب كوجك عن قلقه من حجم الدين الخارجي الذي يتخطى 152 مليار دولار، وأكد تعهد الحكومة بخفضه بما يعادل نحو ملياري دولار سنوياً مع السداد بأكثر من قيمة الاقتراض.

في سياق منفصل، أفادت بيانات من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في مصر بأن التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في المدن المصرية تراجع إلى 24.1 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، من 25.5 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني). وهذا هو أدنى مستوى في عامين، ويتماشى ذلك مع ما خلص إليه استطلاع رأي أجرته «رويترز»، وذلك في ظل استمرار تراجع أسعار المواد الغذائية.

وعلى أساس شهري، ارتفعت الأسعار في المدن المصرية 0.2 في المائة، مقارنةً مع 0.5 في المائة في نوفمبر. وانخفضت أسعار المواد الغذائية بنسبة 1.5 في المائة في ديسمبر بعد انخفاضها بنسبة 2.8 في المائة في نوفمبر، مما جعلها أعلى بنسبة 20.3 في المائة مما كانت عليه قبل عام.

وارتفع التضخم في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول)، لكنه انخفض في نوفمبر وظل أقل بكثير من أعلى مستوى له على الإطلاق عند 38 في المائة الذي سجله في سبتمبر 2023.

وساعد النمو السريع في المعروض النقدي لمصر على زيادة التضخم. وأظهرت بيانات البنك المركزي أن المعروض النقدي (ن2) نما 29.06 في المائة في العام المنتهي في آخر نوفمبر، وهو ما يقل قليلاً عن أعلى مستوى على الإطلاق البالغ 29.59 في المائة المسجل في العام المنتهي بنهاية سبتمبر.

وبدأ التضخم في الارتفاع بشكل كبير عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو ما دفع المستثمرين الأجانب إلى سحب مليارات الدولارات من أسواق الخزانة المصرية. وسجل التضخم ذروته عند 38 في المائة في سبتمبر 2023، وكان أدنى مستوى له منذ ذلك الحين عندما سجل 21.27 في المائة في ديسمبر 2022.

ووقَّعت مصر في مارس (آذار) الماضي على حزمة دعم مالي مع صندوق النقد الدولي بهدف مساعدتها على تقليص عجز الميزانية وتبني سياسة نقدية أقل تأجيجاً للتضخم، لكنَّ الحزمة تُلزم الحكومة بخفض الدعم على بعض السلع المحلية، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعارها.

ومعدلات التضخم من أهم النقاط التي تراعيها لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري عندما تجتمع لاتخاذ قرارات أسعار الفائدة.

وتتوقع اللجنة استمرار هذا الاتجاه، إذ قالت في محضر آخر اجتماعاتها في 2024: «تشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءاً من الربع الأول من عام 2025، مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026».

كانت اللجنة قد ثبَّتت أسعار الفائدة في اجتماعاتها الستة الأحدث، إذ لم تغيرها منذ أن رفعتها 600 نقطة أساس في اجتماع استثنائي خلال مارس في إطار اتفاق قرض تمت زيادة حجمه إلى 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي. وكان هذا الرفع قد جاء بعد زيادة بلغت 200 نقطة أساس أول فبراير (شباط).