السلطات الإسرائيلية تعد بيوتاً مؤقتة لسكان الخان الأحمر تمهيداً لترحيلهم

تسابق الزمن لاستغلال الامتناع الأميركي عن انتقاد سياسة الاستيطان

TT

السلطات الإسرائيلية تعد بيوتاً مؤقتة لسكان الخان الأحمر تمهيداً لترحيلهم

على الرغم من قرار محكمة العدل العليا تجميد هدم بلدة الخان الأحمر الفلسطينية، شرعت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس (الأحد)، بنصب بيوت متنقلة (كرافانات) كبيرة في محيط مدينة القدس الشرقية المحتلة، وقرب بلدتي أبو ديس والعيزرية تحديداً، تمهيداً لتهجير أهالي الخان الأحمر وأبو الدوار.
وحسب مصدر استيطاني رفيع، فإن هذه الخطوة تأتي في إطار الحملة الاستيطانية الواسعة التي تنفذها إسرائيل هذه الأيام، التي لا يوجد فيها اعتراض أميركي على أي شيء تفعله. وقال المصدر إن القرار الذي اتخذته اللجنة الوزارية لشؤون سن القوانين بالسماح للمستوطنين بامتلاك أراضٍ فلسطينية هو أيضاً ضمن هذه الخطة.
وأضاف المصدر، المعروف بأنه قناة اتصال حارة بين المستوطنين ومكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن «الحكومة تساند أي مشروع استيطاني في الضفة الغربية والقدس، وأنه يلمس أن نتنياهو نفسه معني بعودة المستوطنين إلى المستوطنات الأربع التي تم إخلاؤها قرب جنين، شمال الضفة الغربية، التي كانت قد أخليت في إطار خطة الانفصال عن قطاع غزة في سنة 2004».
وفي منطقة الخان الأحمر، قال شهود عيان إن قوات الاحتلال أغلقت كثيراً من الشوارع في بلدتي العيزرية وأبو ديس، المفضية إلى قرية الخان الأحمر، فضلاً عن تحرّك شاحنات ضخمة تحمل كرافانات كبيرة وتفرغها في المنطقة، وأضافوا أن جرافات الاحتلال شرعت منذ ساعات صباح أمس، ووسط حصارٍ عسكري محكم، بتسوية طرق تم فتحها في محيط قرية الخان الأحمر.
وأفاد مواطنون بأن جنود الاحتلال أغلقوا محيط بلدة أبو ديس والعيساوية، ومنعوا وصول السيارات الآتية من جنوب الضفة الغربية إلى المنطقة، وبذلك وفروا الحماية لجرافات الاحتلال التابعة للإدارة المدنية الإسرائيلية، التي تعمل منذ أيام في محيط بوابة القدس لتسوية الأرض، ووضع «الكرفانات» الكبيرة عليها، تمهيداً لإسكان أهالي التجمعات البدوية الذين تنوي سلطات الاحتلال إخلاءهم بالقوة.
على صعيد آخر، قررت اللجنة الوزارية لشؤون التشريع في الحكومة الإسرائيلية إعداد مشروع قانون جديد يجيز للمستوطنين والمواطنين اليهود اقتناء وامتلاك أراضٍ فلسطينية خاصة في الضفة الغربية. وينص مشروع القانون الذي بادر إليه عضو الكنيست من «البيت اليهودي» بتسلئيل سموتريتش على السماح لليهود في إسرائيل بشراء أراضٍ بالضفة الغربية عبر شركات إسرائيلية، وتسجيلها على اسمهم في الطابو.
وجاء في تفسير القانون أن الوضع في الضفة الغربية اليوم يستند إلى قانون أردني صدر عام 1953، منع شراء الأراضي في الضفة الغربية من قبل أولئك الذين لا يحملون الجنسية الأردنية أو أي دولة عربية أخرى، وظل القانون سارياً بعد احتلال إسرائيل للضفة الغربية في حرب الأيام الستة. ووفقاً لسموتريتش، يرمي مشروع القانون إلى القضاء على ما يعتبره «التمييز» ضد اليهود في شراء الأراضي في الضفة الغربية المحتلة.
وكتب في تفسيره لمشروع القانون: «هذا الواقع الذي يضع القيود على حق المواطن في دولة إسرائيل في الحصول على حقوق الملكية للأراضي بالضفة الغربية، فقط لأنه مواطن إسرائيلي، مرفوض وغير مقبول».
لذلك يقترح سموتريتش أن ينص في التشريع الأساسي على أنه يحق لكل شخص الحصول على حقوق في العقارات في الضفة الغربية، كما هو معمول به في معظم دول العالم، على حد زعمه.
وقد أدانت وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية، أمس، مشروع القانون «الهادف إلى تكريس استباحة الأرض الفلسطينية المحتلة بالكامل، عبر السماح لكل يهودي بـ(حق) التملك الفردي وشراء أرض في الضفة الغربية المحتلة».
واعتبرته الخارجية، في حال المصادقة عليه، من أبشع أوجه القرصنة، واستغلال قوة الاحتلال وجبروته في عمليات القضم المتسارعة لأرض دولة فلسطين المحتلة، وفي سياق محاولات الاحتلال لتغيير الواقع التاريخي والقانوني القائم لصالح المشروع الاستيطاني الاستعماري، وامتداداً لمشاريع القرارات والقوانين العنصرية التي تنكر على الشعب الفلسطيني وجوده الوطني والإنساني، وحقه في إقامة دولته المستقلة على أرض وطنه، وعاصمتها القدس الشرقية المحتلة.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».