جمجمة فرعون صغير تُغير تاريخ «الالتهاب السحائي»

في عام 1887 أعلن أنطون فايكسيلباوم، العالم النمساوي المختص في دراسة الجراثيم، عن اكتشافه لعدوى بكتيرية وتسببها في مرض الالتهاب السحائي، وتم تسجيل أول ارتباط بين العدوى البكترية وهذا المرض منذ ذلك التاريخ، ولكن مومياء لطفل من مصر القديمة، ربما تغير من هذا التاريخ.
وقد تمكن علماء إسبان من الكشف عن أقدم إصابة بكتيرية بهذا المرض، وذلك في جمجمة لمومياء في إحدى المقابر بمنطقة مصر الوسطى، تعود لطفل من مصر القديمة يتراوح عمره بين 6 و8 سنوات.
تحنيط مصري
والالتهاب السحائي، هو التهاب حاد يحدث في الأغشية الواقية التي تغطي الدماغ والنخاع الشوكي، وقد سمح نظام التحنيط المصري القديم بمشاهدة الالتهابات السحائية التي غطت منطقة أعلى جمجمة الطفل، كما كشف الفريق البحثي في دراسته المنشورة في شهر مايو (أيار) الماضي بدورية World Neurosurgery المعنية بدراسات جراحة الأعصاب.
ويقول الفريق البحثي الذي ضم خيسوس هيريرين، الباحث بكلية العلوم بجامعة مدريد المستقلة، وألبرت سيدرو، الطبيب بقسم جراحة العظام بمستشفى يونيفرسيتاري ساغرات كور في برشلونة، إن مومياء الطفل التي كشفت عن أقدم إصابة مسجلة لهذا المرض، كانت ضمن 17 مومياء في المقبرة القبطية بمصر الوسطى تم دراستها. وكان اللافت للانتباه أن جمجمة الطفل على الرغم من أنها كانت تالفة، فإن منطقة أعلى الجمجمة سمحت بمشاهدة الالتهابات السحائية التي كانت تغطيها بالكامل.
والسحايا هي الأغشية المغلفة للمخ والنخاع الشوكي، ويحدث لها التهاب نتيجة إصابتها بعدوى فيروسية أو فطرية أو بكتيرية. وتختلف خطورة الالتهاب باختلاف المصدر المسبب له، فعندما تكون الإصابة فيروسية عادة ما يكون الالتهاب خفيفاً ولا يستدعي العلاج، أما الناتج عن الفطريات والبكتريا فيكون أكثر خطورة وقد يسبب الموت.
وأكد الفريق البحثي أن إصابة الطفل كانت من النوع المميت، وهو ما يكشف عنه انتشار الالتهاب، والذي كان يغطي منطقة أعلى الجمجمة بالكامل. وأبدى الباحثان صاحبا الاكتشاف، سعادتهما بما توصلا إليه من نتيجة، مؤكدين أنها ستغير التاريخ المعروف عن هذا المرض، كما أكدا في مقدمة بحثهم.
وقال الدكتور محمد التهامي، الأستاذ بقسم الأنثربولوجيا البيولوجية بالمركز القومي للبحوث بمصر، والذي أجرى عده دراسات على المومياوات الفرعونية، إن «قيمة العمل على المومياوات أنها قد تغير ما هو معروف عن تاريخ الأمراض».
وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «ما توصل له الفريق البحثي الإسباني قد يجعل المتخصصين يعيدون التفكير في وجود أنواع بكتيرية أخرى غير الشائعة الآن، والتي تسبب المرض».