«منتدى أصيلة» يناقش «ما بعد العولمة» بمشاركة وزراء خارجية سابقين

السياسي اليساري المغربي محمد الأشعري يدعو إلى تيار عالمي لإنقاذها

الجلسة الأولى من ندوة أصيلة الثالثة ويبدو مصطفى حجازي مستشار الرئيس المصري السابق (وسط) وميغيل أنخل موراتينوس وزير خارجية إسبانيا الأسبق ومحمد الأشعري وزير الثقافة والإعلام المغربي الأسبق وسلمان خورشيد وزير خارجية الهند الأسبق وبنينا فيريرو فالدنر وزيرة خارجية النمسا السابقة («الشرق الأوسط»)
الجلسة الأولى من ندوة أصيلة الثالثة ويبدو مصطفى حجازي مستشار الرئيس المصري السابق (وسط) وميغيل أنخل موراتينوس وزير خارجية إسبانيا الأسبق ومحمد الأشعري وزير الثقافة والإعلام المغربي الأسبق وسلمان خورشيد وزير خارجية الهند الأسبق وبنينا فيريرو فالدنر وزيرة خارجية النمسا السابقة («الشرق الأوسط»)
TT

«منتدى أصيلة» يناقش «ما بعد العولمة» بمشاركة وزراء خارجية سابقين

الجلسة الأولى من ندوة أصيلة الثالثة ويبدو مصطفى حجازي مستشار الرئيس المصري السابق (وسط) وميغيل أنخل موراتينوس وزير خارجية إسبانيا الأسبق ومحمد الأشعري وزير الثقافة والإعلام المغربي الأسبق وسلمان خورشيد وزير خارجية الهند الأسبق وبنينا فيريرو فالدنر وزيرة خارجية النمسا السابقة («الشرق الأوسط»)
الجلسة الأولى من ندوة أصيلة الثالثة ويبدو مصطفى حجازي مستشار الرئيس المصري السابق (وسط) وميغيل أنخل موراتينوس وزير خارجية إسبانيا الأسبق ومحمد الأشعري وزير الثقافة والإعلام المغربي الأسبق وسلمان خورشيد وزير خارجية الهند الأسبق وبنينا فيريرو فالدنر وزيرة خارجية النمسا السابقة («الشرق الأوسط»)

دعا محمد الأشعري، الشاعر والمثقف اليساري وزير الثقافة والإعلام المغربي سابقاً، إلى تشكيل تيار عالمي للدفاع عن العولمة، في موقف فاجأ المشاركين في ندوة نظمت ضمن فعاليات موسم أصيلة الثقافي الـ40 تحت عنوان «ثم ماذا بعد العولمة؟».
ويرى الأشعري أن مرحلة العولمة التي عرفها العالم خلال الخمسين سنة الأخيرة كانت «مجرد قوسين في طريقهما إلى الانغلاق». فبعد أن كانت العولمة في أوجها تتصدر البرامج الانتخابية للأحزاب الليبرالية، التي تضعها تحت عنوان «العولمة السعيدة»، انقلب خطاب هذه الأحزاب بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة، حيث أصبحت تعتبر الحماية وإغلاق الحدود فضيلة، في حين أن «الشيوعي المستبد»، في إشارة إلى الصين، هو الذي أصبح يدافع عن حرية التجارة وفضيلة تعدد الأطراف في منتدى دافوس.
وقال الأشعري: «ها نحن نرى أن صُنّاع العولمة السعيدة أصبحوا اليوم غير سعداء على الإطلاق»، مشيراً إلى «حجم الشقاء في أوروبا ومدى الرعب المنتشر فيها إزاء مظاهر الهجرة وقضايا أخرى»، على حد قوله. وأضاف: «سأقول، كمتحفظ كبير، عن العولمة: أنا اليوم أتوق إلى أن ينشأ تيار واسع في العالم يدعو لإنقاذ العولمة، لكي تصبح قادرةً على توفير الماء المشروب للجميع، وعلى حل النزاعات المستعصية التي تهدد العالم، وعلى رأسها بالنسبة لنا - نحن العرب والمسلمين - قضية فلسطين، وأن تستطيع إقناع العالم بإيجاد صيغ للنمو المتكافئ. وأخيراً بما أن العولمة قامت على التواصل العام والشامل، فلا بد أن تجد العولمة حلا للهوة التكنولوجية الخطيرة، التي ستجعل العالم منقسم إلى شقين؛ شق يحتكر إنتاج الذكاء وصناعة الذكاء وشق يعيش في عالم آخر. فهل يمكن أن نبني عولمة بعالمين بهذا القدر من التناقض والصراع؟!».
وشارك في الندوة، التي انطلقت مساء أول من أمس وتمتد أعمالها على يومين، نحو 30 شخصية بينهم رجال دولة وسفراء وباحثون من مختلف القارات. وقال محمد بن عيسى، الأمين العام لمنتدى أصيلة في افتتاح الندوة، إن اختيار وضع الندوة تحت عنوان في صيغة الاستفهام لم يكن اعتباطياً بل نابعاً من حجم التداعيات التي يعرفها العالم والتي يربطها الكثيرون بالعولمة بعد 30 سنة من انطلاقها. وأشار بن عيسى إلى أن مؤسسة منتدى أصيلة كانت من بين المؤسسات الأولى التي طرحت إشكالية العولمة في وقت جد مبكر، خلال دورة عام 1992. وأضاف أن المؤسسة ناقشت موضوع العولمة قبل أن تتبلور ملامحها وآثارها، وإنها تعود اليوم لطرحها في صيغة «سؤال يوحي بإجابات واحتمالات عدة لا يستبعد منها اليأس والفشل». وأشار بن عيسى إلى أن «العالم يجتاز اليوم أدق وأحرج فترة في تاريخه منذ الحرب العالمية الثانية، من حيث التطورات الاقتصادية والسياسية التي تعرفها جل الدول»، مشيراً إلى أن العولمة «صارت في رأي كثيرين مصدر تأثيرات سلبية على المنظومات القيمية والهويات الوطنية».
وأضاف بن عيسى أن المرحلة أصبحت تتميز بنزوع كبير لدى بعض القادة السياسيين وحتى بعض المفكرين في الغرب نحو الشعبوية والانعزالية الضيقة، بما تعنيه من تقوقع وانكفاء على الذات، ومبالغة في إعلاء القومية الضيقة والعنصرية. وأشار إلى أن «العولمة ربما أفرزت فكراً وتوجهات سياسية قد تكون متعارضة مع مرجعياتها الفكرية الأصيلة، ومن وجهة نظرنا فإننا ربما نعيش مرحلة البحث عن عالم جديد مغاير، يؤسس لمفهوم جديد للديمقراطية والتعاون والتعايش والسلم الدولي، من أجل إبعاد أسباب القلق والخوف وعدم الاستقرار، وهي مشاعر باتت مهيمنة على قطاعات كبيرة من الرأي العام في عدد من المجتمعات».
من جانبها، أشارت بينيتا فيريرو فالدنر، وزيرة خارجية النمسا السابقة، والمفوضة الأوروبية السابقة للعلاقات الخارجية، إلى أن كل الآمال التي تولدت عن نهاية الحرب الباردة وسقوط جدار برلين في نهاية الصراعات وتحقيق السلام والازدهار والأمن تبخرت بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على نيويورك وواشنطن وسياسة الرئيس جورج بوش الابن على إثر ذلك. وأضافت أن الأمر تفاقم مع اندلاع الأزمة المالية العالمية بعد ذلك، ثم الأزمة السياسية مع ارتفاع البطالة في البلدان الغربية واكتشاف الأجيال الجديدة من الموطنين الأوروبيين أنهم يمكن أن يعيشوا ظروفاً أسوأ من التي عرفتها الأجيال السابقة في ظروف الحربين العالميتين.
وأشارت فالدنر إلى أن هذه الأزمات ولّدت ردود فعل انطوائية وشعبوية، وتعبيرات عن الحاجة إلى الحماية أمام التخوف من العولمة والانفتاح. وقالت: «دخلنا مرحلة ما بعد التطور الصناعي والعولمة، غير أننا ما زلنا في مرحلة انتقالية»، مشيرةً إلى قصور دور الأمم المتحدة في تحقيق حاجة العالم إلى حكامة سديدة على المستوى الكوني. ودعت إلى التحلي بمقاربة إنسانية في التعامل مع قضايا الهجرة وتغير المناخ وتداعياتها.
بدوره، أشار ميغيل أنخيل موراتينوس وزير الخارجية الإسباني الأسبق، إلى أن أحداث 2011 في نيويورك والرد الأميركي عليها قوضت كل الآمال في تحقيق السلام في العالم، وأدخلته في مرحلة من التحولات السريعة بشكل لا قبل له به، خصوصاً في سياق التحولات التكنولوجية وتطوير أساليب جديدة في التواصل وانتقال المعلومات. وأضاف أن أصحاب القرار السياسي وجدوا أنفسهم مغلوبين على أمرهم أمام سرعة التحولات التي عجزوا عن مواكبتها. غير أن موراتينوس وجه نداء لعدم الاستسلام للتشاؤم، وقال: «يجب ألا نكون متشائمين. صحيح العالم أصبح أكثر تعقيداً وأقل يقيناً، غير أننا نمتلك القدرة على أن نجعله عالما أفضل». ودعا موراتينوس إلى إشراك جميع الفاعلين، مشيراً إلى ظهور قوى سياسية جديدة كالصين، التي أصبحت بدورها تدعو إلى مقاربة متعددة الأطراف، إضافة إلى الشركات العملاقة الجديدة في مجالات التكنولوجيا والاتصالات، التي يجب أن يكون لها كذلك دور إلى جانب المجتمع المدني. وقال إن إعادة بناء نظام دولي جديد لا يجب أن يترك للآلات وتكنولوجيات المعلومات، بل على رجال ونساء العالم أن يأخذوا بزمام الأمور وقيادة الانتقال نحو المستقبل.
من جانبه، شدّد سلمان خورشيد، وزير خارجية الهند سابقاً، والمحامي بالمحكمة العليا، على أهمية النموذج الهندي كمثال لنظام متعدد الإثنيات والثقافات والأديان في أي مقاربة لعالم شمولي. وقال إن العولمة فشلت على مستوى تحقيق التقارب الروحي وإبراز القيم الكونية والقواسم المشتركة، بل بالعكس عمَّقت الهوة ليس فقط بين الحضارات المختلفة بل حتى بين مكونات الحضارة الواحدة. وأشار إلى أن جذور ذلك ترجع إلى تداعيات الحربين العالميتين، داعياً إلى البحث في أسبابها وحوافزها لفهم ما حصل. وأشار إلى أن الحرب العالمية الثانية لم تكن نهاية النزاع، مشيراً إلى ما تلاها من حروب في فيتنام وكمبوديا، وصولاً إلى أفغانستان والعراق وسوريا، مشيراً إلى أن الأشكال والأساليب قد تغيرت، غير أن النيات الكامنة خلف الصراعات لم تتغير. كما أشار إلى أن التكنولوجيا الجديدة للاتصال فشلت بدورها في توفير إمكانيات الحوار، خصوصا أن هناك إشكاليات مشتركة كندرة الماء والموارد وتغير المناخ، والتي يمكن أن تقرب بين مختلف الأطراف.



مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي
TT

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

مجلة «القافلة» السعودية: تراجع «القراءة العميقة» في العصر الرقمي

في عددها الجديد، نشرت مجلة «القافلة» الثقافية، التي تصدرها شركة «أرامكو السعودية»، مجموعة من الموضوعات الثقافية والعلمية، تناولت مفهوم الثقافة بالتساؤل عن معناها ومغزاها في ظل متغيرات عصر العولمة، وعرّجت على الدور الذي تضطلع به وزارة الثقافة السعودية في تفعيل المعاني الإيجابية التي تتصل بهذا المفهوم، منها إبراز الهويَّة والتواصل مع الآخر.

كما أثارت المجلة في العدد الجديد لشهري نوفمبر (تشرين الثاني)، وديسمبر (كانون الأول) 2024 (العدد 707)، نقاشاً يرصد آفاق تطور النقل العام في الحواضر الكُبرى، في ضوء الاستعدادات التي تعيشها العاصمة السعودية لاستقبال مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام في الرياض».

وفي زاوية «بداية كلام» استطلعت المجلة موضوع «القراءة العميقة» وتراجعها في العصر الرقمي، باستضافة عدد من المشاركين ضمن النسخة التاسعة من مسابقة «اقرأ» السنوية، التي اختتمها مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي «إثراء» في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي السياق نفسه، تطرّق عبد الله الحواس في زاوية «قول في مقال» إلى الحديث عن هذه «المسابقة الكشافة»، التي تستمد حضورها من أهمية القراءة وأثرها في حياتنا.

في باب «أدب وفنون»، قدَّم قيس عبد اللطيف قراءة حول عدد من أفلام السينما السعودية لمخرجين شباب من المنطقة الشرقية من المملكة، مسلطاً الضوء على ما تتناوله من هموم الحياة اليومية؛ إذ يأتي ذلك بالتزامن مع الموسم الخامس لـ«الشرقية تُبدع»، مبادرة الشراكة المجتمعية التي تحتفي بـ«الإبداع من عمق الشرقية».

وفي «رأي ثقافي»، أوضح أستاذ السرديات وعضو جائزة «القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً»، د. حسن النعمي، دور الجائزة في صناعة مشهد مختلف، بينما حلَّ الشاعر عبد الله العنزي، والخطّاط حسن آل رضوان في ضيافة زاويتي «شعر» و«فرشاة وإزميل»، وتناول أحمد عبد اللطيف عالم «ما بعد الرواية» في الأدب الإسباني، بينما استذكر عبد السلام بنعبد العالي الدور الأكاديمي البارز للروائي والفيلسوف المغربي محمد عزيز الحبابي. أما علي فايع فكتب عن «المبدع الميّت في قبضة الأحياء»، متسائلاً بصوت مسموع عن مصير النتاج الأدبي بعد أن يرحل صاحبه عن عالم الضوء.

في باب «علوم وتكنولوجيا»، تناولت د. يمنى كفوري «تقنيات التحرير الجيني العلاجية»، وما تعِد به من إمكانية إحداث ثورة في رعاية المرضى، رغم ما تنطوي عليه أيضاً من تحديات أخلاقية وتنظيمية. وعن عالم الذرَّة، كتب د. محمد هويدي مستكشفاً تقنيات «مسرِّعات الجسيمات»، التي تستكمل بالفيزياء استكشاف ما بدأته الفلسفة.

كما تناول مازن عبد العزيز «أفكاراً خارجة عن المألوف يجمح إليها خيال الأوساط العلمية»، منها مشروع حجب الشمس الذي يسعى إلى إيجاد حل يعالج ظاهرة الاحتباس الحراري. أما غسّان مراد فعقد مقارنة بين ظاهرة انتقال الأفكار عبر «الميمات» الرقمية، وطريقة انتقال الصفات الوراثية عبر الجينات.

في باب «آفاق»، كتب عبد الرحمن الصايل عن دور المواسم الرياضية الكُبرى في الدفع باتجاه إعادة هندسة المدن وتطويرها، متأملاً الدروس المستفادة من ضوء تجارب عالمية في هذا المضمار. ويأخذنا مصلح جميل عبر «عين وعدسة» في جولة تستطلع معالم مدينة موسكو بين موسمي الشتاء والصيف. ويعود محمد الصالح وفريق «القافلة» إلى «الطبيعة»، لتسليط الضوء على أهمية الخدمات البيئية التي يقدِّمها إليها التنوع الحيوي. كما تناقش هند السليمان «المقاهي»، في ظل ما تأخذه من زخم ثقافي يحوِّلها إلى مساحات نابضة بالحياة في المملكة.

ومع اقتراب الموعد المرتقب لافتتاح قطار الأنفاق لمدينة الرياض ضمن مشروع «الملك عبد العزيز للنقل العام»، ناقشت «قضية العدد» موضوع النقل العام، إذ تناول د. عبد العزيز بن أحمد حنش وفريق التحرير الضرورات العصرية التي جعلت من النقل العام حاجة ملحة لا غنى عنها في الحواضر الكبرى والمدن العصرية؛ فيما فصَّل بيتر هاريغان الحديث عن شبكة النقل العام الجديدة في الرياض وارتباطها بمفهوم «التطوير الحضري الموجّه بالنقل».

وتناول «ملف العدد» موضوعاً عن «المركب»، وفيه تستطلع مهى قمر الدين ما يتسع له المجال من أوجه هذا الإبداع الإنساني الذي استمر أكثر من ستة آلاف سنة في تطوير وسائل ركوب البحر. وتتوقف بشكل خاص أمام المراكب الشراعية في الخليج العربي التي ميَّزت هذه المنطقة من العالم، وتحوَّلت إلى رمز من رموزها وإرثها الحضاري.