آلاف العائلات مشردة بعد 4 سنوات على حرب غزة

تعاني من أوضاع معيشية صعبة

عاملون في «الأونروا» يشاركون في مظاهرة الأسبوع الماضي احتجاجاً على تقليص عملياتها بسبب نقص التمويل (أ.ف.ب)
عاملون في «الأونروا» يشاركون في مظاهرة الأسبوع الماضي احتجاجاً على تقليص عملياتها بسبب نقص التمويل (أ.ف.ب)
TT

آلاف العائلات مشردة بعد 4 سنوات على حرب غزة

عاملون في «الأونروا» يشاركون في مظاهرة الأسبوع الماضي احتجاجاً على تقليص عملياتها بسبب نقص التمويل (أ.ف.ب)
عاملون في «الأونروا» يشاركون في مظاهرة الأسبوع الماضي احتجاجاً على تقليص عملياتها بسبب نقص التمويل (أ.ف.ب)

للعام الرابع على التوالي يعيش المواطن الفلسطيني حسن النجار (49 عاما) من سكان شرق مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، متنقلا مع أسرته المكونة من 16 فردا من منزل إلى آخر يقوم باستئجارها كل ستة أو تسعة أشهر للمكوث فيها على أمل أن تتحسن الظروف السياسية والاقتصادية، ليعاد بناء منزله الذي دمر كلياً خلال الحرب الإسرائيلية على القطاع عام 2014.
ودمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية منزل النجار إلى جانب المئات من منازل الفلسطينيين في المنطقة الشرقية من خان يونس التي تعرضت لهجوم هو الأعنف طوال الحرب على القطاع.
ويحيي الفلسطينيون في قطاع غزة الذكرى الرابعة للحرب الإسرائيلية المدمرة التي استمرت 51 يوما، بدءاً من السابع من شهر يوليو (تموز) عام 2014. ما أدى إلى سقوط 1742 ضحية فلسطينية وإصابة نحو 9 آلاف آخرين.
ويقول النجار الذي أصيب ثلاثة من أبنائه في قصف منزله، إن غالبية المنازل التي قصفت في ذات الهجوم على منزله أعيد بناؤها إلا منزله وثلاثة منازل أخرى مجاورة له، مبيناً أنه ما زال يعيش مشردا مع عائلته من منزل إلى آخر وسط وعود بإنهاء معاناتهم. وأوضح النجار في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن المؤسسات الدولية تعمل كل فترة على توفير مبالغ مالية بسيطة بدل إيجار له ولأفراد أسرته للسكن في منازل مستأجرة إلى حين إيجاد حل جذري في قضية رفض إسرائيل إدخال الإسمنت لصالح منازلهم. وأشار إلى أنه لم تقدم لهم أي أسباب حول هذا المنع الإسرائيلي خاصة أنهم لا ينتمون لأي من الفصائل الفلسطينية ولا علاقة لهم بأي مجموعات عسكرية.
وأشار إلى أنه وعائلته يعيشون ظروفاً اقتصادية صعبة في ظل عدم وجود دخل مادي لهم وانعدام فرص العمل في قطاع غزة بسبب الظروف العامة التي يعيشها القطاع، لافتاً إلى أن ما يُدفع لهم من أموال بدل إيجار لا تكاد تغطي مطالب أصحاب المنازل الذين يؤجرونها بمبالغ باهظة في ظل ارتفاع أسعار السكن.
وقال إنهم يتلقون وعودا من وزارة الإسكان ومؤسسات دولية تشرف على قضية إعمار غزة، لإنهاء معاناتهم وإعادة بناء منازلهم، إلا أن جميعها كانت بمثابة «تخدير لمحاولة إجبارنا على الصمت إزاء ما يجري رغم المعاناة القاسية التي نعيشها وتفرضها علينا الظروف».
وبحسب إحصائيات متطابقة من عدة جهات مشرفة على ملف إعمار قطاع غزة، فإن الاحتلال الإسرائيلي دمر خلال الحرب أكثر من 11 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، وأكثر من 56 ألف وحدة دمرت بشكل جزئي. مشيرة إلى أن ما تم إنجازه من إعادة الإعمار يصل فقط إلى نحو 57 في المائة. ويقول ماهر الطباع الخبير الاقتصادي ومدير العلاقات العامة والإعلام في غرفة تجارة وصناعة غزة، إن عملية الإعمار ما زالت تترنح وغير مكتملة وإن قطاع الإسكان هو الوحيد الذي شهد تقدما، إلا أنه ما زال يعتبر بطيئا بشكل شديد نتيجة لإدخال الإسمنت وفق آلية «جي أر إم» (GRM) التي اعتمدت من قبل إسرائيل والدول المانحة والأمم المتحدة من أجل إدخال احتياجات القطاع للإعمار. وتعتمد هذه الآلية التي رفضها الفلسطينيون لاحقاً دون إنهائها حتى الآن، على فرض رقابة أمنية صارمة على كل تفاصيل إدخال مواد البناء إلى غزة، وتجهيز قاعدة بيانات تراقبها إسرائيل تشتمل كل المشاريع والقائمين عليها، كما يجب الحصول على موافقة من الحكومة الفلسطينية في رام الله على المشاريع المنوي القيام بها (وهي الآلية ذاتها التي تحرم النجار وآلاف العائلات من إعادة إعمار منازلها بسبب رفض إسرائيل).
وبحسب الطباع، فإن هذه العملية أعاقت إعادة الإعمار إلى جانب عدم التزام الدول المانحة بتعهداتها المالية التي تم رصدها خلال مؤتمر القاهرة عقب الحرب على غزة. مشيرا إلى أنه لم يصل غزة 60 في المائة من تلك الأموال التي رصدت بمبلغ مليار و796 مليون دولار.
ولفت الطباع في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن هناك ما يزيد على 3500 وحدة سكنية تم تدميرها بشكل كلي ولم تتم إعادة إعمارها نتيجة لشح الأموال والسياسات الإسرائيلية والإجراءات الخاصة بإدخال الإسمنت. مشيرا إلى أن سكانها ما زالوا مشردين ويعيشون ظروفا اقتصادية صعبة جدا. وتقول وزارة الإسكان الفلسطينية التابعة لحكومة الوفاق إن أكثر من 550 عائلة ما زالت بلا مأوى.
وأشار الطباع إلى أن كل الجهود التي بذلت من القطاع الخاص وغيرها لإلغاء آلية إعادة الأعمار المتبعة وإدخال مواد البناء من دون شروط قد فشلت. ولفت إلى أن القطاعات الأخرى من ملف الإعمار كالمنشآت الاقتصادية وغيرها ما زالت متوقفة ولا يوجد أي تدخل حقيقي لإنهاء معاناة أصحابها، مشيرا إلى أن ما تم صرفه من مبالغ لا يتجاوز 18 مليون دولار من حجم الخسائر الذي فاق الـ150 مليون دولار. ونوه إلى أن الوضع الاقتصادي في قطاع غزة سيئ جدا، وأن كل المؤشرات الاقتصادية تشير لسوء الأوضاع على مختلف الأصعدة وقد تزداد في الفترات المقبلة وخاصة على مستوى معدلات البطالة التي تتجاوز 49 في المائة، بوجود أكثر من ربع مليون عاطل عن العمل، وهي معدلات البطالة الأعلى بين الدول العربية والعالم.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.