معركة الخان الأحمر تحقق إنجازاً جزئياً بقرار المحكمة الإسرائيلية العليا تجميد الهدم

حملة تضامن عالمية واسعة

مجندة اسرائيلية تقف قرب فلسطينيين يحتفلون بقرار تجميد هدم الخان الاحمر (ا. ف. ب)
مجندة اسرائيلية تقف قرب فلسطينيين يحتفلون بقرار تجميد هدم الخان الاحمر (ا. ف. ب)
TT

معركة الخان الأحمر تحقق إنجازاً جزئياً بقرار المحكمة الإسرائيلية العليا تجميد الهدم

مجندة اسرائيلية تقف قرب فلسطينيين يحتفلون بقرار تجميد هدم الخان الاحمر (ا. ف. ب)
مجندة اسرائيلية تقف قرب فلسطينيين يحتفلون بقرار تجميد هدم الخان الاحمر (ا. ف. ب)

حقق الفلسطينيون إنجازا جزئيا أوليا في معركتهم السلمية ضد قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي هدم جميع بيوت قرية الخان الأحمر، إذ أصدرت المحكمة الإسرائيلية العليا قرارا بتجميد عمليات الهدم، إلى حين ينتهي البحث في الموضوع. وقال المحامي علاء محاجنة لـ«الشرق الأوسط»، إن «القرار مكسب مهم لكنه لا يحل المشكلة فوراً وعلينا أن نكثف الآن الجهود القضائية جنبا إلى جنب مع استمرار المعركة الشعبية والسياسية».
ورأى محاجنة، أن «القضاء الإسرائيلي لم يعد مصدر ثقة منذ زمن بعيد وهو يتعامل مع الفلسطينيين بمعيار لا يخلو من التمييز العنصري. ويعزز بذلك انتماءه لماكينة الاحتلال. ويتخذ قراراته كجزء منها. ولكن مع ذلك فالقرار القضائي مهم ويتيح له ولزملائه إدارة المعركة القانونية بشيء من الهدوء». ودعا إلى مواصلة المعركة الشعبية ضد الاحتلال والاستمرار في تجنيد الرأي العام الدولي.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي دهمت بيوت بلدة الخان الأحمر، الواقعة جنوبي القدس الشرقية المحتلة، بغرض هدمها وإجلاء السكان الفلسطينيين عنها، في إطار مخطط تهويدي استيطاني واسع: «إي – 1»، يهدف إلى شق الضفة الغربية إلى قسمين، يمنع في المستقبل إقامة الدولة الفلسطينية المتواصلة جغرافيا. وبدأت عملية الهدم من خلال بطش شرس بالسكان، إذ أصيب 30 فلسطينياً بجراح واعتقل سبعة أشخاص وجرى اعتداء فظ بشكل خاص على النساء. ولم يسلم من الاعتداء المتضامنون الأجانب.
واعتبرت «القائمة المشتركة»، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، هذا الاعتداء وأهدافه أنه «جريمة حرب، وتطهير عرقي، مُدان ومستنكر». ودعت «المشتركة»، في بيان لها أمس الجمعة، إلى مواصلة التحرك الشعبي لمنع هدم التجمّعات البدوية في خان الأحمر. وأكدت أن «أوامر الهدم والتهجير هي استراتيجية تعتمدها سلطات الاحتلال الإسرائيلية لتنفيذ مخططات التوسع الاستيطاني والتوغل في الضفة الغربية والقدس الشرقية على حساب حق الشعب الفلسطيني في حياة كريمة، ومن خلال تجاوز معاهدة جنيف الرابعة 1949 التي تمنع تغيير معالم ومكان السكان في الأراضي المحتلة». وحمّلت جميع المتورطين في ارتكاب جريمة الحرب هذه المسؤولية الشخصية، وبينهم «رئيس الحكومة ووزير الأمن وقضاة المحكمة العليا الذين لا يقلل قرارهم المصادقة على هدم الخان الأحمر وتهجير سكانها من خطورة الجريمة، وإنما فقط يمنح ختم الشرعية القضائية للتهجير القسري».
وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية، التأمت في الساعة العاشرة ليلاً من مساء الأول من أمس الخميس، وقررت تجميد أوامر الهدم التي تطاول المنازل والمنشآت في الخان الأحمر، إلى حين البت في التماس قدمه الأهالي. وأكد المحامي سائد قاسم، وهو من طاقم الدفاع عن أهالي الخان الأحمر، الذي يضم أيضا المحامين توفيق جبارين ووئام شبيطة وغياث ناصر وعلاء محاجنة، أن المحكمة العليا، أمهلت الحكومة الإسرائيلية حتى موعد أقصاه يوم الحادي عشر من شهر يوليو (تموز) الجاري، للرد على الالتماس.
وكانت آليات وجرافات الاحتلال الإسرائيلي قد انسحبت بشكل مفاجئ، عصر الخميس، من الخان الأحمر وسط أنباء إسرائيلية تفيد بأن «الدول الأوروبية الكبرى الخمس، وجهت تحذيرا لإسرائيل من هدم القرية الفلسطينية، مهددة بأن ذلك سيؤدي إلى إجراءات أوروبية ضدها». واستنكر الاتحاد الأوروبي قيام قوات الاحتلال بالتعامل الفظ مع تسعة قناصل من تسع دول أوروبية وصلوا للتضامن مع الخان الأحمر، ومنعتهم من الوصول إلى السكان.
وأعلن القنصل الفرنسي، العام في القدس بيير كوشار، في كلمة باسمهم أن ممارسات إسرائيل في المنطقة غير قانونية وتتناقض مع القانون الدولي وميثاق جنيف. وقال إن باريس ومعها دول الاتحاد الأوروبي تعتبر منطقة الخان الأحمر جزءاً من الدولة الفلسطينية وترفض ترحيل سكانها الذين هجروا من أرضهم الأصلية قبل سبعين عاماً، وأكد مجدداً دعم بلاده للمواطنين الفلسطينيين في المناطق المهددة من ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الخطيرة. وحذر القنصل الفرنسي العام في القدس من خطورة الوضع على الأرض مشدداً على ضرورة العمل على تحقيق حل الدولتين.
وانضم إلى هذا الموقف أمس الجمعة، جيمي ماكغولدريك، المنسق الإنساني، واسْكوت أندرسون، مدير العمليات في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في الضفة الغربية، وجيمس هينان، رئيس مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، الذين عبروا عن قلقهم البالغ إزاء عمليات الهدم والأحداث المرتبطة بها في التجمعات السكانية الفلسطينية الضعيفة في وسط الضفة الغربية.
وجاء في بيان لهم، أن «القوات الإسرائيلية، شرعت بشكل غير قانوني في تجريف طرق الوصول داخل تجمُع الخان الأحمر - أبو الحلو البدوي الفلسطيني، الذي يؤوي ما يزيد على 180 شخصاً، 95 في المائة منهم لاجئون فلسطينيون. ويأتي هذا العمل تمهيداً لما يُتوقع من هدم هذا التجمع السكاني عن بكرة أبيه».
وقال ماكغولدريك «إن ما شهدناه اليوم على الأرض يبعث على الانزعاج الشديد. فعمليات الهدم تخلِّف آثاراً مدمّرة على الأُسر وعلى التجمعات. وتثير عمليات الهدم هذه الاستياء على نحو خاص لأنها تستهدف تجمعات تعيش في الأصل في ظروف صعبة للغاية، وتسودها مستويات عالية من الاحتياجات الإنسانية. إنني أدعو السلطات الإسرائيلية مرة أخرى
إلى وقف عمليات الهدم وغيرها من التدابير التي قد تفضي إلى ترحيل الفلسطينيين قسراً عن مناطق سكناهم».
وقال هينان «إن عمليات الهدم في هذا التجمع ستفرِز تداعيات خطيرة على حقوق الإنسان والقانون الإنساني. فهناك خطر محدق يتمثل في إخلاء الأفراد قسراً من مناطق سكناهم، وتدمير الممتلكات الخاصة واستفحال البيئة القسرية التي يعيش أبناء التجمع المذكور في ظلها في الأصل، مما يزيد من خطر الترحيل القسري».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.