بدت أمارات الدهشة عندما تطلع مدرب المنتخب البلجيكي روبرتو مارتينيز بعينيه نحو مقاعد البدلاء في وقت كان فريقه مهزوماً أمام اليابان بنتيجة 2 - 0. وبدا في حاجة ماسة إلى قدر من الدقة الهجومية وأخيراً قرر أن العنصر القادر على تغيير مسار المباراة هو ناصر الشاذلي. بالتأكيد قليلون فقط هم من توقعوا أن ينجح جناح نادي «ويست بروميتش ألبيون» في تحقيق تحول كامل في نتيجة المباراة خلال الثواني الأخيرة من عمر اللقاء بتسجيله واحداً من أروع أهداف البطولة. لهذا السبب نحن لسنا مدربين كرة قدم، فقد أثبتت أحداث المباراة أن الشاذلي كان اللاعب الوحيد على مقاعد بدلاء المنتخب البلجيكي القادر على اللعب بهذا الحماس الهائل وأن يسجل هدف الفوز لبلاده في الدقيقة 94. بالتأكيد، يزخر تاريخ بطولة كأس العالم بمثل هذه اللحظات المثيرة والتي تشكل تزاوجاً مثالياً بين السرعة والدقة مع تراجع هامش الخطأ إلى المستوى الصفري تقريباً. وفيما يلي ستة أهداف تاريخية سجلت في لحظات قاتلة على امتداد النسخ السابقة من بطولة كأس العالم يمكنها منافسة الهدف المذهل الذي أحرزته بلجيكا مساء الاثنين.
إيمانويل سانون (هاييتي ضد إيطاليا 1974)
تعتبر هذه المشاركة الوحيدة لهاييتي في بطولة كأس العالم حتى يومنا هذا وقد انتهت بعدم حصولها ولو على نقطة واحدة واختراق 14 هدفاً شباكها وعودة المنتخب مبكراً إلى أرض الوطن. ورغم هذا الأداء البائس، جاءت البداية متألقة عندما كانت نتيجة المباراة لا تزال التعادل السلبي، وانطلق إيمانويل سانون مخترقاً صفوف خط الدفاع الإيطالي الذي بدأ في حالة مزرية بكرة مررها إليه الرائع فيليبي فوربي. ونجح سانون في التخلص من تشبث لوتشيانو سبينوزي بقميصه ليضع هاييتي في المقدمة ويضع نهاية للرقم القياسي لحارس مرمى المنتخب الإيطالي دينو زوف البالغ 1.142 دقيقة دون دخول هدف في مرماه. قبل المباراة، صرح سانون بأن: «خط الدفاع الإيطالي بطيء للغاية بالنسبة لي». وأثبتت المباراة أنه كان صائباً.
جان تيغانا (فرنسا ضد المجر 1986)
يبدو هدفاً متميزاً لسرعته المذهلة. انطلق تيغانا الذي سيقود لاحقاً نادي «فولهام» بالكرة داخل العمق بوسط الملعب ومرر الكرة مرتين لأحد أقرانه، كانت الثانية إلى دومينيك روشتو الذي بدأ تحركه من عند الزاوية الركنية في نصف الملعب الخاص به، وذلك قبل أن ينطلق بأقصى سرعة ليتلقى الكرة للمرة الثانية ويطلق قذيفة مرت أمام الحارس بيتر ديسزل لتسكن الشباك.
إدينيو (البرازيل ضد بولندا 1986)
نجحت البرازيل في التغلب على بولندا بمعاونة طبيب وهدف عكس ذكاء جراحي سجله إدينيو. حتى الثانية الأخيرة، بدا وكأن كاريكا قد ترك له زملاؤه مهمة مواجهة الدفاع البولندي منفرداً. ومع هذا، وصل إليه إدينيو منطلقاً بسرعة صاروخية تشبه إلى حد كبير صورة كارلوس ألبرتو، وذلك من على الطرف الأيسر من الملعب ليتلقى الكرة بكعب قدمه ويصوبها باتجاه المرمى. أما اللمسة السحرية الحقيقية فجاءت عندما تحرك حارس المرمى البولندي جوزيف ميناركزيك لصد كرة وهمية قبل أن تنطلق الكرة بأقصى سرعة لتسكن الشباك الخالية.
جورجي هاجي (رومانيا ضد الأرجنتين 1994)
جاء فوز رومانيا على الأرجنتين خلال دور الـ16 عام 1994 بمثابة درس رفيع في فنون الهجمات المرتدة، ذلك أن المباراة تضمنت ليس واحداً فحسب بل هدفين من أروع الأهداف على مدار تاريخ بطولة كأس العالم. ويمكن القول بأن الهدف الأول الذي سجله مهاجم رومانيا ايلي دوميترسكو كان الأفضل من حيث الأداء الجماعي للفريق وبدأ بمناورة بالكرة من جانب لاعب خط وسط روماني قبل أن تنطلق الكرة عبر الجانب الأيمن من الملعب لتستقر في المرمى. إلا أن الهدف الثاني الذي أحرزه جورجي هاجي ربما يشكل الهجمة المرتدة الأكثر نقاءً. هذه المرة، كانت الكرة قد انطلقت من قدم دوميترسكو واجتازت نصف الملعب الخاص به ثم تباطأت قليلاً قبل التمريرة الأخيرة القاتلة والتي أسدلت الستار على مارادونا ورفاقه.
ساليف دياو (السنغال في مواجهة الدنمارك2002)
وصلت مشاركة السنغال في بطولة كأس العالم لعام 2002 إلى ذروتها الرمزية في وقت مبكر من عمر البطولة، مع إنزال السنغال هزيمة مدوية في يوم الافتتاح بحامل اللقب، فرنسا. ومع هذا، فإنه من الناحية الفنية والجمالية، بلغ أداء منتخب السنغال ذروته بالفعل بعد تلك المباراة بستة أيام من خلال هدف جمع بين جميع عناصر الهجمة المرتدة رفيعة الطراز. بدأ الهجوم على يد لاعب خط وسط قبل أن تتسارع وتيرة الهجوم في عمق النصف الآخر من الملعب وتحرز السنغال هدفاً في وقت قاتل.
توماس مولر (ألمانيا ضد إنجلترا 2010)
من المنظور الكلاسيكي، لم يكن الفخ الذكي الذي نصبته ألمانيا للمنتخب الإنجليزي بقيادة المدرب فابيو كابيلو لينجح لولا وجود حالة من غياب الكفاءة في صفوف الأخير. أمام منطقة مرمى ألمانيا، صوب فرانك لامبارد كرة حرة باتجاه عارضة المرمى قبل أن يفقد غاريث باري على نحو مقيت السيطرة على الكرة لدى ارتدادها إليه. ومنذ تلك اللحظة، رفض جيروم بواتنيغ فقدان رباطة جأشه تحت وطأة هذه الضغوط ومرر الكرة لمولر الذي مررها إلى باستيان شفاينشتايغر، قبل أن ينتظر عودتها إليه ليصوبها باتجاه الزاوية القريب من مرمى ديفيد جيمس ويحتفل بهدف رائع. وبعد ثلاث دقائق، تكررت الخطوات من جديد ليتضاعف العار الإنجليزي على يد جيل ألماني جسور.