الحوثيون يحرمون موظفين من رواتبهم منذ 20 شهراً

نصف أجر في المناسبات وإرهاب بالفصل... و«عمليات تطهير» لسجلات الخدمة المدنية

يمنيان يحملان مساعدات قدمها برنامج الغذاء العالمي في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمنيان يحملان مساعدات قدمها برنامج الغذاء العالمي في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يحرمون موظفين من رواتبهم منذ 20 شهراً

يمنيان يحملان مساعدات قدمها برنامج الغذاء العالمي في صنعاء أمس (إ.ب.أ)
يمنيان يحملان مساعدات قدمها برنامج الغذاء العالمي في صنعاء أمس (إ.ب.أ)

دأبت الميليشيات الحوثية منذ انقلابها على الشرعية في 2014 وسيطرتها على مؤسسات الدولة وإحلال عناصرها في مفاصلها على تسخير جهودها للاستئثار بجميع الموارد المالية لصالح ميليشياتها وقادتها وحرمان مئات الآلاف من الموظفين من رواتبهم ومستحقاتهم، على الرغم من إمكانية صرفها من المبالغ الضخمة التي تدرها المؤسسات الإيرادية التي وضعت الجماعة يدها عليها.
وفي آخر بيان رسمي لوزارة الخارجية في الحكومة الشرعية، أكدت أن الجماعة الحوثية نهبت ما يعادل نحو 6 مليارات دولار خلال العام الماضي، وهي إجمالي عائدات المؤسسات الإيرادية المختلفة وتشمل موارد الضرائب والزكاة والجمارك والرسوم المتنوعة، فضلا عن عائدات المؤسسات الخدمية، إلى جانب أرباح الشركات الحكومية والمختلطة التي تسيطر عليها الجماعة، فضلا عن الأرباح المهولة التي تحصل عليها من تجارة المشتقات النفطية.
وكان موظفون في شركة النفط اليمنية، كشفوا بالأرقام، عن أن الميليشيات الحوثية، تجني أرباحا يومية تزيد على مليون ونصف المليون دولار، جراء احتكارها لتجارة المشتقات النفطية والغاز المنزلي، في حين يرجح أن هذه الأرباح باتت مضاعفة جراء الزيادة المستمرة التي تفرضها الجماعة على أسعار الوقود.
ومنذ 20 شهرا توقفت الجماعة عن صرف رواتب الموظفين الحكوميين الخاضعين لها في مناطق سيطرتها، ردا على قيام الحكومة الشرعية بنقل مقر البنك المركزي من صنعاء إلى عدن بهدف وقف العبث الحوثي بالاقتصاد الوطني وسحب البساط من تحدت أقدامه لإنقاذ العملة الوطنية وما تبقى من احتياطي نقدي بالعملة الأجنبية في الحسابات الحكومية.
واتقاء لسخط الموظفين الخاضعين لها، قامت الميليشيات الحوثية بصرف نصف راتب مع حلول المناسبات، مثل أعياد الفطر والأضحى وشهر رمضان، مستثنية منه آلاف الموظفين الذين رفضوا العمل تحت إمرتها أو الذين فروا من مناطق سيطرتها خوفا من بطشها.
يقول (محمد.ع) الموظف في التربية والتعليم، إن أكثر من نصف زملائه غادروا الوظيفة بعد أن توقفت رواتبهم، واتجهوا إلى مهن أخرى للتمكن من إعالة أسرهم، مؤكدا أن الجماعة الحوثية قامت باستثناء أغلب الموظفين الذين غادروا الوظيفة من نصف الراتب الذي تصرفه بمعدل مرتين في العام الواحد.
وفيما يناهز عدد الموظفين في هذا القطاع الحيوي نحو 200 ألف موظف، أغلبهم يتركزون في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية، أفادت (ن. صالح) وهي مدرسة، بأن كثيرا من زميلاتها توقفن عن الذهاب إلى مدارسهن، بسبب عدم قدرتهن على مواصلة العمل دون راتب، في حين أقدم المسؤولون الحوثيون على تعيين مديرين ومديرات لأغلب المدارس الحكومية من الموالين لهم للاستئثار بعائدات الرسوم الدراسية السنوية التي يدفعها أولياء الأمور، إلى جانب جباية المبالغ الشهرية التي فرضتها الجماعة على كل طالب وطالبة وتترواح بين 500 وألف ريال (الدولار يساوي 487 ريالا). ويؤكد المعلم (سمير. ل) أن كثيرا من المعلمين، اتجهوا إلى مزاولة مهن أخرى، سواء في الالتحاق بمدارس خاصة أو مهن زراعية، أو تجارية، مع حضورهم من وقت لآخر إلى المدارس خوفا من تهديد الميليشيات الحوثية بفصلهم من وظائفهم.
وكانت الجماعة الحوثية قررت العام الماضي، صرف نصف الراتب بتقديم بطائق سلعية، يقوم الموظفون بالتسوق عبرها في مراكز تجارية بعد مضاعفة السعر، حيث يذهب أكثر من 20 في المائة وهي الزيادة المفروضة على السعر الأصلي للسلعة إلى جيوب قادة الجماعة، غير أن الميليشيات فشلت في الاستمرار، في هذا المسعى وتوقفت بعد ثلاثة أشهر عن صرف هذه البطاقات.
وعلى صعيد المشافي الحكومية والمراكز الصحية التي استولت عليها الجماعة الحوثية وفرضت عناصرها على رأسها، أقدم عناصرها المعينون على الاستئثار بجميع الموارد التي يتم تحصيلها من رسوم تحصيل الخدمات، عبر صرفها مكافآت وحوافز لعناصرها، والاكتفاء بمنح الطواقم الطبية والإدارية مبالغ رمزية شهرية تتراوح كما يقول أحد الموظفين في هيئة مستشفى الثورة بصنعاء بين 20 ألف ريال و40 ألفا (40 - 90 دولارا).
أما على صعيد ما يقوم به قادة الميليشيات المعينين في وزارة الصحة ومرافقها وهيئاتها الأخرى، يؤكد موظفون خاضعون لهم أن الميليشيات تقوم بالاستيلاء على ملايين الدولارات سنويا، جراء بيعها تراخيص استيراد الأدوية، فضلا عن قيامها بنهب الجزء الأكبر من المعونات الطبية المقدمة من قبل المنظمات الدولية، إلى جانب ما يتم تخصيصه لهم من مبالغ شهرية تحت اسم «النفقات التشغيلية».
ويختلف الأمر بالنسبة للمؤسسات والمصالح والهيئات والصناديق الإيرادية، فيما يخص ما تمنحه الميليشيات للموظفين العاملين معها، فعلى سبيل المثال استمرت الجماعة في دفع رواتب الموظفين بانتظام في وزارة الاتصالات وهيئة البريد والمؤسسة العامة للاتصالات وفروعها الخاضعة لهم في بقية المناطق، بسبب وجود الموارد الضخمة التي يدرها هذا القطاع، والتي يقدر مراقبون أنها تكفي لصرف رواتب جميع موظفي الدولة.
وإلى جانب إيرادات الاتصالات التي تذهب في أغلبها لصالح جيوب قادة الجماعة ولتمويل مجهودها الحربي ودفع نفقات احتفالاتها، تجني الجماعة من الضرائب المفروضة على الشركات الخاصة المشغلة لخدمة الهاتف النقال مبالغ ضخمة مقابل السماح لها بالاستمرار في تقديم الخدمة، إلى جانب الضرائب التي تفرضها عليها سنويا، وهي في المجمل تصل إلى نحو مليار دولار، بحسب تقديرات المراقبين الاقتصاديين.
كما استمرت الجماعة في دفع رواتب الموظفين الخاضعين لها في شركة النفط والغاز، وفي موانئ الحديدة ورأس عيسى والصليف، فضلا عن دفع رواتب موظفي فروع البنك المركزي في صنعاء وبقية المحافظات الخاضعة للجماعة، غير أن الشق الأكبر من إيرادات هذه الجهات، يذهب إلى جيوب قادة الميليشيات ومشرفيها، على هيئة نفقات تشغيلية وحوافز ومكافآت تحت أسماء مختلفة، طبقا لتأكيدات موظفي هذه الجهات.
وفي مؤسسات أخرى مثل مصلحتي الضرائب والجمارك، ابتكرت الميليشيات وسيلة أخرى لتعويض رواتب الموظفين العاملين معها، إذ أقرت صرف مبلغ شهري تحت اسم «الحافز» لكل الموظفين، ويتفاوت قدره بحسب درجة الموظف ونوع الوظيفة التي يقوم بها، غير أن ما يحصل عليه عامة الموظفين في هذه الجهات، كما يقول أحدهم لـ«الشرق الأوسط» يعادل ربع ما كان يجنيه الموظف في هذه الجهات قبل الانقلاب الحوثي.
ويعد قطاع الضرائب والجمارك والزكاة، الشريان الحيوي الأهم لتغذية السلة المالية للميليشيات الحوثية، إذ يوفر لها أكثر من 60 في المائة من إجمالي الموارد المالية التي تتحصلها، في ظل تكتم من جانبها على الأرقام المالية الفعلية للعائدات التي يرجح أنها تضاعفت جراء الزيادات التي فرضتها الجماعة على كبار المكلفين من التجار والشركات التجارية.
وبحسب اعتراف المصادر الرسمية الموالية للميليشيات في صنعاء، استطاعت مديرية واحدة في أمانة العاصمة صنعاء (مديرية معين) خلال الربع الأول من العام الحالي، تحصيل أكثر من نصف مليار ريال (نحو مليون دولار) من الضرائب على صغار التجار وأصحاب المحلات والرسوم على الخدمات، وهي مديرية واحدة ضمن 12 مديرية في أمانة العاصمة.
وشمل «الحافز» الحوثي، موظفي قطاعات أخرى مثل موظفي الهيئة العامة للتأمينات والمعاشات، وموظفي الصناديق الإيرادية، مثل صندوق النشء والشباب، وصندوق التنمية الثقافية وصندوق الطرقات والأشغال العامة، كما شمل موظفي صناديق النظافة والتحسين في كل عواصم المحافظات، بسبب رفض عمال النظافة الاستمرار في أعمالهم دون راتب شهري.
وتأتي موارد هذه الصناديق التي استولى عليها الحوثيون بموجب القوانين السارية، من النسب المفروضة لها من إنتاج مصانع الإسمنت والتبغ ومن بيع المشتقات النفطية.
وفي مؤسسات حكومية أخرى ذات إيرادات أقل، اخترعت الميليشيات الحوثية مبالغ مالية شهرية للعاملين معها، تحت اسم «بدل التغذية» كما هي الحال في مؤسسة الثورة للصحافة، في صنعاء، وهذه المبالغ بحسب إفادة صحافيين وفنيين يعملون في هذه المؤسسة، في المتوسط، لا تتعدى 20 ألف ريال لصغار الموظفين، و50 ألف ريال لكبارهم، في حين تذهب أغلب عائدات الإعلانات إلى جيوب قادة الميليشيات المعينين في المؤسسة.
وفي الوقت الذي حرمت فيه الجماعة، بقية موظفي الهيئات والجهات الحكومية الخاضعة لها من الرواتب، خصصت مبالغ شهرية لهذه الجهات تحت اسم «نفقات تشغيلية» بنظر القيادات المعينة من قبلها، في حين شمل الحرمان منتسبي أجهزة الأمن والعسكريين السابقين، باستثناء العناصر الموجودين في جبهات القتال، وهؤلاء، بحسب ما أفاد به مجندون لـ«الشرق الأوسط» تمنحهم الجماعة راتبا شهريا، يعادل 50 دولارا، مع تكفلها بمأكلهم ومشربهم وشراء «القات» لهم (نبتة منبهة يمضغها اليمنيون على نطاق واسع وتصنف في كثير من دول العالم ضمن المواد المخدرة).
وعلى النقيض من ذلك تمنح الميليشيات كبار قادتها ومشرفيها والمسؤولين عن التجنيد والحشد والإمداد، مبالغ ضخمة، تحت اسم «عهد مالية» حيث يستغلونها للإثراء الشخصي وشراء العقارات والسيارات والأراضي، كما تؤكده مصادر عسكرية مطلعة.
«انسداد الأفق» أمام كثير من الموظفين الخاضعين للميليشيات، واستطالة أمد الحرب في تقديرهم، هو ما يدفعهم للاستمرار في الخدمة تحت إمرتها، كما يرجح ذلك، الموظف في وزارة الكهرباء (نجيب. ش) في حديثه مع «الشرق الأوسط».
فبدلا من المكوث في المنزل، يفضل كثير منهم - على حد قوله - الذهاب إلى وظائفهم، بخاصة إن كانت مرتبطة بتقديم خدمات عامة للسكان والمراجعين، الذين عادة ما يعطفون على هؤلاء الموظفين، بدفع إكراميات بسيطة، أو بدفع مبالغ أكبر في حالة ابتزازهم أو التغطية على سلوك لهم غير قانوني.
من جانبه، يعتقد الموظف «ج. ك» وهو مختص في أحد إدارات وزارة الأشغال والطرق، أن الحافز البسيط الذي يحصل عليه شهريا، أفضل من لا شيء. غير أن صديقه الموظف في وزارة التربية والتعليم، يعتقد أن الخوف من إقدام الميليشيات الحوثية على فصله من الخدمة ومصادرة درجته الوظيفية هو السبب الرئيسي لاستمراره في الوظيفة دون راتب، خاصة أنه يمتلك دخلا إضافيا جراء عمله في مدرسة خاصة.
ويبرر «ي. ر» الموظف في الخدمة المدنية استمراره في الوظيفة دون راتب، بقوله: «هذه مصالح ومؤسسات حكومية، وليست ملكية خاصة للحوثيين، ومن واجب من يستطيع الاستمرار في أداء عمله أن يستمر، لجهة المساهمة في الحفاظ على ما تحت يده من ممتلكات حكومية أو وثائق أو أجهزة أو سجلات بدلا من تركها لتصرف عناصر الميليشيات، إذ سيأتي اليوم الذي تعود فيه الحكومة الشرعية، ولا بد أنها ستكون بحاجة إلى جهود هؤلاء الموظفين لإعادة بناء المؤسسات من جديد». وكانت الميليشيات الحوثية، اعترفت قبل أسابيع، بأنها فصلت أكثر من 25 ألف موظف حكومي، في سياق حملة أطلقتها تحت شعار «تنقية كشف الراتب».
وفي حين فرضت الميليشيات، إخضاع الموظفين الموجودين تحت سيطرتها لأداء البصمة الشخصية للتثبت من وجودهم، أعلنت أنها تستهدف بحملتها المستمرة تطهير سجلات الخدمة من 50 ألف موظف مدني آخرين، إلى جانب أكثر من مائة ألف موظف في القطاعين الأمني والعسكري. وتستهدف الجماعة بإجرائها هذا تخويف الموظفين من فصلهم من الخدمة إذا رفضوا الاستمرار في أعمالهم تحت إمرتها، كما تهدف إلى الانتقام من مناهضيها العسكريين والمدنيين الذين غادروا مناطق سيطرتها، إلى جانب سعيها، إلى استبعاد الموظفين الموجودين في مناطق سيطرة الشرعية، باعتبارها ليست مسؤولة عنه بعد أن باتوا في عهدة الشرعية.
ويؤكد موظفون في القطاع المالي، في صنعاء، أن أغلب إيرادات المؤسسات، لا يتم توريدها كما هي العادة في العمل المؤسسي، إلى البنك المركزي والمصارف الرسمية، حيث تقوم الجماعة، على حد قولهم، بنقل أغلب الأموال وتخزينها في أماكن سرية، لتبقى بعيدة عن الأنظار، وخاضعة للتصرف المباشر من قبل زعيم الجماعة.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.