ميركل تعتبر الهجرة قضية «مصيرية» للاتحاد الأوروبي

إيطاليا المتشددة تحتاج إلى يد عاملة مهاجرة لدفع رواتب متقاعديها

لاجئون على متن قارب يبحر الى ميناء برشلونة أمس بعدما سمحت الحكومة باستقبالهم (أ.ب)
لاجئون على متن قارب يبحر الى ميناء برشلونة أمس بعدما سمحت الحكومة باستقبالهم (أ.ب)
TT

ميركل تعتبر الهجرة قضية «مصيرية» للاتحاد الأوروبي

لاجئون على متن قارب يبحر الى ميناء برشلونة أمس بعدما سمحت الحكومة باستقبالهم (أ.ب)
لاجئون على متن قارب يبحر الى ميناء برشلونة أمس بعدما سمحت الحكومة باستقبالهم (أ.ب)

حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس (الأربعاء)، من أن التعامل مع قضية الهجرة سيحدد استمرارية الاتحاد الأوروبي، موضحة أن القضية في حاجة إلى حلول مقبولة قانونياً وتكون واقعية. وذكرت ميركل أنه رغم تضارب المصالح تم الاتفاق خلال قمة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي عبر مناقشات طويلة على أن التعامل مع المهاجرين ليس مسألة تخص دول بعينها في أوروبا، بل «مهمة تخص الجميع». وأوضحت ميركل أن سياسة اللجوء ينبغي أن تتضمن لذلك إجراءات داخلية إلى جانب التعاون الأوروبي، مشيرة إلى أنه لا يجوز أن ينتقي اللاجئون ببساطة الدول التي يريدون إتمام إجراءات لجوئهم فيها.
وفي الأمس، وصل قارب يقل 60 مهاجراً تم إنقاذهم قبالة الساحل الليبي إلى برشلونة بعد أن رفضت إيطاليا ومالطا استقباله؛ وهو ما يشير إلى الانقسامات الأوروبية بشأن الهجرة. وعرض رئيس وزراء إسبانيا الاشتراكي بيدرو سانتشيز للمرة الثانية خلال شهر استقبال مهاجرين رفضت إيطاليا ومالطا قبولهم رغم أنهما الأقرب.
وقالت منظمة «سي ووتش» الألمانية للإغاثة الإنسانية أمس، إن مالطا منعت تحليق طائرة صغيرة، كانت تُستخدم للبحث عن قوارب المهاجرين في البحر المتوسط، انطلاقاً من أراضيها. وتبدو هذه الخطوة جزءاً من جهود تبذلها مالطا وإيطاليا المجاورة لمنع المنظمات غير الحكومية من العمل انطلاقاً من أراضيهما.
وانخفضت الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط بشدة إذ وصل إلى أوروبا 45 ألف مهاجر هذا العام مقابل أكثر من مليون في 2015 لكن قضية الهجرة صارت أكثر إثارة للانقسام السياسي في أوروبا أكثر من أي وقت مضى. وفي الأسبوع الماضي اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على تشديد القيود على الحدود بينها وإنفاق المزيد من الأموال في الشرق الأوسط وأفريقيا لخفض عدد المهاجرين وإقامة مراكز جديدة لاستيعاب الجدد منهم.
أعلنت وزارة الداخلية النمساوية أمس، أن النمسا سوف تبدأ في تطبيق قيود مؤقتة على نقطة عبور حدودية رئيسية بين النمسا وإيطاليا الأسبوع المقبل في إطار تشديد الإجراءات الأمنية خلال فترة ترأسها للاتحاد الأوروبي.
وكان المستشار النمساوي زباستيان كورتز قد حذر الثلاثاء من أن النمسا سوف تبدأ في فرض قيود على حدودها الجنوبية مع سلوفينيا وإيطاليا بمجرد أن تطبق ألمانيا خططها؛ وذلك لتجنب تكدس المهاجرين العالقين على الأراضي النمساوية. وقال متحدث باسم الوزارة، إن هذه الخطوة ليست رد فعل على خطط ألمانيا لفرض قيود على حدودها مع النمسا، لكنه إجراء كان معداً له من قبل.
ودافعت ميركل خلال جلسة نقاش في البرلمان الألماني (بوندستاغ) حول موازنة عام 2018 عن حل وسط توصلت إليه مع شقيقها الأصغر في التحالف المسيحي، الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، بشأن تشديد سياسة اللجوء، مطالبة في الوقت نفسه بحلول أوروبية مشتركة. وأضافت: «يتعين تحقيق المزيد من الضبط في كافة أنواع الهجرة، حتى يصبح لدى المواطنين انطباع بسيادة القانون والنظام».
وذكرت ميركل، أنه تم بالفعل الاتفاق مع اليونان على إعادة اللاجئين المسجلين لديها مباشرة من عند الحدود، على أن تسمح ألمانيا في المقابل باستقبال مهاجرين من اليونان في إطار إجراءات لمّ شمل أسر اللاجئين، مضيفة أنه سيجرى إبرام اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى، مشيرة في ذلك إلى أن وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر يعمل على إجراء مفاوضات حول هذا الشأن.
وأشارت ميركل إلى تراجع عدد لاجئي القوارب الوافدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط بنسبة 95 في المائة، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة تعزيز حماية الحدود الخارجية الأوروبية. وفي إشارة إلى خطط توسيع وكالة حماية الحدود الأوروبية «فرونتكس»، قالت ميركل: «ألمانيا ستقوم بإسهامها في ذلك». تجدر الإشارة إلى أن الكثير من المهاجرين ينطلقون من ليبيا للتوجه إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وفي إشارة على ما يبدو إلى منظمات الإغاثة التي تعمل على إنقاذ المهاجرين من البحر المتوسط، قالت ميركل: «عندما يكون هناك الآن خفر سواحل ليبي بإمكانه التصرف على نحو أفضل باستمرار، فإنه يتعين في هذه الحالة الالتزام أيضا بالقانون الدولي»، مشيرة إلى أن هذا ينطبق على كل من يقوم بمهام في هذه المنطقة. تجدر الإشارة إلى أن منظمات الإغاثة النشطة في البحر المتوسط تواجه ضغوطاً متزايدة خلال أداء مهامها، كما تواجه قواربها صعوبات في العثور على موانئ أوروبية للرسو فيها.
وتعد إيطاليا من أكثر الدول التي تعارض بشدة سياسة اللجوء. ورغم ذلك، أكد تيتو بويري، رئيس الضمان الاجتماعي الإيطالي، أن إيطاليا تشهد تراجعا ديموغرافياً؛ ولهذا فهي تحتاج إلى مهاجرين لدفع رواتب متقاعديها؛ ما أثار استياء وزير الداخلية ماتيو سالفيني. وفي مواجهة هذا التراجع الديموغرافي الذي يبدو أن «لا أحد يأبه له في إيطاليا»، أوصى بويري بالحفاظ على نسبة من المهاجرين القانونيين من شأنها وحدها في رأيه حفظ توازن الحسابات في صندوق بدلات التقاعد.
ونبّه إلى أن الإصلاح الذي اقترحته الغالبية البرلمانية الجديدة المؤلفة من حزب الرابطة اليميني المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني وحركة خمس نجوم لتسهيل الإحالة على التقاعد، قد يكلف ما بين 18 وعشرين مليار يورو. وأكد أيضاً، أن الاقتصاد الإيطالي يحتاج إلى يد عاملة مهاجرة لتولي بعض الأعمال التي يرفض الإيطاليون ممارستها، مثل التمريض والعمل في القطاع الزراعي.
وأثارت هذه المواقف غضب سالفيني؛ إذ اعتبر في بيان أن بويري، الاقتصادي الذي عيّنته الحكومة السابقة (يسار الوسط): «يواصل ممارسة السياسة، متجاهلاً رغبة عدد كبير من الإيطاليين في العمل». وتساءل «أين يعيش (بويري)، في كوكب المريخ؟».


مقالات ذات صلة

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

أوروبا عنصر من الشرطة الفرنسية في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

مقتل 5 في إطلاق نار بشمال فرنسا... والمشتبه به يسلم نفسه للشرطة

نقلت وسائل إعلام فرنسية عن مصادر أمنية، السبت، أن اثنين من رجال الأمن ومهاجرَين قُتلوا بإطلاق نار في لون بلاج بالقرب من مدينة دونكيرك الشمالية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
أوروبا منظمة «أطباء بلا حدود» تنقذ مئات المهاجرين على متن قارب في البحر الأبيض المتوسط (أ.ب)

بسبب القوانين... «أطباء بلا حدود» تُوقف إنقاذ المهاجرين في البحر المتوسط

أعلنت منظمة «أطباء بلا حدود»، الجمعة، وقف عملياتها لإنقاذ المهاجرين في وسط البحر الأبيض المتوسط بسبب «القوانين والسياسات الإيطالية».

«الشرق الأوسط» (روما)
المشرق العربي مهاجرون جرى إنقاذهم ينزلون من سفينة لخفر السواحل اليوناني بميناء ميتيليني (رويترز)

اليونان تعلّق دراسة طلبات اللجوء للسوريين

أعلنت اليونان التي تُعدّ منفذاً أساسياً لكثير من اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، أنها علّقت بشكل مؤقت دراسة طلبات اللجوء المقدَّمة من سوريين

«الشرق الأوسط» (أثينا)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (رويترز)

جزر الباهاماس ترفض اقتراح ترمب باستقبال المهاجرين المرحّلين

قالت صحيفة «الغارديان» البريطانية إن جزر الباهاماس رفضت اقتراحاً من إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة، باستقبال المهاجرين المرحَّلين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».