حذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمس (الأربعاء)، من أن التعامل مع قضية الهجرة سيحدد استمرارية الاتحاد الأوروبي، موضحة أن القضية في حاجة إلى حلول مقبولة قانونياً وتكون واقعية. وذكرت ميركل أنه رغم تضارب المصالح تم الاتفاق خلال قمة الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي عبر مناقشات طويلة على أن التعامل مع المهاجرين ليس مسألة تخص دول بعينها في أوروبا، بل «مهمة تخص الجميع». وأوضحت ميركل أن سياسة اللجوء ينبغي أن تتضمن لذلك إجراءات داخلية إلى جانب التعاون الأوروبي، مشيرة إلى أنه لا يجوز أن ينتقي اللاجئون ببساطة الدول التي يريدون إتمام إجراءات لجوئهم فيها.
وفي الأمس، وصل قارب يقل 60 مهاجراً تم إنقاذهم قبالة الساحل الليبي إلى برشلونة بعد أن رفضت إيطاليا ومالطا استقباله؛ وهو ما يشير إلى الانقسامات الأوروبية بشأن الهجرة. وعرض رئيس وزراء إسبانيا الاشتراكي بيدرو سانتشيز للمرة الثانية خلال شهر استقبال مهاجرين رفضت إيطاليا ومالطا قبولهم رغم أنهما الأقرب.
وقالت منظمة «سي ووتش» الألمانية للإغاثة الإنسانية أمس، إن مالطا منعت تحليق طائرة صغيرة، كانت تُستخدم للبحث عن قوارب المهاجرين في البحر المتوسط، انطلاقاً من أراضيها. وتبدو هذه الخطوة جزءاً من جهود تبذلها مالطا وإيطاليا المجاورة لمنع المنظمات غير الحكومية من العمل انطلاقاً من أراضيهما.
وانخفضت الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط بشدة إذ وصل إلى أوروبا 45 ألف مهاجر هذا العام مقابل أكثر من مليون في 2015 لكن قضية الهجرة صارت أكثر إثارة للانقسام السياسي في أوروبا أكثر من أي وقت مضى. وفي الأسبوع الماضي اتفقت دول الاتحاد الأوروبي على تشديد القيود على الحدود بينها وإنفاق المزيد من الأموال في الشرق الأوسط وأفريقيا لخفض عدد المهاجرين وإقامة مراكز جديدة لاستيعاب الجدد منهم.
أعلنت وزارة الداخلية النمساوية أمس، أن النمسا سوف تبدأ في تطبيق قيود مؤقتة على نقطة عبور حدودية رئيسية بين النمسا وإيطاليا الأسبوع المقبل في إطار تشديد الإجراءات الأمنية خلال فترة ترأسها للاتحاد الأوروبي.
وكان المستشار النمساوي زباستيان كورتز قد حذر الثلاثاء من أن النمسا سوف تبدأ في فرض قيود على حدودها الجنوبية مع سلوفينيا وإيطاليا بمجرد أن تطبق ألمانيا خططها؛ وذلك لتجنب تكدس المهاجرين العالقين على الأراضي النمساوية. وقال متحدث باسم الوزارة، إن هذه الخطوة ليست رد فعل على خطط ألمانيا لفرض قيود على حدودها مع النمسا، لكنه إجراء كان معداً له من قبل.
ودافعت ميركل خلال جلسة نقاش في البرلمان الألماني (بوندستاغ) حول موازنة عام 2018 عن حل وسط توصلت إليه مع شقيقها الأصغر في التحالف المسيحي، الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، بشأن تشديد سياسة اللجوء، مطالبة في الوقت نفسه بحلول أوروبية مشتركة. وأضافت: «يتعين تحقيق المزيد من الضبط في كافة أنواع الهجرة، حتى يصبح لدى المواطنين انطباع بسيادة القانون والنظام».
وذكرت ميركل، أنه تم بالفعل الاتفاق مع اليونان على إعادة اللاجئين المسجلين لديها مباشرة من عند الحدود، على أن تسمح ألمانيا في المقابل باستقبال مهاجرين من اليونان في إطار إجراءات لمّ شمل أسر اللاجئين، مضيفة أنه سيجرى إبرام اتفاقيات مماثلة مع دول أخرى، مشيرة في ذلك إلى أن وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر يعمل على إجراء مفاوضات حول هذا الشأن.
وأشارت ميركل إلى تراجع عدد لاجئي القوارب الوافدين إلى أوروبا عبر البحر المتوسط بنسبة 95 في المائة، مؤكدة في الوقت نفسه ضرورة تعزيز حماية الحدود الخارجية الأوروبية. وفي إشارة إلى خطط توسيع وكالة حماية الحدود الأوروبية «فرونتكس»، قالت ميركل: «ألمانيا ستقوم بإسهامها في ذلك». تجدر الإشارة إلى أن الكثير من المهاجرين ينطلقون من ليبيا للتوجه إلى أوروبا عبر البحر المتوسط. وفي إشارة على ما يبدو إلى منظمات الإغاثة التي تعمل على إنقاذ المهاجرين من البحر المتوسط، قالت ميركل: «عندما يكون هناك الآن خفر سواحل ليبي بإمكانه التصرف على نحو أفضل باستمرار، فإنه يتعين في هذه الحالة الالتزام أيضا بالقانون الدولي»، مشيرة إلى أن هذا ينطبق على كل من يقوم بمهام في هذه المنطقة. تجدر الإشارة إلى أن منظمات الإغاثة النشطة في البحر المتوسط تواجه ضغوطاً متزايدة خلال أداء مهامها، كما تواجه قواربها صعوبات في العثور على موانئ أوروبية للرسو فيها.
وتعد إيطاليا من أكثر الدول التي تعارض بشدة سياسة اللجوء. ورغم ذلك، أكد تيتو بويري، رئيس الضمان الاجتماعي الإيطالي، أن إيطاليا تشهد تراجعا ديموغرافياً؛ ولهذا فهي تحتاج إلى مهاجرين لدفع رواتب متقاعديها؛ ما أثار استياء وزير الداخلية ماتيو سالفيني. وفي مواجهة هذا التراجع الديموغرافي الذي يبدو أن «لا أحد يأبه له في إيطاليا»، أوصى بويري بالحفاظ على نسبة من المهاجرين القانونيين من شأنها وحدها في رأيه حفظ توازن الحسابات في صندوق بدلات التقاعد.
ونبّه إلى أن الإصلاح الذي اقترحته الغالبية البرلمانية الجديدة المؤلفة من حزب الرابطة اليميني المتطرف بزعامة ماتيو سالفيني وحركة خمس نجوم لتسهيل الإحالة على التقاعد، قد يكلف ما بين 18 وعشرين مليار يورو. وأكد أيضاً، أن الاقتصاد الإيطالي يحتاج إلى يد عاملة مهاجرة لتولي بعض الأعمال التي يرفض الإيطاليون ممارستها، مثل التمريض والعمل في القطاع الزراعي.
وأثارت هذه المواقف غضب سالفيني؛ إذ اعتبر في بيان أن بويري، الاقتصادي الذي عيّنته الحكومة السابقة (يسار الوسط): «يواصل ممارسة السياسة، متجاهلاً رغبة عدد كبير من الإيطاليين في العمل». وتساءل «أين يعيش (بويري)، في كوكب المريخ؟».
ميركل تعتبر الهجرة قضية «مصيرية» للاتحاد الأوروبي
إيطاليا المتشددة تحتاج إلى يد عاملة مهاجرة لدفع رواتب متقاعديها
ميركل تعتبر الهجرة قضية «مصيرية» للاتحاد الأوروبي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة