مصر وألمانيا تبحثان جهود مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية

شكري طلب إلغاء التحذير الخاص بالطيران فوق سيناء

TT

مصر وألمانيا تبحثان جهود مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية

بحث سامح شكري، وزير الخارجية المصرية، ونظيره الألماني هايكو ماس، في برلين، أمس، جهود مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وقضايا التحول الديمقراطي وحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تطورات ملف «سد النهضة» الإثيوبي، والمخاوف المصرية على حصتها من مياه النيل.
وقال أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم الخارجية المصرية، في بيان صحافي، إن الوزير شكري حث الجانب الألماني على إلغاء التحذير الخاص بطيران الشركات الألمانية تحت ارتفاع أقل من 26 ألف قدم فوق أراضي شبه جزيرة سيناء، الصادر في أغسطس (آب) 2017، الذي تم تمديده حتى 28 يونيو (حزيران) الماضي، وذلك على ضوء استقرار الأوضاع الأمنية في جنوب سيناء، ورفع مستوى التأمين في جميع المطارات المصرية.
وأكد الوزير شكري أن مصر تدعم برامج التنمية في دول حوض النيل، وتؤمن بأن نهر النيل يجب أن يظل سبباً للتعاون وتحقيق المكاسب المشتركة لجميع دول حوض النيل، موضحاً أن ما تطالب به مصر هو عدم الإضرار بأمنها المائي، حيث يعتمد شعب مصر بأكمله على نهر النيل كمورد شبه وحيد للمياه العذبة.
وحسب المتحدث، فقد أكد وزير خارجية ألمانيا خلال المباحثات على أن مصر تعتبر شريكاً خاصاً ومهماً للغاية لألمانيا، مشيداً بالتطورات الاقتصادية الجارية، التي قال إن ألمانيا تتابعها عن كثب بشكل مستمر، مبرزاً أن الشركات الألمانية حريصة على القدوم إلى مصر، وزيادة استثماراتها في السوق المصرية.
وأضاف المسؤول الألماني أنه يتطلع إلى زيارة مصر خلال الفترة المقبلة، موضحاً أن بلاده يسعدها أن ترى مصر تحقق نجاحاً تلو النجاح، وتتطلع لأن تكون ألمانيا شريكاً لمصر في تحقيق تلك النجاحات.
كما استفسر وزير خارجية ألمانيا عن تقييم مصر لعدد من التطورات على الصعيد الإقليمي، حيث بحث الوزيران تطورات الوضع في كل من سوريا وليبيا. وفي هذا السياق أكد الوزير شكري أن المعيار الأساسي في موقف مصر تجاه الأزمة الليبية يظل هو المطالبة بالتنفيذ الكامل لكافة عناصر مبادرة غسان سلامة، المبعوث الأممي الخاص إلى ليبيا، التي تبنتها الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وفيما يتعلق بالوضع في سوريا، أشار شكري إلى أهمية إحياء العملية السياسية، والعودة لمفاوضات جنيف، التي لم تعقد أي جولات لها منذ 6 أشهر، والتنسيق الكامل مع المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا لضمان تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري في أسرع وقت.
كما نوه شكري خلال المباحثات بعدد من الخطوات الهامة، التي تم اتخاذها مؤخراً على صعيد تعميق العلاقات الثنائية، أهمها دخول البروتوكول الإضافي لتقنين وضع المؤسسات الألمانية العاملة في مصر حيز النفاذ، والتوقيع في 7 يونيو الماضي على اتفاق إنشاء مكتبي الوكالة الألمانية للتعاون الدولي (GIZ)، وبنك التنمية الألماني KFW)) في القاهرة، الذي يعد بمثابة تطور رئيسي في العلاقات الثنائية. وأعرب وزير الخارجية عن التطلع لاستئناف عقد لجنة التسيير المشتركة برئاسة وزيري خارجية البلدين، التي تعتبر إطاراً مؤسسياً رئيسياً للعلاقات الثنائية.
وكان شكري قد بدأ أول من أمس زيارته إلى ألمانيا في إطار جولة أوروبية، تشمل أيضاً النمسا. وخلال اليوم الأول عقد شكري مباحثات مع وزير الداخلية الألماني هورست سيهوفر، تناول خلالها التعاون في جميع المجالات ضمن اتفاق التعاون الأمني الموقع بين البلدين في يوليو (تموز) 2016، خصوصاً الوقاية من الفساد ومكافحته، واستعرض وزير الخارجية جهود مصر في محاربة الهجرة غير الشرعية، وعدم مغادرة الأراضي المصرية أي مركب يقل مهاجرين باتجاه أوروبا منذ سبتمبر 2016، مع الإشارة إلى توقيع البلدين اتفاقاً في مجال الهجرة في 27 أغسطس 2017 لوضع إطار للتنسيق بين مصر وألمانيا حول هذا الملف، حيث ينتظر الجانب المصري تحديد الجانب الألماني موعد انعقاد جولة الحوار الثانية للهجرة، بعد عقد الجولة الأولى للحوار بالقاهرة في يناير (كانون الثاني) 2018.
وأوضح المتحدث باسم الخارجية أن شكري تناول بالشرح جهود مصر في مكافحة الإرهاب والتطرف، وتطورات العملية الشاملة سيناء 2018، ونجاحها في ضرب البنية التحتية للإرهاب، حيث جدد التأكيد على أهمية استمرار التنسيق بين البلدين في هذا المجال، خصوصاً التدريب وتوفير المعدات وتبادل المعلومات.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.