أسبوع لندن الرجالي لربيع وصيف 2019... للشباب فقط

تصاميم ديناميكية مطبوعة بالفنون وبعض الغرابة

من عرض الصيني زاندر زاو  -  من عرض خالد القاسمي  -  من عرض كريستوفر رايبورن  -  من عرض إدوارد كراتشلي
من عرض الصيني زاندر زاو - من عرض خالد القاسمي - من عرض كريستوفر رايبورن - من عرض إدوارد كراتشلي
TT

أسبوع لندن الرجالي لربيع وصيف 2019... للشباب فقط

من عرض الصيني زاندر زاو  -  من عرض خالد القاسمي  -  من عرض كريستوفر رايبورن  -  من عرض إدوارد كراتشلي
من عرض الصيني زاندر زاو - من عرض خالد القاسمي - من عرض كريستوفر رايبورن - من عرض إدوارد كراتشلي

مر أسبوع الموضة الرجالي بلندن مرور الكرام. لم يخلق ضجة كعادته ولا دراما سوى على منصات عروض الأزياء. أكثر ما لفت الانتباه في دورته الـ12 تميزه بروح رياضية ظهرت بوادرها منذ الإعلان عن التحاق لاعب الكرة البريطاني السابق ديفيد بيكهام به سفيراً، وتقديم بعض المصممين أزياء نسائية في عز أسبوع خُصص بالأساس للرجل لكي ينتقم لنفسه بعد أن كان الأسبوع النسائي يُهيمن عليه سابقاً.
ما لا يختلف عليه اثنان، أن لأسبوع لندن شخصيته الخاصة، قد تكون متمردة، لكنها دائماً مواكبة للعصر، إن لم نقل إنها هي من تحدد موجات العصر واتجاهاته. بالنسبة للرجل الشاب، فإن لندن تبقى العاصمة التي تقدم له دائماً ما يعبر عن روحه التواقة للاختلاف. فمصمموها، مثله، يتمتعون بفورة شباب تدفعهم للغوص في المجهول وقلب الموازين من دون خوف أو حذر. والطريف، أنه كلما كان الأمر صادماً استلذوا برؤية ردود الأفعال. لحسن الحظ، أن جنونهم وجد له أسواقاً مهمة في آسيا وغيرها، وإلا بارت سلعهم وأغلقت بيوتهم وهم لا يزالون في البداية، ولا سيما أنهم غير مدعومين من شركات أو مجموعات كبيرة مثل أقرانهم في باريس أو ميلانو. سلاحهم كان ولا يزال خيالهم وجرأتهم، ومع الوقت أصبح هذا سلاح لندن أيضاً في مواجهتها أناقة ميلانو وباريس المحسوبتين والمضمونتين. ففي لندن لا تتوقع أن تتابع عروضاً فخمة أو مثيرة من الناحية الحسية، بل توقع أن تكون مثيرة بفنونها الجامحة إلى حد الجنون أحياناً.
معظم العروض لربيع وصيف 2019، تأكدت هذه الروح من خلال تشكيلات مفعمة بالجرأة حيناً والابتكار حيناً آخر، وليس أدل على هذا من عرض صامويل روس مصمم علامة «آكولد وول». بعد عرضه الناجح في الموسم الماضي، الذي ركز فيه على تصاميم عملية حقنها بجرعة عالية من أسلوب «سبور»، كان من المتوقع أن ينتظر متابعو الموضة عرضه هذا الموسم باهتمام بالغ. ولم يخيّب أملهم؛ لأنه قدم طبقاً فنياً دسماً سيترقبه عشاقه في ربيع وصيف 2019 بشوق. أرسل في بداية عرضه مجموعة من العارضين يبدون وكأنهم أبطال من «ماد ماكس» يلبسون قلنسوات يمكن فصلها عن القطعة، وهو ما أصبح ماركته المسجلة إلى جانب خامات اصطناعية استعملها في خطوط كلاسيكية بسيطة للغاية يغلب عليها اللونان الترابي والرمادي مع رشات معدنية هنا وهناك.
أما المصمم الصيني الأصل زاندر زاو، فقدم بدوره تشكيلة غاص فيها في الخيال العلمي وكواكب بعيدة.
مقارنة بعروضه السابقة التي كانت أكثر «اتزاناً»، إن صح الوصف، فإنه هذه المرة برهن على جرأة جديدة، باعتماده على صورة مستوحاة من مخلوقات غريبة، بعضهم ببطون بارزة وكأنهم في الأشهر الأخيرة من الحمل، وعدسات عيون بلون أزرق غريب وبعضهم بست أذرع، وهكذا. محاولته كسر ذلك الخط الذي يفرق بين هذه المخلوقات الغريبة وبين البشر ترجمه في نقشات غريبة أيضاً، وتصاميم بزوايا وقمصان واسعة.
المصمم ليام هودجز لم يخرج تماماً عن النص المكتوب لهذا الموسم في لندن، وأطلق هو الآخر تشكيلة بعنوان «سليك تراش» قال إنه استلهمها من الحياة الصاخبة والمبتذلة في لاس فيغاس، وأيضاً من رواية «ذي غولدفينش» لدونا تارت. رواية تتبع صبياً يبحث عن الأمل والجمال في الوقت نفسه الذي يضع فيه أولى أقدامه في عالم الجريمة. من وجهة نظر المصمم، فإن هذا الصبي يحتاج إلى أزياء تتسم بالمرونة والبساطة من دون أن ينسى أن يضيف إليها تفاصيل جمالية أخرى، مثل نقشات الفهد وألسنة النار المشتعلة التي تصدرت إما قمصاناً أو كنزات مفتوحة أو صديرات. تعاونه مع شركة «فيلا» للأحذية الرياضية تمخضت عن أحذية بنعال عريضة لا شك ستجد هوى في نفوس كل من يريد الاختلاف وإثارة الانتباه.
من جهته، قدم المصمم إدوارد كراتشلي، مجموعة ابتعد فيها عن السريالي الذي ساد في باقي العروض. كل قطعة اقترحها كانت واقعية ويمكن ارتداؤها بسهولة في الأيام العادية، سواء كانت موجهة للرجل أو للمرأة. كانت هناك الكثير من السترات الواسعة، أحياناً من دون أكمام على غرار سترات الساموراي، والقمصان الطويلة المستوحاة أيضاً من اليابان والفساتين الواسعة.
بعضها كان مفصلاً، وبعضها الآخر منسدلاً بسخاء، واإلبها مطبوعة بنقشات كانت ثمرة تعاونه مع الفنان الفرنسي لوسيان مورات، ومع مصنع قديم في منطقة يوركشاير يعود تاريخه إلى القرن الـ16، كما مع شركة «تشيزو كي يوزين» المتخصصة في رسم الكيمونو، ويعود تاريخها إلى 1555، وكانت النتيجة أقمشة فريدة من نوعها مطبوعة باليد على الطريقة القديمة تناغمت مع تصاميمه الجريئة وخففت من غلوائها نوعاً ما.
أما المصمم خالد القاسمي، فقدم تشكيلة جمع فيها بين جذوره الشرقية وميوله اللندنية. كان واضحاً فيها أنه لا يزال يميل إلى الترحال والغوص في ثقافات الغير، بحيث أخذنا من البحر الأبيض المتوسط إلى سواحل شمال أفريقيا، مستعملاً حرفية اعتمد فيها على الموروثات والأقمشة الغنية والألوان الدافئة. ماركته المسجلة التي تعودنا عليها هي التأثيرات العسكرية، وهو ما لم يغب في هذا الموسم، بحيث يمكن استشفافه بسهولة في الألوان التي اختارها وتباينت بين الأخضر الزيتوني والكاكي والبرتقالي المحروق.


مقالات ذات صلة

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

لمسات الموضة جانب من جلسات العام الماضي في الرياض (هارودز)

«ذا هايف»... نافذة «هارودز» على السعودية

في ظل ما تمر به صناعة الترف من تباطؤ وركود مقلق أكدته عدة دراسات وأبحاث، كان لا بد لصناع الموضة من إعادة النظر في استراتيجيات قديمة لم تعد تواكب الأوضاع…

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة «موكا موس» له تأثير حسي دافئ ولذيذ من دون بهرجة (برونيللو كوتشينيللي)

درجة العام الجديد «موكا موس»… ما لها وما عليها

الألوان مثل العطور لها تأثيرات نفسية وعاطفية وحسية كثيرة، و«موكا موس» له تأثير حسي دافئ نابع من نعومته وإيحاءاته اللذيذة.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة لقطة أبدعت فيها «ديور» والمغنية لايدي غاغا في أولمبياد باريس (غيتي)

2024... عام التحديات

إلى جانب الاضطرابات السياسية والاقتصادية، فإن عودة دونالد ترمب للبيت الأبيض لا تُطمئن صناع الموضة بقدر ما تزيد من قلقهم وتسابقهم لاتخاذ قرارات استباقية.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

2024...عام الإقالات والتعيينات

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

جميلة حلفيشي (لندن)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
TT

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)
توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره ومستقبله. ولحد الآن لا يُحدد المصمم هذا المستقبل. لكن المؤكد أنه ضاعف مبيعات «سيلين» خلال الست سنوات التي قضاها فيها مديراً إبداعياً. غادرها وهي قوية ومخلفاً إرثاً لا يستهان به، يتمثل في تأسيسه قسماً جديداً للعطور ومستحضرات التجميل. فهو لم يكن يعتبر نفسه مسؤولاً عن ابتكار الأزياء والإكسسوارات فحسب، بل مسؤولاً على تجميل صورتها من كل الزوايا، ومن ثم تحسين أدائها.

العطور ومستحضرات التجميل جزء من الحياة ولا يمكن تجاهلهما وفق هادي سليمان (سيلين)

نجح وفق تقديرات المحللين في رفع إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها. الفضل يعود إلى أسلوبه الرشيق المتراقص على نغمات الروك أند رول من جهة، وإدخاله تغييرات مهمة على «لوغو» الدار وإكسسواراتها من جهة أخرى. هذا عدا عن اقتحامه مجالات أخرى باتت جزءاً لا يتجزأ من الحياة المترفة تعكس روح «سيلين» الباريسية، مثل التجميل واللياقة البدنية.

اجتهد في رسم جمال الدار في عام 2023 وكأنه كان يعرف أن الوقت من ذهب (سيلين)

بعد عام تقريباً من تسلمه مقاليد «سيلين» بدأ يفكر في التوسع لعالم الجمال. طرح فعلاً مجموعة من العطور المتخصصة استوحاها من تجاربه الخاصة والأماكن التي عاش أو عمل فيها. استعمل فيها مكونات مترفة، ما ساهم في نجاحها. هذا النجاح شجعه على تقديم المزيد من المنتجات الأخرى، منها ما يتعلق برياضة الـ«بيلاتيس» زينها بـ«لوغو» الدار.

يعمل هادي سليمان على إرساء أسلوب حياة يحمل بصماته ونظرته للجمال (سيلين)

مستحضرات التجميل كان لها جُزء كبير في خطته. كان لا بد بالنسبة له أن ترافق عطوره منتجات للعناية بالبشرة والجسم تُعزز رائحتها وتأثيرها. هنا أيضاً حرص أن تشمل كل جزئية في هذا المجال، من صابون معطر يحمل رائحة الدار وكريمات ترطيب وتغذية إلى بخاخ عطري للشعر وهلم جرا.

في عام 2019 طرح مجموعة عطور متخصصة أتبعها بمنتجات للعناية بالبشرة والجسم (سيلين)

كانت هذه المنتجات البداية فقط بالنسبة له، لأنه سرعان ما أتبعها بمستحضرات ماكياج وكأنه كان يعرف أن وقته في الدار قصير. كان أول الغيث منها أحمر شفاه، قدمته الدار خلال أسبوع باريس الأخير. من بين ميزاته أنه أحمر شفاه يرطب ويلون لساعات من دون أن يتزحزح من مكانه. فهو هنا يراعي ظروف امرأة لها نشاطات متعددة وليس لديها الوقت الكافي لتجدده في كل ساعة.

بدأ بأحمر شفاه واحد حتى يجس نبض الشعر ويُتقن باقي الألوان لتليق باسم «سيلين» (سيلين)

حتى يأتي بالجودة المطلوبة، لم تتسرع الدار في طرح كل الألوان مرة واحدة. اكتفت بواحد هو Rouge Triomphe «روج تريومف» على أن تُتبعه بـ15 درجات ألوان أخرى تناسب كل البشرات بحلول 2025 إضافة إلى ماسكارا وأقلام كحل وبودرة وظلال خدود وغيرها. السؤال الآن هو هل ستبقى الصورة التي رسمها هادي سليمان لامرأة «سيلين» وأرسى بها أسلوب حياة متكامل يحمل نظرته للجمال، ستبقى راسخة أم أن خليفته، مايكل رايدر، سيعمل على تغييرها لكي يضع بصمته الخاصة. في كل الأحوال فإن الأسس موجودة ولن يصعب عليه ذلك.