تونس تنفي تمويل الحكومة البريطانية حملة لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية

حزب المرزوقي يجري تغييرات جوهرية على قياداته السياسية

TT

تونس تنفي تمويل الحكومة البريطانية حملة لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية

نفى إياد الدهماني، المتحدث باسم الحكومة التونسية، تمويل الحكومة البريطانية لأي «حملة إعلامية لمواجهة الاحتجاجات الاجتماعية»، التي شهدتها البلاد خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، والتي جاءت على خلفية الزيادات في الأسعار وتطبيق قانون المالية الجديد.
وقال الدهماني في بيان أصدرته رئاسة الحكومة إن تونس «لم تتعاقد إطلاقا مع أي شركة إشهار بريطانية، في علاقة بما عرفته البلاد من احتجاجات اجتماعية». موضحا أن «التعاون مع المملكة المتحدة يتم في إطار اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم الموقعة بين الحكومة التونسية والحكومة البريطانية».
ويأتي بيان الحكومة التونسية ردا على ما نشرته صحيفة «الغارديان» الإنجليزية أول من أمس حول تمويل الحكومة البريطانية حملة إعلاميّة لفائدة حكومة يوسف الشاهد، بعد التحركات الشعبية التي شهدتها عدّة مناطق في تونس خلال شهر يناير الماضي، احتجاجا على قانون المالية الجديد.
وأضافت الصحيفة أن حكومة حزب المحافظين البريطانية تعاقدت مع شركة إشهار عالمية معروفة بإعلاناتها السياسية القوية لحزب المحافظين، قصد إدارة حملة تستهدف الشباب التونسي، الذي ضاعف وثيرة الاحتجاجات مطلع السنة الحالية عندما رفعت الحكومة أسعار السلع الأساسية، وأدخلت ضرائب جديدة لم تلق تجاوبا في الشارع التونسي، وكان هدف هذه الحملة، حسب الصحيفة الإنجليزية، تحسين الوعي الجماعي بدور الحكومة في تخطيط وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الكبرى، تنفيذا لتوصيات صندوق النقد الدولي.
وأوضحت الصحيفة البريطانية أن الحكومة التونسية تعاقدت مع وكالة الإشهار المعروفة «ساتشي» قصد الترويج لحملة دعائيّة حول «الإصلاحات الكبرى»، التي تنوي الحكومة التونسية تنفيذها، والتي كانت تلاقي اعتراضا سياسيا واجتماعيا كبيرا.
من جهة ثانية، أدخل حزب «حراك تونس الإرادة»، الذي أسسه الرئيس السابق المنصف المرزوقي نهاية سنة 2015، تعديلات كبيرة همت قيادات سياسية من الصف الأول، وهو ما دفع عدنان منصر، رئيس الحملة الانتخابية للمرزوقي خلال الانتخابات الرئاسية لسنة 2014، ورئيس الهيئة السياسية للحزب، إلى تقديم استقالته من منصبه. كما استقال طارق الكحلاوي، عضو المكتب التنفيذي للحزب، من مهامه، وعلى إثر ذلك تم تعيين خالد الطراولي على رأس نفس الهيئة السياسية، كما تم تعيين درة إسماعيل، أمينة عامة للحزب خلفا لعماد الدايمي، وأصبح عبد الواحد اليحياوي متحدثا رسميا باسم الحزب، خلفا للمياء الخميري.
وبخصوص هذه التغييرات، قال الدايمي في تصريح إعلامي إن هذه التعديلات تعتبر «تجديدا واعيا من الحزب بالاعتماد على التقييم، الذي تلا الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات البلدية الأخيرة».
لكن هذه التغييرات لم تمر دون أن تلقى عاصفة من الانتقادات الحادة لمسارها، لأنها اعتمدت على التسميات بدل الانتخابات.
يذكر أن حزب «حراك تونس الإرادة» كان تقدم بحوالي 49 قائمة انتخابية في الانتخابات البلدية، التي جرت في السادس من مايو (أيار) الماضي (46 منها حزبية والبقية ائتلافية)، وتمكن من الحصول على 84 مقعدا بلديا، لكن لم تتجاوز نسبة الأصوات التي حصل عليها حدود 1.33 في المائة من إجمالي الناخبين، وحل في مراتب متأخرة مقارنة بحزبي النهضة والنداء.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم