روحاني يرى خطة أميركا لحظر الخام الإيراني «محض خيال»

اجتماع في فيينا الجمعة يناقش «حماية» الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه

رئيس الاتحاد السويسري ألان بيرسيه والرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدثان إلى الصحافيين في برن أمس (أ.ف.ب)
رئيس الاتحاد السويسري ألان بيرسيه والرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدثان إلى الصحافيين في برن أمس (أ.ف.ب)
TT

روحاني يرى خطة أميركا لحظر الخام الإيراني «محض خيال»

رئيس الاتحاد السويسري ألان بيرسيه والرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدثان إلى الصحافيين في برن أمس (أ.ف.ب)
رئيس الاتحاد السويسري ألان بيرسيه والرئيس الإيراني حسن روحاني يتحدثان إلى الصحافيين في برن أمس (أ.ف.ب)

أعلنت طهران أن وزراء خارجية الدول الخمس الموقعة على الاتفاق حول برنامجها النووي سيجتمعون يوم الجمعة المقبل في فيينا للمرة الأولى منذ انسحاب الولايات المتحدة منه في مايو (أيار) الماضي.
جاء ذلك فيما أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، أمس، أن الولايات المتحدة لن تتمكن أبداً من منع بلاده من تصدير نفطها، ووصف الإعلان الصادر عن الخارجية الأميركية في هذا الخصوص بأنه «محض خيال»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وكان مدير التخطيط السياسي في وزارة الخارجية الأميركية بريان هوك، الذي يدير التفاوض مع حلفاء الولايات المتحدة حول استراتيجية جديدة حيال إيران، صرح الاثنين الماضي بأن واشنطن واثقة من وجود ما يكفي من الاحتياطات النفطية في العالم للاستغناء عن الخام الإيراني.
ولفتت وكالة «رويترز»، من جهتها، إلى أن روحاني بدا كأنه يهدد بتعطيل شحنات النفط من دول أخرى إذا مضت واشنطن قدماً في سعيها إلى دفع كل الدول إلى وقف مشترياتها من النفط الإيراني. لكن الوكالة أضافت أن تصريحات روحاني التي نُشرت على موقع الرئاسة الإيرانية، أمس، وكررها جزئياً لاحقاً خلال مؤتمر صحافي في سويسرا «تحتمل أكثر من تفسير». فحين سئل روحاني عما إذا كان ينوي التهديد، أحجم عن التوضيح. ولفتت «رويترز» إلى أن مسؤولين إيرانيين سبق أن هددوا بغلق مضيق هرمز رداً على أي «عمل عدائي» أميركي ضد بلادهم. ونقل الموقع عن روحاني قوله مساء الاثنين خلال زيارة لسويسرا: «زعم الأميركيون أنهم يريدون وقف صادرات النفط الإيرانية بالكامل. إنهم لا يفهمون معنى هذا التصريح، لأنه لا معنى لعدم تصدير النفط الإيراني بينما يجري تصدير نفط المنطقة».
وحين سُئل روحاني خلال مؤتمر صحافي مع رئيس الاتحاد السويسري ألان بيرسيه في برن أمس إذا ما كانت تعليقاته تمثّل تهديداً بالتدخل في شحنات الدول المجاورة، أجاب قائلاً: «افتراض أن إيران ستصبح المنتج الوحيد غير القادر على تصدير نفطه افتراض خاطئ... الولايات المتحدة لن تستطيع أبداً قطع إيرادات إيران من النفط». وتابع: «إنها (التصريحات الأميركية) في الواقع تصريحات مبالغ فيها لا يمكن أن تتحقق إطلاقا». وأضاف، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، أن «سيناريو من هذا النوع يعني أن تفرض الولايات المتحدة سياسة إمبريالية في انتهاك فاضح للقوانين والأعراف الدولية».
وقال روحاني، من جهة أخرى، إن إيران وسويسرا «متفقتان على القول إن الاتفاق النووي كان فعلاً مكسباً مهماً، ومن مصلحة العالم أجمع المحافظة عليه من أجل السلام الدولي». وتابع: «ما دام يتم احترام مصالحنا في إطار الاتفاق النووي، وما دامت إيران يمكنها الاستفادة من الامتيازات (المدرجة في الاتفاق) فسنبقى في الاتفاق».
وأجرى روحاني الذي وصل الاثنين إلى سويسرا سلسلتين من المحادثات مع بيرسيه خصصت للقضايا الثنائية وكذلك للاتفاق النووي. وسيتوجه اليوم الأربعاء إلى فيينا.
من جهته، قال بيرسيه بأسف: «نحن مدركون أن الانسحاب الذي أعلنته الولايات المتحدة (من الاتفاق النووي) يمكن أن يعرقل أو يعرّض للخطر التقدم الذي تحقق. من وجهة نظر سويسرا هذا الاتفاق كان نجاحاً غير مسبوق. لكن اليوم هناك غياب للأمن إلى حد ما نأمل أن يتراجع». وتابع رئيس الاتحاد السويسري: «أجرينا حواراً صريحاً ومفتوحاً. نأمل في مواصلته (...) حتى عندما لا نكون متفقين على الرأي نفسه»، في إشارة خصوصاً إلى مسألة الاعتراف بوجود إسرائيل. ورد روحاني قائلاً إن إيران «تعد الكيان الصهيوني غير شرعي»، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية.
جاء ذلك في وقت تخطط فيه إيران لعقد اجتماع يوم الجمعة مع وزراء خارجية القوى العالمية الخمس التي ما زالت تشارك في الاتفاق المبرم عام 2015، والذي وافقت طهران بموجبه على تقييد برنامجها النووي في مقابل رفع عقوبات اقتصادية عنها. ومن المقرر أن ينضم وزراء خارجية بريطانيا والصين وفرنسا وألمانيا وروسيا إلى نظيرهم الإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة النمساوية، في أول محادثات منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية. وقالت الوكالة: «خلال هذا الاجتماع ستناقش مجمل مقترحات الاتحاد الأوروبي (لتقديم الضمانات التي تطالب بها إيران) ووسائل حماية (الاتفاق) بعد انسحاب الولايات المتحدة منه».
وفي موسكو صرح نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف لوكالات الأنباء الروسية بأن الاجتماع يهدف إلى «منع انهيار» الاتفاق و«حماية مصالح الأطراف الاقتصادية». وأضاف: «يجب أن نبعث برسالة إلى واشنطن لنظهر الاختلاف الكبير بين مواقف الدول المشاركة في الاتفاق وموقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب».
وقالت الوكالة الإيرانية إن اجتماع الجمعة يفترض أن يعقد برعاية اللجنة المشتركة للاتفاق التي يرأسها الاتحاد الأوروبي والمكلفة متابعة تطبيقه. ويعود آخر اجتماع للجنة على مستوى وزراء منتدبين إلى 25 مايو في فيينا. ومن المقرر أن يتوجه روحاني إلى فيينا اليوم.



«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
TT

«الحرس الثوري»: سماء إسرائيل مفتوحة أمامنا

المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)
المتحدث باسم «الحرس الثوري» علي محمد نائيني خلال مؤتمر صحافي الاثنين (تسنيم)

قال «الحرس الثوري»، على لسان المتحدث باسمه، إن «سماء الكيان الصهيوني مفتوحة وغير محمية بالنسبة لإيران»، مضيفاً: «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب»، نافياً تضرّر الدفاعات الجوية وتعطّل دورة إنتاج الصواريخ في الهجوم الذي شنّته إسرائيل نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وأفاد الجنرال علي محمد نائيني، في مؤتمر صحافي، بأن المناورات الهجومية والدفاعية التي بدأتها قواته مع الجيش الإيراني تستمر لثلاثة أشهر، لافتاً إلى أنها «تجسّد صفحة جديدة من قوة الردع الإيرانية»، وتشمل الكشف عن «مدن صاروخية وتجارب صواريخ باليستية».

وأضاف أن «الجمهورية الإسلامية كانت مستعدة تماماً للمعارك الكبرى والمعقّدة والصعبة على أي مقياس منذ وقت طويل».

وأشار نائيني ضمناً إلى التطورات السورية، والإطاحة بنظام بشار الأسد. وقال في مؤتمر صحافي إنه «بسبب تحولات الأسابيع الأخيرة، نشأت لدى العدو حالة من الحماس الكاذب والفهم الخاطئ؛ حيث حاول تصوير التطورات الحالية على أنها ضعف للجمهورية الإسلامية الإيرانية من خلال حرب إدراكية»، حسبما أوردت وكالة «إيسنا» الحكومية.

وأشار نائيني إلى تبادل الضربات المباشرة وغير المسبوقة بين إيران وإسرائيل في أبريل (نيسان) وأكتوبر الماضي. وقال إن الهجومين الإيرانيين «كانا جزءاً صغيراً فقط من القوة اللامتناهية».

وأضاف أن «العدو يعلم أن السماء فوق الأراضي المحتلة مفتوحة وغير محمية بالنسبة لنا على خلاف دعايتها الإعلامية، ويمكننا التحرك بحجم ودقة وسرعة أكبر، مع قدرة تدميرية أكبر». وتابع: «العدو يقوم يومياً بإنتاج قضايا وأفكار مشكوك فيها للتأثير في الإرادة والروح الوطنية».

وتوعّد نائيني بما وصفه «بتغيير إدراك العدو المضلل مرة أخرى»، وأردف: «نقول لأعدائنا إننا دائماً مستعدون، وعلى أهبة الاستعداد، ولا نتهاون أبداً. في اللحظة التي تُعطى فيها الأوامر، سنُظهر قوتنا كما في السابق».

وزاد أن المناورات «هي قصة القوة والثبات والردع». وقال إن «العدو الصهيوني يعاني من وهم وخطأ في الحسابات». وأضاف أن رسالة المناورات الدفاعية والهجومية «ستصل إلى العدو في الأيام المقبلة».

قادة من الجيش و «الحرس الثوري» خلال جلسة تنسيقية للمناورات في غرب البلاد (تسنيم)

وبدأ الجيش الإيراني والوحدات الموازية في «الحرس الثوري» مناورات سنوية تستمر لمدة ثلاثة أشهر، في البر والبحر والجو.

وقال نائيني إن «الجزء الأساسي من المناورات سيكون في يناير، وسيستمر حتى نهاية العام، وهي مناورات دفاعية وهجومية وتركيبية، تم تصميمها استجابة للتهديدات الأمنية الجديدة».

ولفت المتحدث إلى أن المناورات «أقرب للتمارين على محاكاة المعارك الفعلية». وقال إن «الهدف الرئيسي منها هو تعزيز القوة لمواجهة التهديدات العسكرية المحتملة، والتصدي للإرهاب والتخريب في البلاد، ورفع الروح الوطنية، وتغيير حسابات العدو».

وقال إن «ادعاءات إسرائيل بشأن ضعف دفاعات إيران بعد هجوم 26 أكتوبر غير صحيحة؛ إذ لم تتوقف إيران عن إنتاج الصواريخ، ونظامها الدفاعي مستمر ومتطور».

وبشأن التهديدات التي كرّرها مسؤولون إيرانيون لشن عملية إيرانية ثالثة ضد إسرائيل، قال نائيني إنه «لا يوجد أي عائق لتنفيذ عمليات جديدة ضد إسرائيل في الوقت المناسب».

وأضاف أن «الشعب الإيراني يثق بذكاء وتدبير قادته العسكريين، وأن أي عملية مستقبلية ستكون أكثر قوة ومفاجأة». وأشار إلى أن «العدو يتلقى رداً على شروره بأساليب متنوعة وفي مواقع جغرافية متعددة».

وذكر في السياق نفسه، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي «خسر ألف جندي منذ (طوفان الأقصى)». وعدّ نائيني دعم «المقاومة وتطوير التعبئة العالمية» بأنها «أساس في العقيدة العسكرية الإيرانية».

وأضاف في السياق ذاته أن عملية «(الوعد الصادق) أظهرت ضعف أجواء الكيان الصهيوني أمام الهجمات الإيرانية».

ومع ذلك، أشار إلى أن إيران لن تبدأ أي حرب، لكن المناورات المقبلة تهدف إلى تعزيز الردع والاستعداد الدفاعي والهجومي لحماية الشعب والثورة ومواجهة أي تهديد.

وقالت وسائل إعلام إيرانية، الاثنين، إن الدفاعات الجوية أجرت تدريبات قرب المواقع الحساسة.

وقال نائيني إن الدفاعات الجوية التابعة للجيش أجرت مناورات قرب منشأة نطنز النووية في وسط البلاد. كما أشار إلى نشر وحدة «صابرين» للقوات الخاصة في الوحدة البرية لـ«الحرس الثوري» في غرب البلاد.

القبة الحديدية في إسرائيل تعترض الصواريخ الإيرانية مطلع أكتوبر الماضي (أرشيفية - رويترز)

ضربات متبادلة

في أوائل أكتوبر، أعلنت إيران عن إطلاق 200 صاروخ باتجاه إسرائيل، حيث أفادت تل أبيب بأن معظم هذه الصواريخ تم اعتراضها بواسطة دفاعاتها الجوية أو دفاعات حلفائها.

وأكدت طهران أن الهجوم جاء رداً على اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله»، حسن نصر الله، بالإضافة إلى قيادي في «الحرس الثوري» الإيراني، وذلك خلال غارة إسرائيلية استهدفت جنوب بيروت، إلى جانب اغتيال هنية.

في 26 أكتوبر، شنّت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على مواقع عسكرية في إيران، مستهدفة منشآت صاروخية ومنظومات رادار، ما أدى إلى تدميرها.

وحذّرت إسرائيل إيران من أي ردّ إضافي بعد تعهد مسؤولين وقادة عسكريين إيرانيين بتنفيذ عملية ثالثة. وجاء تصاعد التوترات قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية الأميركية، التي أُجريت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، وأسفرت عن فوز دونالد ترمب.

في 3 نوفمبر، أعلنت الولايات المتحدة عن نشر قدرات عسكرية جديدة في الشرق الأوسط، من المتوقع أن تصل «خلال الأشهر المقبلة»، في خطوة تهدف إلى «دعم إسرائيل» وتحذير إيران، وفقاً لبيان صادر عن البنتاغون.

صورة من فيديو يظهر تصاعد الدخان من موقع عسكري في ضواحي طهران 26 أكتوبر الماضي (شبكات التواصل)

وشهد شهر أبريل (نيسان) الماضي تبادلاً غير مسبوق للضربات المباشرة بين إيران وإسرائيل، رغم تجنبهما الانزلاق إلى حرب شاملة.

في 13 أبريل، تصاعدت المخاوف من اندلاع تصعيد إقليمي حين شنت إيران هجوماً غير مسبوق باستخدام طائرات مسيّرة وصواريخ استهدفت الأراضي الإسرائيلية، وذلك رداً على ضربة جوية استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق ونُسبت إلى إسرائيل.

وفي 19 أبريل، سُمع دوي انفجارات في وسط إيران، حيث أفادت وسائل إعلام إسرائيلية وغربية بوقوع هجوم استهدف مطاراً عسكرياً في مدينة أصفهان. يُعتقد أن هذا المطار يتولى حماية منشأة «نطنز»، وهي المحطة الرئيسية لتخصيب اليورانيوم في إيران.