استقبال حوثي فاتر للمبعوث الأممي... وإصرار على المواجهة

الميليشيات ترد على مساعي غريفيث بمزيد من التحشيد نحو الحديدة... وصاروخ يصيب طفلاً في جازان

فتاتان نازحتان من صعدة تقفان رفقة والدتهما أمام ملجأ مؤقت في صنعاء أمس (رويترز)
فتاتان نازحتان من صعدة تقفان رفقة والدتهما أمام ملجأ مؤقت في صنعاء أمس (رويترز)
TT

استقبال حوثي فاتر للمبعوث الأممي... وإصرار على المواجهة

فتاتان نازحتان من صعدة تقفان رفقة والدتهما أمام ملجأ مؤقت في صنعاء أمس (رويترز)
فتاتان نازحتان من صعدة تقفان رفقة والدتهما أمام ملجأ مؤقت في صنعاء أمس (رويترز)

قابلت الميليشيات الحوثية زيارة المبعوث الأممي، مارتن غريفيث، إلى صنعاء بمزيد من التصعيد العسكري، وحشد كبار قادتها ومسلحيها إلى الساحل الغربي، في رسالة واضحة منها على عدم جنوحها للسلام، ورفضها لخطة غريفيث بشأن الانسحاب الآمن من الحديدة ومينائها.
وقابلت الجماعة الحوثية، أمس، المبعوث الأممي غداة وصوله إلى العاصمة صنعاء بفتور واضح، حيث أوعزت إلى أحد موظفيها الذين عينتهم في منصب وكيل للشؤون السياسية في خارجيتها للقاء غريفيث، خلافاً لما اعتادت عليه خلال الزيارات السابقة.
وفي الوقت الذي حاولت فيه قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية، المسنودة من دول تحالف دعم الشرعية، أن تجنح منذ أيام إلى التهدئة في عملياتها في الساحل الغربي جنوب الحديدة، أملاً في منح الفرصة الكافية لمبعوث الأمم المتحدة من أجل إقناع الميليشيات الحوثية بتسليم المدينة ومينائها، واصلت الجماعة الدفع بالمئات من مجنديها إلى المدينة، واستمرت في تقطيع الطرقات الرئيسية والأحياء بالخنادق، وتخزين الأسلحة والقذائف.
وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الميليشيات الحوثية طلبت من غريفيث أن يمنحها بعض الوقت للردّ على خطته الرامية إلى تجنيب الحديدة أي معارك مسلحة لتحريرها عنوة من قبل الشرعية، والتحالف الداعم لها، وإقناع الميليشيات بتسليم المدينة ومينائها سلمياً، قبل الانخراط في عملية المفاوضات الشاملة التي يحضر لاستئنافها خلال أسابيع.
وذكرت المصادر أن زعيم الجماعة الحوثية أبلغ قبل أيام كبار قادته خلال لقاء سري معهم أنه لن يوافق على تسليم الحديدة ومينائها للشرعية مهما كلفه الأمر، وأن سقف تنازلاته لن يتجاوز ما هو معلن من قبله، وهو الموافقة على الإشراف الأممي فنياً ولوجيستياً على إيرادات الميناء فقط، دون المساس بوضع ميليشياته ووجودها في المدينة.
وزعمت الجماعة، أمس، بحسب ما أعلنته وسائلها الرسمية، أنها أطلقت صاروخاً باليستياً باتجاه خميس مشيط في السعودية، كما زعمت بالتزامن مع وصول غريفيث إلى صنعاء أنها أطلقت صاروخاً آخر باتجاه الأراضي الإماراتية.
وأفادت النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» بأن وكيل خارجية الجماعة للشؤون السياسية، نبيل الغولي، التقى غريفيث، وبأن اللقاء تطرق إلى مساعي المبعوث الأممي الأخيرة تجاه عملية السلام واستئناف المفاوضات. ونسبت الوكالة للمسؤول الحوثي أنه أكد دعم جماعته «للجهود الأممية، بما يحقق السلام العادل والمشرف»، كما نسبت لغريفيث أنه أشاد بتجاوب الجماعة وتعاونها.
وفي غضون ذلك، كثفت الميليشيات من حملات التجنيد في مختلف مديريات محافظة الحديدة، وذكرت مصادر محلية أن عناصرها قاموا بحملات للحشد في مديريات الزيدية والضحي والمغلاف واللحية والمنيرة وباجل وبيت الفقيه وجبل راس وباجل والمنصورية. كما وسّعت الجماعة من عمليات زرع الألغام في الأحياء السكنية، وأوفدت كبار قادتها ووزرائها غير الشرعيين ومحافظيها في تعز والمحويت وريمة إلى المدينة لرفع معنويات أتباعها، بالتزامن مع عمليات حفر الخنادق التي قطعت المدينة إلى جزر معزولة، وأغلقت الطرق السريعة في أريافها الجنوبية أمام حركة السكان.
وفي حين لم تتوقف الجماعة عن قصفها المدفعي لمطار الحديدة ومواقع تمركز القوات الحكومية المسنودة من التحالف، أفادت مصادر عسكرية رسمية بأن مقاتلات التحالف استهدفت أمس بضربات مكثفة تحركات الميليشيات وثكناتها «قرب دوار المطار وطريق الكورنيش وقرب دوار الكرة الأرضية».
كما كشفت مصادر طبية في صنعاء أن الجماعة فرضت على المشافي الخاصة إرسال فرق طبية إلى الساحل الغربي بالقوة للمساهمة في إسعاف الجرحى الذين عجزت عن استيعابهم المشافي الحكومية الخاضعة للجماعة. وكان طيران الأباتشي التابع لقوات تحالف دعم الشرعية قد شن مساء أول من أمس عملية تمشيط واسعة النطاق في عدد من مناطق مديرية زبيد، حيث تتمركز فيها الميليشيات.
كما ناشدت منظمات حقوقية وناشطون في الحديدة المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية للتدخل من أجل إنقاذ المدنيين من انتهاكات الجماعة الحوثية، في الوقت الذي طالب فيه السكان المبعوث الأممي بزيارة المدينة للوقوف عن كثب على المخزون الضخم من الأسلحة التي نشرتها الميليشيات في الأحياء السكنية.
وترفض الحكومة الشرعية أي حل لا يؤدي إلى انسحاب كلي للحوثيين من الحديدة ومينائها وبقية مناطق الساحل الغربي، كما تشدد في تصريحات مسؤوليها على أهمية أن يكون أي حل للسلام مستنداً إلى المرجعيات المتوافق عليها، بما فيها قرار مجلس الأمن 2216.
ويرجح كثير من المراقبين أن الميليشيات الحوثية تحاول من خلال ادعاء رغبتها في السلام كسب مزيد من الوقت، كما يتوقعون أنها لن تقدم أي تنازلات فعلية، لإنهاء انقلابها وتسليم السلاح والانسحاب سلمياً من المدن.
على صعيد آخر، أصاب صاروخ من نوع «كاتيوشا» أطلقته الميليشيات الحوثية على محافظة العارضة بمنطقة جازان السعودية، طفلاً يبلغ من العمر خمس سنوات. وقال المتحدث الإعلامي لمديرية الدفاع المدني بمنطقة جازان المقدم يحيى عبد الله القحطاني، في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية، إن فرق الدفاع المدني باشرت الحادث مساء أمس، وتم نقل الطفل إلى المستشفى.


مقالات ذات صلة

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
TT

مصر: الإفراج عن الناشط السوري ليث الزعبي وترحيله

سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)
سوريون يغادرون مصر بعد سقوط بشار (مواني البحر الأحمر)

أفرجت السلطات الأمنية المصرية عن الناشط السوري الشاب ليث الزعبي، بعد أيام من القبض عليه وقررت ترحيله عن مصر، و«هو ما توافق مع رغبته»، بحسب ما كشف عنه لـ«الشرق الأوسط» صديقه معتصم الرفاعي.

وكانت تقارير إخبارية أشارت إلى توقيف الزعبي في مدينة الغردقة جنوب شرقي مصر، بعد أسبوع واحد من انتشار مقطع فيديو له على مواقع التواصل الاجتماعي تضمن مقابلة أجراها الزعبي مع القنصل السوري في القاهرة طالبه خلالها برفع علم الثورة السورية على مبنى القنصلية؛ ما تسبب في جدل كبير، حيث ربط البعض بين القبض على الزعبي ومطالبته برفع علم الثورة السورية.

لكن الرفاعي - وهو ناشط حقوقي مقيم في ألمانيا ومكلف من عائلة الزعبي الحديث عن قضية القبض عليه - أوضح أن «ضبط الزعبي تم من جانب جهاز الأمن الوطني المصري في مدينة الغردقة حيث كان يقيم؛ بسبب تشابه في الأسماء، بحسب ما أوضحت أجهزة الأمن لمحاميه».

وبعد إجراء التحريات والفحص اللازمين «تبين أن الزعبي ليس مطلوباً على ذمة قضايا ولا يمثل أي تهديد للأمن القومي المصري فتم الإفراج عنه الاثنين، وترحيله بحرياً إلى الأردن ومنها مباشرة إلى دمشق، حيث غير مسموح له المكوث في الأردن أيضاً»، وفق ما أكد الرفاعي الذي لم يقدّم ما يفيد بسلامة موقف إقامة الزعبي في مصر من عدمه.

الرفاعي أوضح أن «أتباع (الإخوان) حاولوا تضخيم قضية الزعبي والتحريض ضده بعد القبض عليه ومحاولة تصويره خطراً على أمن مصر، وربطوا بين ضبطه ومطالبته برفع علم الثورة السورية في محاولة منهم لإعطاء القضية أبعاداً أخرى، لكن الأمن المصري لم يجد أي شيء يدين الزعبي».

وشدد على أن «الزعبي طوال حياته يهاجم (الإخوان) وتيار الإسلام السياسي؛ وهذا ما جعلهم يحاولون إثارة ضجة حول قضيته لدفع السلطات المصرية لعدم الإفراج عنه»، بحسب تعبيره.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع القنصلية السورية في مصر، لكن المسؤولين فيها لم يستجيبوا لطلب التعليق، وأيضاً لم تتجاوب السلطات الأمنية المصرية لطلبات توضيح حول الأمر.

تجدر الإشارة إلى أن الزعبي درس في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وبحسب تقارير إعلامية كان مقيماً في مصر بصفته من طالبي اللجوء وكان يحمل البطاقة الصفراء لطلبات اللجوء المؤقتة، وسبق له أن عمل في المجال الإعلامي والصحافي بعدد من وسائل الإعلام المصرية، حيث كان يكتب عن الشأن السوري.

وبزغ نجم الزعبي بعد انتشار فيديو له يفيد بأنه طالب القنصل السوري بمصر بإنزال عَلم نظام بشار الأسد عن مبنى القنصلية في القاهرة ورفع عَلم الثورة السورية بدلاً منه، لكن القنصل أكد أن الأمر مرتبط ببروتوكولات الدبلوماسية، وأنه لا بد من رفع عَلم الثورة السورية أولاً في مقر جامعة الدول العربية.

ومنذ سقوط بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ولم يحدث بين السلطات في مصر والإدارة الجديدة بسوريا سوى اتصال هاتفي وحيد بين وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ووزير خارجية الحكومة المؤقتة السورية أسعد الشيباني، فضلاً عن إرسال مصر طائرة مساعدات إغاثية لدمشق.