امرأة تفوز برئاسة بلدية تونس للمرة الأولى

سعاد عبد الرحيم تدلي بصوتها خلال الانتخابات البلدية الأخيرة (أ.ف.ب)
سعاد عبد الرحيم تدلي بصوتها خلال الانتخابات البلدية الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

امرأة تفوز برئاسة بلدية تونس للمرة الأولى

سعاد عبد الرحيم تدلي بصوتها خلال الانتخابات البلدية الأخيرة (أ.ف.ب)
سعاد عبد الرحيم تدلي بصوتها خلال الانتخابات البلدية الأخيرة (أ.ف.ب)

تمكنت سعاد عبد الرحيم، مرشحة حزب حركة النهضة، من الفوز بمنصب رئيسة بلدية تونس العاصمة (شيخة المدينة) بـ26 صوتاً، مقابل 22 صوتاً لمنافسها الرئيسي كمال إيدير، مرشح حركة نداء تونس، خلال الدور الثاني من عملية تنصيب المجلس البلدي التي جرت أمس في مقر البلدية بالقصبة، لتصبح بذلك أول تونسية تتحمل هذه المسؤولية منذ إحداث هذا المنصب سنة 1858، بعد أن كان حكراً على الرجال، وكان يتم في العادة من خلال التعيين لا الانتخاب، ويستحوذ على عضويته أعيان العاصمة.
وانتخبت سعاد عبد الرحيم عضوة في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) خلال الفترة الممتدة ما بين 2011 و2014، ممثلة لحركة النهضة، وهي طبيبة صيدلانية لا ترتدي الحجاب، وتظهر في الحياة العامة بمظهر عصري، وهو ما جلب لها بعض الانتقادات من القاعدة الانتخابية لحركة النهضة. لكنها تصر في المقابل على أنها بصدد رسم الصورة الحقيقية للمرأة التونسية المتفتحة، وترى أن ترؤسها لأكبر بلدية في تونس ما هو إلا دليل قاطع يثبت أن المرأة ليست مجرد ديكور، بل صاحبة قرار فعلي على حد قولها. وقد وصفت سعاد في كلمة مقتضبة فوزها بهذا المنصب الرفيع بأنه «فخر للمرأة التونسية وفوز لنساء تونس».
وكانت عبد الرحيم من المنخرطين في الاتحاد التونسي للطلبة، الممثل النقابي للطلبة الإسلاميين في الجامعة التونسية، وهذا الاتحاد كان ولا يزال على خلاف دائم مع اتحاد طلبة تونس، الذي تسيطر عليه تيارات يسارية.
وتمت هذه الانتخابات على دورتين: الأولى حصلت فيها سعاد على العدد نفسه من الأصوات، أي 26 صوتا، فيما آل 21 صوتاً لفائدة كمال إيدير منافسها الرئيسي، وحصل المرشح الثالث أحمد بوعزي عن حزب التيار الديمقراطي على 7 أصوات، وهو ما فتح أبواب المنافسة بين الحاصلين على المرتبتين الأوليين التي أفضت إلى فوز مرشحة حركة النهضة. وقد سجلت الجلسة الانتخابية انسحاب ممثلي تحالف الجبهة الشعبية اليساري (4 مقاعد)، وحزب التيار الديمقراطي المعارض (8 مقاعد)، وعددهم 12 عضوا بلديا، وهو ما جعل المنافسة تتم على قاعدة 48 صوتا فحسب. وكان هذان الحزبان السياسيان قد أعلنا عن عدم منح أصوات ممثليهم في المجالس البلدية إلى المرشحين من حزبي النداء والنهضة، وحملاهما مسؤولية الإخفاق الاجتماعي والاقتصادي الذي تعرفه تونس.
وفي تطور مفاجئ، راهنت حركة النهضة على امرأة لترؤس بلدية العاصمة، التي تعتبر أكبر بلدية في تونس (60 عضوا بلديا)، وأحرجت بذلك قيادات حزب النداء الحداثي، التي أوجدت نفسها في مأزق بعد أن عارضت امرأة لتولي هذا المنصب، أو القبول بترشحها ومساندتها، وهو ما مكن حركة النهضة من تسجيل نقاط إيجابية على حساب حليفها السياسي اللدود.
وبهذا الفوز السياسي أكدت حركة النهضة، ذات المرجعية الإسلامية، سيطرتها على رئاسة البلديات، إثر الظفر بنحو 269 بلدية من ضمن 350 بلدية في المجموع، إذ حصلت على رئاسة 102 بلدية، مقابل 93 للقائمات المستقلة، و55 قائمة لحزب النداء، فيما وزعت رئاسة 19 بلدية على بقية الأحزاب.
ويأتي فوز عبد الرحيم في وقت تناقش فيه تونس مقترحات لتعديل قوانين دينية، بهدف الوصول إلى مساواة تامة بين الجنسين، بما في ذلك القوانين المرتبطة بالميراث. لكن هذه المقترحات، التي قدمتها لجنة حقوقية بمبادرة من الرئاسة، تصطدم بانتقادات واسعة من رجال الدين وجامعة الزيتونة الدينية.



انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
TT

انقلابيو اليمن يرغمون الموظفين العموميين على حمل السلاح

الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)
الحوثيون أرغموا شرائح المجتمع كافّة على الالتحاق بالتعبئة العسكرية (إ.ب.أ)

أرغم الحوثيون جميع الموظفين في مناطق سيطرتهم، بمن فيهم كبار السن، على الالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن ما يقولون إنها استعدادات لمواجهة هجوم إسرائيلي محتمل.

جاء ذلك في وقت انضم فيه موظفون بمدينة تعز (جنوب غرب) الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى إضراب المعلمين، مطالبين بزيادة في الرواتب.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين، وعلى الرغم من أنهم لا يصرفون الرواتب لمعظم الموظفين، فإنهم وجّهوا بإلزامهم، حتى من بلغوا سن الإحالة إلى التقاعد، بالالتحاق بدورات تدريبية على استخدام الأسلحة، ضمن الإجراءات التي تتخذها الجماعة لمواجهة ما تقول إنه هجوم إسرائيلي متوقع، يرافقه اجتياح القوات الحكومية لمناطق سيطرتهم.

وبيّنت المصادر أن هناك آلاف الموظفين الذين لم يُحالوا إلى التقاعد بسبب التوجيهات التي أصدرها الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي بوقف الإحالة إلى التقاعد، إلى حين معالجة قضايا المبعدين الجنوبيين من أعمالهم في عهد سلفه علي عبد الله صالح، وأن هؤلاء تلقوا إشعارات من المصالح التي يعملون بها للالتحاق بدورات التدريب على استخدام الأسلحة التي شملت جميع العاملين الذكور، بوصف ذلك شرطاً لبقائهم في الوظائف، وبحجة الاستعداد لمواجهة إسرائيل.

تجنيد كبار السن

ويقول الكاتب أحمد النبهاني، وهو عضو في قيادة اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، إنه طلب شخصياً إعادة النظر في قرار تدريب الموظفين على السلاح، لأنه وحيد أسرته، بالإضافة إلى أنه كبير في العمر؛ إذ يصل عمره إلى 67 عاماً، واسمه في قوائم المرشحين للإحالة إلى التقاعد، بعد أن خدم البلاد في سلك التربية والتعليم واللجنة الوطنية للتربية والثقافة والعلوم لما يقارب الأربعين عاماً.

ومع تأكيده وجود الكثير من الموظفين من كبار السن، وبعضهم مصابون بالأمراض، قال إنه من غير المقبول وغير الإنساني أن يتم استدعاء مثل هؤلاء للتدريب على حمل السلاح، لما لذلك من مخاطر، أبرزها وأهمها إعطاء ذريعة «للعدو» لاستهداف مؤسسات الدولة المدنية بحجة أنها تؤدي وظيفة عسكرية.

حتى كبار السن والمتقاعدون استدعتهم الجماعة الحوثية لحمل السلاح بحجة مواجهة إسرائيل (إ.ب.أ)

القيادي في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين ذكر أنه لا يستبعد أن يكون وراء هذا القرار «أطراف تحمل نيات سيئة» تجاه المؤسسات المدنية، داعياً إلى إعادة النظر بسرعة وعلى نحو عاجل.

وقال النبهاني، في سياق انتقاده لسلطات الحوثيين: «إن كل دول العالم تعتمد على جيوشها في مهمة الدفاع عنها، ويمكنها أن تفتح باب التطوع لمن أراد؛ بحيث يصبح المتطوعون جزءاً من القوات المسلحة، لكن الربط بين الوظيفة المدنية والوظيفة العسكرية يُعطي الذريعة لاستهداف العاملين في المؤسسات المدنية».

توسع الإضراب

وفي سياق منفصل، انضم موظفون في مدينة تعز الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية إلى الإضراب الذي ينفّذه المعلمون منذ أسبوع؛ للمطالبة بزيادة الرواتب مع تراجع سعر العملة المحلية أمام الدولار وارتفاع أسعار السلع.

ووفقاً لما قالته مصادر في أوساط المحتجين لـ«الشرق الأوسط»، فقد التقى محافظ تعز، نبيل شمسان، مع ممثلين عنهم، واعداً بترتيب لقاء مع رئيس الحكومة أحمد عوض بن مبارك؛ لطرح القضايا الحقوقية المتعلقة بالمستحقات المتأخرة وهيكلة الأجور والمرتبات وتنفيذ استراتيجية الأجور، لكن ممثلي المعلمين تمسكوا بالاستمرار في الإضراب الشامل حتى تنفيذ المطالب كافّة.

المعلمون في تعز يقودون إضراب الموظفين لتحسين الأجور (إعلام محلي)

وشهدت المدينة (تعز) مسيرة احتجاجية جديدة نظّمها المعلمون، وشارك فيها موظفون من مختلف المؤسسات، رفعوا خلالها اللافتات المطالبة بزيادة المرتبات وصرف جميع الحقوق والامتيازات التي صُرفت لنظرائهم في محافظات أخرى.

وتعهّد المحتجون باستمرار التصعيد حتى الاستجابة لمطالبهم كافّة، وأهمها إعادة النظر في هيكل الأجور والرواتب، وصرف المستحقات المتأخرة للمعلمين من علاوات وتسويات وبدلات ورواتب وغلاء معيشة يكفل حياة كريمة للمعلمين.