الأردنيون ينتظرون إعادة فتح الحدود السورية لإنعاش الاقتصاد

بائع في مدينة الرمثا الأردنية القريبة من الحدود السورية (أ.ف.ب)
بائع في مدينة الرمثا الأردنية القريبة من الحدود السورية (أ.ف.ب)
TT

الأردنيون ينتظرون إعادة فتح الحدود السورية لإنعاش الاقتصاد

بائع في مدينة الرمثا الأردنية القريبة من الحدود السورية (أ.ف.ب)
بائع في مدينة الرمثا الأردنية القريبة من الحدود السورية (أ.ف.ب)

في «السوق السوري» في مدينة الرمثا الأردنية وعلى بعد كيلومترات قليلة من الحدود السورية، يعلق الجميع آمالا كبيرة على عودة النظام إلى جنوب سوريا وإعادة فتح المعابر مع الأردن المغلقة منذ سنوات، لعودة الازدهار إلى البلاد.
ويطلق على السوق الواقع في وسط مدينة الرمثا بين أحياء سكنية اسم «السوق السوري»، كونه كان يعتمد قبل الحرب على البضائع القادمة من الجانب الآخر من الحدود. ويمكن من المكان رؤية أعمدة دخان متصاعد من درعا القريبة التي تتعرض لقصف عنيف منذ أكثر من أسبوعين، في ظل معارك بين جيش النظام السوري وفصائل معارضة.
ويقول نصر مخادمة، الأردني الخمسيني الذي كسا الشيب رأسه والجالس على كرسي أمام باب محله في السوق: «أيام العز ستعود».
وشكل إغلاق معبر جابر الحدودي، وهو آخر معبر رسمي كان مفتوحا بين البلدين، في أبريل (نيسان) 2015 بسبب المعارك، ضربة موجعة لاقتصاد المملكة التي سجل التبادل التجاري بينها وبين جارتها الشمالية عام 2010 نحو 615 مليون دولار، قبل أن يتراجع تدريجيا بسبب الحرب التي اندلعت عام 2011.
ويردد نصر مخادمة، بينما يرتب بعض مواد التنظيف وبضائع أخرى في محله: «نعم.. ستعود أيام العز، عشنا أياما جميلة قبل إغلاق الحدود، السوق السوري تعب وتراجعت حياتنا».
وكانت الحدود مع سوريا شريانا مهما لاقتصاد الأردن، إذ كانت تصدر عبرها بضائع أردنية إلى تركيا ولبنان وأوروبا وتستورد عبرها بضائع سورية ومن تلك الدول، ناهيك عن التبادل السياحي بين البلدين. ويرتبط سكان مدينة الرمثا بعلاقة خاصة مع سوريا، وتوجد علاقات مصاهرة وتجارة وشراكة مع أهل درعا.
وخلال سنوات الحرب، حلّت البضائع الصينية محل البضائع السورية في عشرات المحلات القائمة في أسفل أبنية قديمة تمتد على جانبي الشارع في السوق السوري وتتنوّع بضاعتها من المواد الغذائية، الأجبان والألبان والمخللات، إلى مواد التنظيف والملابس والأقمشة وغيرها.
ويؤكد عاصر (32 عاما)، صاحب مخبز يعبق برائحة خبز الطابون التقليدي: «السوق مات». ويضيف بينما يعاون صهره السوري القادم من درعا في ترتيب الخبز: «السوق كان يعج بالحركة... لكن منذ إغلاق الحدود اختلف الوضع تماما».
ويقول أبو نائل، صهره الثلاثيني: «كنت آتي إلى هنا قبل إغلاق الحدود، كان السوق يعج بالزبائن من مختلف مناطق الأردن ولا تجد مكانا لركن سيارتك».
ويرى بدوره أن «الكل سيستفيد» من إعادة فتح الحدود، «من سائق سيارة الأجرة إلى صاحب المحل إلى الجمارك».
ويقول رئيس غرفة تجارة الرمثا عبد السلام ذيابات إن «التبادل التجاري وحركة السفر والبضائع بين البلدين وبالاتجاهين كانت ممتازة حتى عام 2011 وأدخلت مئات الملايين للدولة سنويا».
ويوضح أن «أكثر من أربعة آلاف محل تجاري (في الرمثا) كانت تعتمد على البضاعة السورية، وكانت ألفا سيارة نقل صغيرة تنتقل إلى سوريا يوميا وتعيش من ورائها أكثر من ألفي عائلة».
ويعتبر مدير مركز «الفينيق» للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية أحمد عوض أن «أحد أهم أسباب الأزمة الاقتصادية في الأردن في السنوات الماضية هو إغلاق الحدود مع سوريا».
وفاقم إغلاق الحدود مع سوريا بعد إغلاق الحدود مع العراق لفترة طويلة، الشريكين التجاريين الأهم بالنسبة للأردن، من صعوبة وضعه الاقتصادي، وتجاوز دينه العام 38 مليار دولار بنسبة تفوق 95 في المائة من الناتج الإجمالي.
ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 1.3 مليون منذ اندلاع النزاع. وتقول إن كلفة استضافة هؤلاء تجاوزت عشرة مليارات دولار.
وأكد الأردن أن حدوده ستبقى مغلقة وأنه لن يستقبل لاجئين جدد مع اشتداد القتال منذ أسابيع في الجنوب السوري.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.