تركيا تعلن بقاءها في عفرين {حتى الانتهاء من تنميتها}

على غرار تجربة المجالس المحلية في مناطق «درع الفرات»

حراسة مدخل مدينة عفرين بمحافظة حلب في مايو الماضي (أ.ف.ب)
حراسة مدخل مدينة عفرين بمحافظة حلب في مايو الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا تعلن بقاءها في عفرين {حتى الانتهاء من تنميتها}

حراسة مدخل مدينة عفرين بمحافظة حلب في مايو الماضي (أ.ف.ب)
حراسة مدخل مدينة عفرين بمحافظة حلب في مايو الماضي (أ.ف.ب)

كشفت تركيا عن نيتها البقاء في مدينة عفرين في شمال سوريا التي تخوض فيها القوات التركية وفصائل من الجيش السوري الحر موالية لها عملية عسكرية باسم «غصن الزيتون» انطلقت في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التركية حامي آكصوي، إن الحياة عادت إلى طبيعتها في عفرين، لكن وجود تركيا في المنطقة «سيستمر لبعض الوقت لمواصلة العمل على تنميتها».
جاء ذلك خلال مشاركته، مساء الأحد، في برنامج تلفزيوني، مضيفا، في مقابلة مع إحدى القنوات المحلية أمس (الاثنين)، أن أكثر من 140 ألفا من سكان عفرين عادوا ليستقروا في منازلهم، لافتا إلى «أهمية احتضان الحاضنة الشعبية في عفرين لتركيا».
وأشار إلى أن تركيا بدأت بشكل تدريجي تسليم بعض المهام للمجلس المحلي الذي أسسه أهالي عفرين، ويضم شخصيات من جميع مكونات المنطقة، من الأكراد والتركمان والعرب، لكن «وجود تركيا في المنطقة سيستمر لبعض الوقت من أجل مواصلة العمل على تنميتها»، بحسب آكصوي.
وكانت منطقة عملية «درع الفرات» التي أقامتها القوات التركية وفصائل من المعارضة السورية في ريفي حلب الشمالي والشمالي الشرقي، في الفترة من أغسطس (آب) 2016 إلى أواخر مارس (آذار) 2017. شهدت عودة قسم كبير من الخدمات الأساسية على مدى الأشهر الماضية، بدعم منتظم من تركيا للمجالس المحلية فيها حيث تقدم تركيا رواتب شهرية لموظفيها، وتزودها بالوسائل والمعدات اللازمة لتمكينها من القيام بمهامها.
ويبلغ عدد المجالس المحلية الرئيسية في المنطقة، الممتدة من جرابلس إلى أعزاز والباب، 10 مجالس تتبعها مجالس صغيرة تتلقى الدعم منها، ويأتي المجلس المحلي في مدينة الباب على رأس قائمة هذه المجالس من حيث الدعم والمشاريع والفرص التشغيلية التي يوفرها المجلس شهريا في المشاريع الخدمية الدائمة والمؤقتة.
ويحتل مجلس جرابلس المرتبة الثانية من حيث حجم المشاريع الخدمية والدعم، ثم تأتي مجالس أعزاز والراعي ومارع وأخترين وصوران وبزاعة وقباسين والغندورة، من حيث إمكاناتها وعدد موظفيها وحجم المشاريع المنفذة فيها. وتتعامل تركيا مع المجالس المحلية الرئيسية في المنطقة بصفتها حكومات محلية تدير جميع شؤون المنطقة، وتعتبر قوات الشرطة والأمن العام ذراعا تنفيذية في كثير من الأحيان في الأمور التنظيمية وتطبيق القوانين التي تفرضها المجالس على الأهالي.
وتقدم تركيا رواتب شهرية لموظفي هذه المجالس، بواقع 530 ليرة تركية (نحو 130 دولارا) شهرياً للموظفين، و800 ليرة (نحو 180 دولارا) لأعضائها الفخريين الذين تم اختيارهم بتوافق محلي. ولم يتدخل الجانب التركي في تشكيل تلك المجالس إلا في حالات أمنية؛ أي عندما يكون العضو أو الموظف، غير مرغوب فيه محلياً، أو يشتبه بأنه يتملك علاقات بمنظمات تعتبرها تركيا إرهابية.
وبسطت تركيا سيطرتها على هذه المجالس بعدما تولت إدارة الطوارئ والكوارث التابعة لمجلس الوزراء التركي مسؤولية الإشراف الكامل على العمل الإنساني والإغاثي في المنطقة. بحيث لم يعد ممكنا لأي منظمة أجنبية أو محلية العمل إلا من خلالها.
وتتبع المنطقة إدارياً إلى ولايتي غازي عنتاب وكيليس جنوب تركيا. فالقسم الشمالي الشرقي من ريف حلب المقابل لولاية غازي عنتاب يتبعها، في حين يتبع ريف حلب الشمالي إدارياً لولاية كيليس. وانتدب الجانب التركي ممثلاً عنه في كل مجلس يحمل صفة رسمية كمساعد للوالي في كل من غازي عنتاب وكيليس، وهو بمثابة والٍ على المدينة التي تتبع لها قرى ومزارع، وهذا المنصب يتسلمه 10 أشخاص هم بمثابة حلقة الوصل بين المجالس المحلية وكل من واليي غازي عنتاب وكيليس.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم