لجنة حقوق الإنسان العربية: التنظيمات الإرهابية ارتكبت انتهاكات واسعة في العراق

خلال اجتماع ناقش التقرير الدوري الأول بشأن الأوضاع هناك

TT

لجنة حقوق الإنسان العربية: التنظيمات الإرهابية ارتكبت انتهاكات واسعة في العراق

أكدت لجنة حقوق الإنسان العربية «لجنة الميثاق»، دعمها للعراق في جهوده الرامية لتعزيز وتحسين أوضاع حقوق الإنسان فيه، ومواجهة التحديات الراهنة التي تواجهها البلاد خاصة بعد دحر التنظيمات الإرهابية، التي ألقت بظلالها بشكل كبير على أوضاع حقوق الإنسان.
جاء ذلك خلال كلمة المستشار محمد جمعة فزيع، رئيس اللجنة، أمام افتتاح الدورة الرابعة عشرة للجنة حقوق الإنسان، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في القاهرة أمس، والتي خصصت لمناقشة التقرير الدوري الأول للعراق بشأن أوضاع حقوق الإنسان به، بحضور الوكيل الأقدم لوزارة العدل العراقية حسين الزهيري رئيس وفد العراق. وأوضح المستشار فزيع أن العراق شهد خلال السنوات الأخيرة التي فصلت بين تقديم تقريره الأول إلى اللجنة نهاية 2014 وتقديم تقريره الدوري هذا ظروفا استثنائية فيما يتعلق بحقوق الإنسان، حيث ارتكبت التنظيمات الإرهابية المسلحة انتهاكات واسعة وجسيمة وخطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي ضد المدنيين من خلال استهدافهم بشكل مباشر وعلى نحو واسع النطاق.
ولفت المستشار فزيع إلى أن العمليات الإرهابية والأوضاع الأمنية غير المستقرة تركت أثرا سلبيا للغاية على أعمال الحقوق المنصوص عليها في الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وأشار إلى أن الحوار التفاعلي بين أعضاء اللجنة ووفد العراق بشأن مضمون التقرير الدوري الأول المقدم يأتي في الوقت الذي حقق فيه العراق تقدما هاما فيما يتعلق بفرض الأمن وسيادة القانون.
وأعرب المستشار فزيع عن تطلع اللجنة إلى الوقوف على أوجه القصور والعقبات التي تعترض الأعمال الكاملة لحقوق الإنسان في العراق وكذلك التدابير اللازمة لمواءمة تشريعاتها وسياساتها مع أحكام الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وأشار إلى أن الدورة الرابعة عشرة للجنة هذا العام تأتي بعد مرور عشر سنوات كاملة على دخول الميثاق العربي لحقوق الإنسان حيز النفاذ، حيث يعد الميثاق أبرز معالم التطور الذي شهدته جهود الجامعة العربية في مجال احترام وحماية حقوق الإنسان إذ يعد الوثيقة الأساسية والوحيدة في إطار الجامعة التي تعنى بمختلف فئات حقوق الإنسان.
ودعا المستشار فزيع في هذا الإطار الدول العربية التي لم تصادق بعد على الميثاق العربي لحقوق الإنسان إلى الإقدام على اتخاذ هذه الخطوة، والدول التي لم تقدم بعد تقاريرها الأولية أو الدورية إلى اللجنة للقيام بذلك في أقرب وقت ممكن.
من جهته، أكد الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي في كلمته أن تقديم العراق تقريره الثاني والأول خلال هذه الدورة عن حالة حقوق الإنسان، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها، محل تقدير ودليل على التزامه بتفعيل الميثاق العربي لحقوق الإنسان. وقال إن البرلمان العربي كان سباقاً في دعم العراق والوقوف بجانبه في حربه ضد الإرهاب المقيت، مضيفا أنه ألقى كلمة أمام مجلس النواب العراقي كأول رئيس برلمان عربي يلقي كلمة أمام ممثلي الشعب العراقي، أكد فيها وقوف البرلمان العربي مع جمهورية العراق رئيساً وحكومة وبرلماناً وشعباً في المحافظة على استقلال وأمن ووحدة العراق وشعبه وسلامة أراضيه، مؤكداً رفض البرلمان العربي للتدخلات الخارجية في الشأن الداخلي لجمهورية العراق، ودعم المصالحة الوطنية بين مكونات الشعب العراقي، ودعم البرلمان العربي لجهود العراق في محاربة الإرهاب، والتأكيد على العمق العربي للعراق.
كما أعلن الدكتور مشعل السلمي أن البرلمان العربي سوف يقف في وجه التدخلات الخارجية وتقارير حقوق الإنسان التي تصدرها بعض المنظمات الدولية المسيّسة التي هدفها النيل من سيادة الدول العربية، وسوف يصدر قرار من البرلمان العربي بشأن ما صدر عن البرلمان الأوروبي مؤخراً بشأن حقوق الإنسان بمملكة البحرين والتعقيب على أحكام القضاء، وكذلك قرار البرلمان الأوروبي بشأن الاعتراض على أحكام القضاء المصري فيما يخص عقوبة الإعدام.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.