الاتحاد الأفريقي يضع آلية لمتابعة قضية الصحراء لدى الأمم المتحدة

TT

الاتحاد الأفريقي يضع آلية لمتابعة قضية الصحراء لدى الأمم المتحدة

وضع القادة الأفارقة خلال قمتهم التي انعقدت خلال اليومين الماضيين في العاصمة الموريتانية نواكشوط، آلية لمتابعة تطورات ملف القضية الصحراوية لدى الأمم المتحدة، كما أكدوا أن القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي هي المرجعية الوحيدة لهذه الآلية الأفريقية، وفق ما جاء في تقرير خاص أعده رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد وعرض على قادة الدول في جلسة مغلقة.
الآلية الجديدة تتكون من لجنة تضم رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي بالإضافة إلى «ترويكا» تضم الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي خلال السنة التي تنعقد فيها القمة الأفريقية، والرئيس في العام السابق واللاحق، أي أن هذه اللجنة ستضم خلال بقية هذا العام في عضويتها كلاً من موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، وبول كاغامي رئيس رواندا الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي حالياً، بالإضافة إلى الرئيس الغيني ألفا كوندي، الرئيس الدوري السابق للاتحاد الأفريقي، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الرئيس الدوري المقبل للاتحاد الأفريقي.
وفي أول تعليق مغربي على هذه الآلية، قال وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إن حل قضية الصحراء ليس في أديس أبابا، ولا من اختصاص الاتحاد الأفريقي، مؤكداً أن الملف لا يزال لدى الأمم المتحدة، وهي وحدها المختصة بمعالجته.
وأكد بوريطة، في مؤتمر صحافي عقده أمس، في العاصمة الموريتانية نواكشوط، على هامش القمة الأفريقية، أن القرار الذي اعتمده الاتحاد الأفريقي أمس بخصوص قضية الصحراء لا يتضمن سعي الاتحاد الأفريقي لإيجاد حل لقضية الصحراء، ولا يخلق مساراً أفريقيا جديداً في الملف.
وأوضح بوريطة أن التقرير الذي وافق عليه القادة الأفارقة يؤكد التمسك بالمرجعية الأممية للقضية، ويشير إلى أن دور الاتحاد الأفريقي هو دور «مساعد»، على غرار الأدوار التي تقدمها جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي.
وأشار وزير الخارجية المغربي إلى أن هنالك لجنة أفريقية هي التي ستتولى العمل على الملف، تتكون من ثلاث شخصيات هي (رؤساء الاتحاد الأفريقي، السابق والحالي والمستقبلي)، وستتولى هذه اللجنة الثلاثية مهمة الاطلاع على المعلومات من عند الأمم المتحدة وعرضها على قادة الاتحاد الأفريقي، موضحاً أن مجلس السلم والأمن الأفريقي لم يعد معنياً بالملف.
وقال بوريطة إن التقارير السابقة التي كانت تصدر عن الاتحاد الأفريقي بخصوص قضية الصحراء «كانت مليئة بالمغالطات والأدبيات المنحازة»، وهو ما أرجعه إلى غياب المغرب عن الاتحاد الأفريقي وما يجري فيه من نقاش.
وأوضح بوريطة أنه تم تصحيح التقرير وابتعاده عن المسلكيات السابقة، ليصبح أكثر توازناً وواقعية، وفق تعبيره، وخلص بوريطة إلى التأكيد على أن «حل قضية الصحراء ليس من اختصاص الاتحاد الأفريقي، وإنما هو اختصاص أممي»، نافياً أن يكون هنالك مبعوث أفريقي في الملف لأن المبعوث الوحيد هو الرئيس الألماني السابق المنتدب من الأمم المتحدة.
واطلعت «الشرق الأوسط» على التقرير الذي أعده موسى فقي محمد، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ويوصي هذا التقرير بضرورة أن «يشارك الاتحاد الأفريقي بنشاط في إيجاد حل، بالنظر إلى مسؤوليته في تعزيز السلم والأمن والاستقرار في جميع أنحاء القارة»، كما أوصى التقرير بأن دور الاتحاد الأفريقي «ينبغي أن يهدف إلى مرافقة ودعم الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة»، كما يوصي التقرير بأن قضية الصحراء تطرح فقط على مستوى رؤساء الدول والحكومات في الاتحاد الأفريقي.
وحسب وكالة الأنباء المغربية فإن «التقرير يعكس بدقة الموقف المغربي». فقد ذكر في الفقرة 12 أن السلطات المغربية أكدت مجددا على الدور المركزي للأمم المتحدة في قيادة مسلسل التفاوض. وحذرت من مخاطر مسلسل مواز، معتبرة أن الاتحاد الأفريقي، من خلال اعترافه بـ(الجمهورية الصحراوية) المزعومة، استبعد نفسه من الجهود الرامية إلى إيجاد حل، وحسم بذلك النقاش حول وضع المنطقة الذي تعمل الأمم المتحدة على تحديده. كما أوضح التقرير أن السلطات المغربية أكدت دعمها للجهود التي يبذلها المبعوث الشخصي الجديد للأمين العام للأمم المتحدة وتمسكها بعملية التفاوض التي تتم تحت رعاية الأمم المتحدة وأن أي تسوية للنزاع تستلزم الإشراك الفعلي للجزائر.
وشدد التقرير في الفقرة 17 على الدور الحاسم الذي يمكن أن تضطلع به السلطات الجزائرية والموريتانية في إيجاد حل. وحث رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي البلدين على الدعم النشيط للجهود المبذولة من أجل استئناف عملية التفاوض، مضيفا أن النزاع طال أمده كثيرا وأن الوضع الحالي يعيق جهود الاندماج في إطار اتحاد المغرب العربي، والجهود الرامية إلى تعزيز الأمن الإقليمي على نحو أكثر فعالية.
ووضع المؤتمر آلية المتابعة المنصوص عليها في الفقرة 21 على شكل ترويكا تتألف من الرؤساء المنتهية ولايته والمقبل والحالي مع رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. وتتمتع هذه الآلية بامتياز مبدأ الاستمرارية في موقف الاتحاد الأفريقي ومبدأ التوازن في المقاربات القائمة على قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».