المكسيك: الهاجس الأمني يهيمن على الانتخابات العامة

المرشح اليساري الأوفر حظا رغم برنامجه المبهم

أوبرادور يدلي بصوته في مركز اقتراع بمكسيكو سيتي أمس (رويترز)
أوبرادور يدلي بصوته في مركز اقتراع بمكسيكو سيتي أمس (رويترز)
TT

المكسيك: الهاجس الأمني يهيمن على الانتخابات العامة

أوبرادور يدلي بصوته في مركز اقتراع بمكسيكو سيتي أمس (رويترز)
أوبرادور يدلي بصوته في مركز اقتراع بمكسيكو سيتي أمس (رويترز)

أدلى الناخبون في المكسيك بأصواتهم، أمس، في انتخابات عامّة تجري على وقع الغضب العميق جراء تفشي الفساد والعنف، ويبدو المرشح اليساري المناهض للمؤسسات التقليدية أندريس مانويل لوبيز أبرادور الأوفر حظا للفوز فيها.
واستغل السياسي الملقب بـ«أملو»، الذي يتصدر استطلاعات الرأي بأكثر من 20 نقطة، غضب الناخبين من سلسلة تكاد لا تنتهي من فضائح الفساد والعنف المروع الذي أدى إلى عدد قياسي من عمليات القتل بلغ 25 ألفا العام الماضي، واتهم عصابات تجارة المخدرات النافذة المنتشرة في البلاد بالتسبب في حمام دم.
وكان لوبيز أبرادور الأول في الطابور للإدلاء بصوته في مركز اقتراع في حي تلالبان، في العاصمة مكسيكو حيث وصف الانتخابات بأنها «تاريخية». وقال لمئات الصحافيين الذين احتشدوا عند المدخل: «نحن نمثل إمكانية التغيير الحقيقي والتحول». وأضاف: «سيقرر الناس بين استمرار (الوضع على حاله) أو تغيير حقيقي (...)، سنحقق تحولا مسالما من دون عنف. سيكون هناك تحول عميق ومنظم في الوقت ذاته، كوننا سنقضي على الفساد المشكلة الحقيقية التي تواجه المكسيك».
وملّ الكثير من الناخبين من الحزبين اللذين حكما المكسيك على مدى نحو قرن: «الحزب الثوري المؤسساتي» و«حزب العمل الوطني». ويصف لوبيز أبرادور (64 عاما) الحزبين بأنهما جزء من «مافيا السلطة»، وهي رسالة لقيت أصداء لدى الكثير من الناس، حتى ولو أن المرشح الذي كان يشغل منصب حاكم العاصمة مكسيكو بدا غامضا بشأن شكل التغيير الذي يعد به.
ورجحت استطلاعات معهد «اوراكيولوس» حصول لوبيز أبرادور على 48.1 في المائة من الأصوات، يليه رئيس الكونغرس سابقا ريكاردو أنايا من حزب العمل الوطني (26.1 في المائة)، ومن ثم مرشح الحزب الثوري المؤسساتي خوسيه أنطونيو ميادي (20.8 في المائة)، وخمسة في المائة للمرشح المستقل خيمه رودريغيز.
ويبدو تحالف لوبيز أبرادور الذي يقوده حزبه «مورينا» قريبا من الحصول على الأغلبية في الكونغرس، وأن يفوز بستة مناصب حكام محليين من تسعة يجري التصويت عليها.
وسيشكل ذلك منعطفا رئيسيا في الساحة السياسية المكسيكية، وانقلابا للحزب الذي تشكل قبل ستة أعوام فقط.
ووصف مدير معهد المكسيك في «مركز وودرو ولسون الدولي» في واشنطن، دونكان وود، الانتخابات بأنها «تاريخية». وقال «لدينا (مرشح) قومي اقتصادي يساري بشكل واضح ينتمي إلى حزب جديد لم يكن موجودا حتى في الانتخابات (الوطنية) الأخيرة، بإمكانه الوصول إلى السلطة ليس فقط في الرئاسة، بل في الكونغرس كذلك».
وأضاف: «نحن أمام تحول في السياسة المكسيكية». ودخل لوبيز أبرادور في سجال مع أوساط الأعمال في المكسيك، محذّرا بعض المنتقدين من أنه قد يتبع سياسات اشتراكية على النمط الفنزويلي، وهو ما قد يدمر ثاني أكبر قوة اقتصادية في أميركا اللاتينية. وفي مسعى لتهدئة المخاوف، عيّن فريقا من المستشارين ممن يراعون الاعتبارات السوقية وتراجع عن أبرز اقتراحاته المثيرة للجدل، بما فيها إلغاء الإصلاح في مجال الطاقة الذي أدخله الرئيس المنتهية ولايته إنريكي بينيا نييتو، من خلال خصخصة قطاع النفط.
ويواجه الرئيس المكسيكي المقبل لائحة طويلة من التحديات، بينها تراجع الاقتصاد والعلاقة الشائكة مع الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي حولت سياساته المضرة بالتجارة الدولية والمناهضة للهجرة العلاقات الدبلوماسية مع أبرز شريك تجاري للمكسيك إلى حقل ألغام.
وإلى جانب انتخاب رئيسهم للسنوات الست المقبلة، سيختار الناخبون المكسيكيون البالغ عددهم 88 مليونا، أعضاء مجلسي النواب (وعددهم 500) والشيوخ (128)، إلى جانب عدد من المسؤولين المحليين وعلى صعيد الولايات. ويتوقع أن تصدر النتائج الرسمية الأولية فجر اليوم.
وفي الإجمال، تجري الانتخابات التي تعد الأكبر في تاريخ المكسيك لملء 18 ألف منصب. وتعد الانتخابات الأعنف كذلك، بعدما شهدت اغتيال 145 سياسيا منذ بدء تسجيل المرشحين في سبتمبر (أيلول)، بحسب مركز الدراسات «ايتيليكت».



كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

TT

كيف غيّر وصول ترمب لسدة الرئاسة بأميركا العالم؟

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)
الرئيس الأميركي دونالد ترمب يتحدث مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو خلال الجلسة العامة لقمة حلف شمال الأطلسي شمال شرقي لندن يوم 4 ديسمبر 2019 (أ.ف.ب)

يؤدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، اليمين الدستورية بصفته الرئيس السابع والأربعين للولايات المتحدة. أما التأثير العالمي لولايته الثانية فقد بدأ يُشعر به بالفعل قبل انطلاق العهد الجديد. فمن القدس إلى كييف إلى لندن إلى أوتاوا، غيّر فوز ترمب الانتخابي وتوقع أجندة ترمب الجديدة حسابات زعماء العالم، حسبما أفادت شبكة «بي بي سي» البريطانية.

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال إلقائهما كلمة مشتركة بالبيت الأبيض في واشنطن بالولايات المتحدة يوم 28 يناير 2020 (رويترز)

اتفاق وقف النار في غزة

لقد أحدث دونالد ترمب تأثيراً على الشرق الأوسط حتى قبل أن يجلس في المكتب البيضاوي لبدء ولايته الثانية بصفته رئيساً. قطع الطريق على تكتيكات المماطلة التي استخدمها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالتحالف مع شركائه في الائتلاف القومي المتطرف، لتجنب قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي وضعه سلف ترمب جو بايدن على طاولة المفاوضات في مايو (أيار) الماضي. ويبدأ ترمب ولايته الثانية مدعياً الفضل، مع مبرر معقول، في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، وفق «بي بي سي».

رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر خلال لقاء في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 25 سبتمبر 2024 (رويترز)

قلق الحكومة البريطانية

ترمب وفريقه مختلفان هذه المرة، وأكثر استعداداً، وربما بأجندة أكثر عدوانية، لكن سعادة ترمب بإبقاء العالم في حيرة واضحة. فهذا الغموض المصاحب لترمب هو ما تجده المؤسسة السياسية البريطانية صادماً للغاية.

حصلت سلسلة من الاجتماعات السرية «للحكومة المصغرة» البريطانية، حيث حاول رئيس الوزراء كير ستارمر، والمستشارة راشيل ريفز، ووزير الخارجية ديفيد لامي، ووزير الأعمال جوناثان رينولدز «التخطيط لما قد يحدث»، وفقاً لأحد المصادر.

قال أحد المطلعين إنه لم يكن هناك الكثير من التحضير لسيناريوهات محددة متعددة للتعامل مع ترمب؛ لأن «محاولة تخمين الخطوات التالية لترمب ستجعلك مجنوناً». لكن مصدراً آخر يقول إنه تم إعداد أوراق مختلفة لتقديمها إلى مجلس الوزراء الموسع.

قال المصدر إن التركيز كان على «البحث عن الفرص» بدلاً من الذعر بشأن ما إذا كان ترمب سيتابع العمل المرتبط ببعض تصريحاته الأكثر غرابة، مثل ضم كندا.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعقدان اجتماعاً ثنائياً في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 28 يونيو 2019 (رويترز)

صفقة محتملة

في الميدان الأوكراني، يواصل الروس التقدم ببطء، وستمارس رئاسة ترمب الضغط من أجل التوصل إلى اتفاق بين روسيا وأوكرانيا. وهناك حقيقة صعبة أخرى هنا: إذا حدث ذلك، فمن غير المرجح أن يكون بشروط أوكرانيا، حسب «بي بي سي».

الرئيس الأميركي دونالد ترمب (حينها مرشحاً رئاسياً) يصعد إلى المنصة لإلقاء كلمة حول التعليم أثناء عقده تجمعاً انتخابياً مع أنصاره في دافنبورت بولاية أيوا بالولايات المتحدة يوم 13 مارس 2023 (رويترز)

سقوط ترودو في كندا

يأتي عدم الاستقرار السياسي في أوتاوا في الوقت الذي تواجه فيه كندا عدداً من التحديات، وليس أقلها تعهد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الكندية.

حتى وقت قريب، بدا جاستن ترودو عازماً على التمسك برئاسته للوزراء، مشيراً إلى رغبته في مواجهة بيير بواليفير - نقيضه الآيديولوجي - في استطلاعات الرأي. لكن الاستقالة المفاجئة لنائبة ترودو الرئيسية، وزيرة المالية السابقة كريستيا فريلاند، في منتصف ديسمبر (كانون الأول) - عندما استشهدت بفشل ترودو الملحوظ في عدم أخذ تهديدات ترمب على محمل الجد - أثبتت أنها القشة الأخيرة التي دفعت ترودو للاستقالة. فقد بدأ أعضاء حزب ترودو أنفسهم في التوضيح علناً بأنهم لم يعودوا يدعمون زعامته. وبهذا، سقطت آخر قطعة دومينو. أعلن ترودو استقالته من منصب رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا الشهر.

الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال لقائه الرئيس الصيني شي جينبينغ في قمة زعماء مجموعة العشرين في أوساكا باليابان يوم 29 يونيو 2019 (رويترز)

تهديد الصين بالرسوم الجمركية

أعلنت بكين، الجمعة، أن اقتصاد الصين انتعش في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، مما سمح للحكومة بتحقيق هدفها للنمو بنسبة 5 في المائة في عام 2024.

لكن العام الماضي هو واحد من السنوات التي سجلت أبطأ معدلات النمو منذ عقود، حيث يكافح ثاني أكبر اقتصاد في العالم للتخلص من أزمة العقارات المطولة والديون الحكومية المحلية المرتفعة والبطالة بين الشباب.

قال رئيس مكتب الإحصاء في البلاد إن الإنجازات الاقتصادية التي حققتها الصين في عام 2024 كانت «صعبة المنال»، بعد أن أطلقت الحكومة سلسلة من تدابير التحفيز في أواخر العام الماضي.

وفي حين أنه نادراً ما فشلت بكين في تحقيق أهدافها المتعلقة بالنمو في الماضي، يلوح في الأفق تهديد جديد على الاقتصاد الصيني، وهو تهديد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على سلع صينية بقيمة 500 مليار دولار.